قصة مهرة الصحراء

حمد الفتى اليتيم يحصل على مهرة الصحراء السحرية ويشارك في سباق ليكسب قلب ميسون في قصة رائعة عن الإصرار والمغامرة.
عناصر القصة (جدول المحتويات)

كان هناك فتى عربي اسمه حمد يعيش في بعض بقاع الصحراء. بعد وفاة والده، انتقل مع أمه إلى قبيلة أخواله بني عرفان. على الرغم من فقره ويتمه، أحب حمد العمل مع الخيل واهتم بها بمهارة فائقة، مما جعله فارساً ماهراً. كان حمد يعبر عن مشاعره لأصدقائه من الخيل، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بفتاة القبيلة الجميلة ميسون، التي كانت تحبه وتبتسم له كلما التقته.

في أحد الأيام، أقام فتيان القبيلة سباقاً في ركوب الخيل. حضر الجميع باستثناء حمد لأنه لم يكن لديه جواد. شعر حمد بالحزن، ولكن النسيم سمع شكواه وقرر مساعدته. تآمرت النسيم مع أخواتها الريح والعاصفة ليقدموا لحمد هدية. عند الفجر، ولدت من تآمرهم مهرة تمرية اللون، أسموها “مهرة الصحراء”.

عاد حمد إلى السباق في اليوم التالي، وقد لبس قناعاً ليخفي هويته، وركب مهرته الطائرة لينطلق نحو النصر. أثار الفارس الملثم دهشة الجميع، حتى ميسون التي شعرت بأنها تعرف ذلك البريق في عينيه. فاز حمد في السباق، لكنه اختفى بعدها بسرعة.

في السباق التالي، حاول بعض الفتيان الغيورين أن يزيحوا حمد من طريقهم، وهاجموه في الممر الجبلي الضيق، فأصيب بسهم. لكن مهرة الصحراء أنقذته ونقلته إلى كهف جبلي بعيد. اكتشفت ميسون آثار الدماء وتبعتها حتى وجدت حمد الجريح، فساعدته على الشفاء باستخدام نبتة نادرة أعطاها له الناسك.

في اليوم الثالث، عاد حمد إلى السباق، هذه المرة بدون قناع. تجمع الناس لرؤية الفارس الشجاع الذي خطف قلوبهم. بمجرد أن رأوا حمد، أدركوا أنه الفتى الطيب الذي يعرفونه ويحبونه. بدأ السباق وانطلق حمد وميسون معاً، مما أثار فرحة الجميع.

تزوج حمد من ميسون، وعاشا حياة سعيدة معاً. أصبح لكل ولد وبنت منهم فرس من نسل مهرة الصحراء. وسرعان ما ذاع صيت الخيل العربية التي تحمل صفات النسيم والريح والعاصفة، لتصبح رمزاً للقوة والسرعة والوداعة في كل أرجاء الأرض.

قصة مهرة الصحراء مكتوبة

كان يعيش في بعض بقاع الصحراء فتى عربي اسمه حمد. عندما كان حمد لا يزال طفلاً صغيراً مات أبوه، فانتقلت به أمه إلى قبيلة أخواله بني عرفان. وهناك عاش الفتى يتيماً فقيراً، وواجه صعوبة في الحصول على ما كان يحصل عليه رفاقه من أبناء القبيلة. ووجد أنه عليه أن يعمل أكثر مما كانوا يعملون.

بداية العمل الشاق

لكن حمد كان يحب عمله، ويحب أبناء القبيلة وحياتها، ولا يشتكي أبداً. كان عليه أن يبدأ نهاره مع شروق الشمس، فيجمع للخيل بعض حشائش الصحراء، ويأتي لها بحليب النوق، ويهتم بنظافتها وسلامة أقدامها. وقد برع في عمله، فوثق به أخواله، واطمأنت إليه الخيل. وأتاح له عمله ذلك أن يركب الخيل منذ كان طفلاً، فبرع في ذلك براعة فائقة، وغدا، وهو لا يزال فتى يافعاً، فارساً ماهراً. لكنه كان فارساً بلا فرس.

اعتاد حمد أن يكلم الخيل التي كان يعتني بها ويأخذها إلى المرعى. وكثيراً ما كان يحكي للخيل ما لا يستطيع أن يبوح به لأحد. ويبدو أن الخيل كانت ترتاح إلى حديثه، فتنقاد له بيسر واطمئنان. وكان عند حمد أخبار كثيرة يحكيها لأصدقائه من الخيل. لكن أجمل حكاياته كانت عن ميسون، ابنة شيخ القبيلة.

ميسون وحمد

كانت ميسون في سن حمد. وكانت مثله تحب الخيل وتركبها بمهارة فائقة. وكان أبوها، شيخ القبيلة، يحبها كثيراً، ويفتخر أمام صحبه بمهارتها في ركوب الخيل وتفوقها في ذلك على فتيان القبيلة. وكانت ميسون تبادر حمداً بالسلام كلما التقته، وتبتسم له ابتسامة حلوة فرحة. وكان حمد يحاول دائماً أن يرد على سلامها بمثله، لكنه كان يحس بصوته يختنق، ويشعر بقلبه يخفق خفقاناً شديداً، وبالدم يتدفق إلى وجهه ويلونه تلويناً.

السباق

في أحد الأيام اتفق فتيان القبيلة على إقامة سباق في ركوب الخيل. وفي الوقت الموعود وصل الفتيان إلى ساحة السباق على صهوات جيادهم العربية الأصيلة. وكان أول الواصلين ميسون، ابنة شيخ القبيلة، على فرسها الأبيض “شمس الصباح”. أما حمد فلم يكن بين المتسابقين، إذ لم يكن عنده جواد.

أحس حمد بالكسار ومرارة. لم يكن يهمه السباق، فقد كان يعرف أنه خيال ماهر. ولم يكن يحزنه أن يكون بلا جواد، فقد تعود على ذلك. لكنه كان يريد أن يكون قريباً من ميسون. وكان يحلم أن يطير معها فوق رمال الصحراء، كما تطير الريح، وأن تراه بعينيها يسبق رفاقه الفرسان، فتفرح له وتهتف مع الهاتفين.

حديث النسيم

جلس حمد وراء خيمته يراقب رفاقه من بعيد وهم يتهيأون للسباق. وتراءى له أن عيني ميسون السوداوين تضحكان فرحاً. أما هو فقد كان في عينيه دموع. أحس حمد فجأة بنسيم يداعب وجهه، ثم سمع صوتاً رقيقاً لطيفاً يخاطبه قائلاً: “ما لك حزينا يا حمد؟” التفت حمد حوله فلم ير أحداً، وظن أنه يحلم. لكن عاد النسيم يداعب وجهه وارتفع الصوت الرقيق اللطيف ثانية يقول: “أنا النسيم يا حمد، قل لي ما الحكاية؟ لم أنت حزين؟”

ذهل حمد أول الأمر، ثم تمالك نفسه، وحكى للنسيم حكاية السباق الذي لا يستطيع أن يشترك فيه. فهمس النسيم في أذنه قائلاً: “لا تحزن يا حمد! أنا أساعدك”. أسرع النسيم إلى أخته الوسطى، الريح، وطلب عونها. أقبلت الريح على عجل، وهبت في ظهور المتسابقين فزادت في سرعتهم. فانقلبت وهبت في وجوههم فأخرتهم لكنها لم توقفهم. أسرعت عند ذاك إلى أختها الكبرى، العاصفة، تطلب عونها. انقضت العاصفة دون وعي وحملت معها نباتات الصحراء الشوكية والرمال، والتفت حول المتسابقين، وهاجمتهم بعنف شديد، فرمتهم عن خيولهم، ومزقت ثيابهم وكادت أن تقضي عليهم.

هدأت العاصفة فجأة مثلما هبت فجأة. ووقف حمد مدهولاً ينظر حوله إلى الخراب الذي خلفته، ويحاول أن يفهم سر تلك العاصفة المفاجئة. ثم تذكر ما حدثه النسيم، فعزم على أن يخرج من غده لملاقاة العاصفة.

مشى حمد في طريق جبلية قدر أنها توصله إلى كهف العواصف. لكنه وقف حائراً بين ممرات كثيرة لا يعرف منتهاها. وانتظر أن يأتيه النسيم فيسأله عن أخته الكبرى، العاصفة. لكن لم يكن للنسيم أثر.

لقاء الشيخ الناسك

رأى كوخاً مخلعاً فدخل يرتاح فيه. ووجد في الكوخ شيخاً ناسكاً حزيناً، وعرف أن العاصفة التي هبت في اليوم السابق أخذت في طريقها نافذة الكوخ وبابه وسقفه وحطمت ما فيه من حاجات، وكادت أن تقتل الشيخ.

أقام حمد مع الشيخ يعينه على ترميم كوخه. وعندما تم ذلك ودعه وتابع سيره صعوداً. وفي أعالي الجبل وجد بضعة غزلان مقتولة، وأدرك أن الصخور التي دحرجتها العاصفة المفاجئة هي التي قتلت الغزلان، فأسرع يغطيها بالنباتات الجبلية والتراب. في هذه اللحظة أحس فجأة بالنسيم يداعب وجهه.

حوار مع النسيم

قال النسيم: “أشكرك يا حمد، فإني منذ أن قتلت هذه الغزلان لا أقوى على الخروج إلى الناس، لئلا أحمل إليهم رائحة الموت. لكن ما الذي جاء بك إلى هنا؟” قال حمد: “جئت أبحث عن أختك العاصفة، فإني ناقم على فعلتها. لقد أوقفت السباق دون وجه حق، وحطمت الأكواح وقتلت الحيوانات وأنا، على أي حال، لست بحاجة إلى عونها.”

سكت النسيم لحظة ثم قال: “الحق معك، يا حمد. سأدلك على كهف أختي العاصفة.” وبعد سير طويل شاق دخل حمد كهفاً عظيماً مظلماً لا يعرف له آخر. وهناك التقى النسيم وأختيه الكبريين: الريح والعاصفة. أرادت الريح أن تتكلم، فجاء كلامها عزيفاً فظيعاً. وأرادت العاصفة أن تتكلم، فجاء كلامها زثيراً مريعاً. فأشار عليهما النسيم بالسكوت، ثم تكلم هو، فوعد ألا تخرج العاصفة بعد اليوم من كهفها إلا وقت هبوبها الطبيعي فيعرف الناس علاماتها ويتقوا شرها.

نام حمد تلك الليلة في كهف العواصف. وفي أثناء نومه اجتمع النسيم وأختاه الريح والعاصفة، واتفقوا على أن يهبوا الفتى هدية فريدة. عند الفجر، نفخ النسيم نفخة لطيفة، وقال: “فليكن فيها وداعة النسمات!” ولفظت الريح هبة عنيفة، وقالت: “وليكن فيها سرعة الرياح!” وقذفت العاصفة دوامة عنيفة، وقالت: “وليكن فيها قوة العواصف!”

ولادة مهرة الصحراء

راحت النسمة وهبة الريح ودوامة العاصفة تدور معاً وتدور حتى بدت غمامة سوداء محمرة. وسرعان ما اختفت تلك الغمامة، فإذا في مكانها مهرة تمرية اللون، تصهل وتنفض رأسها برشاقة، وتضرب الأرض بقوة. استيقظ الفتى على صهيل المهرة وضرباتها، وظن أنه يحلم. لكنه سمع صوت النسيم يقول: “هذه المهرة العربية هديتنا إليك إن فيها قطعة من كل واحد منا!”

أطل ضوء الصباح على المهرة الرشيقة، فوضع حمد يده عليها بحنان. وعلى عادته التحدث إلى الخيل، قال لها: “ما رأيك باسم مهرة الصحراء؟ إنه يناسب لونك الشبيه بلون تمورها!” وبدا كأن المهرة قد فهمت ووافقته الرأي، فقد صهلت صهلة حلوة رنانة ومسحت أنفها المخملي بصدره. ودع الفتى أصدقاءه النسيم والريح والعاصفة، وامتطى صهوة مهرة الصحراء، ونزل في طريق الجبل. توقف عند كوخ الناسك، وسلم عليه، فأعطاه الناسك نبتة طبية صحراوية نادرة، وأشار عليه أن يحفظها معه دائماً.

سباق القبيلة

ثم ذكر للفتى أن قبيلة بني عرفان ستقيم في الأيام الثلاثة التالية سباقات يتنافس فيها فتيانها وفتيان القبائل المجاورة، ويرعاها شيخ القبيلة. فأشعت عينا حمد ببريق عظيم، وعزم على أمر. بات حمد ليلته تلك في كوخ الناسك، واتجه فجراً صوب ديار بني عرفان. لكنه توقف في مكان مشرف قريب، وأخذ يراقب ساحة السباق والاستعدادات التي يعدها القائمون عليه. رأى حمد شيخ قبيلة بني عرفان، وضيوفه، شيوخ القبائل المجاورة، يقبلون. لكن عينيه كانتا تبحثان عن غير هؤلاء. فجأة أطلت ميسون على فرسها الأبيض، فقفز قلبه، ولم يعد يرى أحداً من الناس سواها.

اصطف فتيان القبائل على جيادهم، واصطفت معهم ميسون، وكانت الفتاة الوحيدة بين المتسابقين، على فرسها شمس الصباح. أعطى شيخ قبيلة بني عرفان إشارة البدء، فانطلق الفرسان انطلاقة واحدة خاطفة، يتنافسون منافسة شديدة. وبدت فارسة بني عرفان على فرسها الأبيض كأنها غزالة تسابق الرياح. أحس حمد بعد حين أن دوره قد حان، فلف كوفيته حول وجهه، لتكون له لثاماً، وركب فرسه، مهرة الصحراء، وانطلق بها إلى ساحة السباق.

الفائز الغامض

التفت شيوخ القبائل وجمهور الناس إلى ذلك الفارس الملثم الذي خرج عليهم من قلب الصحراء. لكنهم حاروا كيف ينظرون، إلى الفارس الذي بدا لهم شبحاً من أشباح الأحلام، أم إلى المهرة التمرية التي بدت لهم تطير وكأنها محمولة على أجنحة الريح؟ راحت الرمال تتطاير تحت أقدام مهرة الصحراء، وبدت الساحة وكأنها خالية إلا من تلك المهرة الطائرة. وكان الفارس الملثم يسبق الفرسان واحداً بعد آخر. وعندما حاذى ميسون، فارسة بني عرفان، التفت إليها، فلمحت في عينيه بريقاً بدا لها مألوفاً. وسرعان ما بدا واضحاً أن الفارس الملثم هو بطل السباق، فعلا هتاف الناس، لكن الفارس الملثم استدار بمهرته الطائرة وانطلق صوب المكان الذي أتى منه، واختفى في طريق الجبل.

عاد حمد إلى كوخ الناسك وبات ليلته هناك. أما ميسون فقد تعلقت بذلك الفارس الملثم، وبدا لها كأنما تعرفه منذ زمن بعيد. وأدركت أن ذلك الفارس عائد في اليوم التالي، فعزمت على أمر. تحقق ما توقعته ميسون، ففي صباح اليوم التالي عاد حمد إلى مكمنه المشرف على ساحة السباق، وفعل ما كان فعله في اليوم الأول. لكنه كان طوال السباق يكثر من التلقت حوله بقلق، لأنه لم ير ميسون بين المتسابقين.

الخطة السرية

والواقع أن ميسون لم تدخل السباق ذلك اليوم. وعندما رأت الفارس الملثم مقبلاً، تسللت إلى موضع ضيق من طريق الجبل، ورشت الأرض بمسحوق صبغي أحمر.

عاد حمد بعد أن فاز في السباق إلى طريق الجبل، يطير على مهرته كما تطير الريح. وعند الممر الضيق علق في أقدام فرسه شيء من المسحوق الأحمر، وهكذا صارت المهرة، حيثما اتجهت، تطبع آثارها على الأرض. تبعت ميسون آثار المهرة، فأوصلتها إلى كوخ الشيخ الناسك. نظرت من نافذة الكوخ فرأت حمداً وعرفته، وأحست بسعادة عظيمة. الفارس الملثم هو رفيق الطفولة، الفتى الوديع الصادق الذي كان دائماً يرتبك عندما يراها ويتلون وجهه خجلاً وحرجاً.

اتفاق مع الشيخ

عادت ميسون إلى أبيها وحكت له حكاية الفارس الملثم، واتفقت معه على وفي ذلك المساء جمع شيخ بني عرفان وجوه قبيلته وشيوخ القبائل المجاورة، وأعلن أن الفارس الذي يفوز في سباق اليوم الثالث سيحظى بيد ابنته ميسون.

انتشر النبأ في ديار بني عرفان انتشاراً سريعاً. ورغب كل واحد من الفتيان أن يحظى هو بيد الفارسة الفاتنة، ابنة شيخ القبيلة. لكنهم كانوا كلهم يدركون أن لا أمل لهم في منافسة الفارس الملثم الذي ينزل إليهم من سفح الجبل على مهرته الطائرة. لكن عدداً من الفتيان عزموا على أن يزيحوا الفارس الملثم من طريقهم، فكمنوا ليلاً في الممر الجبلي الضيق. وعندما وصل حمد في صباح اليوم التالي إلى هناك، قفزوا من مكمنهم فجأة يلوحون بسيوفهم.

المواجهة

شبت مهرة الصحراء عالياً وضربت الأرض في وجه المهاجمين ضربة هائلة، فأجفلوا مذعورين. لكن أحدهم رمى حمداً بسهم، فأصابه في كتفه اليسرى، فوقع أرضاً فاقد الوعي. أسرعت مهرة الصحراء تحمل فارسها بين أسنانها، وتنقله إلى كهف جبلي، بعيداً عن متناول المهاجمين. وعاد المهاجمون وقد اطمأنوا إلى أنهم أزاحوا من طريقهم الفارس الملثم.

بدأ الاستعداد ليوم السباق الكبير. وعادت الحماسة إلى فتيان القبائل المختلفة، وعاودهم الأمل بالفوز بيد ميسون، فارسة بني عرفان، بعد أن سرت بينهم شائعة أن الفارس الملثم لن يخرج من الجبل. سمعت ميسون ما يتردد بين الناس فساورها القلق الشديد.

البحث عن حمد

ركبت ميسون فرسها شمس الصباح، واتجهت صوب الجبل. وعند الممر الضيق رأت آثار دماء، فوقفت هناك تتلفت حولها بقلق وحيرة. وراحت تقفز بين صخور الجبل، إلى أن أوصلتها آثار الدماء إلى الكهف الذي دخلته مهرة الصحراء. وهناك وجدت حمداً جريحاً لا يقوى على الحراك.

ذهل حمد حين رأى ميسون، وتوهم أنه يرى خيالها. وأراد أن يقول شيئاً، لكن صوته هذه المرة أيضاً خرج مختنقاً خفيضاً. أمسكت ميسون يد حمد، ونظرت إليه بعينيها السوداوين المضيئتين، وقالت له إنها تعرف أنه هو الفارس الملثم، وإنها تريده أن يدخل السباق ويفوز بيدها. أحس حمد بسعادة عامرة، وكاد أن ينسى جرحه، لكن ميسون كانت قد بدأت تتفحص الجرح، فتذكر عندئذ نبتة شيخ الجبل، فأخرجها من قميصه وأعطاها إياها. نزعت ميسون السهم، ووضعت نبتة الشيخ الطبية فوق الجرح وضمدته بخمارها الحريري. وسرعان ما هدأ الألم وأحس حمد بحيوية ونشاط.

العودة إلى السباق

كان لا يزال على حمد أن يشترك في السباق ليفوز بيد ميسون. فاعتلى صهوة مهرة الصحراء، واعتلت ميسون صهوة شمس الصباح، ونزل الفارسان طريق الجبل. لم يكن حمد ملثماً هذه المرة. لقد كشف عن وجهه، فهو يعلم الآن أنه لم يعد ذلك الفتى اليتيم في قبيلة أخواله بني عرفان، بل هو الفارس الذي تحبه ابنة شيخ القبيلة، ويعترف له فتيانها كلهم بالصدارة.

بدأ السباق، وعلا الهتاف، وبدا المتسابقون مطمئنين إلى مهاراتهم وأفراسهم. فجأة ارتفعت عاصفة من الرمال تقبل على القوم المجتمعين والفتيان المتسابقين. التفت الناس إلى تلك العاصفة يتفحصون النظر، فإذا المقبل عليهم حمد على مهرة الصحراء وميسون على شمس الصباح. ابتهج بنو عرفان ابتهاجاً عظيماً حين أدركوا أن الفارس الملثم هو الفتى اللطيف الذي نشأ بينهم وكسب محبتهم. أما أولئك الذين اشتركوا في نصب الكمين فقد تركوا السباق وفروا إلى قلب الصحراء مذعورين.

جرى حمد في ساحة السباق، كما يلمع سيف في الظلام. وعجب الناس لفرسه الرشيقة تنساب كالنسيم وتهب كالريح وتضرب كالعاصفة، وقالوا: “هذه ابنة الريح.”

حياة سعيدة

تزوج حمد ابنة شيخ القبيلة، وعاش معها حياة هانئة سعيدة. وكان لكل ولد من أولاده ولكل بنت من بناته فرس من نسل مهرة الصحراء. وذاع خبر تلك الأفراس العربية في أقطار الأرض، وصار الناس كلهم يعرفون أن الجواد العربي وديع كالنسيم، سريع كالريح، قوي كالعاصفة.

معرض الصور (قصة مهرة الصحراء)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى