قصة مسعود

كان الزورق المسكين مسعود مرمياً في زاوية من زوايا الحديقة، وقد أحاطت به النباتات والأزهار حتى كادت تحجبه عن العيون. لقد كان مسعود زورقاً بديعاً، متين البنيان حلو الزينة والدهان. لكن صاحبه شاكر كان قد كبر في السن ولم يعد ركوب البحر سهلاً عليه. وهكذا ظل مسعود طوال عامين يحلم بالأمواج والريح دون أن يغادر الحديقة.

ثم حدث في أحد أيام الخريف أن هبت أعاصير عنيفة، فامتلأت السماء بالسحب السوداء. دومت الرياح القوية العاصفة، وهاج البحر هياجاً شديداً، وعلت الأمواج علوًا مخيفاً. ازدادت الأعاصير عنفاً، ودب الذعر في البلدة الصغيرة. ثم حدث ما كان يخشاه السكان، فقد امتدت مياه البحر الهائج إلى البلدة، وغمرت الشوارع والطوابق السفلى من البيوت.

شجاعة مسعود

جلس شاكر العجوز يرتجف خوفاً وهو يراقب البحر الهائج. ثم سمع فجأة قرعاً شديداً على الباب. نظر في خوف عبر النافذة فرأى زورقه يضرب الباب. كان مسعود قد ارتفع فوق المياه المتدفقة، فأسرع إلى صاحبه ليخلصه من البحر. ثم اتجه إلى بيوت الجيران فأنقذ الصغار والكبار. شق مسعود المياه باعتزاز شديد، وأحس أن مقدمته ترتفع عالياً. اتجه بحمله ناحية المناطق المرتفعة من الأرض، وهناك نزل شاكر والصغار والكبار وهم يشكرون الزورق الشجاع.

شهرة مسعود

بعد هدوء العاصفة، أقبل المراسلون الصحفيون والمصورون لرؤية مسعود وإجراء المقابلات معه. ظهرت صوره في الصحف والمجلات وأصبح مشهورًا. ثم تلقى من نادي اليخوت دعوة للعمل فيه. أصبح مسعود زورق النزهة الذي ينقل المتنزهين في جولات بحرية قصيرة. عين شاكر العجوز مراقبًا في النادي. عاش العجوز أيامه يراقب باعتزاز زورقه العظيم يشق مياه البحر الفضية بسعادة غامرة.