قصة ثيسيوس والمنوتور

في القصة يواجه ثيسيوس الوحش المرعب المنوتور في متاهة كريت وينهي حكم الملك مينوس، ليعود منتصرًا إلى أثينا كملك شجاع.
عناصر القصة (جدول المحتويات)

كان ثيسيوس هو الابن الشجاع للملك إيجيوس، ملك أثينا. نشأ ثيسيوس بعيداً عن أبيه، حيث نشأ في رعاية والدته في قريتهم الريفية في ترزين. تركه والده إيجيوس سيفاً تحت صخرة ضخمة قائلاً: “عندما تستطيع رفع هذه الصخرة وأخذ السيف، ستعلم أمي أنها اللحظة لعودتك”. بعد سنوات من المحاولات، نجح ثيسيوس في رفع الصخرة وأخذ السيف، ليبدأ رحلته إلى أثينا.

واكتشف ثيسيوس في أثينا أن والده كان حزينًا بسبب ميضاق مؤلم مع الملك مينوس من كريت؛ تفرض كل عام تسليم سبعة فتيان وسبع فتيات من أثينا إلى كريت كجزية لمواجهة الوحش المرعب منوتور، الذي يسكن في المتاهة الغامضة في قصر ملك كريت.

قرر ثيسيوس بشجاعة أن يكون واحدًا من هؤلاء الفتيان السبع في هذا العام لإنقاذ مدينة أثينا وإنهاء هذا الكابوس. توغل في المتاهة المظلمة، متمسكًا بخيط من الصوف أعطته إياه أريادني، ابنة الملك مينوس، لتساعده في إيجاد طريقه للخروج فيما بعد.

وسط الظلام، واجه ثيسيوس الوحش المرعب منوتور، الذي كان نصف إنسان ونصف ثور. بعد معركة شرسة، نجح ثيسيوس في القضاء على المنوتور بسيفه، وبفضل خيط الصوف الذي كانت أريادني قدمته له، وجد طريق عودته مع رفاقه من المتاهة.

بعد هذا النصر الحاسم، غادر ثيسيوس وأصدقاؤه كريت، وأخذوا معهم أريادني. ومع ذلك، في جزيرة ناكسوس، قرر ثيسيوس ترك أريادني وحدها وغادر برفقة رفاقه. عند وصولهم إلى أثينا، نسي ثيسيوس تبديل الشراع الأسود على سفينته بالشراع الأبيض كما وعد والده، إشارة لنجاح مهمته.

حين رأى الملك إيجيوس الشراع الأسود من بعيد، ظن أن ابنه مات، فقفز من منحدر صخري عالٍ ومات غريقًا. عاد ثيسيوس إلى أثينا منتصرًا، لكنه كان يعاني من شعور بالذنب لموت والده، وتحمل مسؤولية قيادة المدينة كملك.

بهذا الفعل الشجاع، كسب ثيسيوس احترام وحب أهالي أثينا، وأصبح بطلًا حقيقيًا، لكنه عاش باقي حياته بجانب ذكرى فقدانه لوالده.

قصة ثيسيوس والمنوتور مكتوبة

كان ثيسيوس ابنًا لإيجيوس، ملك أثينا عاصمة بلاد الإغريق. لكن الروايات تقول أن بوسيدون، إله البحر، كان أباه الحقيقي. حين كان ثيسيوس لا يزال صغيرًا، تركه أبوه في رعاية أمه بمنزلهم الريفي في ترزين شرقي بلاد الإغريق، على بعد حوالي 160 كيلومتراً جنوب أثينا. وهي مسافة كانت تعتبر في تلك الأيام طويلة جداً.

المحنة والرحلة الأولى

قبل أن يعود إيجيوس إلى أثينا، وضع سيفًا تحت صخرة ضخمة ثقيلة قائلاً: “حين يصبح ابني قويًا يستطيع رفع تلك الصخرة وسحب السيف من تحتها، ابعثوا به إليَّ حتى يأخذ مكانه اللائق في قصري وبين حاشيتي”. ثم رحل إيجيوس، وشب ثيسيوس وترعرع. كان يذهب كل عام إلى الصخرة ليختبر قدرته على رفعها.

برغم أن ثيسيوس بذل قصارى جهده ليرفع الصخرة، فإنه لم يستطع رفعها وسحب السيف قبل مرور ما يقرب من عشرين عامًا. وأخيرًا نجح، فودع أمه وبدأ رحلته وحيدًا إلى أثينا. كانت الرحلة طويلة وخطرة، فقد اعترض طريقه الكثير من قطاع الطرق، فقاتلهم وقضى عليهم قبل أن يصل إلى أبيه.

وجد ثيسيوس أباه وقد علت وجهه سحابة من الهم والحزن. سأله قائلاً: “لا ينبغي لملك مدينة عظيمة كأثينا أن يحزن. فلماذا تستسلم للهم والحزن؟”. شرح له إيجيوس أسباب همه قائلاً: “هنالك جزيرة اسمها كريت عبر البحر الجنوبي، يسيطر ملكها مينوس على بلاد الإغريق جميعها، وأسطوله البحري أقوى أسطول في العالم. وعلى مدننا جميعها أن تؤدي له جزية ضمانًا لأمنها وسلامتها”.

مهمة الإنقاذ

أضاف قائلاً: “في كل عام تصل سفينة كريتية إلى أثينا، وتعود إلى كريت حاملة معها سبعة من خيرة فتياننا وسبع من أجمل فتياتنا، ثم لا نراهم بعد ذلك أبدًا. يقال إن في قصر الملك مينوس متاهة يسكنها وحش مرعب اسمه المنوتور، وهو نصف إنسان ونصف ثور، يعيش على لحم البشر، ويضحى بفتياننا وفتياتنا طعامًا له. غدًا تصل السفينة الكريتية ثانية. هذا هو سر حزني”.

قال ثيسيوس: “يا أبت، دعني أنقذ أهل المدينة. سأذهب إلى كريت كواحد من الفتيان السبعة وسوف أصرع المنوتور”. رفع إيجيوس بصره مذعورًا، إذ لم يُقدر لأحد أن يعود من المتاهة حيث كان المنوتور يربض في انتظار فريسته.

احتضن إيجيوس ابنه، قائلاً: “لا، لا يمكنك الذهاب. فلو أنني فقدت ابني ستكون نهاية حياتي. سأخفيك في مكان منعزل من القصر حتى تعود السفينة الكريتية”.

سفر ثيسيوس

ابتسم ثيسيوس وقال لأبيه في وداعة ولطف: “لا بد أن أذهب. ليس من الحكمة ولا من العدل أن يموت فتياننا وفتياتنا على هذا النحو إرضاءً لسُوء مينوس. سأصرع المنوتور وأعود بشراع أبيض لتعبر الأخبار السارة”.

وأضاف ثيسيوس: “أوصيت أنه إذا فشلت أن تصل الأخبار في سفينة تحمل شراعًا أسود. لكن لا تخف يا أبت، فالآلهة معي”.

بكى إيجيوس، لكنه أذن لثيسيوس بالذهاب. وفي اليوم التالي أبحرت السفينة الكريتية لتحمل ضحاياها من الفتيان والفتيات، وكان ثيسيوس في جملتهم، فنقلوا إلى كريت.

تشريح القصر ومقابلة الملك مينوس

وأخيرًا وصلت السفينة إلى سواحل كريت، واقتيد الأسرى إلى قصر الملك مينوس. وحين سمع الملك مينوس أن ابن ملك أثينا كان بين الأسرى، أمر بامتثاله أمامه. كان الملك مينوس قد سمع عن شجاعة ثيسيوس، وأراد أن يراه. كان قليلون يجرؤون على مواجهة المنوتور.

تكلم الملك مع البطل بأسلوب يظهر السرور الممزوج بالشماتة والقسوة. قال له الملك: “إنك رجل شجاع، لكن أحمق. لن يمنع المنوتور من افتراسك أنك ابن الملك. وإن لم يفترسك، ستضل طريقك في المتاهة، فلا تعود أبداً”.

فأجابه ثيسيوس بشجاعة: “أيها الملك! إنك لا تدرك قوتي. أنذرك بقرب نهايتك. سأصرع المنوتور بعون الآلهة وأدمر قصرك”.

ضحك الملك مينوس بصوت عالٍ وصرف الأسرى. أما ابنته، أريادني، التي كانت تصغي إلى الحديث، فلم تشاركه الضحك. وجدت نفسها تفكر في أمر هذا الفتى الشجاع والوسيم الذي تحدى والدها. عقدت العزم على مساعدته.

مساعدة أريادني ورحلة داخل المتاهة

حدقت أريادني إلى الأسرى وهم يقادون، وتمنت لو تعرف ما يمكن أن تفعله لمساعدتهم. إذ لم يسبق لأحد أن أفلت من قبضة المنوتور. قالت لنفسها: “لا بد أن يكون هناك مخرج”. سرعان ما خطرت ببالها فكرة.

اقتفت أريادني أثر الأسرى، ثم تسللت بهدوء إلى مكان ثيسيوس. همست في أذنه قبل أن ينبه الحرس إليها: “أنا صديقتك، فخذ هاتين الهديتين، ستحتاج إليهما”. دفعت إلى يديه سيفًا وكرة من خيطان الصوف، ثم انسحبت.

حينما ترك الحرس الأسرى في الظلام، نظر ثيسيوس إلى الهديتين اللتين أعطتهما أريادني. عرف في الحال ما يجب عليه عمله، خاطب الآخرين: “ابقوا في أمكنتكم، أمسكوا طرف هذا الخيط من الصوف، بينما أمسك أنا الطرف الآخر، وأشق طريقي لأبحث عن المنوتور”.

المواجهة في المتاهة

بدأ ثيسيوس رحلته، وخيط النجاة الرفيع من الصوف في يده، ليواجه مرعب المتاهة. خلفه انتظر الآخرون مذعورين، وكانت إحدى الفتيات تصرخ ورفيقاتها يهدئنها بقولهن: “لا تخافي، فسوف ينقذنا ثيسيوس”. بالرغم من أنهن أنفسهن كن مدعورات.

تقدم ثيسيوس ببطء وحذر، تاركًا خيط الصوف يتدلى خلفه، متلمسًا طريقه في الممرات التي بدت منعطفة وملتوية في كل اتجاه. كلما توغل في المتاهة اشتد الظلام كثافة، وصغرت كرة الصوف حجماً.

كان ثيسيوس يتوقع ظهور المنوتور في أي لحظة. لذا كان متأهبًا لقتاله في كل وقت. توقف وأنصت بانتباه، لكنه لم يسمع أي صوت. بدأ يتساءل: “ترى أين يكمن المنوتور؟ ألم يشعر بوجودي؟” جرد ثيسيوس سيفه، وحاول اختراق حجب الظلام لرؤية ما وراءها.

استولت على ثيسيوس رهبة تذكر القصص التي حُكيت عن المنوتور، لكن خيط الصوف كان ينقذه من هذا التأثير. مع مرور الوقت، شعر بنهاية الخيط بين أصابعه فبدأ يعيد لف الخيط ثانية.

المواجهة الحاسمة

فجأة، سمع من خلفه زمجرة مفزعة جمدت الدم في عروقه، فتوقف ليتبين مصدرها. أحكم قبضته على سيفه تأهبا لمواجهة الوحش. انبعث ضوء باهت، استطاع ثيسيوس بفضله تمييز شكل المنوتور كرجل ضخم له رأس ثور. سرعان ما انقض الوحش على ثيسيوس وأخذ بخناقه، لكن البطل كان مستعدًا، فجابهه بعناد. بعد قتال مروع، خاب المنوتور وخر صريعا، مخورًا بصوت مفزع، فاستراح العالم منه إلى الأبد.

كان على ثيسيوس الآن أن يتبين طريق عودته في هذه المتاهة. مع أن الظلام لا يزال مخيمًا، إلا أنه لم يعد يشعر بالخوف. فقد مات المنوتور، وكل ما كان عليه القيام به هو اتباع الخيط للعودة إلى أصدقائه. ابتهجوا لرؤيته، وأمطروه بالكثير من الأسئلة حول المنوتور.

الهروب من القصر

ثم قهر ثيسيوس وأصدقاؤه الحرس الذين أذهلتهم رؤيتهم، وجاهدوا لشق طريقهم خارج القصر. أشعلوا النيران في أجزاء منه وغادروه، وأريادني معهم.

كان قصر الملك مينوس في كنوسوس يحترق، وبذلك انتهى حكم الملك المستبد. وهكذا تخلص الإغريق من واجب التضحية بفتيانهم وفتياتهم، فقد مات مينوس ومنوتوره، وأبحر ثيسيوس إلى وطنه منتصرًا.

في الطريق إلى أثينا، رست السفينة في ميناء ناكسوس. نزل الفتيان والفتيات بصحبة ثيسيوس وأريادني للشاطئ ليشاهدوا مناظر الجزيرة الجميلة. ضلت أريادني وحدها الطريق، ثم غلبها النعاس. ضاق ثيسيوس ذرعًا بها، فدعا رفاقه وأبحروا، تاركينها وحدها في الجزيرة.

العقاب والمأساة

عاقبت الآلهة ثيسيوس على فعلته الدنيئة فجعلته ينسى تغيير الشراع إلى شراع أبيض كما وعد. كان إيجيوس ينتظر عودة ابنه إلى بلاد الإغريق، يجلس كل يوم على منحدر صخري عال، يشرف على البحر الجنوبي، ويراقب بيقظة لعل السفينة تظهر.

أخيرًا، رأى إيجيوس شيئًا ضئيلاً جدًا في الأفق، تحول ببطء إلى شكل سفينة كريتية. صرخ صرخة الحزن والأسى لأن الشراع الذي كان يخفق على ظهر السفينة كان أسودًا. لا بد أن ابنه قد مات. تقدم فوق المنحدر واندفع بعنف وسرعة، ثم سقط في البحر ومات غريقًا.

أبحر ثيسيوس، مبتهجًا بالنصر، غير شاعرًا بموت أبيه، إلى ميناء أثينا. تسلم مقاليد الملك، لكنه لم يستطع أن يغفر لنفسه أبدًا أنه كان السبب في موت أبيه.

معرض الصور (قصة ثيسيوس والمنوتور)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى