قصة الملك والراهب

في "قصة الملك والراهب"، يتحدى الملك القاسي الراهب بأسئلة مستحيلة، لكن الراعي الذكي ينقذ الموقف بإجابات ذكية تعلم الملك درساً في الحكمة.
عناصر القصة (جدول المحتويات)

في قديم الزمان، كان هناك ملكٌ في إنجلترا يُعرف بالظلم والقسوة. كان يخشى أن ينقلب عليه الشعب، فاستعان بالجواسيس لمعرفة ما يُقال عنه. وفي أحد الأيام، جاء جاسوسٌ للملك بخبر عن الراهب جورج، رجل الدين المعروف. أخبر الجاسوس الملك أن جورج يعيش في قصر فخم ويحيط نفسه بحرس مسلحين، مما جعل الملك يشك أن جورج يريد أن يصبح ملكًا.

اشتد غضب الملك وأمر باستدعاء الراهب إلى القصر. عندما وصل جورج، طرح عليه الملك أسئلة عن تصرفاته، لكن الراهب أجاب بصدق أن كل ما يملكه هو من ماله الخاص ولم يرتكب أي خطأ. ورغم ذلك، قرر الملك تحدي الراهب بثلاثة أسئلة صعبة، مهددًا بقطع رأسه إن لم يُجب عليها. الأسئلة كانت: “في أي يوم سيموت الملك؟”، “كم ستستغرق رحلة حول العالم على ظهر جواد؟”، و”بماذا يفكر الملك؟”. أعطى الملك الراهب مهلة أسبوعين للإجابة.

عاد الراهب إلى قصره حزينًا، محاولاً إيجاد الحلول لكنه لم يستطع. وفي أحد الأيام، جاء إليه راعي أغنامه، الذي كان يشبهه تمامًا، وعرض عليه الذهاب بدلاً منه إلى الملك. وافق الراهب على الخطة بعد تردد.

ذهب الراعي متخفيًا بزي الراهب إلى القصر. عندما طرح الملك أسئلته، أجاب الراعي بذكاء. قال للملك إنه سيموت في اليوم الذي يعرفه الله فقط، وأن الرحلة حول العالم يمكن أن تتم في 24 ساعة إذا سافر مع الشمس، أما عن السؤال الأخير فقال للملك: “أنت تظن أنني الراهب جورج، لكنني في الحقيقة راعي أغنامه.”

أعجب الملك بسرعة بديهة الراعي وقرر العفو عن الراهب، بل وجعله من أصدقائه المقربين، وأثنى على الراعي الذي ضحى بحياته من أجل سيده. وعاش الجميع في سلام بعد أن تعلم الملك درسًا عن التواضع والعدل.

قصة الملك والراهب مكتوبة

كان أحد ملوك إنجلترا معروفاً بالظلم والقسوة، وكان يعلم أن الشعب يكرهه، ولذلك كان يخشى من حدوث انقلاب ضده. فكان يكلف رجاله بالتجسس على الناس، فإذا علم أن أحدهم يتحدث عنه بالسوء، ألقاه في السجن، وقد لا يخرج من السجن إلا بعد أن يفارق الحياة.

وفي أحد الأيام، جاء أحد جواسيس الملك إليه وقال له:

– يا صاحب الجلالة، لدي خبر خطير.

فسأله الملك:

– وما هو هذا الخبر؟

قال الجاسوس:

– إنك تعرف طبعاً الراهب جورج ونج.

فرد الملك:

– ومن لا يعرفه؟ إنه من كبار رجال الدين.

قال الجاسوس:

– إن هذا الرجل يريد أن يلفت نظر الناس إليه بكل وسيلة ممكنة. فهو يسكن في قصر فخم، ويحيط نفسه بكل مظاهر البذخ، ويتبرع بالكثير من الأموال للفقراء.

فسأله الملك:

– وماذا في ذلك؟

قال الجاسوس:

– في الفترة الأخيرة يا صاحب الجلالة، بدأ يدعو إلى مائدته عدداً كبيراً من وجهاء القوم. ثم فوجئنا بأنه عين لنفسه حرساً خاصاً من الفرسان الأشداء، إنهم أكثر من مائة فارس، كلهم مسلحون، ويؤدون له التحية العسكرية عند وصوله أو خروجه من القصر، ليفهم الناس أنه ملك غير متوج.

خطة الملك لكشف المؤامرة

وما كاد الملك يسمع ذلك حتى اشتد غضبه، وضرب بيده بشدة على طاولة صغيرة أمامه، ثم استدعى مستشاره الخاص. وطلب الملك من الجاسوس أن يعيد كل ما قاله عن الراهب جورج على مسامع المستشار.

ولما انتهى الجاسوس من أقواله، التفت الملك إلى مستشاره وقال له:

– ما رأيك في هذا؟

فأجاب المستشار:

– إن الحرس الخاص ليس لازماً لرجال الدين، ولا سيما إذا كان هؤلاء الحراس من الفرسان الأشداء المسلحين كما يقول.

فقال الملك:

– إذن فالراهب له نوايا سيئة نحوي، إنه يريد أن يخلعني عن العرش ويجلس مكاني.

أضاف الجاسوس:

– هذا ما أخشاه يا صاحب الجلالة.

والتفت الملك إلى الجاسوس وقال له:

– لقد انتهت مهمتك، فانصرف الآن ودعنا وحدنا، ولا تذكر شيئاً مما دار في هذه الجلسة لأحد كائناً من كان.

وانحنى الجاسوس أمام الملك وقال:

– أمرك يا صاحب الجلالة، ثم انصرف عائداً إلى عمله.

الملك واستجواب الراهب

نهض الملك عن مقعده، وعقد يديه خلف ظهره، ثم صار يروح ويجيء في الغرفة كالأسد الحبيس. واقترب الملك من مستشاره الخاص ثم سأله:

– ما رأيك؟

قال المستشار:

– لابد يا صاحب الجلالة من معالجة هذا الأمر بمنتهى الحكمة، إن للراهب مركزه الكبير بين رجال الدين، وهو محبوب أيضاً من الناس.

قال الملك غاضباً:

– أعرف ذلك.. أعرف ذلك.. وأنا واثق من أن الرجل لم يكذب فيما قاله عن الراهب المذكور. لابد من استدعائه إلى القصر لكي أسأله وأستجوبه وأعرف منه حقيقة ما يدور في الخفاء.

قال المستشار:

– إنها فكرة طيبة يا صاحب الجلالة.

قال الملك:

– احضر معي التحقيق الذي سأجريه معه، واكتب محضراً بكل ما يدور بيني وبينه من حديث، وسأجعله يوقع على ذلك المحضر ليكون دليلاً عليه فيما بعد، إذا احتج رجال الدين على ما سوف أتخذه ضده من إجراءات.

أجاب المستشار:

– حسناً يا صاحب الجلالة.

وأرسل الملك من يستدعي الراهب إلى القصر. وعندما حضر الراهب وجد الملك ومستشاره الخاص في انتظاره، وقد جلس المستشار إلى مكتب ووضع أمامه ورقاً ومحبرة.

قال الملك:

– إنك رجل دين، والمفروض فيك الصدق. سأطرح عليك بعض الأسئلة وسيتولى مستشاري الخاص كتابة هذه الأسئلة في محضر، كما سيكتب إجاباتك عليها، وستوقع بعد ذلك على المحضر.

قال الراهب:

– كما تشاء يا صاحب الجلالة.

وسأله الملك:

– لماذا تحيط نفسك بحرس من الفرسان المسلحين وبكل مظاهر الإسراف والبذخ التي سمعت عنها؟

دفاع الراهب

قال الراهب بهدوء:

– إني لم أفعل يا صاحب الجلالة أمراً ضد القانون، وكل ما أنفقه من مالي الخاص الذي ورثته عن أبي، كما تعلم جلالتك.

قال الملك:

– من المستحيل أن تقنعني بحسن نيتك.

أجاب رجل الدين:

– إن الله وحده هو الذي يعلم ما في القلوب.

وكثرت أسئلة الملك دون جدوى، فقد كان الراهب يجيب عليها إجابات معقولة.

تحدي الملك للراهب

ولما نفد صبر الملك، قال للراهب:

– اسمع! سألقي عليك ثلاثة أسئلة فقط، فإذا أجبت عليها إجابة صحيحة، سأعفو عنك. أما إذا عجزت عن الإجابة على واحد منها، أمرت بقطع رأسك. هل تقبل ذلك؟

قال الراهب:

– سأبذل كل ما في استطاعتي، يا صاحب الجلالة.

والتفت الملك إلى مستشاره الخاص وقال له:

– اكتب أنه قبل قطع رقبته إذا عجز عن الإجابة على أي سؤال من أسئلتي الثلاثة.

كان الراهب يعتقد أن هذه الأسئلة ستختص بثروته وتصرفاته، كالأسئلة التي سبق أن ألقاها عليه وأجاب عنها. لكن الملك قال له:

– السؤال الأول هو: في أي يوم سأموت؟ السؤال الثاني: كم هي المدة التي أستغرقها إذا ركبت جوادي لأطوف حول العالم؟ والسؤال الثالث: بماذا أفكر؟ سأعطيك مهلة يوم واحد.

اشتدت الحيرة بالراهب، فقال للملك:

– يا صاحب الجلالة، هذه أسئلة صعبة ولا يكفي يوم واحد للإجابة عنها. أرجوك أن تمنحني مهلة أسبوعين.

قال الملك:

– أعطيتك مهلة أسبوعين، والآن وقع على المحضر.

ووقع الراهب على المحضر، ثم انصرف من القصر وهو حزين وحائر لا يدري ماذا يفعل. كان يعلم أن الملك جاد في تهديده، خاصة بعد أن قبل هو شروطه.

الراعي يعرض المساعدة

استشار الراهب بعض أصدقائه المقربين، فلم يخبره أي واحد منهم بأي جواب للأسئلة الثلاثة. مر أسبوع، ولم يتبق له سوى أسبوع واحد ليعيشه.

في عصر أحد الأيام، كان يجلس الراهب في حديقة قصره، وقد حمل رأسه بين يديه مستغرقاً في تفكير عميق. فجأة، سمع صوتاً هادئاً يقول له:

– سيدي الفاضل، لقد أسديت إليّ وإلى أسرتي الفقيرة كثيراً من الأفضال، وما زلت أعيش في خير نعمتك. لاحظت أنك حزين منذ بضعة أيام، وأنا على استعداد لبذل حياتي من أجلك.

كان المتحدث راعي أغنامه. شكره الراهب وقال له:

– المشكلة أكبر من أن تجد لها حلاً.

لكن الراعي ألح عليه حتى أخبره الراهب بالأسئلة الثلاثة وأنه قبل أن يُقطع رأسه إذا عجز عن الإجابة على أي سؤال منها.

فكر الراعي قليلاً ثم ابتسم وقال:

– سأجد لك الإجابة عليها.

سأله الراهب في استغراب:

– أنت؟

رد الراعي:

– نعم! فقط أطلب منك ألا تذهب بنفسك إلى القصر. إنك تعلم أنني أشبهك شبهاً كبيراً في الوجه والهيئة، سأذهب بدلاً منك مرتدياً ثيابك الدينية، ولن يعرفني الملك لأنه لم يشاهدك إلا مرة واحدة. إذا أقنعته بإجاباتي، نجوت أنا وأنت، وإذا لم يقتنع، سأكون سعيداً بالتضحية بحياتي من أجلك.

شكر الراهب الراعي، وقال إنه لا يقبل مثل هذه التضحية، لكن الراعي أكد له أن الملك سيقتنع بإجاباته.

الإجابات الذكية

ارتدى الراعي ملابس الراهب وذهب إلى قصر الملك. استقبله الملك معتقداً أنه رجل الدين، وقال له:

– هل عرفت الإجابة على أسئلتي الثلاثة؟

أجاب الراعي:

– إليك الإجابة على السؤال الأول: ستعيش حتى اليوم الذي يعلمه الله، ولن تعيش يوماً واحداً أكثر من ذلك. اللحظة التي تموت فيها هي اللحظة التي تستنشق فيها آخر أنفاسك في هذه الحياة.

السؤال الثاني: يجب أن تستيقظ عند شروق الشمس، وتركب جوادك وتظل سائراً حتى تغيب الشمس وتشرق من جديد في اليوم التالي، وبذلك تكون قد طفت حول العالم في أربع وعشرين ساعة.

ضحك الملك عالياً وقال:

– هذا صحيح! إنها إجابة لم تخطر ببالي من قبل. والآن، السؤال الثالث: ما الذي أفكر فيه الآن؟

أجاب الراعي بثقة:

– إنك تظن أنني الراهب جورج.

فقال الملك متفاجئاً:

– ومن أنت إذن؟

نزع الراعي عنه ثياب الراهب وقال:

– أنا راعي أغنامه.

الملك يعفو عن الراهب

ضحك الملك كثيراً، وأعجبته تضحية الراعي وسرعة بديهته. أمر له بمنحة مالية كبيرة، وقال له:

– أخبر الراهب جورج أنني عفوت عنه، ويسعدني أن يكون من أصدقائي المقربين. فرجل يستعبد قلوب الفقراء بجمائله هو رجل طاهر مخلص عظيم.

معرض الصور (قصة الملك والراهب)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

المصدر
قصة الملك والراهب - حكايات وأساطير للأولاد - المكتب العالمي للطباعة والنشر - بيروت

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى