قصة رحلات جلفر

ملخص قصة رحلات جلفر
أبحر ليمويل جلفر، الطبيب الشجاع، في رحلته المثيرة عبر البحار الجنوبية. بدأ مغامرته مليئة بالأمل، ولكن سرعان ما هبت عاصفة قوية تحطمت بسببها السفينة. نجا جلفر بأعجوبة ووصل إلى جزيرة غامضة وتفاجأ بوجود قوم صغيرين، طوله أقل من خمسة عشر سنتيمترًا. هؤلاء الأقزام قيدوا جلفر بأوتادهم، ورغم محاولاته للنهض تحسبًا من تأذيهم، إلا أنهم أصابوه بالسهام الصغيرة ثم قرروا التحدث إليه بقيادة إمبراطورهم.
أثناء إقامته في جزيرة ليليبوت، قدم له الأقزام الطعام والشراب وشهد استقبال الإمبراطور الحافل. تعلم جلفر لغة الأقزام، وعرف أنهم في خلاف مع جزيرة قريبة تدعى “يليفسكو”. أراد الإمبراطور استخدامه لتحقيق النصر والسيطرة على الجزيرة الأخرى، ولكن جلفر رفض تجاوز مبادئه. حظي جلفر بمساعدة الإمبراطور والشعب اللطيف، مما دفعه للاستيلاء على خمسين سفينة من الأعداء بعد مقاومة شجاعة.
لم يمر وقت طويل حتى اكتشف الإمبراطور أن جلفر لن يكون تابعًا بلا إرادة. اشتعلت الغيرة والخلاف بين رجال الدولة، خاصة مع رفض جلفر لأوامر الإمبراطورية. حينما رفض تنفيذ أمور سلبية، دعا القادة لمعاقبته بفقع عينيه، لكن جلفر قرر الهروب إلى تليفسكو. هناك، رحب به السكان بلطف، وقدموا له الدعم لصنع قارب كبير أثبت جدارته في الإبحار مجددًا.
عاد جلفر إلى بيته بين زوجته وطفليه الذين ارتاحوا لسماع مغامراته الرائعة والأبقار والأغنام التي جلبها معه. بعد فترة قصيرة، انطلق جلفر في رحلة جديدة عبر البحار، ولكنه تجاوز في هذه الرحلة ما لم يتوقعه أبدًا: وصوله إلى بروبدينجناج، بلاد العمالقة. هنا، التقطه مزارع عملاق وعرضه للأميرة التي كانت تسعى لرعايته والاعتناء به. على الرغم من بعض المخاطر مثل مواجهته للزنابير أو قرد متمرد، استمتع جلفر برفقة العائلة المالكة وتجربته لحياتهم العملاقة.
وتمت الرحلة إلى ساحل البحر مرة أخرى، حيث قام الملك والملكة بزيارة إقليم آخر، وأخذوا جلفر معهم داخل صندوقه الخاص. لسوء الحظ، انقض طائر ضخم على صندوقه وحلق به بعيدًا. بعد مغامرات جديدة، داهمت المشاعر جلفر وهو يشتاق لعائلته ووطنه. أخيرًا، تمت إنقاذه بواسطة سفينة إنجليزية، وعاد جلفر إلى الوطن مرة أخرى. على الرغم من الشكوك في قصصه المدهشة، تمكن جلفر من إقناع ربان السفينة بإظهار الأدلة.
وما أن عاد جلفر إلى وطنه، حتى رفضت زوجته تمامًا مغادرته مرة أخرى. هذه النهاية ليست فقط عودة عائلية، ولكنها أيضًا تذكير بقوة العزيمة والشجاعة والصداقة الحقيقية التي حملها جلفر طوال رحلاته المحفوفة بالمخاطر والأحداث المدهشة. ومع ذلك، تتوارد الأسئلة: هل ستدوم إقامة جلفر في وطنه؟ وهل ستحمله الرياح إلى مغامرة جديدة بعيدًا عن البيت العائلي؟ ويبقى فقط الزمن ليجلب لنا المزيد من التحديات المثيرة والقصص الحافلة بالمفاجآت.
قصة رحلات جلفر مكتوبة
بدأت رحلاتي في الرابع من مايو سنة 1699. ودعت زوجتي وطفلي، وأبحرت من مرفأ بريستول كطبيب مرافق لسفينة وجهتها البحار الجنوبية. قد سارت الأمور جيدًا في الأسابيع القليلة الأولى. ثم هبت علينا عاصفة هوجاء فجأة فتحطمت السفينة، وكنت واحدًا من ستة بحارة ركبوا قاربًا صغيرًا، وأخذنا نجدف جزيرة مجاورة. إلا أن موجة عارمة عصفت بالقارب فقلبته، وفقد رفاقي الخمسة وبقيت وحدي. أنا ليمويل جلفر.
الوصول إلى الجزيرة
سبحت إلى أبعد ما استطعت وأخيرًا، عندما كادت تخور قواي وأتوقف عن مواصلة السباحة، لمست قدماي القاع. فأخذت أخوض في الماء حتى بلغت الشاطئ، حيث لم تكن هناك آثار للبيوت أو الناس. سرت قدمًا حوالى نصف ميل، لكني لم أر أحدًا. فأرتميت منهكًا على العشب القصير الناعم واستغرقت في نوم عميق.
المواجهة الأولى مع الأقزام
عندما استيقظت كان الوقت نهارًا. ظللت راقدًا بلا حراك برهة، متسائلًا أين أنا، ثم حاولت أن أنهض فلم أستطع تحريك ذراعي أو ساقي أو رأسي! لقد كنت مشدودًا إلى الأرض! كان هناك طنين بالقرب مني، ولكني لم أتمكن من تحديد مصدره. فجأة شعرت بشيء يتحرك فوق ساقي اليسرى، ثم مشى صاعدًا حتى توقف بالقرب من ذقني. نظرت إلى أسفل بقدر ما استطعت لأن جسمي كان مشدودًا إلى الأرض، فرأيت قومًا ضئيلاً جدًا، طوله أقل من خمسة عشر سنتيمترا، ممسكًا بقوس وسهم في يديه.
بدأت أعداد كبيرة من هؤلاء الأقزام تجري جميعها. صحت مزمجرًا من فرط دهشتي، فتراجعوا مذعورين وتساقطوا، بعضهم فوق بعض، محاولين الفرار. اكتشفت بعد ذلك أن بعضًا منهم قد تأذى بالسقوط من فوق صدري. استطعت قطع الخيوط التي كانت تشد ذراعي اليسرى إلى الأرض، وحللت بعضًا من شعري لأتمكن من تحريك رأسي. زاد ذلك من ذعر الأقزام فأطلقوا علي السهام. سقط بعض السهام على يدي وبعضها الآخر على وجهي، فوخزتني كالإبر وآذت جلدي حيث استقرت. تحلق الأقزام عن بعد يراقبونني. عندما أدركوا أنني لن أؤذيهم، قطعوا بعض قيودي فتسنى لي تحريك رأسي بسهولة أكثر.
اللقاء مع الإمبراطور
تبينت آنذاك أنهم نصبوا منصة صغيرة قرب رأسي ليتحدث إمبراطورهم إلي. تكلم لفترة، لكني لم أفهمه. بدأت أشعر بالجوع، فأشرت إلى فمي، وجعلت أحرك فكي كمن يمضغ. سرعان ما أرسل الإمبراطور بعض رجاله ليحضروا لي طعامًا وشرابًا. أسندت السلالم إلى جانبي، وأخذ ما ينوف عن مائة قزم في التسلق. جلبوا سلالًا مليئة باللحم والخبز. كانت كل قطعة من اللحم صغيرة للغاية، لذا كان لا بد لي من الاستمرار في طلب المزيد. كنت ألتهم كل ثلاثة أرغفة دفعة واحدة. شربت برميلًا من الشراب في جرعة واحدة بينما الأقزام ينظرون إلي مذهولين. سرعان ما أحضروا لي مزيدًا من الشراب فتناولته. أفهمتهم بالإشارات أني لن أحاول الفرار، فحلوا من القيود ما جعلني أستطيع التقلب على جانبي. وضعوا أيضًا بعض المرهم على وجهي ويدي، فأزال ذلك الالتهاب الذي سببته السهام. بعد قليل استغرقت في النوم مرة أخرى.
الرحلة إلى العاصمة
عندما استيقظت وجدت نفسي فوق منصة ذات عجلات تتجه صوب عاصمة هؤلاء الأقزام، على بعد حوالى نصف ميل. كان يجرني ألف وخمسمائة جواد من أضخم جياد الإمبراطور، وكان كل منها في حجم يدي تقريبًا. اكتشفت أن صنع هذه المنصة تطلب خمسمائة نجار ومهندس، وأن ما لا يقل عن تسعمائة رجل تعاونوا لوضعي فوقها في أثناء نومي. بقيت فترة لا أعرف ما الذي أيقظني، لكن قيل لي أن بعض الشباب أرادوا رؤيتي نائمًا فصعدوا إلى أعلى المنصة وساروا بخفة حتى وجهي. حدث أن أحدهم، وكان ضابطا من الحرس الإمبراطوري، أدخل طرف رمحه المدبب في أنفي، فأشعرني بوخز كوخز القشة، فجعلني أعطس وأستفيق. أسرع الشباب بالفرار قبل أن ألمحهم. سار موكبنا طويلًا بقية ذلك النهار واسترحنا ليلاً. أوكلوا حراستي إلى خمسمائة حارس على كلا جانبي كانوا مستعدين للرمي بالنبال إذا حاولت الفرار.
وأخيرًا وصلنا إلى العاصمة. توقفت المنصة التي كنت مشدودًا إليها خارج هيكل ضخم مهجور. إذ كان ذلك أضخم مبنى في البلد كله، فقد اعتزم الإمبراطور أن يتخذه مسكنًا لي. وكان باب الهيكل كبيرًا بقدر يسمح لي أن أزحف عبره إلى الداخل عندما أريد النوم. إذا دخلت، لم أستطع سوى الرقاد. وأصر الأقزام على عدم إطلاق سراحي، فوضعوا قرابة مائة من سلاسلهم الدقيقة حول ساقي اليسرى. كان القيد يسمح لي بالوقوف، لكنه يمنعني من التنقل لمسافة بعيدة.
لقاء الإمبراطور
عندما انتهت هذه الترتيبات، جاء الإمبراطور لرؤيتي. كان يحمل في يده سيفًا في حجم إبرة ليدافع به عن نفسه إذا ما أفلت من قيودي. كان الإمبراطور رجلاً أنيقًا يزيد طوله كثيرًا عن بقية مرافقيه. وكان يرتدي خوذة ذهبية في أعلاها ريشة طويلة، أما جميع أفراد الحاشية من سادة وسيدات يرفلون بالملابس الموشاة بالذهب والفضة، وتتألق زينتهم في نور الشمس. حاولت أن أجيب الإمبراطور عندما تحدث إلي، لكنه لم يفهم أيا من اللغات العديدة التي أتكلمها. لم يلبث أن انصرف ليقرر ما إذا كان سيلجأ إلى قتلي أم لا، إذ إن إطعامي سيكلفهم كثيرًا جدًا.
مقابلة الشعب
بعد انصراف الإمبراطور، جاء حشد هائل من أولئك الأقزام لمشاهدتي، فلم يصادف أحد منهم مثل هذا المخلوق الضخم من قبل. أطلق بعضهم السهام علي، وكاد أحدهم أن يصيب عيني. فما كان من الحراس إلا أن قيدوا الأقزام المعتدين وسلموهم لي لأعاقبهم. وضعت خمسة منهم في جيبي، وتظاهرت بأني سألتهم سادسهم وكان قد تملكه ذعر شديد. ثم أخرجت مديتي وقطعت قيوده، ووضعته سالمًا على الأرض. وهكذا فعلت بالآخرين، ملتقطًا لهم من جيبي واحدًا واحدًا. وكم كانت دهشة الجميع لرؤيتي أعاملهم بتلك الرقة.
توجه اثنان من الحراس إلى الإمبراطور فأخبراه بما فعلت، فقرر عدم قتلي عرفانا بالجميل. أمر الناس القاطنين بالقرب من المدينة أن يحضروا لي يوميًا ست بقرات وأربعين شاة بالإضافة إلى ما يلزمني من الشراب. لم يكن ليكفيني أقل من ذاك القدر فكل شيء كان صغيرًا جدًا. طلب الإمبراطور إلى ثلاثمائة خياط أن يعدوا لي ملابس مناسبة، كما أوكل أمر العناية بي إلى ستمائة قزم أسكنهم في خيام خارج الهيكل الذي أسكنه تيسيرًا لمهمتهم. وأخيرًا ألزم ستة رجال بتعليمي لغتهم.
تعلم اللغة
لم يمض أكثر من ثلاثة أسابيع حتى صار بمقدوري أن أفهم الأقزام وأتحدث إليهم. كان أقل شيء طلبته من الإمبراطور تحرير سراحي. قال إنه يجب التأكد أولاً أنه ليس بحوزتي ما يمكن أن يكون مصدر خطر على شعبه. تقدم اثنان ليفتشا جيوبي وسجلا كل ما عثرا عليه. أطلق علي المفتشان اسمًا جديدًا هو “الجبل الآدمي الهائل”، ووجدا في جيوبي الأشياء التالية: منديل ظناه بساطًا أو سجادة، علبة سعوط وصفاها كصندوق مليء بالغبار، وجعلهما ذلك الغبار يعطسان طويلاً، دفتر مذكرات أدركا أن فيه كتابة كبيرة الحروف.
وجدا أيضًا مشطًا، وقد عرفا لماذا يستخدم ولكنهما قالا في وصفه إنه يشبه القضبان التي تزين قصر الإمبراطور. سكينا، وموسى حلاقة، وزوجًا من المسدسات. كانت كلها جديدة عليهما، فلم يتمكنا من معرفة الغاية منها. ساعة، قالا إنها تحدث صوتًا مثل طاحونة مائية، وقد ظنا أنها عبادة عندما أخبرتهما أني دائمًا أنظر إليها قبل أن أقوم بأي عمل. محفظة نقود، قالا إنها شبكة كبيرة تشبه شبكة الصياد، ولكنهما عرفا أنني أستخدمها كمحفظة، وقد أدهشهما كثيرًا حجم القطع الذهبية التي تحتويها.
أمان الأقزام
عندما فرغ القزمان من تفتيش جيوبي، نظرا إلى منطقتي (حزامي) وسجلا أنني أحمل سيفًا في طول خمسة رجال، وجرابًا ذا جيبين. حوى أحدهما مسحوقًا أسود اللون، والآخر كرات ثقيلة. أخذا القائمة التي أعدّاها إلى الإمبراطور فطلب مني هذا أن أستخرج سيفي وأضعه بحرص على الأرض. ثم سألني فيم يستخدم مسدساي. رجوت الإمبراطور ألا يفزع، ثم أطلقت واحدا منهما في الهواء. سقط الجميع رعبًا ما عدا الإمبراطور الذي سحب لونه، فأمر أن أسلم مسدسي في الحال.
فعلت كما طلب مني وأخبرته أن المسحوق الأسود ينبغي أن يحفظ بعيدًا عن النار لأنه شديد الخطورة. حملت جميع أمتعتي لتوضع في مخزن الإمبراطور، ما عدا نظارتي التي كانت في جيب لم يهتد إليه القزمان. بدأ الإمبراطور وشعبه يدركون تدريجيًا أنني لا أشكل خطرًا عليهم. صار بعضهم يأتي من حين لآخر ليرقص على يدي، كما استطاب الأولاد والبنات أن يتلهوا بلعبة العميضة في شعر رأسي وأنا مستلق على الأرض. حتى الجياد كفت عن الخوف مني، فكثيرًا ما كان الفرسان وخيولهم يتناوبون القفز من فوق يدي وهي ممدودة على الأرض.
اكتشاف القبعة المفقودة
وذات يوم جاء أناس يبلغون الإمبراطور أنهم عثروا على شيء ضخم أسود اللون ملقى على الأرض. قالوا إنه ليس كائنا حيا، ويظنون أنه يخص “الجبل الآدمي الهائل”. لم يكن هذا الشيء سوى قبعتي، التي ظننت أنني فقدتها في البحر. لكي يحضروها لي، قاموا بإحداث ثقبين في حافتها، وربطوها منهما بالحبال فجرتها خمسة جياد مسافة نصف ميل. وقد أضر هذا بالقبعة كثيرًا.
سألني الإمبراطور في مناسبة أخرى أن أقف منفرج الساقين ليتسنى لجيشه أن يمر في استعراض بينهما. اشترك في الاستعراض ما لا يقل عن 3000 جندي من المشاة و500 فارس يواكبهم قارعو الطبول وحاملو الأعلام. طلبت تكرارًا أن يطلق سراحي، فوافق الإمبراطور أخيرًا شرط أن أطيع قوانينه. لما تعهدت بذلك، نزعت عني السلاسل والأغلال.
جولة في العاصمة
كنت دائمًا تواقًا لمشاهدة العاصمة، فلما أصبحت حرًا وافق الإمبراطور. طلب من أفراد الشعب البقاء في منازلهم خشية أن أطأ أحدهم بقدمي. لذلك احتشد الناس في نوافذهم لمشاهدتي وأنا أتخطى السور إلى الميدان الذي يتصدره قصر الإمبراطور. كان القصر رائعًا حقا، كأنه بيت دمية كبيرة. استلقيت على الأرض لأنظر ما بداخله، وتقدمت الإمبراطورة إلى النافذة مبتسمة، مدت لي يدها لأقبلها.
بعد إطلاق سراحي بفترة قصيرة، جاء أحد رجال الدولة الكبار لمقابلتي. جرى بيننا حديث طويل علمت منه أشياء كثيرة. كنت أظن أن الجزيرة المسماة “ليليبوت” جزيرة آمنة وهانئة، لكنه أخبرني أنها ليست كذلك. لعلك لاحظت أن بعضنا ينتعل كعوبا عالية، وبعضنا الآخر ينتعل كعوبا منخفضة. الإمبراطور لا يسمع إلا لأصحاب الكعوب المنخفضة بالعمل عنده، وهذا طبعًا لا يروق لأصحاب الكعوب العالية. لهذا السبب هناك خلافات جمة بين أهالي ليليبوت.
تهديدات خارجية
ثم أخبرني زائري بخطر أكثر هولا يتهدد بلاده. هناك جزيرة قريبة تسمى “يليفسكو”، وأهل هذه الجزيرة عازمون على مهاجمتنا. سألته: “لماذا؟” أجاب: لقد بدأت المسألة منذ أمد بعيد، عندما كان الجد الأكبر للإمبراطور الحالي صبيا صغيرا. فقد أدمى إصبعه ذات صباح عندما كان يقشر طرف بيضته. كان كل الناس حتى ذلك الوقت يقشرون الطرف العريض من البيضة أولا. إثر هذا الحادث، أمر الحاكم في ذلك الزمان بأنه على كل امرئ أن يقشر الطرف المستدق من البيضة أولا. لم يكن أمام رافضي القرار إلا أن يغادروا ليليبوت ويذهبوا إلى جزيرة يليفسكو، وأطلقوا على أنفسهم اسم “أنصار الطرف العريض”. هم حاليا يعتزمون شن الحرب على ليليبوت، ويريد منك الإمبراطور أن تساعدنا.
أجبته بأني سأفعل ما أستطيع لمساعدة شعب ليليبوت، لأنهم كانوا لطفاء جدًا معي. عرفت أن لدى أنصار الطرف العريض حوالي خمسين سفينة حربية راسية، فاعترمت الاستيلاء عليها. أعددت خمسين خطافًا ثبّت كلا منها بخيط طويل، ثم انطلقت إلى يليفسكو. كانت المسافة بين الجزيرتين لا تتجاوز نصف ميل، استطعت أن أخوض معظمها ولم ألجأ إلى السباحة إلا قليلا في منتصف المسافة. تملك الأعداء الذعر عندما رأوني، فقفزوا من سفنهم وسبحوا إلى الشاطئ. حينئذ ثبت خطافًا في مقدم كل سفينة وربطت جميع الخيوط معا عند أطرافها. بينما كنت أقوم بهذه المهمة، أطلق علي أنصار الطرف العريض آلافا من سهامهم الصغيرة. خشيت أن يصيب أحدها عيني، فلبست نظارتي. بعد أن قطعت حبال المرسى، أمسكت أطراف الخيوط المتصلة بالخطاطيف وانطلقت عائدًا إلى ليليبوت ومعي خمسون سفينة من أكبر سفن الأعداء.
جزاء الإمبراطور
كان سرور الإمبراطور بالغًا حتى إنه أنعم علي بلقب “نارداك”، وهو من أرفع الألقاب في تلك البلاد. لكن الإمبراطور لم يكتف بذلك، أراد مني أن أستولي على بقية سفن الأعداء لكي يصبح إمبراطورًا على أنصار الطرف العريض كما على ليليبوت. عندئذ يستطيع أن يجعل أنصار الطرف العريض يطيعون قوانينه ويقشرون الأطراف المستدقة من بيضهم أولا. لم أشأ أن أفعل ذلك، لأنني لم أعتقد بصوابيته. أثار رفضي غيظ الإمبراطور وغضبه.
بعد هذا الحادث بقليل، حضر بعض أنصار الطرف العريض لمصالحة أهالي ليليبوت. عندما شاهدوني مرة أخرى، سألوني المجيء إلى يليفسكو يوما ما ليتسنى للسكان هناك مشاهدتي. قبلت الدعوة، مما زاد من غضب الإمبراطور علي. كان القائد العام للقوات البحرية مستاءً مني أيضًا، ليس فقط لأنني دحرت أسطول أنصار الطرف العريض (وهو أمر لم يكن بمستطاعه)، بل أيضًا بسبب منحي لقب “نارداك”.
تزايد العداء
كان هناك آخرون لا يحبوني من بين رجال الإمبراطور البارزين. بعضهم لم يكن يحبني لأنني كنت أتناول كميات ضخمة من طعامهم، وبعضهم الآخر كان يرى في وجودي خطرًا عليهم. طلب الجميع من الإمبراطور أن يأمر بقتلي كعدو ليليبوت، لأنني رفضت أن أنفذ ما أمر به الإمبراطور.
رفض الإمبراطور أن يقتلني لأنني كنت قد ساعدته. فكر طويلًا، ثم قال إن أفضل طريقة لمعاقبتي هي أن يفقع عينيّ. كان أحد النبلاء صديقًا لي، فأتاني سرا ليخبرني بما قاله الإمبراطور حتى أتمكن من إنقاذ نفسي. عندما سمعت ما قاله صديقي، شعرت أن الوقت قد حان لمغادرة ليليبوت. لم ترق لي فكرة أن أكون كفيفًا، فمضيت توًا إلى الشاطئ وأخذت إحدى سفن الإمبراطور ووضعت فيها ملابسي حتى لا تبتل، وسحبتها خلفي وأنا أسبح صوب تليفسكو.
الاستقبال في تليفسكو
سر إمبراطور تليفسكو لرؤيتي وكذلك جميع أفراد شعبه. كانوا لطفاء معي، وقد أحببتهم، لكنني لم أكن أرغب في قضاء بقية عمري هناك. كنت أريد العودة إلى وطني. حدث ذات يوم أن أبصرت في عرض البحر قاربا عادي الحجم مقلوبا رأسا على عقب. سألت الإمبراطور أن يعيرني بعض السفن والرجال لمعاونتي على جلبه إلى الشاطئ حتى أتمكن من الإبحار به إلى وطني. تطلب الأمر ألفين من الأقزام لمعاونتي في إعادة القارب إلى وضعه الصحيح حالما رسا على الشاطئ. عندئذ كان عليَّ تهيئة القارب للرحلة الطويلة إلى الوطن.
ولما كان أسمك كتان لدى هؤلاء الناس أرق بكثير من أرق مناديلنا، فقد صنع لي شراعان بوضع ثلاث عشرة طبقة من الكتان معا. قام بذلك العمل خمسمائة عامل. صنعت حبالًا متينة للقارب بأن جدلت معا ما يقرب من ثلاثين من أسمك وأقوى حبالهم. صنعت المجاذيف والصواري بمساعدة نجاري سفن الإمبراطور. عندما أتممت إعداد القارب، خزنت الطعام على ظهره، فحملته أبقارا وثيرانا وأغناما حية أردت أن أربها لأسرتي. كنت أود أن آخذ معي بعض الأقزام، لكن الإمبراطور لم يسمح بذلك.
العودة للوطن
أقلعت بالقارب، فأبصرت بعد يومين سفينة ضخمة التقطني ربانها. لم يصدق الربان قصتي حتى رأى الأبقار والأغنام الحية التي كانت في جيبي. عندما عدت أخيرا إلى وطني، كانت زوجتي وطفلاي في غاية السعادة لرؤيتي مرة أخرى ولسماع مغامراتي كاملة. أما الأبقار والأغنام، فقد أطلقتها لترعى العشب في حديقة قريبة من منزلي في جرينتش بلندن. لعلك تستطيع رؤية بعضها اليوم إذا ذهبت للفرجة.
بعد أن مكثت في البيت فترة، ركبت البحر مرة أخرى، لأنني أحب الترحال. كان الشطر الأول من رحلتنا سارًا وخاليًا من المتاعب. يومًا هبت عاصفة هوجاء فجرفتنا مياه الأمثال بعيدا عن مسارنا، فضللنا الطريق. كان على ظهر السفينة طعام وفير، ولكن الماء كان شحيحًا. هكذا ما إن لاحت لنا اليابسة حتى أوفد الربان العديد منا إلى الشاطئ لنحضر الماء. عندما نزلنا إلى البر، لم يكن هناك أثر لنهر أو ينبوع ماء. ظل الرجال الآخرون بمحاذاة الشاطئ يبحثون عن الماء بالقرب من البحر، وسرت أنا داخل الجزيرة، بيد أني لم أجد ماء.
لقاء العملاقة
عدت أدراجي واستطعت أن أرى من المكان الذي وقفت فيه قارب سفينتنا، وعلى سطحه جميع الرجال، وهم يجدفون بأقصى سرعة عائدين إلى السفينة. تركوني خلفهم! فجأة أدركت السبب حين رأيت عملاقًا ضخمًا يتعقبهم بخطى واسعة في البحر. لم أنتظر لأشاهد نتيجة المطاردة، بل أسرعت بالفرار بأقصى سرعة. ثم تسلقت تلا شديد الانحدار لأكتشف معالم البلد. نظرت حولي فلم أصدق عيني! كانت الأعشاب بارتفاع المنازل، وفوقها سنابل القمح بعلو أبراج المآذن. سرت قدمًا فيما حسبته طريقًا عامًا، واكتشفت في النهاية أنه ليس إلا ممرا للراحلين من سكان هذا البلد.
انتهى بي ذلك الممر إلى مرقى درجي، كانت الدرجة في هذا المرقى بعلو حائط شاهق، فلم أستطع تسلقها. بينما كنت أفتش عن ثغرة في السور الضخم، شاهدت عملاقا آخر كالذي كان يتعقب أصدقائي، فأصابني رعب شديد، وهرعت لأختبئ في القمح. نادى العملاق بصوت كان له وقع الرعد في أذني، فاتجه نحوه سبعة آخرون من العمالقة بيد كل منهم منجل لحصد القمح. كان المنجل الواحد منها بحجم ستة من مناجلنا. ازددت رعبا أتساءل: أين المفر؟ أخذت أعدو جيئة وذهابا لأبتعد عن طريقهم. كانوا يتحركون بسرعة لا أستطيع معها الهرب منهم.
وأخيرًا صحت بأعلى صوت: “قف!”، حين كاد أحدهم أن يطأني. نظر الرجل إلى أسفل والتقطني ممسكا إياي بإحكام خشية أن أعضه. ثم أخذني إلى سيده ليريه ما عثر عليه. كان هذا السيد العملاق مزارعًا، وهو نفس الرجل الذي رأيته أول مرة في الحقل. أخرج المزارع منديله ولفني فيه. عاد إلى بيته، وصرخت امرأته وفرت عندما رأتني، تمامًا كما تفعل زوجتي عندما ترى فأرًا!
مواجهة الأطفال
جاء أطفاله الثلاثة لإلقاء نظرة عليّ. كانوا ذاهبين لتناول غدائهم فوضعوني على المائدة حيث يمكنهم مشاهدتي وهم يأكلون. شعرت كأني أقف على سطح منزلي، فانتابني رعب شديد. ظللت بعيدا عن الحافة قدر المستطاع خشية السقوط. قدمت لي زوجة المزارع بعض فتات الخبز وفرامة اللحم. أخرجت سكيني وشوكتي وبدأت أكل مما أدخل على البهجة. أعطتني زوجة المزارع أصغر أقداحها وكان الدلو مملوءًا بعصير التفاح، لكني لم أستطع أن أشربه كله بسبب حجمه.
ثم دخلت المربية وبين ذراعيها طفل رضيع. رغب الطفل في أن يلهو بي كلعبة. عندما قدموني له أخذ رأسي بين فكيه، فأطلقت صرخة مدوية أخافت الرضيع فتركني، وكدت أقتل لو لم تتلقفني أمه في مهدها.
عقب انتهاء الغداء، عاد المزارع إلى حقوله، ووضعتني امرأته في سرير وغطتني بمنديل كملاءة. كان الفراش واسعًا سعة طريق رئيسي، وكان المنديل أسمك من قماش أشرعة السفن. قامت الابنة فيما بعد بإعداد سرير لي في مهد الرضيع. كانت هذه الفتاة طيبة جدا معي، كانت في التاسعة من عمرها صغيرة الحجم بالنسبة لسنها في تلك البلاد، إذ كان طولها لا يتجاوز الاثني عشر مترًا. أطلقت علي الفتاة اسم “جريلدريج” أي “الرجل الصغير”، وعلمتني لغتهم. وقد أحببتها كثيرا. حالما سمع الناس في الجوار عني، تقاطروا جميعا لإلقاء نظرة علي.
عرضي في السوق
أقترح أحدهم على المزارع أن يأخذني إلى المدينة في يوم السوق التالي ليعرضني للمشاهدة مقابل أجر محدد. هكذا فعل المزارع، وجاءت معنا ابنته الصغيرة لتعنى بي، وأسمتها مربتي. عرضت على نضد (طاولة) في أكبر قاعات الفندق، وكانت باتساع ملعب كرة القدم! قمت بجميع الألعاب البهلوانية المسلية التي مرت بخاطري: وقفت على رأسي، وحجلت، وقفزت كالضفدع ورقصت لإسعاد المتفرجين. جمع المزارع قدرًا كبيرًا من المال من الفرجة علي، فقرر أن يأخذني إلى مدن أخرى. أخيرًا بلغنا العاصمة حيث تعيش العائلة الملكية.
الانتقال إلى القصر
أعجبت الملكة أشد الإعجاب فابتاعتني من المزارع. توسلت إليها أن تبقي مربتي معي، فوافقت وعاد المزارع إلى بيته. أمرت الملكة بصنع حجرة صغيرة لي ذات سقف يرفع وأثاث يناسب حجمي تمامًا. كانت الغرفة بالنسبة لهم أشبه بصندوق صغير تحف به شرائط يحمل بها. أمرت الملكة أيضا أن يصنع لي طقم خاص من الأقداح والأطباق والصحون الفضية. فكان ذاك بالنسبة لهم أشبه بطقم شاي لدمية صغيرة. كنت دائما أتناول وجباتي على مائدة صغيرة فوق مائدة الملكة، بيد أني لم ترق لي الطريقة التي كانت تأكل بها الملكة. كانت تتناول قطعة الخبز في حجم رغيفين من خبزنا لقمة واحدة. كانت سكين المائدة التي تستخدمها أطول مني، فكنت أتوجس خيفة من خطر تلك السكين.
في كل يوم أربعاء، وهو يوم العطلة عندهم، كان يأتي الملك ليتناول الغداء معنا. كان يحب محادثتي وسؤالي عن إنجلترا والإنكليز. كان يريد اكتشاف أوجه الشبه والاختلاف بين شعب دولته “بروبدينجناج”. الشخص الوحيد الذي لم أستطع الانسجام معه هو قزم الملكة. كان أطول مني خمس مرات إذ يبلغ طوله حوالي 9 أمتار، ويعتبر قصيرًا بالنسبة لهم. كان الملك أطول منه بمرتين.
المكائد والخدع
درج القزم على أن يدبر لي المكائد، لأن الملكة كانت تفضلني عليه. لقد ألقى بي ذات مرة في طاسة لبن، سبحت إلى حافتها، وكدت أغرق لولا أن انتشلتني منها مربتي. بلغ غضب الملكة عليه حدا جعلها تطرده. سررت عندما صنعوا لي قاربا صغيرا ووضعوه في طشت ماء لأجذف فيه. كانوا أحيانا يركبون شراعًا في القارب، ثم تثير الملكة ووصيفاتها الرياح بمراوحهن ليرين كيف أتدبر توجيه القارب. كنت أجد في ذلك متعة وسلوى.
لم تكن الحياة دائما ممتعة في “بروندينجناج”! اضطرت مرة لمقاتلة بعض الزنابير بسيفي لطردها. كانت كبيرة في حجم الحمام، ولها حمّى بطول إبهامي، حادة مثل الإبر. قتلت أربعة منها، فيما فرّت البقية. في يوم آخر، انسلت إلى حجرتي قرد والتقطني. أعتقد أنه حسبني قردا رضيعا، لأنه أمر كفه برقة على وجهي وهو يمسك بي. فجأة ثارت ضجة عند الباب، قفز القرد من النافذة، ثم إلى سطح البيت وهو يحملني معه. اضطروا إلى إحضار سلالم خشبية وصعدوا لطرد القرد وأنزلوني سالمًا.
حكمة الملك
ذات يوم كان الملك يتحدث إلي، فأخبرته أن باستطاعتي تعليمه كيفية صنع البارود فيتمكن من كسب العديد من الحروب. إلا أن ملك “بروبدينجناج” كان رجلاً حكيماً جداً. فقد رد بأنه لا يريد أن يتعلم كيف يصنع البارود، وإنه ينبغي ألا أتحدث عن ذلك ثانية. أضاف أنه إذا استطاع إنسان أن ينمي سنبلتي قمح أو ورقتي عشب حيث كانت تنمو سنبلة أو ورقة واحدة من قبل، فإن ذلك أجدى من كسب الحروب.
بعد فترة قصيرة قام الملك والملكة والخدم برحلة طويلة إلى إقليم آخر في “بروبدينجناج”. رافقتهم أنا داخل صندوقي، وقد علقوا لي فيه أرجوحة شبكية حتى لا تضايقني الارتطامات طوال مسيرتنا. كانت مربّيتي أيضا بصحبتنا، لكنها أصيبت ببرد شديد أثناء الرحلة. عندما توقفنا أخيراً، اضطرت لملازمة الفراش أياماً قليلة. علمت أننا كنا قريبين من البحر، فأعربت عن شوقي لرؤيته مرة أخرى. لما كانت مربّيتي طريحة الفراش، أمر أحد خدم الملكة بأن يحمل صندوقي إلى شاطئ البحر.
مواجهة الطائر الضخم
رقدت في أرجوحتي الشبكية أتطلع إلى البحر، وغمرني الحزن حين تذكرت وطني وأهلي واشتد بي حنين العودة إليهم. كان الخادم قد تركني وذهب لطلب بيض الطيور، فاستغرقت في النوم. استيقظت فجأة على هزة هزت الصندوق وسمعت جلبة رفيف فوقي. بدأ صندوقي يرتفع إلى أعلى بسرعة شديدة. صحت منادياً عدة مرات، ولكن ما من مجيب. عندئذ قدرت ما قد حدث، لقد انقض طائر ضخم، ولعله نسر، والتقط حلقة صندوقي بمنقاره، وها أنا أحلق في أجواز الفضاء!
سرعان ما بلغ مسمعي صفير عال متقطع، كما لو كان النسر عراكاً. فجأة وجدتني أهوي بسرعة شديدة نحو الأرض! توقف صندوقي بارتطام قوي محدثا ترشاشا هائلا. بعد برهة هدأ روعي، وأطللت من النافذة، فرأيتني في عرض البحر! جذبت بابا صغيرا في سقف صندوقي لأتنشق بعض الهواء المنعش. أخذت أصرخ طالباً النجدة، ولكن لم يسمعني أحد. لكم وددت أنها تكون مربّيتي معي!
الإنقاذ المرتقب
أخرجت منديلي وربطته بطرف عصاي وصعدت فوق مقعد، ودفعت رايتي من خلال الباب الصغير في أعلى الصندوق، وأخذت ألوح بها إلى الأمام وإلى الخلف وأنا أصيح في طلب النجدة ثانية، ولم يأت هذا أيضا بنتيجة، فاستسلمت لقدري. جلست يائسا فاقد الأمل مدة طويلة. وفجأة شعرت، وأنا أحدق من خلال النافذة، أن صندوقي ينجذب باتجاه معين. بعد برهة قصيرة توقف سير الصندوق، وسمعت صليلا فوق رأسي كصليل جنزير يُحرّر من الحلقة في أعلى الصندوق.
دفعت برايتي مجدداً من الباب السقفي الصغير، ورحت أصيح طالباً النجدة. ما أشد بهجتي في هذه المرة، حينما استجاب لاستغاثتي شخص يتحدث الإنجليزية! توسلت إليه أن ينقذني من مأزقي. طمأنني المتحدث قائلاً إنني بمأمن، وإن صندوقي مربوط إلى جانب سفينته، وإنه سيحاول ليحدث فجوة في الصندوق ويخرجني.
الخروج إلى الأمان
سرعان ما تم ذلك، وبمساعدة سلم خشبي وأياد عديدة متحمسة، انتُشلت إلى ظهر السفينة. كانت السفينة إنجليزية، وعليه بحارة إنجليز – ليسوا عمالقة، ولا أقزامًا، بل أناسًا في مثل حجمي! سألني البحارة عن سبب وجودي داخل الصندوق، فأخبرتهم بقصتي، ولكنهم لم يصدقوني. قد ظنّ الربان بادئ الأمر أنني حبست في الصندوق لارتكابي فعلة شنعاء ولما أخبرته عن أهالي “بروبدينجناج”، لم يصدقني أيضاً.
ثم أريته خاتماً ذهبياً كانت الملكة قد أعطتني إياه – وكان ضخماً حتى إني لبسته حول عنقي كطوق. أعطيته أيضاً سن عملاق كان طبيب أسنان من “بروبدينجناج” قد خلعها خطاً وكانت في حجم زجاجة لبن! أخيراً صدقني الربان ووعد أنه سيعود بي إلى إنجلترا. بعد أسابيع عديدة وصلت بنا السفينة إلى أرض الوطن فحمدت الباري على سلامتي. عندما غادرت السفينة ونزلت إلى البر، بدت البيوت والناس جميعاً صغاراً في عيني حتى ظننت أنني في “ليليبوت” مرة ثانية. عندما سمعت زوجتي بكل المخاطر التي تعرضت لها، أصرت ألا أعود إلى ركوب البحر أبداً.
معرض الصور (قصة رحلات جلفر)
تحميل القصة PDF أو صور
استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟
– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث
شارك برأيك
ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!