قصة جاسون والفراء الذهبي

قصة جاسون والفراء الذهبي تروي مغامرات عديدة حيث يتحدى جاسون الملك پيلياس لاستعادة عرش أبيه بمساعدة ميديا والسفينة أرجو.
عناصر القصة (جدول المحتويات)

كان هناك في بلاد الإغريق منذ زمن بعيد طفلان، فريكسوس وأخته هيلي، اللذان عانيا من قسوة زوجة أبيهما الجديدة، إينو. في يومٍ حزين، ظهرت أمامهما كبش ضخم ذو فراءٍ ذهبي أرسلته الآلهة لإنقاذهما. حمل الكبش الطفلين وطار بهما فوق البحر، ولكن هيلي سقطت وغرقت، فأطلق اسمها على البحر، هيليسبونت. وصل فريكسوس بأمان إلى كولتشيس، وقدم الفراء الذهبي كهديَّة للملك إيتيس، الذي علقه على شجرة وحرسه بتنين ضخم.

مرت السنوات وولد جاسون، ابن ملك ثيسالي، الذي أبعد عن موطنه حين اغتصب عمه پيلياس العرش. عندما عاد لاسترداد عرش أبيه، تحداه پيلياس بأن يجلب الفراء الذهبي ليبرهن على شجاعته. حصل جاسون على سفينة عظيمة، ‘أرجو’، ورافقه خمسون مغامرًا. في رحلتهم، واجهوا مخلوقات وصعوبات عديدة، مثل الكاهن الأعمى فينيوس الذي أنقذوه من الهاربيس، وصخور متلاطمة، وثورين ينفثان النار، وحديقة مليئة بأبناء التنين.

أخيرًا، ساعدتهم ميديا، ابنة الملك إيتيس، التي أغرمت بجاسون، في الحصول على الفراء الذهبي بواسطة دهان سحري يساعد على تفادي الحروق. أخذ جاسون الفراء وعاد مع ميديا إلى السفينة. ولكن مغامراتهم لم تنتهِ بعد، فقد واجهوا العملاق البرونزي تالوس على شواطئ كريت واستطاعوا التغلب عليه باللعنات السحرية لميديا.

عند عودتهم إلى ثيسالي، قدم جاسون الفراء الذهبي لبيلياس، ولكن بيلياس لم يكن مستعدًا للتخلي عن العرش. هنا لجأت ميديا إلى سحرها لقتل پيلياس بخدعة لإعادة شبابه. تسبب ذلك في غضب الشعب الذين نفوا جاسون وميديا، فاتجهوا إلى كريت حيث قضى جاسون ما تبقى من حياته بعيدًا عن السعادة. كانت متعته الوحيدة هي جلوسه بالقرب من سفينته القديمة، ‘أرجو’، التي تآكلت بمرور الزمن وسقطت أخشابها فوقه، منهية حياة البطل الذي قام برحلة البحث عن الفراء الذهبي.

عسى أن تكون هذه الحكاية قد أسعدتكم، مستمدة درسًا للأطفال في الشجاعة والمخاطر والإخلاص للأصدقاء والأحباء، مع استذكار أن الحكمة تكمن في توازن بين الشجاعة والتواضع.

قصة جاسون والفراء الذهبي مكتوبة

كان يعيش في بلاد الإغريق منذ زمن طويل طفلان، صبي يقال له فريكسوس وأخته هيلي. وبرغم أنهما كانا طفلي ملك إلا أنهما لم يكونا سعيدين. فقد ابتعدت عنهما أمهما، نيفيلي، وتزوج أبوهما للمرة الثانية. وكانت زوجة أبيهما الجديدة، إينو، تبغضهما وتريد أن تقضي عليهما.

وبينما كانا ذات يوم يمشيان حزينين بالقرب من مسكنهما إذا بكبش ضخم يظهر أمامهما، ولم يكن كبشا عاديا لأنه كان قد أرسلته الآلهة لإنقاذهما كما كان فراؤه من الذهب الخالص. ولشد ما أدهشهما أنه تكلم معهما قائلا: “اصعدا فوق ظهري، وسآخذكما بعيدا عن زوجة أبيكما الغليظة القلب.”

أطاعاه وطار بهما الكبش فوق البحر وكان يستطيع الطيران. واختل توازن هيلي فسقطت وغرقت في البحر، فسمي البحر باسمها هيليسبونت. أما فريكسوس فقد استمر طائرا بأمان حتى وصل إلى كولتشيس على الجانب الآخر من البحر الأسود عند الطرف الشرقي من العالم. وعندما ضحى فريكسوس بالكبش شكرا للآلهة قدم فراءه الذهبي هدية لملك كولتشيس المسمى إيتيس. فعلقه إيتيس على شجرة بالقرب من قصره، ووضع تنينا ضخما لحراسته.

ولادة جاسون

بعد سنين عديدة ولد جاسون، ابن ملك ثيسالي، في شمال بلاد الإغريق بعد ولادة جاسون بوقت قصير اغتصب عمه پيلياس مملكة أبيه، وتوج نفسه ملكا في مكانه. وهدد بقتل ابن أخيه، ولهذا أبعد جاسون. وعني بتربية جاسون مخلوف غريب يسمى كيرون. وكان قنطورا نصفه رجل ونصفه فرس. ثم كبر جاسون حتى أصبح شابا قويا، وأخيرا توجه إلى الملك پيلياس ليسترد ملك أبيه. كان پيلياس قد تسلم إنذارا غريبا من الآلهة جاء به: “حذار من الرجل الذي ينتعل فردة صندل في إحدى قدميه”، ولم يفهم المقصود من هذا التحذير حتى جاءه ذات يوم جاسون. كان لا بد لجاسون أن يعبر، في طريقه لرؤية الملك پيلياس، نهرا سريع الجريان والتدفق. فانزلقت قدمه في وسط النهر وفقد أحد صندليه. وحينها رأى پيلياس جاسون ينتعل صندلا واحدا في إحدى قدميه غضب وتملكه الخوف.

أخبر جاسون پيلياس أنه قد أتى ليطالب بعرش أبيه، فزاد خوف الملك. لكنه كان ماكرا. فقال وهو يبتسم: “إذا أردت أن تكون ملكا فلا بد أن تبرهن على شجاعتك.” فأجابه جاسون بجرأة وبسالة: “سأظهر شجاعتي بالطريقة التي تعجبك.” ثم تكلم پيلياس على مهل، فقال: “ينبغي إذن أن تحضر لي الفراء الذهبي.” فغادر جاسون القصر ونفسه مفعمة بالشكوك والمخاوف. وساءل نفسه: “كيف يستطيع أن ينفذ ذلك العمل الشاق؟” ثم خطر بباله ما يجب عليه أن يعمله. فذهب إلى أرجوس، خير من يصنع السفن في البلد، فصنع له سفينة رائعة، بخمسين مجدافا، سماها أرجو.

بداية الرحلة

تطوع كثيرون من الرجال الشجعان للذهاب مع جاسون، بينهم أورفيوس، الموسيقار، وكاسور وبوليديوسيس ولدا زيوس التوأمان، وزيتيس وكاليس، ابنا ريح الشمال، وهرقل القوي، وموجه الدفة، تنفيس. وأطلق على الرجال الخمسين الذين أبحروا معه لقب “مغامرو أرجو”. وحينما تم إعداد كل شيء أبحرت الأرجو من الميناء. وتطلع معامرو الأرجو، أثناء إبحارهم شرقا، عبر بحر إيجه، فشاهدوا قمم جبل أوليمبوس المغطاة بالسحب وساءلوا أنفسهم: “ترى هل يرون بلاد الإغريق مرة أخرى؟” وأخيرا وصلوا إلى شاطئ آسيا الذي ندعوه الآن تركيا. وعندما نزلوا إلى البر قابلهم أميكوس، ملك البلاد. وكان عملاقا فظا غليظ القلب فلم يرحب بقدومهم. بل زمجر قائلا: “أيها الإغريق! لا بد أن يصارعني أحدكم قبل أن تتركوا مكانكم. وسوف نرى أي البلدين يخرج أفضل الرجال.” فقبل يوليديوسيس بن زيوس التحدي. وكان صراعا شاقا قاسيا. وأخيرا وجه يوليديوسيس بكل قوته لكمة إلى جانب رأس أميكوس. وكانت اللكمة من القوة بحيث جعلت أميكوس يخر صريعا على الأرض.

لقاء الكاهن الأعمى فينيوس

وواصل معامرو الأرجو إبحارهم حتى نزلوا إلى البر بالقرب من معبد قابلوا فيه الكاهن الأعمى، فينيوس، الذي قص عليهم قصته العجيبة.

قال: “كنت في يوم من الأيام نبيا ذائع الصيت وكانت لي القدرة على التنبؤ بالمستقبل. لكن دفعتني حماقتي إلى أن أفشي للناس أسرار الآلهة. فعاقبني زيوس، وصيرني أعمى، وسلط علي الهاربيس (الطيور العملاقة ذات الوجوه الآدمية)، فكلما جلست لأتناول الطعام انقضت هذه الوحوش من السماء بسرعة البرق والتهمت طعامي. وما تتركه لي من فتات لا يصلح طعاما.”

مواجهة الهاربيس

فأبدى جاسون استعداده لقتل الهاربيس، رأفة بهذا الكاهن. فكمن الأبطال، بينما استعد فينيوس لتناول وجبته التالية. وحينما جلس ليأكل ارتفع صوت أجنحة تصفق تصفيقا وطيور تزعق زعيقا. ثم ظهرت الهاربيس، الطيور العملاقة ذات الوجوه الآدمية، فأبعدها ابنا ريح الشمال، زيتيس وكاليس، وطارداها حتى جزيرة كريت. غير أن الآلهة لم تدع الأبطال يقتلون الطيور، ما دامت لم تعد تشكل إزعاجا لفينيوس.

شكر فينيوس مغامري الأرجو لإنقاذه، ونبههم إلى الأخطار التي تعترض طريقهم قائلا: “في مدخل البحر الأسود صخور يصطدم بعضها ببعض، وهذه الصخور تبرز معا، وتحطم كل سفينة تمر بينها. فقبل أن تحاولوا المرور أطلقوا يمامة بين الصخور. فإذا مرت بسلام، فكذلك الأرجو.”

ترك معامرو الأرجو فينيوس وأبحروا إلى القنال الضيق. ورأوا أمامهما صخرتين شاهقتين إلى اليسار وإلى اليمين. فوقف جاسون على مقدم السفينة، وأطلق يمامة تطير إلى الأمام. وعندما مرت بين الصخور ارتطم بعضها ببعض محدثا هديرا ساحقا رهيبا. ثم انفرجت ثانية، ورأى الأبطال أن اليمامة كانت قد مرت منذ لحظات.

الوصول إلى كولتشيس

فأدار موجه الدفة، تيفيس، الأرجو نحو الفتحة بين الصخور. وحينما خرجت السفينة من بينها ارتطمت الصخور ثانية، ولكن الأبطال كانوا قد نجوا. فواصلوا إبحارهم إلى كولتشيس، ومثلوا أمام الملك إيتيس في قصره. وحينما طلبوا الفراء الذهبي اشتد غضبه واتجه إلى جاسون قائلا: “يجب أن تبرهن أولا على شجاعتك. فاذهب إلى حقل أريس، إله الحرب، حيث تجد ثورين ينفثان نارا. فشد عليهما عدتهما، واحرث الحقل، وابذر أسنان التنين هذه في أخاديده.. وآخر ما تعمل أن تحصد الزرع من الأرض. فإذا أنجزت هذه الأشياء حصلت على الفراء الذهبي.”

فغادر جاسون القصر مع أصدقائه. وكانوا جميعا يخشون أن يكون في محاولاتهم الهلاك المحقق. ولكن، في تلك الليلة، تلقى جاسون المساعدة من صديق غير منتظر. فقد كانت ابنة إيتيس، ميديا البارعة في فن السحر، قد رأت جاسون وأغرمت به. فالتقت به سرا، وأعطته جرة بها دهان سحري قائلة: “إذا استعملت هذا فلن يصيبك مكروه.”

تنفيذ مهمة أريس

فشكر جاسون ميديا، واستعد لمحاولاته. فدلك جسده، ودرعه، وأسلحته بالدهان. ولذلك أحس، وهو يسير إلى حقل أريس، إله الحرب، بأنه أقوى وأشجع مما كان. رآه الثوران مقبلا، فحملا عليه وهما ينفثان النار. فقبض جاسون على أولهما من قرنيه، وطرحه بجهد جبار على الأرض. ثم فعل بالثور الثاني مثلما فعل بالأول. وقذف الثوران البطل بإعصار من النار حتى أحدق به اللهب من كل جانب. ولكن الدهان السحري أنقذه، فلم يصب بسوء. ووضع العدة حول رقبتي الثورين، وشدهما إلى نير استعدادا للحرث. ثم رحل إلى الحقل، وشق أخدودا عميقا في الأرض. ورمى فيه بأسنان التنين التي كان إيتيس قد أعطاه إياها.

الحصاد الغريب

وأقبل المساء قبل أن ينتهي جاسون من زرع أسنان التنين. وبعد أن حل قيود الثورين وحررهما عاد إلى أصدقائه واستراح. ثم حمل أسلحته وعاد إلى حقل أريس. وفوجئ ما رأى فقد انبثق من الأخاديد أسلات أطراف مستدقة، رماح، وسيوف، وخوذ. وقد نمت هذه حتى أصبحت رؤوس رجال مدججين بالسلاح، ومناكبهم. وهؤلاء الرجال الذين برزوا من الأرض هم أبناء التراب، وهم الحصاد الذي كان على جاسون أن يجنيه.

احتمى جاسون خلف ترسه. ثم قذف بصخرة ضخمة إلى وسط الحقل. فقفز إليها في الحال الرجال الذين هم أبناء التراب صارخين صرخات الحرب، وبدأوا يقاتلون بعضهم بعضا فوقها. فجرد جاسون سيفه وقطع الرجال إربا إربا. وقطع بعضهم حين كان لا يزال يخرج من التراب. وأخيرا انتهت المعركة المروعة، وأنهى جاسون عمله.

عودة جاسون وميديا

عاد جاسون إلى سفينته وقد أرخى الليل سدوله. ولكن ميديا كانت تخشى أن يقتل أبوها البطل وقتما يعود ليطالب بالفراء الذهبي. ولهذا فرت ميديا من القصر قاصدة الأرجو. وأخبرت جاسون بأنها سوف تساعده في أخذ الفراء الذهبي في الحال إذا تعهد أن يصطحبها معه.

بناءً على هذا، دخلا الغابة حيث كان الفراء معلقا. واستيقظ الثعبان وسمعهما مقبلين. وحتى رأسه الضخم كان فوق هامة جاسون تأهبا للفتك به. فتقدمت ميديا وألقت في عيني الوحش بدَر الخشخاش ومسحوقا سحريا. وعزف أورفيوس أنغاما شجية على قيثارته، فخفض الوحش رأسه تدريجيا مستسلما للنوم.

مد جاسون يده بسرعة، وأخذ الفراء من شجرته، وحمله عائدا إلى السفينة. وقبل أن يطلق الإشارة كان معامرو الأرجو قد أقلعوا إلى بلاد الإغريق.

رحلة العودة

كانت رحلة العودة إلى الوطن أطول وأشد خطورة مما عرفوه من قبل. فقد سدت سفن الملك إيتيس طريق الصخور المتلاطمة أمام الأرجو، ولهذا كان لا بد لها من أن تبحث عن طريق جديد. وتروي القصة كيف أبحر معامرو الأرجو على طول نهر الدانوب العظيم، وكيف شقوا في النهاية طريقهم إلى البحر المتوسط، غرب إيطاليا. وحينما اقتربوا من الوطن كان عليهم أن يمروا بجزيرة كريت.

ولم يكن الطريق خاليا من العوائق، فقد وقف العملاق البرونزي تالوس على الجرف منحدر صخري شاهق عند الشاطئ يقذف السفن المارة بالصخور حتى يغرقها. وعندما اقتربت الأرجو، شاهد البحارة المذعورون الجسم الضخم يرفع صخرة ليحطمهم بها، فتقدمت ميديا إلى مقدم السفينة، وصبت اللعنة على تالوس، فسقط غريقا في البحر. ثم واصل معامرو الأرجو إبحارهم حتى وصلوا في النهاية إلى الوطن، إلى ثيسالي.

مصير غير متوقع

أخذ جاسون الفراء الذهبي إلى بيلياس، غير أن عمه لم يكن مستعدا للتخلي عن العرش. وحينما أخبر جاسون ميديا بذلك، استخدمت قدراتها السحرية لمساعدته ثانية، إلا أن رقاها السحرية هذه المرة كانت شريرة، لأنها استخدمتها لتدبر لبيلياس موتا شنيعا. وذلك بأن أوهمته أنها تستطيع أن تعيده شابا، فوضعته في مرجل ماء كبير. ثم أغلته حيا.

فغضب الشعب وطرد جاسون وميديا من البلاد. فاتخذا كريت مستقرا لهما، حيث قضى جاسون ما تبقى من حياته. ولم يعد سعيدا، وكانت متعته الوحيدة أن يجلس بالقرب من سفينته الحبيبة، الأرجو، ويحلم بمغامراته. وعلى مر الزمن، أخذت الأرجو تبلى تدريجيا. وبينما كان جاسون جالسا ذات يوم تحت مؤخر السفينة، انهارت الأخشاب وسقطت فوقه. وكانت هذه نهاية الرجل الذي قام بإحدى رحلات الاستكشاف الأولى، وهي “رحلة البحث عن الفراء الذهبي.”

معرض الصور (قصة جاسون والفراء الذهبي)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى