قصة عودة السندباد

السندباد، الفتى المحب للبحر، يخوض مغامرات مذهلة لاكتشاف أعماق المحيطات، يواجه الأهوال ويعود حاملًا كنوزًا ثمينة في قصة عودة السندباد.
عناصر القصة (جدول المحتويات)

كان السندباد فتى يتيمًا فقيرًا يعيش في مدينة البصرة، يعشق البحر ويقضي أيامه على الشاطئ يحلم بالمغامرات واللآلئ التي يرويها البحارة العائدون. عندما بلغ السادسة عشرة من عمره، قرر أن يركب البحر ويستكشف هذا العالم الغامض بنفسه. في أحد الأيام، وصل إلى الشاطئ وشاهد سفينة كبيرة ذات أشرعة بيضاء وصدر أسود على هيئة رأس ثعبان. بدت له تلك السفينة مليئة بأسرار البحر فصعد إليها وسأل عن وجهتها، فوافق الربان على أن يأخذه كبحار مبتدئ بعد أن رأى حماسه وذكاءه.

بدأت رحلة السندباد إلى جزيرة صندوق اللؤلؤ، وكان سعيدًا ونشيطًا. وبينما كان ينقل الحبوب والمواد الغذائية إلى مطبخ السفينة، سمع حركة مفاجئة خلف بعض الصناديق. هناك، اكتشف فتى يختبئ ويسمى سلطان، تسلل إلى السفينة لأنه يريد إنقاذ أبيه المسجون في الجزيرة. وعده السندباد بمساعدته وأصبحا أصدقاء.

وصلت السفينة إلى جزيرة صندوق اللؤلؤ، وتوجه السندباد وسلطان إلى قصر الملك. هناك، اكتشفا أن سلطان هو في الحقيقة فتاة تدعى سلطانة، كانت تبحث عن أبيها. أعجب الأمير حنظلة بشجاعة سلطانة ووعدها بالتحقيق في أمر أبيها وأعطى السندباد مكانًا بين حاشيته.

في وقت لاحق، قرر السندباد التسلل إلى جناح الأميرات لرؤية سلطانة، لكنه دخل غرفة أميرة أخرى وأمسك به الحراس وأودعوه السجن. تذكر الريشة الزرقاء التي أعطاه إياها الطائر الأزرق، وطلب من السجان أن يسحبها من الطاقية. حالما سحبت الريشة، توهجت وسمع السندباد صوت الطائر الأزرق الذي أمر السجان بفتح الباب. هرب السندباد متخفيًا بملابس السجان.

بعد مغامرات عديدة، اكتشف السندباد أن سبب غرق السفن حول جزيرة الشيطان هو الصخور المغناطيسية التي تشد السفن إلى قاع البحر. بعد اكتشافه هذا السر، عاد إلى جزيرة صندوق اللؤلؤ وأخبر الملك به، مما جعل الملك يحتفي به ويعده بكنوز كثيرة. لكن السندباد اكتشف أنه قد فقد محبوبته سلطانة التي ستتزوج الأمير حنظلة.

غادر السندباد جزيرة صندوق اللؤلؤ وعاد إلى البصرة بحزن. في طريق عودته، فقد كيس اللآلئ الذي أعطاه إياه الملك في البحر، كما رمى الريشة الزرقاء في البحر في لحظة غضب. وفي إحدى الليالي، سمع خفق أجنحة الطيور الزرقاء التي جاءت تحمل له لآلئ جديدة. شعر السندباد بالدهشة والعرفان، وعلم أن الطائر الأزرق قد سامحه.

وتنتهي القصة بعودة السندباد إلى موطنه محملًا بالكنوز، وقد تعلم درسًا عن الشجاعة والصداقة وأهمية الحفاظ على الأمل حتى في أحلك الظروف.

قصة عودة السندباد مكتوبة

كان يعيش في مدينة البصرة فتى يتيم فقير اسمه السندباد. كان ذلك الفتى يحب البحر كثيرًا وقد تعود منذ طفولته أن يذهب كل يوم إلى الشاطئ فيجلس أمامه يحلم باللآلئ وبالحيوانات البحرية الرهيبة، والقصص الغريبة التي يرويها البحارة العائدون. عندما بلغ السندباد السادسة عشرة من عمره عزم على أن يركب البحر ويستكشف بنفسه ذلك العالم السحري المليء بالحكايات والمغامرات.

بينما كان ذات يوم يتأمل البحر وصلت إلى الشاطئ سفينة كبيرة رائعة ذات أشرعة بيضاء وصدر أبنوسي على هيئة رأس ثعبان. فتراءى له أن تلك السفينة تحمل أسرار البحر كلها وتدور بها من شاطئ إلى شاطئ. صعد السندباد إلى السفينة يسأل عن وجهتها وحمولتها، ويستفسر عن ربانها وبحارتها. وقد رأى فيه الربان شابًا وديعًا ذا حماسة وذكاء، فوافق على أن يستخدمه بحارًا مبتدئًا.

رحلة إلى جزيرة صندوق اللؤلؤ

وقف السندباد على متكأ السفينة يلوح بيده لأمه الواقفة على رصيف الميناء ولرفاقه الذين جاؤوا يودعونه. وكان بين الحين والحين يلتفت إلى نفر من البحارة كانوا منهمكين في نقل بعض البضائع إلى داخل السفينة. فجأة لمح فتى يقترب من البحارة ثم رآه يساعدهم في حمل بعض الحاجات الخفيفة. أثار ذلك الفتى اهتمامه فقد كان يلف وجهه بكوفيته كأنما يريد إخفاءه. وبدا مرتبكًا، كثير الالتفات حوله. توقع السندباد أن يخرج الفتى بعد حين من السفينة، لكنه لم يخرج، وسرعان ما الفتى، وعاد يطل بابتسامته المشرقة على أمه ورفاقه الواقفين على رصيف الميناء. ثم حان وقت السفر، فتحركت السفينة ببطء وجلال، بين كلمات المودعين وهتافهم، وضحكات البحارة وصياحهم. وكانت الشمس المائلة ساعة المغيب ترمي أشعتها الذهبية على السفينة فيبدو صدرها الأبونسي البراق وكأنه مرآة سوداء حافلة بالأسرار والحكايات الغريبة. وأحس السندباد في تلك اللحظة أنه شرع يدخل عالمه السحري العجيب.

بينما كان السندباد ذات يوم على ظهر السفينة، حدث شيء غريب، فقد رأى طائرًا أزرق كبيرًا ذا جناحين واسعين مبسوطين يحط على سارية السفينة. وكان ريش ذلك الطائر يتوهج في أشعة الشمس توهج نار زرقاء. أسرع صاحب الدفة إلى قوسه وسدد سهمه. كان السندباد قريبًا يتأمل منبهرًا ذلك الطائر العجيب، ويقدر أنه سيكون لديه قصة سحرية يحكيها إلى رفاقه حين يعود، مشابهة للقصص التي يرويها البحارة العائدون.

إنقاذ الطائر الأزرق

أحس فجأة أن ذلك الرامي سيقتل قصته السحرية، فمد يده، دون وعي، إلى الدفة القريبة وحركها حركة مفاجئة، فاهتزت السفينة ومالت، وطاش السهم لكن السهم، مع ذلك، أصاب طرفًا من ريش الطائر، فتطايرت في الهواء بضع ريشات راحت تتهادى فوق موج البحر. وفجأة رأى السندباد أمامه ريشة من تلك الريشات، فقفز قلبه، وأسرع يشكها في طاقيته بفرح عظيم.

في تلك الليلة وضع السندباد طاقيته قرب رأسه ونام نومًا هانئًا عميقًا. لكنه أحس ليلاً أن ضوءًا يتوهج في عينيه، فتحهما، فإذا الريشة المشكوكة في طاقيته تتوهج توهجًا ساطعًا بنور أزرق غريب. وبينما هو ينظر إلى الريشة سمع صوتًا يقول: لقد أنقذت حياتي! إذا احتجت يومًا إلى عون، فما عليك إلا أن تسحب الريشة المشكوكة في طاقيتك. لكن حذارِ أن تسحبها إذا لم تكن محتاجًا إليها!

الريشة السحرية

تنبه السندباد من ذهوله فجأة، فرأى أن الصوت قد تلاشى، وأن الريشة قد فقدت توهجها وعادت إلى لونها الأزرق العادي. وبدا السندباد حائرًا لا يعرف أكان ما رأى وسمع حقيقة أم حلمًا من الأحلام. شغلت تلك الريشة تفكير السندباد. وكثيرًا ما خطر بباله أن يسحبها من طاقيته ليتأكد من حقيقتها، لكنه كان يتذكر تحذير الطائر فيمتنع عن ذلك.

كان على السندباد أن ينقل يوميًا بعض الحبوب والمواد الغذائية من عنبر السفينة إلى مطبخها. بينما كان ذات يوم يقوم بعمله ذاك سمع حركة مفاجئة وراء بعض الصناديق. استل خنجره واقترب من مصدر الصوت، فإذا أمامه فتى يحاول إخفاء نفسه عن العيون. وسرعان ما أدرك أن ذلك الفتى هو عينه الذي رآه على رصيف الميناء يقترب من السفينة مرتبكًا ويدخلها متسللًا، وكان لا يزال يخفي وجهه بكوفيته. تراجع الفتى ينظر بعينين خائفتين دامعتين. فأحس السندباد بتأثر وعطف شديد.

قال السندباد: لا تخف! لكن من أنت؟ ولم أنت مختبئ؟ سكت الفتى هنيهة ثم قال: اسمي سلطان، وقد تسللت إلى السفينة لأني أريد أن أذهب إلى جزيرة صندوق اللؤلؤ. فأبي مسجون هناك.

اكتشاف سر سلطان

قال السندباد: ولمَ أبوك مسجون؟ قال سلطان: لا أعرف، فهو تاجر شريف، لا يكذب ولا يحتال على أحد. وعلى أي حال، فأنا وأمي وأخوتي الصغار نحبه، ونحن بحاجة إليه. رأى السندباد في عيني الفتى صدقًا وبراءة، فوعد ألا يشي به وأن يساعده على البقاء متخفيًا إلى أن تصل السفينة إلى جزيرة صندوق اللؤلؤ.

كان السندباد سعيدًا، يعمل بنشاط. فإذا خلا إلى نفسه راح يتأمل الريشة الزرقاء ويفكر في حكايات البحر. وكان كلما وجد الوقت مناسبًا ينزل إلى حيث يختبئ الفتى فيحمل إليه الطعام والشراب ويسأله عن حاله. كان يأنس إلى حديث الفتى، ويشعر بميل شديد إليه. وقد وثق به ثقة كبيرة حتى حدثه عن الطائر الأزرق وعن ريشته الناطقة التي تتوهج توهج نار زرقاء.

أخيرًا وصلت السفينة إلى جزيرة صندوق اللؤلؤ، فأنزل التجار بضائعهم، وأسرع البحارة يزورون الجزيرة. أما السندباد وسلطان فقد توجها إلى قصر الملك. لكن حرس القصر منعوا الشابين من الدخول، فوقفا يتشاوران في ما يفعلان. في هذا الوقت خرج من باب القصر الأمير حنظلة، ابن ملك البلاد، على صهوة فرس أبيض، يحيط به نفر من الفرسان.

قفز سلطان صوب الأمير يريد أن يشكو إليه أمر أبيه، وقفز السندباد وراء سلطان. فظن الحراس أن الشابين يريدان بالأمير شرًا، فأسرعوا يمسكونهما. وفي أثناء التجاذب سقطت كوفية الفتى فجمد الناس كلهم في أماكنهم ووقفوا ينظرون ذاهلين.

كشف الهوية الحقيقية

رأى الناس أن الفتى هو في حقيقة الأمر فتاة لا شبيه لها في الجمال. كانت ذات شعر أسود طويل، وعينين سوداويتين مضيئتين، ووجه فاتن صبيح. كانت تقف بين الناس وكأنها أميرة من أميرات الحكايات. وقف السندباد حائرًا لا يصدق عينيه، وكان يقول في نفسه: أأنا أحلم؟ أهذه الصبية الفاتنة هي نفسها الفتى الذي كنت أجلس إليه وأحدثه؟ يا الله، ما أجملها! وأحس فجأة أنه يعرف هذه الصبية منذ زمن طويل وأنه يحبها حبًا شديدًا.

لم يكن السندباد وحده الذي أحب الصبية. فقد أحس الأمير حنظلة هو أيضًا بميل شديد إليها، ووقف يتأملها بإعجاب ودهشة. وسرعان ما سمع حكاية الفتاة سلطانة التي تنكرت في زي الفتى سلطان، وتسللت إلى سفينة مبحرة إلى جزيرة صندوق اللؤلؤ لتبحث عن أبيها.

التماس المساعدة من الأمير

قالت سلطانة للأمير: أبي سجين عندكم. أترضى أن يكون في سجنكم رجل بريء؟ أعجب الأمير حنظلة بشجاعة سلطانة، فوعدها بالتحقيق في أمر أبيها، وأمر بإعداد غرفة لها في جناح الأميرات. أما السندباد فقد جعل له مكانًا بين حاشيته.

بقي السندباد أيامًا لا يرى سلطانة. فلم يكن يُسمح لأحد بالاقتراب من جناح الأميرات. لكن السندباد عزم على أن يتسلل إليها ليلاً، غير عابئ بما في ذلك من مخاطر.

انتظر السندباد حلول الظلام. ولما اطمأن إلى أن أهل القصر قد ناموا، تسلل تحت جنح الظلام إلى جناح الأميرات. لكنه دخل، دون أن يعلم، غرفة أميرة من أميرات القصر. صرخت الأميرة فأسرع أهل القصر من كل صوب، وأمسكوا بالسندباد واقتادوه إلى السجن.

خطة الهروب من السجن

أعجب السجان بطاقية السندباد ذات الريشة، فأخذها منه ووضعها على رأسه. تذكر السندباد عندئذ الريشة الزرقاء، وقال في نفسه: حان الوقت لأعرف إذا كان ما رأيته وسمعته من تلك الريشة حقيقة أم حلمًا من الأحلام.

راح السندباد يفكر في حيلة يسحب بها الريشة المشكوكة في الطاقية. فنادى السجان، وقال له: إذا حدث لي شيء فأرجوك أن تعطي ريشة الطاقية لأمي، فإنها ريشة مسحورة تعرف أجمل الألحان. أسرع السجان يسحب الريشة من الطاقية، وهو يقول: إذا كانت تعرف أجمل الألحان فإني أريد أن أسمعها تفعل ذلك!

ما هي إلا لحظة حتى توهجت الريشة توهج نار زرقاء وسمع صوت يقول: ها أنا ذا، يا سندباد! صاح السندباد: أرجوك، أيها الطائر الأزرق، خلصني من هذا السجن! وفي الحال سمع صوت يصيح: أيها السجان افتح الباب! جمد السجان في مكانه ثم مشى ذاهلًا وفتح الباب. وأسرع السندباد يقيده ويخرج من السجن متنكرا في ثيابه، دون أن ينسى طاقيته وريشته.

سرعان ما انكشف أمر السجين الهارب، فانتشر رجال الشرطة في أنحاء الجزيرة يبحثون عنه. وأدرك السندباد أنه لا يستطيع البقاء طويلًا في الخفاء، فاتجه إلى الميناء. ورأى سفينة صغيرة تستعد للإبحار فصعد إليها.

اقتراب العاصفة

في أحد الأيام، لاحظ أن الربان والبحارة يكثرون من النظر إلى السماء. فعجب لذلك، وسأل عن الأمر، فقال بحار له: “في الجو علامات عاصفة، ونحن قريبون من جزيرة الشيطان! لتجي إذًا إلى جزيرة الشيطان!” ولا يصل أحد إلى جزيرة الشيطان، فكل سفينة تقترب منها تتفرق. دب الخوف في نفس السندباد، وأخذ يتتبع علامات العاصفة مع المتتبعين.

سرعان ما وصلت العاصفة! اشتدت رياح البحر، واضطربت الأمواج اضطرابًا عظيمًا. وراحت السفينة تقفر مع الموج وتنساق مع الريح. رأى الرجال العاصفة تشد سفينتهم صوب جزيرة الشيطان، فتملكهم الذعر الشديد، وحاولوا يائسين أن يبتعدوا عنها. لكن العاصفة كانت أقوى منهم، وقريبًا من شاطئ جزيرة الشيطان بدا كأن قوة عظيمة تشد السفينة إلى أعماق المياه، ولم يمضِ وقت طويل حتى كانت السفينة قد اختفت في بطن البحر.

النجاة من الغرق

وجد السندباد نفسه يغرق. بدا عاجزًا عن مقاومة الموج، شعر كأن القوة التي جذبت السفينة إلى أعماق البحر، قد تعلقت به هو أيضًا. لكن كان لا يزال أمامه أمل واحد. مد يده إلى طاقيته، وأسرع يسحب ريشتها الزرقاء. وما هي إلا لحظة حتى كانت الريشة قد توهجت في يده توهجها الأزرق الغريب، وسمع السندباد صوتًا يقول: “ارمِ خنجرك في الماء، يا سندباد!”

نزع السندباد خنجره من حزامه ورماه في البحر وفجأة تلاشت تلك القوة التي كانت تمسك به وتشده إلى أعماق الماء. التفت حوله فلم يجد للسفينة أثرًا. سبح السندباد إلى لوح خشبي عائم من ألواح السفينة، وتعلق به وسكن لحظة يلتقط أنفاسه.

الهروب من جزيرة الشيطان

أخذ السندباد يدفع اللوح بيديه بعيدًا عن الجزيرة، فقد كان يعلم أنه إذا جنف صوب الجزيرة فلن يجد أحدًا لإنقاذه. هبط الليل على السندباد فأحس بالوحشة، وزاد ذلك في خوفه ويأسه. ومع ذلك فقد شغل سر تلك الجزيرة تفكيره.

ظل طوال الليل يجدف. كانت العاصفة قد هدأت وبدا البحر من حوله هادئًا ساكنًا كأنه بركة واسعة، يتألق سطحها في ضوء القمر تألق قرص من الذهب البراق.

كان السندباد في صباح اليوم التالي مرهقًا، ولكن ضوء الصباح أنعش جسده، وبعث فيه أملًا جديدًا. وفجأة برقت عيناه، وصاح بأعلى صوته: “أظن أني قد عرفت سر الجزيرة!” ومع هذه الصيحة دبت فيه حماسة عظيمة، فراح يجدف وقد انبطح على اللوح الخشبي تجذيفًا قويًا. بدا كأن دماء الشباب لا تعرف البأس ولا الخوف ولا الضعف، فقد ظل ساعات يضرب بيديه الماء ضربات لا وهن فيها.

اقتراب النجدة

عند المغيب بدا في الأفق شبح سفينة تمخر العباب. أحس السندباد أن الفرج قريب. لكن سرعان ما أدرك أن السفينة بعيدة جدًا، وأنه فتى ضائع في هذا البحر الواسع. أسرع مرة أخرى، يمد يده إلى الريشة الزرقاء. وما هي إلا لحظة حتى كانت الريشة قد توهجت، وسمع السندباد صوتًا يقول: “أنت بعيد يا سندباد، ولكن السفينة قريبة.”

وفجأة ارتفع من الريشة عمود من دخان أزرق ملأ الجو، ورأى السندباد السفينة البعيدة تقترب. ظن الربان أن في البحر سفينة تحترق فأسرع لنجدتها. وصلت السفينة إلى السندباد وانتشلته من الماء.

العودة إلى جزيرة صندوق اللؤلؤ

عندما علم الربان ورجاله أنه من بحارة السفينة الغارقة، أقبلوا عليه يهنئونه، فإنه لم يسمع أن أحدًا نجا من جزيرة الشيطان قبل ذلك الزمان. كانت السفينة عائدة إلى جزيرة صندوق اللؤلؤ من رحلة طويلة. كان البحارة فرحين أنهم عائدون إلى جزيرتهم وأهليهم. لكنهم هذه المرة يعودون ومعهم رجل تحدى جزيرة الشيطان وقهرها.

في ميناء صندوق اللؤلؤ وقف الناس يرحبون بالسفينة العائدة من سفر بعيد. وسرعان ما انتشرت حكاية العائد من جزيرة الشيطان، فأرسل الملك يستدعي ذلك العائد للمثول بين يديه. لم يكن السندباد خائفًا من المثول بين يدي الملك. فهو بريء، لم يدخل غرفة الأميرة عن قصد. وهو يعود الأن إلي الجزيرة بسر عظيم من أسرار البحر. وأهم من هذا وذاك أنه يعود ليري سلطانة ويطلب يدها.

لقاء الملك والأمير

استقبل الملك والأمير حنظلة السندباد استقبالًا حسنًا، وسأل الملك السندباد عن حكايته مع جزيرة الشيطان. ابتسم السندباد ابتسامة المنتصر وقال: “مولاي، إن عندي سرًا عظيمًا من أسرار البحر. وأنا أضع الآن هذا السر بين يديك لتقهر جزيرة الشيطان وتدخلها دخول الفاتحين!”

نظر الملك وحنظلة بعينين ملؤهما الدهشة، وتابع السندباد يقول: “يا مولاي، إن شواطئ جزيرة الشيطان، والمناطق المحيطة بها، ذات صخور مغناطيسية قوية. والسفن، بحديدها وسلاح رجالها، فريسة سهلة لتلك الصخور التي تشدها إلى أعماق البحر.”

هب الملك من مكانه واحتضن السندباد كما يحتضن الأب ابنه، وقال: “نبني، إذًا، سفنًا لا حديد فيها، نعشقها تعشيقًا ونشدها بألياف الشجر، ونرسلها دون سلاح!” ثم صاح: “يا مسرور، هات كيسًا من اللآلئ!” أسرع حاجب الملك مسرور يأتي بكيس صغير من اللآلئ، فقدمه الملك للسندباد مكافأة له على اكتشافه العظيم.

الحزن والأسى

خرج السندباد حزينًا بائسًا. لقد ضاعت آماله كلها، وأحس أنه يكاد يختنق. أقام في الخان يومين لا يخرج منه أبدًا ولا يكلم أحدًا. في اليوم الثالث زاره التاجر حسن، والد سلطانة، الذي كان قد خرج من السجن بعد أن ثبتت براءته. ذكر له التاجر أنه جاء يتعرف إليه، ويشكره لأنه رعى ابنته سلطانة عندما كانت متنكرة في زي الفتى سلطان. وقال له، وهو يودعه: “سلطانة تذكرك دائمًا بالخير. فقد كنت لها أخًا كريمًا. وهي ترسل لك كوفيتها – كوفية سلطان – هدية.” فأخفى السندباد دمعة كانت في عينيه.

سافر السندباد على متن سفينة كانت مبحرة إلى البصرة. كان يمضي أكثر وقته على متكأ السفينة يتأمل البحر. اهتزت السفينة يومًا اهتزازًا مفاجئًا فاختل توازن السندباد وكاد أن يقع في الماء. وفي هذه الأثناء سقط منه كيس اللآلئ واختفى في البحر. ابتسم السندباد ابتسامة حزينة، وقال: “اللآلئ عادت إلى البحر!”

لكن فجأة أحس بغضب عظيم، فانتزع الريشة الزرقاء من طاقيته ورمى بها أرضًا. لم تتوهج الريشة هذه المرة توهجها المثير، ولا سمع صوت الطائر الأزرق. بل حدث أن هبت ريح قوية مفاجئة حملت الريشة إلى البحر، وهدأت الريح بعد ذلك فجأة، مثلما هبت فجأة.

لقاء الطيور الزرقاء

في الليلة الأخيرة لم يعرف السندباد النوم. فصعد إلى ظهر السفينة يفكر في حاله. لقد فقد لآلئه، وضيع ريشته الزرقاء، وخسر محبوبته. ورأى أن حكايات البحر كنوز يجب أن لا يرويها لأحد.

فجأة سمع خفق أجنحة. التفت فرأى في ضوء القمر سربًا من الطيور الزرقاء، وفي منقار كل منها شيء يتلألأ في الظلام. اقتربت تلك الطيور منه، وسط عجبه وانبهاره، وراحت تحوم فوق رأسه، فيرمي كل واحد منها في الطاقية التي كانت بين يديه لؤلؤة باهرة ثم يعود إلى التحليق. امتلأت الطاقية كلها باللآلئ.

مناقشة القصة

  • لم أحب السندباد أن يركب البحر؟
  • ما الذي أثار اهتمام السندباد؟
  • لم خاف السندباد على الطائر الأزرق، وماذا فعل لينقذه؟
  • ما الصوت الذي سمعه السندباد، ومم حذره ذلك الصوت؟
  • لم صدق السندباد حكاية الفتى سلطان؟
  • ما الذي يجعلك تعتقد أن السندباد وثق بالفتى سلطان؟
  • ما الذي اكتشفه السندباد حين عرف أن الفتى المتنكر سلطان هو في الحقيقة فتاة؟
  • لم حُبس السندباد؟
  • ما الذي كان يقلق البحارة؟
  • ماذا قال الصوت للسندباد؟
  • ماذا حدث عندما رمى السندباد خنجره في الماء؟
  • ما الذي بعث في السندباد أملًا جديدًا؟
  • لم لم يكن السندباد خائفًا من المثول بين يدي الملك؟
  • ما السر وراء غرق السفن حول جزيرة الشيطان؟
  • لم تعتقد أن السندباد غضب من الريشة الزرقاء ورماها في البحر؟
  • ما الدليل على أن الطائر الأزرق سامح السندباد على رميه الريشة في البحر؟
  • اكتب خاتمة جديدة للقصة وعلل اختيارك.

معرض الصور (قصة عودة السندباد)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى