قصة ملكة الثلج
ملخص قصة ملكة الثلج
كان هناك صديقان صغيران، غيردا وكاي، يعيشان في حي متجاور، وقد كانا قريبين جدًا كالأخوة، يلعبان معًا ويستمعان إلى قصص الجدة الممتعة. لكن في أحد الأيام، تغير كاي بشكل مفاجئ بعد أن دخلت شظية من مرآة سحرية مكسورة إلى عينه وقلبه، جعلت قلبه باردًا كالجليد ورؤيته للأشياء مشوهة. أصبح كاي قاسيًا ومتبلد المشاعر، وبدأ يبتعد عن غيردا وصديقهما الجدة.
في يوم من الأيام، جاءت ملكة الثلج، وهي امرأة قوية وساحرة، وأخذت كاي إلى قصرها الجليدي البعيد في الشمال. انتشرت الأخبار بأن كاي اختفى، وحزنت غيردا كثيرًا، لكنها لم تستسلم وقررت البحث عنه مهما كان الثمن. وهكذا، انطلقت غيردا الصغيرة بشجاعة في مغامرة طويلة، تواجه فيها العديد من التحديات والمصاعب.
في طريقها، التقت غيردا بزهور ناطقة وعجوز سحرية كانت تحتفظ بحديقة جميلة لكنها حاولت إقناع غيردا بنسيان كاي. وعندما أدركت غيردا ذلك، هربت وأكملت رحلتها، فمرت بنهر وبستان وتعرفت على غراب طيب وعدها بالمساعدة. أرشدها الغراب إلى قصر ملكي ظن أن كاي موجود فيه، لكنها عندما دخلته، أدركت أن الشخص الذي يشبه كاي ليس صديقها. ومع ذلك، ساعدتها الأميرة وأهدتها ملابس جديدة وحصانًا لتكمل بحثها.
في مغامرتها، وقعت غيردا في أيدي عصابة من اللصوص، لكن ابنة زعيم العصابة، التي تعاطفت معها، ساعدتها وأطلقتها مع أيل قوي ليوصلها إلى قصر ملكة الثلج. في الطريق، وصلت غيردا إلى منزل عجوز حكيمة من اللاب، أرسلتها برسالة إلى صديقتها الفنلندية، والتي أخبرت غيردا أن سحرها الخاص المتمثل في حبها الصادق لكاي هو الذي سيساعدها على إنقاذه.
أخيرًا، وصلت غيردا إلى قصر ملكة الثلج، حيث كان كاي يجلس على عرش جليدي يرتب قطع الجليد في محاولة عقيمة لتهجئة كلمة “خلود”. كان كاي بارد القلب والمشاعر، غير مدرك لخطر الجليد الذي يحيط به. لكن عندما رآه غيردا، ركضت نحوه واحتضنته بقوة وبدأت تبكي. دموعها الدافئة كانت كالبلسم، إذ ذابت الشظية الجليدية في قلب كاي وعادت إليه مشاعره الحقيقية. شعر كاي بالدفء، وبدأ يبكي هو الآخر، فغسلت دموعه شظايا المرآة من عينيه، وعاد صديقًا مخلصًا لغيردا.
انطلق الصديقان يداً بيد إلى خارج القصر، حيث كان الأيل بانتظارهما. عاد كاي وغيردا إلى وطنهما، حيث استقبلا بفرحة. كبرت غيردا وكاي، لكنهما ظلا صديقين حميمين كما كانا من قبل، يتشاركان الذكريات ويقفزان على درجات البيت كما كانا يفعلان في طفولتهما.
قصة ملكة الثلج مكتوبة
في قديم الزمان صنع أحد السحرة الأشرار مرآة غريبة يبدو فيها كل شيء قبيحاً. في تلك المرآة تبدو الحقول الجميلة بشعة، وتبدو وجوه الفتيات الجميلات مبقعة مشوهة، وحتى أحب أصدقائك إليك يبدو لك فيها مخيفاً. وقد رأى بعض العفاريت الأشقياء المرآة شيئاً مسلياً فسرقوها وطاروا بها، لكنها سقطت من أيديهم وتحطمت إلى آلاف القطع والشظايا. سقطت القطع والشظايا على الأرض فالتقطها الناس ونظروا فيها. بعضها كان في حجم زجاج الشبابيك، وبعضها كان دقيقاً جداً يكاد لا يُرى. وقد دخلت شظايا دقيقة في قلوب بعض الناس فجعلتها غير قادرة على المحبة والحنان، كما دخلت في عيون آخرين فجعلتها غير قادرة على أن ترى شيئاً جميلاً.
قصة كاي وغيردا
كان يعيش في تلك المدينة ولدان: صبي وبنت. الصبي اسمه كاي والبنت اسمها غيردا. وكانا ولدين فقيرين لكنهما سعيدان بحياتهما. كانا يعيشان في عليتين متقابلتين لا تبعد الواحدة عن الأخرى إلا قليلاً، فكان الواحد منهما يعبر إلى بيت الآخر ليلعب معه. وكان عند كل منهما حوض ورود. وقد ارتفعت الورود بين العليتين واتصلت مشكلة قوساً بديعاً. واعتاد الولدان أن يجلسا تحت قوس الورود ذاك في الصيف، ليقرأا الكتب الجميلة أو يستمعا إلى حكايات جدة غيردا.
في الشتاء تساقط الثلج، وتطايرت الكُسف الثلجية كما يتطاير الريش، فاحتمى الولدان في العلية يستمعان إلى الجدة تروي لهما حكايات ملكة الثلج. قالت الجدة: إنها الأكبر بين الكُسف، وهي تطير وسط العاصفة الثلجية. وحين تهدأ الرياح ترتفع ملكة الثلج إلى الغيوم السوداء، لكنها تهبط في ليالي الشتاء الباردة، فتطير في الشوارع، وتنظر عبر زجاج الشبابيك وترسم عليها أزهاراً وأشكالاً جليدية.
لقاء كاي بملكة الثلج
هتف كاي بحماسة: نعم، رأيت مثل هذه الأشكال!
قالت غيردا بشيء من القلق والخوف: أتستطيع ملكة الثلج دخول عليتنا؟ أجاب كاي: لا تخافي! فإنها لو دخلت، لرميتها على المدفأة وذابت!
كان الواحد منهما أحياناً يحمي قطعة نقد معدنية على المدفأة، ثم يلصقها على زجاج النافذة المغطى بالجليد لينظر بعدها إلى الخارج عبر البقعة التي أذابت الحرارة جليدها.
ذات ليلة، كان كاي ينظر عبر فتحته تلك، فرأى كُسفة ثلج هائلة تستقر على حافة حوض الأزهار تحت شباكه. ثم أخذت تلك الكُسفة تكبر وتكبر حتى اتخذت شكل امرأة بيضاء اللون رائعة. وكانت تلك المرأة تلبس عباءة بيضاء من كُسف ثلجية نجمية، وعيناها تشعان كأنما هما ماستان جليديتان. دعت المرأة البيضاء كاي إليها بإشارة منها، لكنه خاف وارتد إلى الوراء. وطارت المرأة من أمام الشباك وكأنها خيال طائر أبيض عملاق.
اختفاء كاي وتذكّر غيردا
في اليوم التالي، كان كاي وغيردا يلعبان بالثلج. فجأة أطلق كاي صرخة توجع وقال: وقعت عليه شظايا دقيقة من المرآة السحرية. استدار كاي فجأة وركل رجل الثلج الذي تعبت غيردا كثيراً في صنعه، فأخذت غيردا تبكي.
صاح كاي باحتقار: اخرسي، أيتها البنت البكاءة!
ثم أقبلت الجدة لتعرف ما حدث، فقال لها كاي: ارجعي إلى بيتك أيتها العجوز الغبية!
لم يعد كاي بعد ذلك يرغب في صحبة غيردا. أخذ مزلجه الخشبي بعيداً ليلعب بها على الثلج وحده. توقفت قربه عربة جليد يجرها حصان سريع، لم يستطع كاي أن يرى وجه السائق، لكنه لاحظ أنه يلبس عباءة بيضاء. أسرع كاي يعلق مزلجته الخشبية بمؤخرة عربة الجليد ليحظى ببرهة مجانية. وانطلق الحصان كهبوب الريح حتى بلغ وسط البرية. عندئذ توقفت العربة ثانية والتفت السائق، فإذا هي ملكة الثلج! قالت ملكة الثلج بصوت بارد: لا بد أنك بردان يا كاي الصغير، تعال إلى داخل معطفي! أسرع كاي يختبئ في معطفها، فكان كأنما يضطجع وسط كومة هائلة من الثلج.
رحلة بحث غيردا عن كاي
كان كاي قد نسي غيردا، أما هي فلم تنسه. انتعلت حذاءها الأحمر الجديد وخرجت تبحث عنه. وصلت غيردا بعد حين إلى بستان كرز بديع قائم على ضفة نهر. ورأت بيتاً صغيراً ذا سقف من القش وشبابيك ملونة. خرجت من البيت سيدة عجوز تضع على رأسها طاقية رائعة مزينة برسوم أزهار زاهية الألوان.
قالت غيردا: هل رأيت كاي؟
أجابت العجوز: لا، لم أره. لكن عندي كرزاً لذيذاً، كلي شيئاً منه.
أخذت غيردا تأكل من الكرز، بينما راحت العجوز تسرح شعر الفتاة بمشط ذهبي. وكانت العجوز في الواقع ساحرة طيبة، أرادت أن تبقي الفتاة عندها لتعيش معها وتكون رفيقة لها.
كان للساحرة حديقة سحرية في ربيع دائم، لا تعرف غيره من الفصول، وفيها تنمو أنواع الورود جميعها. عرفت الساحرة أن الورود ستذكر غيردا بصديقها كاي، فأشارت بعصاها السحرية إلى شجيرات الورود، فاختفت كلها تحت الأرض. لكنها نسيت الوردة الحمراء المرسومة فوق طاقيتها. وذات يوم رأت غيردا الوردة الحمراء فتذكرت كاي
هروب غيردا من الساحرة
هربت غيردا من الساحرة العجوز ومن حديقتها الجميلة حيث الربيع الدائم. كانت الدنيا، خارج تلك الحديقة، خريفاً. كان الطقس بارداً، وأوراق الشجر الصفراء تتساقط. قالت غيردا: “يا الله! لقد ضللت طريقي وقد مرت مدة طويلة منذ أن تركت المنزل. كم أنا خائفة ومرهقة!”.
طبعت ملكة الثلج على جبين كاي قبلة باردة، مما جعله يقع تحت سحرها، وينسى غيردا وكل ما يتعلق بها. انطلقت عربة الجليد مسرعة وطارت عالياً بين الغيوم متجهة إلى قصر ملكة الثلج في الشمال المتجمد.
أما في الأسفل، فقد كانت الرياح الباردة تضرب الحقول والغابات وكأنها سياط، وكانت الذئاب تعوي والغربان تنعب. ثم طلع القمر، فنام كاي ملتفاً حول نفسه عند قدمي ملكة الثلج.
رحلة غيردا للبحث عن كاي
سرعان ما حل فصل الشتاء، وأخذت غيردا تشق طريقها بين الثلوج. فجأة، رأت نفسها أمام غراب يصفق بجناحيه ويقول لها: “أيتها الفتاة الصغيرة، ماذا تفعلين وحدك هنا بين الثلوج؟”.
أجابت غيردا قائلة: “أبحث عن كاي، هل رأيته؟”.
نعق الغراب بصوت عالٍ، ثم قال: “أهو فتى عيناه لامعتان كعينيك، وشعره ذهبي؟”.
أجابت غيردا بلهفة: “نعم! نعم!”، ثم قفزت نحو الغراب وطبعت قبلة على منقاره البراق.
قال الغراب: “رويدك يا صغيرتي! الفتى الذي أتحدث عنه قد تزوج أميرة هذه البلاد منذ وقت قصير. كان فقيراً، وقد رأته الأميرة يمر بجوار القصر فأحبته…”.
قالت غيردا بحزم: “لا بد أنه كاي. ما رآه أحد إلا وأحبه. أرجوك، خذني إليه”.
أجاب الغراب: “زوجتي تعمل في القصر، سأطلب منها أن تسمح لنا بالتسلل إلى غرفة نوم الأمير”.
زيارة القصر وخيبة الأمل
أدخل الغراب وزوجته غيردا إلى غرفة الأمير عبر درج خلفي سري. كانت الغرفة رائعة، وفيها سريران على شكل الزنابق، أحدهما أبيض وتنام عليه الأميرة، والآخر أحمر ينام عليه الأمير.
انحنت غيردا فوق السرير الأحمر فاستيقظ الأمير. كان فتى وسيماً، لكنه لم يكن كاي!
أحسّت غيردا بخيبة أمل شديدة وأخذت تبكي، فاستيقظت الأميرة. وعندما سمع الأمير والأميرة قصتها أشفقا عليها وأحباها، وقدما لها ثوباً من الحرير والمخمل، وجزمة مبطنة بالفراء، وفروة لليدين. كما أرسلا معها عربة ذهبية مملوءة بالحلوى والفاكهة.
وقف الأمير والأميرة يودعان غيردا، وطار الغرابان إلى رأس شجرة عالية وصفقا بأجنحتهما مودعين. فوعدت غيردا أن تعود لزيارتهم جميعاً بعد أن تجد كاي.
قلعة اللصوص ولقاء غيردا مع ابنتهم
كان اللصوص يقيمون في قلعة قديمة متهدمة، نوافذها محطمة، وفي جدرانها فجوات، وحولها كانت طيور قبيحة تحلق، وتجري في ساحتها كلاب شرسة. وفي وسط القاعة الكبرى، كانت تشتعل نار كثيفة الدخان، وفوقها أرانب معلقة كعشاء للّصوص. كان بعضهم ينام في إحدى الزوايا ويشخرون بصوت عالٍ.
أخذت ابنة اللصوص غيردا إلى زاوية في القاعة، وأرتها بعض حيواناتها الأليفة، من بينها حمائم تجثم فوق ألواح خشبية عالية، وأيل مربوط بجوار سريرها. أمسكت الفتاة بسكين حادة وداعبت بها عنق الأيل، قائلة بضحكة قاسية: “إذا لم أربطه فإنه يهرب!”.
اختطاف غيردا بواسطة اللصوص
انطلقت العربة الذهبية عبر غابة كبيرة مظلمة، حيث يقيم اللصوص. وعندما رأوا العربة تتألق ببريقها الذهبي، خرجوا من وراء الأشجار واندفعوا نحوها وهم يصرخون: “ذهب! ذهب!”. قتلوا سائق العربة واستولوا على الخيول، ثم جروّا غيردا خارج العربة.
اقتربت منها امرأة ضخمة سمينة ذات حاجبين كثيفين ووجه مغطى بالشعر، وزعقت قائلة: “إنها فتاة لذيذة شهية، سأأكلها صباحاً…”. إلا أن ابنتها الصغيرة الشرسة قفزت على ظهر أمها وعضت أذنها قائلة: “اتركيها لي! أريد أن ألعب معها. لكن عليها أن تعطيني ثوبها وفراء يديها”، ثم عضت أمها مرة أخرى. كانت ابنة اللصوص فتاة قوية جداً، ذات شعر كثيف وأسنان بيضاء حادة.
قالت لغيردا: “إذا فعلت ما أطلبه منك، ستكونين في أمان…”. وذهبت الفتاتان معاً إلى داخل القلعة.
غيردا تحكي قصتها ولقاء الحمامة
اندست الفتاتان تحت كومة من الفراء على السرير. وروت غيردا قصتها لابنة اللصوص، لكن الأخيرة سرعان ما غرقت في النوم وبدأت بالشخير. سمعت الحمامة القصة، فقالت لغيردا: “لقد رأيت كاي مع ملكة الثلج في عربتها!”
هتفت غيردا بحماس: “أصحيح ما تقولين؟ وأين كانت ملكة الثلج ذاهبة؟”.
هزت الحمامة رأسها قائلة: “اسألي الأيل…”.
حديث الأيل عن مملكة ملكة الثلج
قال الأيل: “نعم، ملكة الثلج تعيش في بلادي…”
سألت غيردا: “وأين هي بلادك؟”.
أجاب الأيل: “إنها بلاد اللاب الجميلة، الواقعة في شمال الكرة الأرضية. هناك بلاد مغطاة بالثلوج والجليد، حيث يمكن للمرء أن يجري أميالاً فوق السهول المتجمدة. لملكة الثلج قصر صيفي هناك، أما قصرها الشتوي فهو قريب من القطب الشمالي”.
قالت ابنة اللصوص وهي تغالب النعاس: “اسكت أيها الأيل، وإلا داعبت عنقك بسكيني!”.
رحيل غيردا نحو الشمال بمساعدة ابنة اللصوص
في صباح اليوم التالي، عندما أخبرت غيردا ابنة اللصوص بما قالت الحمامة، رق قلب الفتاة القاسية وقررت مساعدتها. قالت: “الأيل سيحملك إلى كاي.” وأعادت إلى غيردا جزمتها المبطنة بالفرو وأعطتها جوارب صوفية طويلة بدلاً من فروة اليدين التي احتفظت بها لنفسها. ثم ربطت غيردا إلى ظهر الأيل بحزم، وأعطتها رغيفاً وبعض اللحم البارد قائلة بصوت قوي وحازم: “انطلقي الآن قبل أن أعدل عن قراري!”
رحلة عبر البراري الثلجية
انطلقت غيردا على ظهر الأيل عبر البراري البيضاء الممتدة، في جو بارد يملأه عواء الذئاب ونعيق الغربان، وأضواء شمالية تتراقص في السماء وكأنها ألعاب نارية. ازدادت البرودة كلما اقتربت من الشمال، ونفدت زادها، لكنها وجدت نفسها قد وصلت إلى بلاد اللاب أخيراً.
لقاء غيردا بالعجوز اللابية
أوقفت غيردا الأيل أمام كوخ صغير منخفض السقف. كان الجو داخل الكوخ مظلماً ومشبعاً بروائح غريبة، حيث كانت عجوز لابية تقلي السمك على نار دهنية. سألت غيردا العجوز عن الطريق إلى قصر ملكة الثلج، فردت العجوز: “يا مسكينة! أمامك مسافة طويلة تزيد عن مئة ميل!” ثم قررت أن تساعدها قائلة: “سأكتب رسالة إلى السيدة الفنلندية التي تعرف عن ملكة الثلج أكثر مني.” وبما أنها لم تجد ورقاً، تناولت سمكة مقددة وكتبت عليها بعض الكلمات.
وصول غيردا إلى منزل السيدة الفنلندية
بعد رحلة طويلة تحت الأضواء الشمالية المتلألئة، وصلت غيردا إلى منزل السيدة الفنلندية. دقت على أنبوب المدفأة، إذ لم ترَ الباب الصغير المنخفض. دخلت المنزل الذي كان حاراً ومليئاً بالبخار، وخلعت جزمتها وقفاريها من شدة الحرارة، وسلمت الرسالة إلى السيدة الفنلندية.
قرأت السيدة الرسالة ثم وضعت السمكة المقددة في قدر الطبخ كي لا تضيع شيئاً. طلب منها الأيل المساعدة قائلاً: “أرجوكِ، ساعدينا. نعلم أنك حكيمة وتعرفين أنواعاً كثيرة من السحر.”
كشف الحقيقة عن حالة كاي
قالت السيدة الفنلندية: “كاي في قصر ملكة الثلج، لكنه راضٍ عن حاله. في قلبه شظية من المرآة السحرية، وفي عينيه ذرات منها. لقد أنساه ذلك صديقته غيردا وكل ما بينهما…”
غيردا ورحلة الإنقاذ
وقفت غيردا المسكينة فوق الثلج، وحيدة عارية القدمين. ركضت ناحية قصر الملكة، فرأت خيراً من الكيف الثلجية القبيحة يتجه نحوها. كانت تلك الكائنات عساكر الملكة. كان بعضها أشبه بالقنافذ، وبعضها أشبه بالدباب أو الأفاعي، وكانت كلها شريرة.
لم تكن غيردا تعرف ما تفعل، فأخذت تصلي. وخرج نفسها من فيها وامتد أمامها وكأنه سحابة بيضاء. وتحولت تلك السحابة إلى كسف جية مشعة، وكأنها ملائكة نشرت حولها لتحميها. فاختفت الكيف الثلجية القبيحة. وتابعت غيردا طريقها في أمان، وأحست فجأة بالدفء وزال عنها الخوف.
قال الأيل: “ألا تقدرين أن تعطي غيردا تعويذة تشفي كاي من السحر الذي أصابه؟”
قالت السيدة الفنلندية: “إن لغيردا سحرها الخاص. ألم تر كيف ساعدها البشر والطيور والحيوانات؟ إنها قادرة على الوصول إلى قصر ملكة الثلج وإنقاذ كاي لأن لها سحر قوة الحب. إن كل ما عليك أن تفعله، أيها الأيل، هو أن تحملها إلى حافة حديقة الثلج التي تخص الملكة. أنزلها هناك عند الجنية الكبيرة ذات الثمار الحمراء.”
أخذت السيدة تأكل السمكة المقددة. وانطلق الأيل بسرعة قبل أن تلبس غيردا قفازيها وجزمتها.
مغامرة داخل قصر الملكة
وصل الأيل إلى الجنبة الكبيرة ذات الثمار الحمراء، فأنزل غيردا، واقترب منها ومسح وجهه بوجهها وامتلأت عيناه بالدموع.
لم يكن كاي يعلم أن غيردا قريبة منه. كان القصر مكانًا ضخمًا خالياً ومبنيًا من أكوام الثلج. كانت الشبابيك والأبواب جوات حفرتها أنياب الريح. وكان في القصر مئات القاعات، ينفتح بعضها على بعض وتمتد القاعة منها أحيانًا مسافة أميال. وكانت القاعات كلها شديدة البرودة، تبرق فيها أضواء الشمال. لم يقم أحد حفلة هناك، ولا حتى حفلة يرقص فيها الدب القطبي!
في وسط القاعة الكبرى كانت ملكة الثلج تجلس على عرشها القائم فوق بحيرة جليدية، وكانت البحيرة قد تفسحت وتحطمت إلى آلاف القطع.
لكن كاي كان بردانًا متصلب الجسم، فلم يعرفها. أخذت غيردا تبكي. وسقطت دموعها الدافئة المحبة على وجه كاي وصدره. فذاب الجليد في قلبه وخرجت شظية المرأة منه! ثم أخذ كاي يبكي هو أيضاً فغسلت دموعه ذرات المرآة التي كانت في عينيه. نظر الولدان إلى شقف الجليد، فرأياها ترقص وحدها، وأسرعا يهتجان كلمة: “خلود!” وهكذا تحرر كاي!
العودة إلى الدفء والأمل
قال كاي: “وما أشد برودة هذا المكان وما أشد وحشته! متى جئت إلى هنا؟”
قبلت غيردا وجهه فعاد الدفء إلى خديه وتوردا، وتألفت عيناه. وأسرع الولدان يخرجان من قصر الجليد يداً بيد، وانطلقا فوق الثلوج إلى الجنية الكبيرة ذات الثمار الحمراء. كان الأيل في انتظارهما، فحملهما بسرعة الريح إلى منزل السيدة الفنلندية. وهناك استمتعا بالدفء وتناولا شيئاً من الطعام.
ثم توجها إلى بيت العجوز اللابية، فصنعت لهما ثيابًا وأعارتهما مزلجتها ليكملا بها رحلتهما. لقد أصبح الشتاء وراء ظهرهما، وأشرقت الشمس.
لقاء غيردا بصديقها كاي في قصر ملكة الثلج
عندما وجدت غيردا طريقها إلى داخل القصر، كانت ملكة الثلج قد غادرته. رأت غيردا صديقها كاي جالسًا على درج العرش يرتجف، وكان جسمه مزرقًا من شدة البرد، لكنه لم يكن يشعر بالبرد، إذ أن ملكة الثلج قد حولت قلبه إلى كتلة من الجليد. جلس كاي يلعب بشقف الجليد، محاولًا ترتيبها لتكوين كلمة.
كانت ملكة الثلج قد أخبرته أنه إذا تمكن من تهجئة كلمة “خلود”، ستسمح له بالعودة إلى بلده وبيته، لكنه لم يستطع قط تهجئتها. ركضت غيردا إلى كاي وأحاطته بذراعيها.
عودة كاي وغيردا إلى الوطن
لم يجد كاي وغيردا صعوبة في العودة إلى بلدهما وبيتهما. وعادت الجدة تروي لهما الحكايات. كبر كاي وغيردا، لكنهما ظلا سعيدين في حياتهما، يقفزان على درج البيت كما كانا يفعلان في صغرهما.
معرض الصور (قصة ملكة الثلج)
لا تنسي فك الضغط عن الملف للحصول علي الصور
استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟
– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث