قصة القرصان وصخرة الموت

اكتشف قصة القرصان وصخرة الموت المثيرة، حيث يتسبب الطمع في نهاية مأساوية لقرصان شرير، ويعلم الجميع درساً عن العدالة والعواقب.
عناصر القصة (جدول المحتويات)

في قرية هادئة تقع على شاطئ بحر الشمال، كان يعيش رجل دين طيب يُدعى الأب آبر بروثوك. كان الأب آبر محبًا للناس ويسعى دائمًا لمساعدتهم. على مقربة من قريته، كانت هناك صخرة خطيرة في البحر تُسمى “صخرة الموت”، حيث كانت تختفي تحت المياه عندما ترتفع الأمواج، مما يشكل خطرًا كبيرًا على السفن التي تبحر في المنطقة. وكثيرًا ما كانت السفن ترتطم بها وتغرق، مما يُسبب الحزن والخوف في قلوب البحارة وأهاليهم.

فكر الأب آبر بروثوك كثيرًا في طريقة لإنقاذ السفن من هذا الخطر. أخيرًا، خطرت له فكرة وضع جرس نحاسي ضخم على طوافة بالقرب من الصخرة. وعندما تهب الرياح وتضطرب الأمواج، يدق الجرس بصوت عالٍ، محذرًا السفن من اقترابها من الصخرة الخطرة. وبالفعل، نجحت الفكرة وقلت حوادث الغرق بشكل كبير، وأصبح البحارة ممتنين للأب آبر بروثوك على جهوده.

لكن لم يدم السلام طويلاً. كان هناك قرصان شرير يُدعى رالف روفر، لا يهتم سوى بالمال والسرقة. عندما علم بأمر الجرس، قرر سرقته ليبيعه، دون التفكير في العواقب الوخيمة التي ستحدث بسبب فقدان الجرس. أخذ رالف ورجاله زورقًا صغيرًا واقتربوا من الطوافة، فكسروا السلسلة التي تربط الجرس بالصخرة واستولوا عليه.

بعد سرقة الجرس، عادت حوادث الغرق مجددًا، وغرقت العديد من السفن بسبب عدم وجود تحذير من صخرة الموت. ولم يمضِ وقت طويل حتى وجد القرصان رالف نفسه في نفس الموقف الذي تسبب فيه للآخرين. أثناء رحلته في البحر، هبت عاصفة قوية وغطى الضباب البحر، ولم يتمكن رالف من رؤية صخرة الموت. تمنى لو أن الجرس لا يزال هناك لينقذه، لكن ندمه جاء بعد فوات الأوان. دفعت الأمواج العاتية سفينته نحو الصخرة، واصطدمت بها السفينة بقوة، مما أدى إلى غرقها مع رالف ورفاقه.

وهكذا، نال القرصان الشرير جزاءه، وتعلم الجميع أن من يفعل الشر لابد أن يلقى عقابه.

قصة القرصان وصخرة الموت مكتوبة

كان أحد رجال الدين الأتقياء يقيم في بيت يشبه الدير، وكان هذا البيت في منطقة هادئة، تقع على شاطئ بحر الشمال. كان يتردد على هذه المنطقة صيادو الأسماك، الذين كانت قواربهم الصغيرة ترسو على مقربة من ذاك الشاطئ. وكانت هناك سفن شراعية كبيرة تأتي بين أوقات وأخرى إلى أحد الموانئ القريبة من تلك المنطقة لتفرغ محتوياتها من بضائع مختلفة جلبوها من البلاد والأقطار الواقعة وراء البحار.

الوعظ الديني وصيادو الأسماك

اعتاد رجل الدين الطيب، واسمه الأب آبر بروثوك، أن يلقي كل يوم أحد عظة دينية في فناء بيته. فكان صيادو الأسماك وبحارو السفن الشراعية يذهبون ليستمعوا إلى تلك العظات. وكان الصيادون يطلبون من الأب آبر بروثوك أن يباركهم ويدعو لهم بالتوفيق ليرزقهم الله تعالى بالسمك الوفير، الذي يعتبر المورد الوحيد لرزقهم. إذ يأكلون هم وأفراد أسرهم من هذا السمك الذي يعد الطعام الرئيسي لهم، كما يبيعون جزءًا كبيرًا منه ليشتروا بثمنه ما يحتاجون إليه من ضروريات الحياة الأخرى.

رحلة السفن الشراعية الطويلة

أما تجارة السفن الشراعية التجارية، فكانت رحلاتها البحرية أطول بكثير من رحلات صيادي الأسماك، وكانت تستغرق أيامًا طويلة، قد تمتد إلى شهرين أو ثلاثة أشهر. والمسافرون بالسفن في البحار والمحيطات يشعرون دائمًا بأنهم قريبون من الله تعالى، إذ إن اتساع البحر الذي يظهر أمامهم كأنه لا نهاية له يجعلهم يشعرون بعظمة وقدرة الخالق لهذا الكون.

التحديات البحرية والعواصف

من ناحية أخرى، تتعرض السفن الشراعية التي تجتاز البحار والمحيطات لشتى أنواع العواصف والأعاصير التي تهدد السفينة الشراعية، مهما كان حجمها، بالغرق وموت كل من يركبها. قد تتمزق القلوع من شدة هبوب الرياح العاصفة، وتتحطم الصواري، فلا تلبث أن تغمرها الأمواج وتغوص بها في القاع. لذلك، فإن هؤلاء المسافرين كانوا يلجأون دائمًا إلى الصلاة، ويطلبون من الله تعالى أن يكتب لهم السلامة والنجاة.

القراصنة وخطرهم في البحار

لم تكن العواصف هي مصدر الخطر الوحيد على الذين يسافرون في البحار؛ كان هناك خطر كبير من سفن القراصنة. والقراصنة هم لصوص البحار، وكانوا يركبون سفنًا شراعية متينة وسريعة، كما كانوا مسلحين بأقوى وأفتك أنواع الأسلحة التي كانت معروفة في ذلك الوقت. إذا أراد أحد هؤلاء القراصنة أن يهاجم سفينة تجارية، أمر رجاله بأن يرفعوا على سفينتهم الراية السوداء.

راية الموت ورعب البحارة

كانت هذه الراية تصنع من نحاس حالك السواد، وكان يتوسطها باللون الأبيض رسم جمجمة بشرية ومن تحتها عظمتان متقاطعتان. ولذلك، كانت هذه الراية تسمى “راية الموت”. أما ركاب السفينة التجارية، فإنهم كانوا إذا شاهدوا تلك الراية اللعينة ترفع على سفينة أخرى تقترب من سفينتهم، استولى عليهم الفزع، وسادهم الاضطراب الشديد، وقد يُعْمَى على بعضهم من شدة الخوف. لأنهم كانوا يسمعون دائما عن قسوة هؤلاء القراصنة، وأنهم لا يقتصرون على سلب ونهب باقي السفينة، بل كان يحلو لهم قتل ركابها أو إيذائهم إيذاء شديدًا.

الهروب من القراصنة والجزء الأخير

كانت السفن التجارية لهذا السبب تحاول أن تفلت من هؤلاء القراصنة بتغيير خط سيرها، ولكن ذلك التغيير كان يجعلها في بعض الأحيان تضل طريقها في المحيطات الشاسعة. وقد تجد نفسها مضطرة إلى الرسو على شواطئ إحدى الجزر المجهولة. وفي ذلك الوقت، كانت تكثر تلك الجزر المجهولة، ولا سيما في المحيط الهادئ أو المحيط الأطلسي.

التعامل مع سكان الجزر المجهولة

الأغلبية العظمى من أهالي هذه الجزر كانوا على درجة كبيرة من الهمجية، فكانوا يهجمون بحرابهم على ركاب أي سفينة ترسو على الشاطئ، وبعد أن يقتلوا كل رجل فيها ينهبون ما بها من بضائع. كان الأب آبر بروثوك يتلقى الكثير من الهدايا عند عودة بحارة السفن التجارية، وذلك مقابل الدعوات التي زودهم بها قبل إبحارهم.

كرم الأب آبر بروثوك

كان الأب آبر بروثوك زاهدًا في مظاهر الحياة الكاذبة والخداع، فكان لا يحتفظ لنفسه من هذه الهدايا إلا بجانب صغير منها، ثم يوزع الباقي على الفقراء والمساكين.

الصخرة الخطرة في البحر

على بعد حوالي عشرة أميال من الشاطئ، حيث كان يقيم الأب آبر بروثوك، كانت توجد صخرة ضخمة شديدة الصلابة، تحوم فوقها الطيور البحرية المسماة بطيور النورس. وكانت طيور النورس هذه تبني أوكارها في شقوق هذه الصخرة. حينما يكون بحر الشمال ساكنًا، لا يظهر من الصخرة الضخمة إلا جزء صغير منها، أما إذا جاء المد وارتفعت الأمواج، فإن هذا الجزء الصغير من الصخرة يختفي ولا يُرى.

لذلك كانت الصخرة تشكل خطرًا رهيبًا على السفن الشراعية والتجارية العائدة من رحلتها الطويلة فيما وراء البحار والمحيطات. كان ربان السفينة لا يرى الصخرة فترتطم بها سفينته ارتطامًا شديدًا يحطم مقدمتها، فتندفع المياه بشدة إلى جوفها ولا تلبث أن تغرق مع ركابها. وكان غرق مثل هذه المراكب التجارية يعتبر مأساة محزنة لأقارب الركاب الذين نجوا من مختلف المخاطر ثم ماتوا غرقًا على مقربة من وطنهم بعد الاصطدام بتلك الصخرة اللعينة.

تفكير الأب آبر بروثوك في حل

كثرت حوادث غرق السفن التجارية، ولا سيما في الأيام والليالي العاصفة حين تصبح الرؤية شبه معدومة، فترتطم السفينة بالصخرة. وكان الأب آبر بروثوك يحزن كثيرًا في كل مرة يسمع فيها بإحدى حوادث الغرق. فكر الرجل الطيب كثيرًا في إيجاد وسيلة تنقذ السفن من التحطم والغرق بمن فيها. أخيرًا، وبعد تفكير طويل، هداه الله تعالى إلى فكرة طيبة.

قال في نفسه: “إن السفينة تغرق لأن ربانها لا يعرف موضع صخرة الموت، وقد غمرها ماء المد والأمواج العالية. إذًا، لو تحدد موضع الصخرة، وعرفه الربان، أمكنه أن يبعد سفينته عن الصخرة وينجو من الهلاك.”

تنفيذ فكرة الجرس للتحذير من الخطر

ذهب الأب آبر بروثوك إلى إحدى الكنائس وشرح للمسؤولين عن الكنيسة الفكرة التي اهتدى إليها. وأخذ من مخزن الكنيسة جرسًا ضخمًا يعجز اثنان من الرجال الأقوياء عن حمله. عاونه بعض الرجال في نقل ذلك الجرس إلى الشاطئ الذي يقابل موقع الصخرة. وعاونه بعض الصيادين في عمل طوافة خشبية كبيرة، وأقام في وسط هذه الطوافة عمودًا متينًا.

أمر الأب آبر بروثوك مساعديه بتثبيت الجرس في قمة العمود، وذلك بأن تربط حلقة الناقوس التي في أعلاه، وبواسطة سلسلة قوية من الصلب، بحلقة أخرى تثبت بأعلى العمود. كانت فكرة رجل الدين هي وضع الطوافة الكبيرة على الماء وفي موضع لا يبعد أكثر من بضعة أمتار عن الصخرة. وحتى يضمن رجل الدين عدم ابتعاد الطوافة والجرس عن الصخرة بفعل الأمواج، ربط الطوافة بالصخرة بسلسلة من الصلب.

نجاح الفكرة وانتشار خبر الجرس

التفت الأب آبر بروثوك إلى أعوانه وقال لهم: “الآن، إذا هبت الرياح واضطربت الأمواج فإن ذلك الجرس الكبير سيدق، وتكون دقاته عالية جدًا لأنه صنع من النحاس كما ترون، وسيعلم بحارة أية سفينة أنهم قريبون من صخرة الموت بمجرد سماعهم طنين الجرس فيبتعدون عن موطن الخطر ويصلون إلى الشاطئ في أمان.”

وأضاف يقول: “أما في الأيام التي لا تعتد فيها الرياح ولا يضطرب سطح الماء، فإن الجرس لن يتحرك تلك الحركة الشديدة التي تجعله يدق دقاته العالية، ونحن على أية حال لسنا بحاجة إلى دقات الجرس في الأيام التي يكون فيها الجو صحوًا والبحر هادئًا، لأن الصخرة لا يغمرها الماء في هذه الأيام ويمكن لربان السفينة وبحارتها أن يروها.”

كانت الفكرة صائبة، وتناقل الناس خبر ذلك الجرس، وعلم بأمره كل بحارة السفن التجارية والصيادين. وبالفعل، قلت حوادث غرق السفن وكادت تنعدم، لولا بعض الحوادث التي وقعت بسبب تكاثر الضباب الكثيف الذي يمنع الرؤية في يوم هادئ فلا تهز أمواج البحر الطوافة الخشبية هزات يتسبب عنها اهتزاز الجرس فيطلق دقاته الرنانة.

تزايد شهرة الأب آبر بروثوك

ما من شك في أن سرور الناس كان عظيمًا بفكرة الجرس هذه، وازداد حبهم وتقديرهم للأب آبر بروثوك، وذاع صيته، فكان الناس يحضرون إليه من أقاصي البلاد كي يزوروه ويتبركوا به. ولكن سرور الناس لم يدم طويلاً.

القرصان الشرير رالف روفر

كان هناك قرصان اسمه رالف روفر، وكان رجلاً قاسياً لا ضمير له. لقد رأى رالف روفر الناقوس النحاسي الضخم المثبت على عمود فوق الطوافة الخشبية. كان القرصان قد علم بالسبب الذي وضع هذا الجرس الضخم. لم يكن ذلك القرصان بطبيعته الشريرة يهتم بإنقاذ السفن وأرواح ركابها، كان كل ما يهمه في الدنيا هو الحصول على المال بأي وسيلة كانت.

خطة سرقة الجرس النحاسي

لذلك، حين رأى الجرس النحاسي الضخم صمم على أن يستولي عليه ليبيعه، غير مكترث بأن عمله هذا سيسبب في إغراق السفن كما كان يحدث من قبل. صاح رالف روفر في رفقائه: “أنزلوا الزورق إلى الماء، وليركب معي أربعة منكم ليجدفوا حتى نصل إلى هذا الناقوس ونأخذه”. سارع رفقاؤه إلى تلبية أمره. والتفت رالف روفر إلى الناقوس وظل يتأمله لبرهة، ثم أصدر أمراً آخر فقال لهم: “أحضروا معكم الفأس، فالجرس مثبت في الطوافة الخشبية بسلسلة من الحديد، والسلسلة مثبتة في الصخرة، ولا بد من كسر هذه السلسلة.”

تنفيذ السرقة ونتائجها

وصل رالف روفر مع رجاله الأربعة إلى الطوافة الخشبية. وبواسطة الفأس، تمكن القرصان من تحطيم الحلقة التي تثبت الجرس بالعمود فوق الطوافة الخشبية، كما حطم أيضًا الحلقة الثانية التي كانت مثبتة في الصخرة. استولى القرصان على الجرس النحاسي، وتعاون هو ورجاله على نقله إلى الزورق، وبعد ذلك جدف الرجال واتجه الزورق نحو السفينة. تمكن القرصان من بيع الجرس النحاسي، ووزع ثمنه بينه وبين رفاقه.

عودة حوادث الغرق وصخرة الموت

وقعت من جديد حوادث اصطدام السفن بصخرة الموت وغرقها. بعد بضعة أيام، كانت سفينة القرصان رالف روفر تمر على مقربة من الشاطئ الصخري، وإذا بالسماء تتكبد بالغيوم وتهب ريح عاصفة، ويتكاثف الضباب فيجعل الرؤية متعذرة. صار القرصان يتلفت في كل مكان فلا يرى شيئاً، لأن الضباب جعل الرؤية مستحيلة. وصارت الرياح العاصفة تدفع سفينة القرصان بقوة نحو صخرة الموت، وهو لا يدري مكانها في ذلك البحر الغاضب المتلاطم الأمواج.

مصير القرصان رالف روفر

كان القرصان في هذه اللحظات يخشى أن تصطدم سفينته بصخرة الموت، ولكنه لم يكن يعرف مكانها. وأحس بندم مرير حينما تذكر سرقته للجرس النحاسي الضخم وبيعه. وقال لنفسه: “آه.. لو كان هذا الجرس موجودًا لسمعنا دقاته، وعرفنا كيف نبتعد عن صخرة الموت اللعينة!” ولكن ندمه كان بعد فوات الأوان. لقد حملت الأمواج العاصفة سفينة القرصان ثم دفعتها بقوة نحو صخرة الموت. واصطدمت السفينة بالصخرة اصطدامًا هائلًا فتحطمت مقدمتها، واندفع الماء بقوة إلى جوفها، وما هي إلا لحظات حتى ابتدأت تغوص إلى قاع البحر. غرقت السفينة، وغرق معها القبطان الشرير ورفاقه الذين لا يقلون عنه شراً.

نهاية الشر

وهكذا تلقى القرصان رالف روفر جزاءه فمات غرقاً. إن الإنسان الذي يسلك طريق الشر، لابد وأن يتلقى عقابه المرير في النهاية.

معرض الصور (قصة القرصان وصخرة الموت)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

المصدر
قصة القرصان وصخرة الموت - حكايات وأساطير للأولاد - منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر - بيروت

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى