قصة بائعة الكبريت الصغيرة
ملخص قصة بائعة الكبريت الصغيرة
في إحدى المدن الباردة، كانت تعيش فتاة صغيرة اسمها “ياسمينة”. كانت شقراء جميلة، لكنها فقيرة جداً، ولا تملك من الدنيا سوى والدها الذي فقد الأمل في الحياة بعد وفاة زوجته. وكان والدها يصنع علباً خشبية يزينها بالألوان، ويملؤها بأعواد الكبريت. كل يوم، كانت “ياسمينة” تجوب الشوارع الباردة لتبيع الكبريت للمارة، على أمل كسب لقمة العيش، لكنها كانت تعود غالباً خالية الوفاض، ما يزيد من غضب والدها.
في ليلة رأس السنة، أعطاها والدها علباً جديدة من الكبريت وأمرها ببيعها قبل منتصف الليل. خرجت “ياسمينة” إلى الشوارع تحت المطر والبرد القارس، لكنها لم تجد من يشتري منها. تألمت الفتاة من الجوع والبرد، ولكنها لم تكن تجرؤ على العودة إلى المنزل خاوية اليدين.
جلست الفتاة تحت شرفة عالية، تشعر بالبرد الشديد، فقررت أن تشعل أعواد الكبريت لتدفئ نفسها. مع كل عود تشعله، كانت تغرق في حلم جميل: أولاً تخيلت مدفأة دافئة، ثم مائدة عامرة بأشهى الأطعمة، ثم شجرة عيد ميلاد مزينة بالأنوار والأطفال يحيطون بها وهم يغنون. وفي النهاية، حين أشعلت العود الرابع، رأت جدتها الحنونة التي كانت قد فارقت الحياة. شعرت “ياسمينة” بالدفء والأمان في حضن جدتها، وطلبت منها أن تأخذها معها بعيداً عن البرد والجوع.
في صباح اليوم التالي، وجد المارة “ياسمينة” جالسة تحت الشرفة، وقد تجمدت من البرد، وعيناها مفتوحتان تنظران إلى السماء، وعلى وجهها ابتسامة هادئة. كانت بين يديها بقايا أعواد الكبريت المحترقة، وكأنها رأت في لحظاتها الأخيرة عالماً سعيداً بعيداً عن آلامها.
قصة بائعة الكبريت الصغيرة مكتوبة
كان في إحدى المدن، فتاة صغيرة، شقراء، في غاية الجمال، وفي غاية الفقر معاً. كانت يتيمة الأم، لا تتذكر وجه أمها، ولا تقول: “ماما” إلا في الأحلام. وكان اسم الفتاة “ياسمينة”.
كان أبوها عاطلاً عن العمل، يائسًا من الحياة بعد موت زوجته، فانزوى في بيته الحقير وانصرف إلى حرفة لا تكلفه مالاً حتى يكسب ما يسد به رمقه ويقوم بأود ابنته. كان يأتي بعلبة من الخشب يزينها برسوم شتى، زاهية الألوان، ثم يملأها بعيدان الكبريت. ومتى صار بين يديه مجموعة من تلك العلب، دفعها إلى ابنته.
عند شروق الشمس، كانت “ياسمينة” تحمل علب الكبريت الملونة، وتجول في شوارع المدينة تعرضها على المارة. كانت تلبس ملابس بالية، وينسدل شعرها الأشقر على كتفين هزيلتين من الجوع. كان البعض يرثي لحالها ويشتري منها علبة كبريت، بينما معظمهم لم يلتفتوا إليها أو يشيحوا بنظرهم عنها، وكأن منظر فتاة فقيرة صغيرة يسبب لهم الضيق والانزعاج.
الفقر والحظ السيئ
في بعض الأيام، كانت “ياسمينة” تعود إلى البيت وقد ساء حظها، فلم تبيع شيئاً. يغضب أبوها ويتهمها بالبلادة. فتعود إلى فراشها الحقير منهكة القوى، وتبكي بصمت وهي ترتجف من قسوة البرد، لأن مدفأة البيت كانت خالية دائماً من الحطب والنار.
ومرت أعوام على تلك الحال. وذات عام، كان رأس السنة يقترب، وراح الأولاد يملؤون الشوارع مع أهلهم، يتجهون إلى محلات الأحذية والثياب ومخازن الهدايا والألعاب. كانوا يخرجون منها بأكياس ممتلئة وهم يكادون يطيرون من الفرح والانشراح.
أما “ياسمينة”، الفتاة اليتيمة الفقيرة، فكانت تقف على الأرصفة تتأملهم، وعيناها تغصان بالدمع. لم يكن أحد يلتفت إليها، حتى أن الأولاد كانوا يصطدمون بها دون أن يعيرونها أي اهتمام، وكأنهم فقدوا مشاعر العطف والطيبة مبكراً.
مهمة في عشية رأس السنة
عشية رأس السنة، كان والد “ياسمينة” قد انتهى من تزيين عشرات العلب، فنادى ابنته وقال: “يا ابنتي، تفصلنا ساعات معدودة عن نصف الليل، رأس السنة الجديدة. ولا شك أن الناس في الشوارع يشترون ما تبقى من تجهيزات العيد. خذي هذه العلب من الكبريت ولا ترجعي إلى البيت إلا وقد بعتها جميعًا. لا تنسي أن اليوم هو أفضل مواسم البيع، تنشطي واستغلي هذا الظرف الثمين.”
حملت “ياسمينة” علب الكبريت وهي تقول: “سمعاً وطاعة يا أبي، سوف أحاول بيعها جميعاً.” وخرجت وهي تأمل النجاح، ولكن الحظ السيئ رافقها منذ الخطوة الأولى خارج البيت.
مواجهة الطقس القاسي
ما إن خرجت المسكينة من البيت حتى واجهتها في الشارع عاصفة عنيفة من الريح ومطر غزير. كان البرد قارصاً حتى أن أغصان الشجر كانت ترتجف. كانت “ياسمينة” لا ترتدي ما يقيها من البرد، فاصطكت ركبتاها وتجمدت يداها حول علب الكبريت.
أسرعت تحتمي من المطر والريح تحت شرفات المنازل. كانت الشوارع، على الرغم من البرد، تغص بالمارة الذين كانوا يدلفون إلى المتاجر أو يخرجون منها متلفحين بالمعاطف. حاولت أن تعرض علب الكبريت على بعض المارة المهرولين، لكنها لم تلق أي استجابة، وسقط المطر على العلب الملونة فبللها وشوه ألوانها الزاهية.
عادت تستند إلى جدار تحت شرفة عالية، تصيح بصوت ناعم: “كبريت… علب كبريت ملونة… كبريت رأس السنة!” ولكن صوتها كان يضيع بين الرعد والبرق وصفير الريح، فلم يسمع نداءها أحد، ولم يلتفت إليها أي إنسان.
اقتراب منتصف الليل
بقيت “ياسمينة” لساعات على تلك الحال، حتى بدأ منتصف الليل يقترب، فخفت حركة الناس في الشوارع، وراحت المحلات تغلق أبوابها واحداً بعد الآخر. لم تصادف الفتاة أحدًا يشتري منها علبة واحدة، وكانت أنهكها البرد القارس، حتى باتت تشعر وكأن عظامها تئن من الصقيع.
كادت تصاب باليأس وتساءلت: “هل أبقى في هذه العاصفة عبثاً حتى أموت من البرد؟ لا بد من العودة إلى البيت. لقد قمت بواجبي ولم أفلح، فما ذنبي؟”
نظرت حولها، فوجدت الشوارع خالية من الناس، فأيقنت أن منتصف الليل أوشك على الحدوث. راحت تعدو نحو بيتها، وما إن بلغته حتى كانت المطر قد بللت شعرها وثيابها، وصارت في حالة يرثى لها، وقد أمسكت بعلب الكبريت تشدها إلى صدرها خوفاً على ما بقي من ألوانها.
مواجهة غضب الأب
عندما دخلت البيت، التفت أبوها إلى علب الكبريت وأحصاها، فعرف أن عددها لم ينقص، بل أن المطر والريح قد شوه ألوانها. صاح قائلاً: “ويحك! ماذا فعلت بعلب الكبريت؟”
خفضت “ياسمينة” رأسها وهي تجيب بلهجة المغلوب على أمره: “لم تهدأ الريح، ولم يكف المطر، ولم يلتفت إليَّ أحد.”
رد والدها بغضب: “كان عليك على الأقل حماية علب الكبريت من التلف. أين رسومها؟ أين خطوطها وألوانها الزاهية؟ تباً لك من فتاة طائشة! أما وعدت ببيع العلب كلها؟ وتكذبين؟”
راحت الصغيرة تنوح وتبكي، بينما والدها لا يكف عن توبيخها وتقريعها. لم تر بدًّا من العودة إلى الشارع مرة أخرى، فلربما حالفها الحظ والتقت برجل طيب القلب يشتري منها بعض علب الكبريت.
العودة إلى الشارع
عادت “ياسمينة” إلى الشارع، ولكن الحظ السيئ لم يتخلَّ عنها. كانت الشوارع خاوية تماماً، خالية إلا من بعض الكلاب الشاردة. بلغ العيد ذروته عند منتصف الليل، وكان الناس في بيوتهم يحتفلون كباراً وصغاراً بحلول العام الجديد. كانت أغانيهم وصيحات ابتهاجهم تخترق النوافذ المغلقة، وتتساقط على مسامع بائعة الكبريت.
أكثر ما كان يؤلم “ياسمينة” هو سماع صيحات الأولاد المبتهجين الذين في مثل عمرها. لم تكن تحسدهم على فرحهم، بل كانت تغبطهم على وجود أهلهم ودفء بيوتهم، حيث كانت المواقد تتصاعد منها ألسنة النيران الحمراء هازئة من البرد والصقيع. أما هي، فكانت تتلوى برداً وجوعاً، فيما الموائد الحافلة بالأطعمة والحلوى تفصل بينها وبين العالم الآخر.
مواجهة البرد القارس
نظرت “ياسمينة” حولها، فرأت أن المطر قد توقف، وبدأ الثلج يتساقط ويتكدس على الطرقات. لجأت الكلاب إلى أروقة المنازل، ولم يبق في الشارع غير بائعة الكبريت الصغيرة. خشيت أن تعود إلى البيت خالية الوفاض مرة أخرى. تساءلت في نفسها: “وهل بيتنا الحقير أقل تعرضاً للبرد من هذا الشارع المهجور؟ وهل أعود فأثير غضب أبي مرة أخرى؟ وما نفع بيت لا يعرف دفء النار ولا حرارة العاطفة؟ لا شك أن الشارع هذا أرحم من بيتنا!”
انثنت إلى جدار تظلله شرفة فسيحة، وجلست على الأرض، وتكومت على نفسها وهي تشد علب الكبريت إلى صدرها.
بقيت على تلك الحال لبعض الوقت، حتى اشتدت موجة الصقيع، وشعرت “ياسمينة” أن البرد قد يقتلها. وحينها خطرت لها فكرة، فقالت لنفسها: “وما يمنع أن أضحي ببعض أعواد الكبريت؟ أشعل منها عوداً بعد آخر، فأشعر بلحظة من الدفء مرة بعد أخرى، فلا يقضي عليّ البرد؟”
إشعال العود الأول
مدت “ياسمينة” يديها، وفتحت علبة وسحبت منها عود ثقاب، وكأنها تختلس من خزانة جواهر عقداً مرصعاً بالماس. أشعلت العود، فأرسل لهيباً مضيئاً. راحت تتأمل اللهيب وقد انتابها فجأة شعور لذيذ وساحر. تخيلت أنها جالسة أمام مدفأة كبيرة من الحجر، باطنها قرميد أحمر، وفي أرضها حطب مشتعل تتصاعد منه ألسنة نار راقصة، تلتهم البرد وتنفث الحرارة اللطيفة من حولها.
لكن سرعان ما احترق العود، فاختفت المدفأة مع انطفاء لهيبه، وعاد البرد القارس يلسع بدن الفتاة الصغيرة. شعرت بالأسف لأن دفئها كان قصير الأجل، مجرد حلم رائع لم يدم أكثر من عمر لهب عود الثقاب.
إشعال العود الثاني
لم تلبث “ياسمينة” إلا ثوانٍ قبل أن تعاود التفكير في إشعال عود آخر. فقالت لنفسها: “سوف أضحي بعود آخر أملاً في عودة الحلم اللذيذ”. أشعلت العود الثاني، وما إن اندلع اللهيب الساحر حتى خيل إليها أنها جالسة إلى طاولة تحفل بألوان الطعام الشهي. كان ديك حبشي مطبوخ، منفوخ يتوسط المائدة، يسيل لعابه لرؤيته.
مدت يديها نحو ديك الحبش المشوي، الذي كان يبدو محمراً كسبائك الذهب الخالص، ولكن، ويا ويلاه، سرعان ما انطوت المائدة وتبخرت، وطار الديك. انطفأ عود الثقاب، وعاد البرد والجوع يلسعان أحشاء الفتاة الصغيرة.
إشعال العود الثالث
مرت فترة من الألم لا تُطاق، وقالت “ياسمينة” في نفسها: “صحيح أني لم أرَ ولم أذق إلا خيالاً بخيال، لكن هذه الأحلام الباطلة جميلة، تشرح الصدر وتساعدني على احتمال البرد والجوع.” وما إن قالت هذا حتى أشعلت عوداً ثالثاً.
تراءى لها من خلال اللهب شجرة عيد ميلاد في زاوية من منزل فسيح الأرجاء. كانت الشجرة تسطع بالشموع، وتتدلى من غصونها مصابيح صغيرة ملونة. وحولها أطفال بملابس نظيفة، خدودهم موردّة، وهم ينشدون أغنية مرحة ترحيباً بالسنة الجديدة. لكن، كما في كل مرة، سرعان ما انطفأ عود الكبريت، وعاد الليل والبرد والجوع.
إشعال العود الرابع
لم تجد “ياسمينة” بداً من إشعال عود رابع. وكم كانت دهشتها عظيمة حين شبه لها أنها في حضن جدتها العجوز! نعم، فقد كانت “ياسمينة” اليتيمة الأم تحظى بجدة لأمها، حضنتها بعد وفاة والدتها، وقامت مقامها، لكنها فارقت الحياة حين كانت “ياسمينة” صغيرة.
حين تصورت أن جدتها عادت لتحضنها، انحنت عليها العجوز بعينين تسيلان حناناً، وقالت لها: “اطلبي ما تشتهين يا حفيدتي الجميلة، فقد انتهت أيام التشرد والعذاب.” هتفت الفتاة قائلة: “أرجوكِ يا جدتي، خذيني معكِ قبل أن ينطفئ عود الكبريت.”
نهاية القصة
عند صباح اليوم التالي، ليلة رأس السنة، رأى الناس في الشوارع فتاة صغيرة، شعرها أشقر ومسبل على كتفيها الهزيلتين، وقد تجمدت من شدة البرد. كانت تجلس قرب جدار تحت شرفة عالية، وحولها علب كبريت ملونة وبقايا أربعة عيدان محترقة. عيناها كانتا مفتوحتين، تنظران إلى عالم سعيد بعيد…
معرض الصور (قصة بائعة الكبريت الصغيرة)
استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟
– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث