قصة مدينة الزمرد
ملخص قصة مدينة الزمرد
في صباح مشمس في سهول كنساس، تعيش فتاة صغيرة تدعى دوروثي مع عمها هنري وعمّتها إيم. كانت دوروثي تحب الكلاب كثيرًا، وخاصة كلبها توتو الذي يرافقها في كل مكان. وفي أحد الأيام، يتعرض بيت دوروثي لعاصفة قوية تدمره وتدفعه بعيدًا، فتجد دوروثي نفسها في عالم غريب يدعى أوز.
عندما تفتح دوروثي باب البيت، ترى مناظر طبيعية رائعة وأشخاصًا غير عاديين، مثل سكان البلاد الزرقاء، الذين يظهرون احترامًا كبيرًا لها. لكن هناك أمرًا مهمًا: دوروثي تعلمت أنها تسببت في قتل الساحرة الشريرة التي كانت تحكم البلاد بعد أن سقطت عليها جزء من البيت. وبمساعدتها، حرر سكان البلاد الزرقاء أنفسهم من حكم الساحرة الشريرة.
بعد هذا الانتصار، تشعر دوروثي بالحاجة إلى العودة إلى منزلها. ولتحقيق ذلك، يخبرها السكان أن عليها الذهاب إلى مدينة الزمرد، حيث يعيش الحكيم أوز، الذي يستطيع مساعدتها في العودة. تنطلق دوروثي في رحلة إلى المدينة، وتبدأ في السير على طريق الآجر الأصفر.
خلال رحلتها، تلتقي دوروثي بأصدقاء جدد: الفزاعة التي تتمنى أن يكون لديها دماغ، والحطاب التنكي الذي يحلم بالحصول على قلب، والأسد الجبان الذي يرغب في الشجاعة. كل واحد منهم ينضم إليها في رحلتها إلى مدينة الزمرد، كل منهم يحمل أملًا في الحصول على ما ينقصه.
عندما يصلون إلى مدينة الزمرد، يكتشفون أنها تتألق بالألوان الخضراء المبهجة، ويقابلون حارس البوابة الذي يمنحهم نظارات خضراء تحميهم من وهج المدينة. يقرعون جرس البوابة، ويدخلون إلى القاعة الملكية حيث يستقبلهم الحكيم. لكنهم يتفاجأون برؤية وجه ضخم بلا جسم ولا ذراعين، ويكتشفون أن الحكيم ليس كما ظنوا.
الحكيم يطلب منهم إنجاز مهمة خطيرة: قتل الساحرة الغربية الشريرة، وهي تهديد كبير. دوروثي وأصدقاؤها يشعرون بالخوف، لكنهم يدركون أن عليهم مواجهة هذا التحدي ليحققوا أحلامهم. ينطلق الأصدقاء في مغامرة جديدة، ويجدون أنفسهم في مواجهة الساحرة الغربية التي تسيطر على الأراضي.
خلال رحلتهم، تتعرض دوروثي وأصدقاؤها للكثير من المخاطر، حيث تستدعي الساحرة الغاضبة سربًا من النحل الأسود وقوات قردة مجنحة. ولكن رغم كل هذه الصعوبات، يظهر الحطاب التنكي والفزاعة والشجاعين الأسد ليدافعوا عن دوروثي ويقفوا في وجه الأعداء.
تصل الأحداث إلى ذروتها عندما تواجه دوروثي الساحرة الشريرة. في لحظة شجاعة، ترفض دوروثي الاستسلام وتستعمل حذاءها السحري لترمي الماء على الساحرة، مما يؤدي إلى ذوبانها واختفائها. بوفاة الساحرة، يتحرر سكان الأرض من العبودية ويعود الأمن للبلاد.
بعد أن حرروا الأراضي، تتجه دوروثي وأصدقاؤها إلى مدينة الزمرد مرة أخرى للبحث عن الحكيم. يتحدث الحكيم مع كل واحد منهم، ويكتشفون أنه لم يكن حكيمًا حقيقيًا، بل مجرد دجال استخدم حيلًا ليظهر بمظهر الحكيم. ومع ذلك، يتعهد أن يساعدهم في الحصول على ما يحتاجونه.
الفتاة الجميلة والعزيزة على قلوبهم تعدل مصير كل واحد منهم. الفزاعة تحصل على دماغ، الحطاب يحصل على قلب، والأسد يحصل على الشجاعة. ومع كل هذه الإنجازات، تشعر دوروثي بأنها قريبة من العودة إلى منزلها.
في النهاية، تتذكر دوروثي حذاءها السحري وتدرك أنه يمكنها العودة إلى كنساس في أي وقت. تأخذ نفسًا عميقًا وتضرب الحذاء ثلاث مرات، وتقول: “أخذني إلى بلدي!” فتدور حول نفسها بسرعة، وتشعر بالهواء حولها حتى تسقط أخيرًا على العشب الأخضر في سهول كنساس.
تفتح عينيها لترى عمها هنري وعمّتها إيم أمامها، وتحتضنهم بحب. تحمد دوروثي حظها لأنها عادت إلى المنزل وتعلمت الكثير من مغامرتها في أوز، حيث اكتشفت قيمة الصداقة والشجاعة والحب.
وهكذا، تنتهي رحلة دوروثي، التي أثبتت أنها ليست مجرد فتاة صغيرة، بل بطلة حقيقية في عالم مليء بالعجائب.
قصة مدينة الزمرد مكتوبة
كانت دوروثي فتاة يتيمة تعيش مع عمها هنري وزوجته العمة إيم في منطقة سهلية واسعة نائية. وكان بيت الأسرة صغيراً يتألف من حجرة واحدة في أرضيتها باب ينفتح على قبر. وفي ذلك الجانب من العالم تهب أعاصير تقتلع المنازل التي تكون في طريقها. فكانت الأسرة، إذا أحست بإعصار يقترب، تنزل إلى القبو اتقاء للخطر.
كانت دوروثي تنظر من النافذة فلا ترى إلا سهولا واسعة كثيبة لا أشجار فيها. وكانت أشعة الشمس الحارقة قد شققت الأرض من حولها. كذلك بدا العم هنري والعمة إيم كثيبين. كانا يستغلان كثيراً ولا يبتسمان أبداً. أما دوروثي فلم تكن كثيبة! بل كانت تضحك، وتلعب مع كلبها الصغير الأسود توتو الذي كانت تحبه كثيراً.
ذات يوم اكفهرت السماء، فبدا القلق على العم هنري والعمة إيم، وأسرعت دوروثي تركض ناحية البيت. وسرعان ما سمعوا عواء الرياح ورأوا العشب البري يتموج وينحني. فصاح العم هنري: “الإعصار آت!” ثم ركض يجمع بقراته.
وصاحت العمة إيم: “أسرعي يا دوروثي إلى القبو. انزلي حالا.” ثم رفعت باب الأرضية ونزلت درجات السلم مسرعة. وبينما كانت دوروثي ترفع كلبها توتو، ضرب الإعصار البيت الصغير. وقعت دوروثي على الأرض ودار البيت دورتين أو ثلاث دورات ثم أخذ يرتفع ببطء في الجو.
أحست دوروثي كأنها ترتفع في منطاد. فقد حمل الإعصار البيت كما يحمل ريشة وطار به. كاد توتو أن يقع من باب الأرضية المفتوح، لكن دوروثي أمسكت به من أذنيه وأقفلت الباب، ثم زحفت إلى سريرها وتمددت عليه. مرت الساعات، وتغلبت دوروثي على خوفها، ونامت، على الرغم من اهتزاز البيت وعويل الرياح.
في بلاد الأقزام
استيقظت دوروثي على صدمة مفاجئة، توقف البيت بعدها عن الطيران! فركضت إلى الباب لتعرف المكان الذي هبطت فيه. لقد حط بها البيت برفق في بلاد جميلة، فيها أشجار فاكهة وأزهار وطيور مغردة. نظرت دوروثي حولها فرأت جماعة من الأقزام تتقدم نحوها. وكان في الجماعة ثلاثة رجال يلبسون ثياباً زرقاء وأحذية عالية، وامرأة واحدة تلبس ثوباً أبيض. وكانوا جميعهم يلبسون طواقي مستديرة ذات رؤوس عالية مدببة.
أقبل الأقزام على دوروثي، وهتفت المرأة الصغيرة: “أهلا بك في بلاد الأقزام! نحن شاكرون لأنك قتلت ساحرة الشرق الشريرة، التي كانت تستعبدنا منذ زمن طويل!” عجبت دوروثي مما سمعت، فإنها لم تقتل أحداً في حياتها.
أشار الأقزام إلى البيت فرأت دوروثي حذاء بارزاً من تحت حافته السفلى. لقد حط البيت فوق الساحرة الشريرة فقتلها! قالت المرأة الصغيرة: “انتهينا منها! خذي حذاءها، فإنه سحري.” سألتها دوروثي قائلة: “ومن أنت؟”
“أنا جنية الشمال الصالحة، وقد جئت لأساعد الأقزام. لم نكن أنا وأختي، جنية الجنوب الصالحة، قادرين على قهر ساحرة الشرق وساحرة الغرب الشريرتين. لكن الآن، تخلصنا، بفضلك، من واحدة منهما!”
كنت أظن أن السحرة ماتوا كلهم منذ زمن طويل.
السحرة في بلاد أوز لم يموتوا.
ومن هم الأقزام؟
إنهم سكان المنطقة الشرقية من بلاد أوز. أما المناطق الجنوبية والشمالية والغربية من تلك البلاد فتسكنها جماعات أخرى. وفي الوسط تقع مدينة الزمرد حيث يعيش حكيم أوز.
ثم روت دوروثي لأصدقائها الجدد، ما حدث للبيت الذي كانت تعيش فيه مع عمها هنري وعمتها إيم، وسألتهم أن يساعدوها للعودة إلى منطقة السهول.
قال الأقزام: “بلاد أوز محاطة بصحراء يصعب اجتيازها.”
أخذت دوروثي تبكي، فأشفق الأقزام عليها، وبدا التفكير العميق على الجنية، ثم قالت: “عليك أن تذهبي إلى مدينة الزمرد! سيساعدك حكيم أوز!”
إلى مدينة الزمرد
سألت دوروثي: “وكيف أصل إلى هناك؟” أجابت الجنية: “عليك أن تسلكي طريق الآجر الأصفر.” ألا تجيئين معي؟ “لا، لكن سأعطيك قبلة سحرية تحميك.” اقتربت من دوروثي وطبعت على جبينها قبلة تركت أثراً براقاً. ثم دارت على عقب قدمها اليسرى ثلاث مرات، واختفت.
أكلت دوروثي شيئاً من الطعام، وقدمت لكلبها توتو طعاماً. ثم لبست ثوباً نظيفاً وطاقية وردية اللون. وكان حداؤها قديماً فلبست حذاء الساحرة الشريرة الفضي. ثم وضعت في سلتها رغيفاً من الخبز، وانطلقت هي وكلبها للبحث عن طريق الآجر الأصفر.
كان الريف ساحراً، تنتشر فيه سياجات زرقاء نظيفة، وحقول القمح الذهبية. وحيثما مرت، كان الأقزام يخرجون من بيوتهم الزرقاء المستديرة للسلام عليها. سألت دوروثي عن المسافة إلى مدينة الزمرد، فقال الأقزام وهم يهزون رؤوسهم: “إنها بعيدة جداً.” لكن دوروثي الشجاعة رفضت أن تعود من حيث أتت. وبعد أن مشت بضعة أميال، تسلقت سياجاً يحيط بحقل كبير من القمح وجلست تشريح.
وكان في الحقل فزاعة يرتفع عالياً فوق عمود. كان رأسه كيساً محشواً بالقش، وقد رسم عليه عينان وأنف وفم. وكان يعتمر طاقية عتيقة مدببة الرأس، ويلبس ثياباً زرقاء باهتة محشوة بالقش أيضاً، وينتعل حذاء عتيقاً عالياً. وبينما كانت دوروثي تنظر إلى الفزاعة، رأته يعمرها بإحدى عينيه لها بمودة. فنزلت عن السياج ومشت إليه وسألته: “أأنت ناطق؟”
الفزاعة الحزينة
“أنا ناطق طبعاً! كيف حالك؟” قالت دوروثي بتهذيب: “أنا بخير، وكيف حالك أنت؟” أجاب الفزاعة: “لست بخير. إنه لأمر مضجر أن أبقى مسمراً طوال الوقت، فوق هذا العمود العالي، لا لشيء إلا لأفزع الغربان!”
سألها الفزاعة عمن تكون وعن وجهتها. أخبرته دوروثي أنها ذاهبة إلى مدينة الزمرد لترجو الحكيم أن يعيدها إلى بلادها. فسألها الفزاعة أن تسمح له بمرافقتها، وقال: “لعل الحكيم يعطيني دماغاً، فرأسي، كما ترين، محشو بالقش!” وافقت دوروثي، فحمل لها الفزاعة سلتها، وترافقا في الطريق.
قضى الاثنان ليلتهما تلك في كوخ. لم ينم الفزاعة ليلاً، فهو لا ينام، ولم يأكل فطوره في الصباح، فقمته ليس إلا حقاً مرسوماً. قال الفزاعة: “يبدو لي أن الحاجة إلى النوم والطعام والشراب شيء مزعج، أما أن يكون لنا دماغ فالأمر يستحق العناء!”
الحطاب التنكي
كانا قد دخلا في هذه الأثناء غابة. فجأة رأت دوروثي بين الأشجار جسماً يتألق تحت أشعة الشمس. وقف أمامها رجل مصنوع كله من التنك، يحمل في يده فأساً كان يريد أن يقطع بها شجرة قريبة. تنهد الحطاب التنكي تنهدة عميقة، فسألته دوروثي: “أتريد مساعدة؟”
أجاب قائلاً: “لا أستطيع الحراك، فمفاصلي صدئة. هلا جلبت لي المزينة من كوخي. إذا زيت مفاصلي استعدت قدرتي على الحركة.” أسرعت دوروثي تجلب المريتة. ثم قامت هي والفزاعة بتزييت المفاصل الصدئة. ارتاح الحطاب التنكي كثيراً، ووضع فأسه جانباً، وشكرهما. وعندما عرف أنهما متوجهان إلى مدينة الزمرد قال: “أريد أن أرافقكما، لعل حكيم المدينة يعطيني قلباً. إن ساحرة الشرق الشريرة حولتني إلى تنك وأخذت قلبي، أريد أن أستعيد قلبي، فيكون لي مشاعر كالآخرين.”
وافقت دوروثي على اصطحابه، فرفع الحطاب التنكي فأسه إلى كتفه، ومشى في الغابة مع رفيقيه على طريق الآجر الأصفر.
الأسد الجبان
كان الثلاثة يسمعون، بين حين وآخر، أصوات حيوانات مفترسة رابضة بين الأشجار، غير بعيد عنهم. قال الحطاب التنكي لدوروثي: “لا تخافي. فأنا أحمل فأسا، وأنت تحملين على جبينك طبعة الجنية الصالحة.”
في تلك اللحظة جاءهم صوت زئير مخيف، وبرز أمامهم أسد ضخم أسمر مصفر. ضرب الأسد الفزاعة ضربة رمته أرضا. ثم وجه ضربة إلى الحطاب، فارتد الحطاب إلى الوراء ولم يصب جسمه التنكي إلا بخدوش. ركض الكلب توتو إلى الأسد ينبح في وجهه، ففتح الأسد فمه ركض يريد أن يعضه، اندفعت دوروثي إليه ولطمته على أنفه، وقالت: “أيها الجبان! تخيل حيوانا ضخما مثلك يحاول أن يعض كلبا صغيرا كهذا الكلب! وقد أوقعت الفزاعة المسكين أيضا!”
قال الأسد، وهو يفرك أنفه بيده: “أنا آسف! ليس في اليد حيلة! فالكل ينتظر من الأسد أن يكون شجاعا، لذا فإني أزأر وأهاجم الناس فيهربون. لكن الحقيقة أني أنا نفسي حائف جداً!”
قال الحطاب التنكي: “لو كنت مثلي لا قلب لك، لما كنت على هذه الحال من الجبن. لكني أنا ذاهب إلى الحكيم العظيم لعله يعطيني قلباً!”
قال الفزاعة وهو ينهض عن الأرض: “وأنا ذاهب إليه لعله يعطيني دماغاً.”
“أظن أن علي الذهاب إليه أيضا، لعله يعطيني شجاعة.”
قالت دوروثي: “نعم، وسبعد عنا الحيوانات المفترسة الأخرى.” وهكذا ساروا معاً، ولم يمض وقت طويل حتى صاروا جميعا أصدقاء.
التحديات في الطريق
وفي تلك الليلة قطع الحطاب التنكي بعض الحطب وأشعل نارا. وتبين لهم في الصباح أن عليهم أن يعبروا نهرا عميقاً تبرز من أسفله صخور مدببة حادة.
قال الأسد بشيء من الفزع: “أظن أني أستطيع القفز فوق الغور. أنا أرتجف خوفاً من السقوط. لكن لا بد مما ليس منه بد.”
وهكذا ربض الأسد على حافة الغور وأركب الفزاعة، وكان الأخف وزناً بينهم، على ظهره. ثم تحفز وقفز قفزة هائلة حطت به على الجانب المقابل من الغور. فهتف الجميع فرحين. وعاد الأسد ونقل دوروثي والحطاب التنكي، الواحد بعد الآخر.
مشوا جميعا مسرعين حتى واجههم غور صخري عميق آخر. وكان هذه المرة غورا واسعاً لا يقدر الأسد على القفز فوقه.
قال الفزاعة: “وجدت الحل! إذا قطع الحطاب التنكي تلك الشجرة فستقع فوق الغور، وتكون لنا كالجسر نعبر فوقه!”
قال الأسد: “يا لها من فكرة! يكاد المرء يظن أن في رأسك دماغاً لا قشاً!”
نفذوا ما اقترحه الفزاعة، فعبروا الغور الواسع. وسرعان ما وجدوا أنفسهم خارج الغابة، على ضفة نهر.
قال الفزاعة: “كيف نعبر النهر؟ أنا لا أحسن السباحة!”
وقال الحطاب التنكي: “ولا أنا. لكني أستطيع أن أصنع طوفاً.”
عبروا النهر بالطوف الذي صنعه الحطاب التنكي فوجدوا أنفسهم وسط ريف فاتن. كان على جانبي الطريق حقول خضراء وسياجات خضراء وبيوت خضراء. وكانت ثياب الناس هنا تشبه ثياب الأقزام إلا أنها خضراء لا زرقاء.
قالت دوروثي: “لعل هذه هي بلاد أوز!” لكن أهل تلك البلاد لم يكونوا لطفاء، وقالوا: “الحكيم لن يستقبلكم! إنه لا يترك قصره أبداً.”
سألت دوروثي: “كيف شكله؟”
قال أحدهم: “لم يره أحد منا قط. وهو قادر على تغيير شكله، لأنه يتمتع بقوى خارقة.”
حارس البوابة
واصل الرفاق السير على طريق الآجر الأصفر حتى وصلوا إلى وهج أخضر مشع يضيء في السماء. قالت دوروثي بحماسة: “تلك هي مدينة الزمرد!” وسرعان ما اتسع الوهج ليصبح سورًا عاليًا متألقًا. انتهى طريق الآجر الأصفر أمام بوابة ضخمة مرصعة بالزمرد، كان الزمرد يتلألأ لدرجة أنه يرمش العينين المرسومتين على وجه البوابة.
قرعوا الجرس، فانفتحت البوابة ليجدوا أنفسهم في غرفة عالية مرصعة بالزمرد، حيث رأوا رجلًا صغيرًا يجلس بجانب صندوق أخضر. سألهم الرجل: “ماذا تريدون من مدينة الزمرد؟”
قالت دوروثي: “جئنا لنرى الحكيم الشهير!” أجاب الحارس: “أتمنى أن يكون سبب زيارتكم وجيهًا، وإلا فإن الحكيم مرعب جداً وقد يغضب عليكم.” وأضاف: “سأساعدكم في الوصول إلى قصره، ولكن عليكم أن تضعوا هذه النظارات الخضراء على أعينكم، وإلا سيعميكم بريق المدينة!” ثم فتح الصندوق الذي كان بجانبه، وكشف عن مجموعة من النظارات الخضراء.
وضع الرفاق النظارات وتبعوا الحارس في المدينة.
مدينة الزمرد
أذهل جمال مدينة الزمرد دوروثي وأصدقائها، على الرغم من أنهم ارتدوا النظارات. كانت السماء خضراء، والناس الذين يشاهدونهم بدوا خضرًا أيضًا. حتى المحلات كانت تبيع حلوى خضراء ولينوناضة خضراء!
كان حارس قصر أوز يحمل لحية خضراء طويلة، ودخل ليخبر الحكيم بوصولهم. بينما كانوا ينتظرون، لبست دوروثي فستانًا أخضرًا مناسبًا للقائه.
عاد الحارس ليقول لهم إن الحكيم سيلتقي بهم كل على حدة، وأن دوروثي ستكون الأولى. قال لها: “أنت تحملين على جبينك طبعة الجنية الصالحة، وتنتعلين الحذاء الفضي، وتلبسين ثوبًا أخضر!” ثم أخذها إلى باب قاعة العرش وقرع الجرس.
أمام الحكيم
كانت قاعة العرش رائعة، بسقف مقبب مغطى بالجواهر، وضوء باهر يشع من الأعلى. وفي الوسط كان هناك عرش كبير يتوسطه رأس ضخم أصلع بلا جسم. كانت العينان تدوران في الرأس. سمعت دوروثي صوتًا حادًا يقول: “أنا حكيم أوز الشهير! من أنت وما جاء بك؟”
أجابت دوروثي: “أنا دوروثي، جئت أرجوك أن تعيدني إلى بلادي، إلى عمي هنري وعمتي إيم.”
“من أين جئت بحذائك الفضي؟” سألها. فأخبرته عن ساحرة الشرق الشريرة. فسألها: “ومن أين جئت بالطبعة على جبينك؟” فحدثته عن جنية الشمال الصالحة.
قال الحكيم: “إذا كنت تريدين مني أن أساعدك، فعليك أن تفعلي لي شيئًا: اقتلي ساحرة الغرب الشريرة!” احتجت دوروثي: “لا أستطيع! أنا فتاة صغيرة!” أجاب الحكيم بصوت حازم: “قتلتِ ساحرة الشرق الشريرة!”
خرجت دوروثي إلى رفاقها حزينة، وأخبرتهم بما أراد الحكيم أن تفعله.
لقاء الفزاعة والحطاب
في اليوم التالي، استدعي الفزاعة، وظهر الحكيم هذه المرة في شكل سيدة جميلة مجنحة ترتدي تاجًا مرصعًا بالجواهر. طلبت الفزاعة دماغًا، لكنه تلقى نفس الجواب: عليه أن يقتل ساحرة الغرب الشريرة أولاً.
ثم جاء دور الحطاب التنكي، واتخذ الحكيم شكل وحش مرعب، يغلي جسده شعر صوفي. لكن الحطاب لم يخف، لأن ليس لديه قلب. وعندما طلب قلبًا، حصل على نفس الجواب: يجب عليه قتل ساحرة الغرب أولاً.
أخيرًا جاء دور الأسد. اتخذ الحكيم شكل كرة من نار أحرقت شعر الأسد، وقالت كرة النار: “إذا أثبت لي أنك قتلت الساحرة الشريرة، سأعطيك الشجاعة.”
عاد الأسد إلى رفاقه، قائلاً: “علينا أن نفعل ما يطلبه منا، وإلا فلن أحصل على الشجاعة أبداً!”
الطريق إلى الغرب
أرشدهم الحارس إلى الطريق، قائلاً: “استمروا في الاتجاه غربًا، حيث المغيب. لكن كونوا حذرين، إذا اكتشفت الساحرة أنكم دخلتم أرضها، جعلتكم عبيدًا لها.”
كانت ساحرة الغرب الشريرة تراقبهم بعين واحدة، وهي تشبه منظارًا قويًا. جلست في يوم من الأيام عند بوابة قلعتها، وشاهدت دوروثي وأصدقائها نائمين في ظل شجرة.
نفخت في صفارة فضية، فجاءها عدد من الذئاب المتعطشة للدماء. قالت الساحرة آمرة: “أريد أن يمزق أولئك الدخلاء تمزيقًا!”
لكن الحطاب التنكي لم يكن نائمًا، وعندما اقتربت الذئاب، رفع فأسه وقطع رؤوسهم واحدًا تلو الآخر!
غضبت الساحرة غضبًا شديدًا، فنفخت في صفارتها مرة أخرى، فاجتذبت سربًا من الغربان القبيحة. وأمرت: “فلتقلع عيونهم ولتمزق أجسادهم!”
لكن الفزاعة مد ذراعيه، وأمسك الغربان واحدًا واحدًا، ودق أعناقهم جميعًا.
الساحرة الشريرة والنحل الأسود
أرسلت الساحرة الشريرة عندئذ سربًا من النحل الأسود الشرس، وقالت آمرة: “فليلدعوا حتى الموت!” لكن إبر النحل كلها تكسرت على جسد الحطاب التنكي. وكان في ذلك نهاية النحل الأسود! استبد بالساحرة هياج شديد! وكان في خزانتها طاقية ذهبية، فمن يملك تلك الطاقية يستطيع أن يطلب القرود المجنحة ثلاث مرات. وكانت قد استعملت الطاقية الذهبية مرتين، فلم يعد أمامها إلا هذه المرة الأخيرة.
تمتمت بتعويدة سرية كانت مكتوبة على حافة الطاقية الداخلية، فأظلمت السماء وسمع صوت أجنحة قوية تخفق. ثم برزت الشمس فإذا الجر مليء بقرود ضخمة مجنحة. وانقضت القرود، وكان أضخمها حجمًا، نحو الأرض ووقف أمام زعيمه.
“طلبتنا للمرة الثالثة والأخيرة! ماذا تريدين؟” سألت الساحرة: “أريد أن أرى دوروثي وأصحابها مقتولين، مقتولين جميعًا ما عدا الأسد! سأحتفظ بالأسد عبدًا.” طارت القرود، وانقضت على الحطاب التنكي وحملته ورمته من مكان عال، فتبعثر قطعًا. ثم أمسكت الفزاعة وسحبت من جسده القش كله، ورمت ثيابه فوق شجرة. ثم ربطت الأسد وحملته وطارت به إلى القلعة، حيث حبس في قفص.
دوروثي والساحرة الشريرة
لكن القرود لم تستطع إيذاء دوروثي التي كانت تحمل على جبينها طبعة الجنية الصالحة، فأخذتها إلى القلعة. وهناك أعطتها الساحرة الشريرة دلواً وفرشة لمسح الأرض وجعلت منها خادمة. رفض الأسد أن يكون عبدًا، فمنعت عنه الساحرة الطعام حتى كاد يموت جوعًا. وكانت الساحرة تعرف أن حذاء دوروثي سحري، فحاولت أن تسرقه. وحاول الكلب توتو أن يمنعها فرفستها بقدمها! وقد أغضب ذلك دوروثي غضبًا شديدًا، فرفعت الدلو وقذفت ماءه فوق رأس الساحرة وجسدها كله! وما كان أشد دهشتها حين رأت الساحرة تأخذ في التصاول والدوبان!
صاحت دوروثي: “يا إلهي! ماذا فعلت؟” قالت الساحرة بصوت متقطع ضعيف: “ألم تعلمي أن في الماء موتي؟” ولم تمض لحظات حتى ذابت كلها واختفت. أسرعت دوروثي فأخرجت الأسد من قفصه، ونظفت الأرض حيث ذابت الساحرة الشريرة. وبموت الساحرة لم يعد سكان ذلك البلد عبيدًا. وقد جمعوا أجزاء الحطاب التنكي وأعادوه جديدًا وحشوا أيضًا ثياب الفزاعة بالقش، فعاد كما كان.
العودة إلى مدينة الزمرد
ثم قرأت دوروثي تعويدة الطاقية الذهبية فجاءتها القرود المجنحة، فطلبت منها أن تعيدها هي وأصحابها إلى مدينة الزمرد. وصل الأصحاب إلى مدينة الزمرد، وتوجهوا إلى قاعة العرش، فوجدوها خالية! لكنهم سمعوا صوتًا حادًا يأتيهم من جهة السقف ويخاطبهم قائلاً: “لن تروني الآن! ما الذي جاء بكم؟”
قالوا: “جئنا نسألك الوفاء بوعدك، فقد قتلنا الساحرة الشريرة!” قال الصوت: “سأفكر في الأمر! تعالوا غدًا!” زار الأسد عند ذاك غضبًا. وقفز الكلب توتو وضرب حاجزًا حشياً كان قائمًا في الزاوية فأوقعه. فإذا خلف الحاجز رجل أصلع، ضئيل الجسم، غريب الهيئة، مجعد الوجه.
اكتشاف الحكيم
قال الفزاعة: “من أنت؟” تمتم الرجل الصغير: “أنا الحكيم الشهير الخطير! لا تؤذوني أرجوكم!” فسأل الحطاب التنكي: “أنت لست إذا وحشًا، ولا سيدة جميلة، ولا كرة من نار! فما أنت؟”
أجاب الحكيم بصوته الحاد: “أنا دجال محتال! لست إلا مشعوذا بسيطًا! ركبت ذات يوم منطادًا، في مكان قريب من بلادك، يا دوروثي. انقطع الحبل وحملتني الريح إلى هذه البلاد. وعندما حط المنطاد حسبني الأهالي حكيمًا، وجعلوني حاكمًا!”
سألت دوروثي: “لكن كيف استطعت أن تقوم بتلك الحيل كلها؟”
أجاب الحكيم: “سأريكما!” ثم فتح خزانة مليئة بالأشكال والأقبعة. وكان الرأس الضخم الأصلع كرة معلقة من سلك، ومتصلة بخيوط لتحريك العينين والفم. سألت دوروثي: “وكيف تدبرت أمر الأصوات؟”
قال الحكيم: “خبرت في شبابي تقليد الأصوات والتكلم دون تحريك الشفتين!” قال الفزاعة: “أنت لست حكيما إذا! ولن تفي بوعدك!” وقالت دوروثي بغضب: “أنت رجل سيئ جدًا!”
قال الحكيم: “بل أنا رجل صالح، لكني حكم سبى!”
الوفاء بالوعد
وعد الحكيم أن يبدل جهده في مساعدتهم، على الرغم من أنه لم يكن حكيمًا حقيقيًا. فتح رأس الفزاعة، وأخرج قليلاً من القش، ووضع مكان ذلك شيئًا من النخالة وبعض المسامير والإبر. وقال: “ها قد صار عندك دماغ!” ففرح الفزاعة كثيرًا.
ثم جعل في صدر الحطاب التنكي فتحة، وأدخل قلبًا حريريًا صغيرًا محشوًا بنشارة الخشب. ثم سد الفتحة بعد ذلك ولحمها، وقال: “ها قد صار عندك قلب!” ثم جاء دور الأسد، فقدم له الحكيم جرعة من قنينة خضراء.
قال الأسد: “ما هذا؟” أجاب الحكيم: “إذا جرعت هذا الدواء فسيكون في قلبك شجاعة. الشجاعة تنبع دائمًا من داخلنا! والشجاعة هي أنك حتى عندما تشعر بالخوف تظل تتصرف التصرف الشجاع!” قال الأسد: “أما وقد عرفت أن الشجاعة دخلت قلبي فسأكون شجاعًا أبدا.”
أما الحكيم فقد قال في نفسه: “لم أكن محتاجًا في علاجهم إلى حكمة غريبة. فلم يكن ينقصهم الذكاء أو الحنان أو الشجاعة، لكنهم لم يكونوا يعلمون!” ولما حاول أن يساعد دوروثي تخلى عنه حظه. فقد عزم على أن يصنع منطادًا آخر من شرائط من حرير. أشعل الحطاب التنكي نارًا، وملأ المنطاد بالهواء الساخن. ثم علق الحكيم في أسفل المنطاد سلة واسعة دخل فيها ونادى دوروثي.
البحث عن توتو
لكن دوروثي كانت تبحث عن توتو. وقد وجدته فحملته وركضت، لكنها وصلت متأخرة، ورأت المنطاد يرتفع في الهواء، فصاحت: “ارجع!” صاح الحكيم: “لا أستطيع! وداعًا!” ورحل الناس كلهم يلوحون له وهم يرونه يرتفع بين الغيوم، ويهتفون: “وداعًا!”
في طريق الجنوب، حاول أصدقاء دوروثي أن يطيبوا خاطرها، وقالوا: “لم لا تبقين معنا هنا في مدينة الزمرد؟” لكن دوروثي كانت تريد العودة إلى عمها هنري وعمتها إيم، في بلاد السهول. قالت: “قد لا يكون ذلك المكان جميلًا، لكني أفضله على كل ما عداه. فحب الأوطان طبيعة في الإنسان.” عندئذ خرج الفزاعة بفكرة من أفكاره الذكية. قال: “الطاقية الذهبية لا تزال معك! لعل القرود المجنحة تساعدك فتحملك إلى جنية الجنوب الصالحة!”
وهكذا استدعت دوروثي القرود المجنحة، فجاءت تشق الفضاء، وحملت الأصحاب جميعهم، ووضعتهم أمام عرش الياقوت الذي كانت تجلس عليه جنية الجنوب الصالحة. كان اسمها غلندا، وكانت ذات شعر أحمر براق، وعينين واسعتين، وتلبس فستانًا أبيض متألقًا.
مقابلة غلندا
أخبرتها دوروثي بقصتها، فانحنت غلندا وقبلت وجهها، وقالت: “سأقول لك ما تفعلين، لكن عليك أولا أن تعطيني الطاقية الذهبية.” مدت دوروثي يدها بالطاقية وقالت: “ها هي.”
قالت غلندا للفزاعة: “الآن، ماذا ستفعل أيها الفزاعة عندما تعود دوروثي إلى بلدها؟” طلب مني أهالي مدينة الزمرد أن أكون حاكمًا عليهم.” وسألت الحطاب التنكي: “وأنت، ماذا ستفعل؟” أجاب: “أهالي البلاد الغربية طلبوا مني، بعد مقتل ساحرتهم الشريرة، أن أكون حاكمًا عليهم.”
وأنت أيها الأسد؟” فأجاب الأسد بافتخار: “طلبت مني وحوش الغابة أن أكون ملكًا عليها!”
إذا سآمر القرود المجنحة أن تحمل كلا منكم إلى مملكته، وأعطي ملك القرود، بعد ذلك، الطاقية الذهبية فيتحرر هو وجماعته إلى الأبد.
قالت دوروثي بقلق: “وأنا؟” أجابت غلندا: “أنت تملكين الحذاء الفضي، يا صغيرتي. إن له قوة عجيبة، فما عليك إلا أن تذكري اسم المكان الذي تريدين الذهاب إليه!”
“كنت إذا قادرة على العودة إلى بلدي أول وصولي إلى هنا!” قال الفزاعة: “لو حدث ذلك لما حصلت على دماغ!” وقال الحطاب التنكي: “ولا حصلت أنا على قلب!” وقال الأسد: “ولا حصلت أنا على شجاعة!”
العودة إلى الوطن
قالت دوروثي: “هذا صحيح، وأنا مسرورة لأني ساعدتكم أيها الأصحاب. لكن الآن، وقد صرتم كلكم سعداء راضين، فإني راجعة إلى بلدي!” ثم أسرعت تحمل توتو. قالت غلندا: “اضربي فردني الحذاء، إحداهما بالأخرى، ثلاث مرات، ثم اذكري اسم المكان الذي تريدين الذهاب إليه!”
قالت دوروثي: “خذني إلى بلدي وعمتي إيم!” ورأت نفسها في الحال تدور في الفضاء دورانًا سريعًا حتى لم تكن تسمع شيئًا أو ترى شيئًا. ثم أحست بنفسها تتدحرج على أرض معشبة. تطلعت حولها لتعرف مكانها، فراحت تقفر فرحًا.
رأت نفسها في سهول بلدها، وأمام بيت جديد. ورأت عمها يحلب هناك بقراته. لكن الحذاء الفضي كان قد سقط منها في أثناء الطيران. ركضت دوروثي صوب البيت، وركض توتو وراءها يتبع بسعادة. وكانت العمة إيم تسقي نبات الملفوف.
هتفت العمة إيم، وهي تضم الفتاة وتقبلها: “يا طفلتي الحبيبة! أين كنت؟” قالت دوروثي: “كنت في بلاد أوز! يا عمتي، ما أحلى الرجوع إلى البيت!”
معرض الصور (قصة مدينة الزمرد)
لا تنسي فك الضغط عن الملف للحصول علي الصور
استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟
– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث