قصة علي بابا والأربعون لصا

قصة علي بابا والأربعون لصا مليئة بالمغامرات المثيرة حيث يتمكن علي بابا من اكتشاف كنز اللصوص ويتغلب عليهم بحيل ذكية ومساعدة أصدقاءه.
عناصر القصة (جدول المحتويات)

كان في قديم الزمان صبيان أخوان، الأكبر اسمه قاسم والأصغر اسمه علي بابا. تزوج قاسم امرأة غنية، بينما تزوج علي بابا بامرأة فقيرة، مما اضطرهم إلى العيش في بيت صغير للغاية. كان علي بابا يكسب رزقه من جمع الحطب وبيعه في المدينة. وذات يوم، فوجئ علي بابا بقافلة من اللصوص تتجه نحوه في الغابة، فاختبأ على شجرة.

لاحظ علي بابا اللصوص وهم ينزلون أكياسًا ضخمة مليئة بالذهب أمام صخرة هائلة، وسمع قائدهم يأمر الصخرة بالفتح بعبارة “افتح يا سمسم”. بعد أن اختبأ اللصوص في المغارة، انتظر علي بابا حتى غادروا، ثم استخدم نفس العبارة لدخول المغارة. وجد علي بابا كنزًا من الذهب والجواهر، وأخذ ما استطاع حمله وعاد إلى منزله.

عندما عادت زوجة علي بابا من بيت أخيه قاسم، طلبت منه أن يحفر حفرة لإخفاء الكنز. توجهت إلى بيت قاسم لاستعارة صندوق وكأس. عندما لاحظت زوجة قاسم العلامة البيضاء على بابهم، تحددت لمعرفة السر. نقلت معلومتها إلى قاسم الذي توجه بعد ذلك إلى علي بابا ليعرف مصدر الكنز. قام علي بابا بإرشاده إلى المغارة.

في اليوم التالي، ذهب قاسم إلى المغارة ومعه عدة جياد ليحمل المال. نسي قاسم كيفية إغلاق الباب، وحين عاد اللصوص ووجدوه مختبئًا، ألقوا القبض عليه وظنوا أنه توفي بعد أن ضربوه. حين لاحظت زوجة قاسم غيابه، طلبت من علي بابا المساعدة. عاد علي بابا إلى المكان، ووجد أخاه، وحمله إلى المنزل ليعالج.

بعد وفاة قاسم، نشطت العصابة لمعرفة من يعرف سر المغارة. تمكن أحد أفراد العصابة من الحصول على حاجات منزل قاسم عبر مراقبة الكأس التي ثبت فيها شفرة تمييز البيت. قام اللص برسم علامة بيضاء على باب المنزل وعاد لرئيسه. لاحظت مرجانة، خادمة قاسم، العلامة، ورسمت نفس العلامة على بقية الأبواب. عند محاولة اللصوص العثور على المنزل، لم يستطيعوا تمييزه لوجود العديد من العلامات المماثلة.

حاول رئيس العصابة حيلة جديدة، فاستخدم جرار الزيت لإخفاء رجاله. بينما كانت مرجانة تبحث عن الزيت، اكتشفت الرجال المختبئين وصبت زيتًا شديد الحرارة على كل واحد منهم، مما أسفر عن وفاتهم جميعًا.

لم يعلم رئيس العصابة بما حدث إلا بعد عودته إلى المغارة، فقرر الهروب. لاحقًا، لاحظت مرجانة أن الحانوت الجديد القريب من مكان سكنهم يعود لرئيس العصابة، فاتخذت إجراءات لحماية علي بابا وأسرته. اقترحت على علي بابا أداء بعض الرقصات بعد الطعام، وفي أثناء ذلك اكتشفت خنجراً في طيات ثياب رئيس العصابة. شنت مرجانة هجومًا مفاجئًا عليه وطعنته بالخنجر، مما أسفر عن موته.

أثنى علي بابا على مرجانة لذكائها وبسالتها وعرض عليها الزواج من ابنه، مما وافقت عليه. هكذا تزوجت مرجانة ابن علي بابا، وأصبح الكنز اللصوص ملكًا لعلي بابا وعائلته. وزع علي بابا معظم تلك الأموال على الفقراء والمحتاجين، وعاش الجميع بعد ذلك بسعادة وهناء.

قصة علي بابا والأربعون لصا مكتوبة

كان في قديم الزمان صبيان أخوان، الصبي الأكبر اسمه قاسم، والأصغر اسمه علي بابا. وعندما كبر الأخوان تزوج قاسم امرأة غنية. أما علي بابا فقد تزوج امرأة فقيرة لا تملك شيئاً من المال. وهكذا اضطر هو وزوجته إلى أن يسكنا بيتاً صغيراً جداً، ولم يكن لديهما من الطعام والشراب إلا التافه القليل الذي لا يكاد يسد الرمق.

كان علي بابا يخرج إلى الغابة كل يوم ليحتطب ثم يعود بما يجمعه من الحطب على ظهور حميره الثلاثة الهزيلة، ويطوف بها شوارع المدينة منادياً، فتخرج بعض النساء من بيوتهن ويشترين منه الحطب. بهذه الطريقة كان علي بابا يكسب رزقه. لقد كان يعيش عيشة بائسة لا أثر فيها للرفاهية، ولم يستطع أن يجمع يوماً كمية كافية من النفود يعود بها إلى زوجته وابنه.

اكتشاف القافلة

وذات يوم، فوجئ علي بابا، وهو يقطع الحطب، بقافلة من الرجال على ظهور الخيل تتجه نحوه. فلم يعجبّه منظرهم، فهَمَسَ في آذان حميره الهزيلة: “لا أحب أن يروني. ربما أخذوا حطبي مني. فابتعدي أنتنّ عن هنا واختبئن، وسوف أتسلق أنا هذه الشجرة، وأختبئ فيها. وسأناديكنّ بعد ذهابهم”. وهكذا قفز علي بابا إلى الشجرة، وراح يراقب الرجال وهم يتقدمون على ظهور خيولهم.

وفجأة، صاح مقدمهم: “قفوا. المكان الذي نقصده هناك… على هذا المرتفع”. ترجل الفرسان جميعاً عن ظهور الخيل بسرعة عندما سمعوا النداء. ولاحظ علي بابا أن كل جواد من تلك الجياد كان يحمل على ظهره كيساً ضخماً. ولم يلبث الرجال أن أنزلوا تلك الأكياس الضخمة عن ظهور الخيل وحملوها على ظهورهم، واقتيدت الجياد بعيداً عن المكان. ثم أخذ الرجال يتسلقون بأحمالهم ذلك المرتفع حتى وصلوا إلى جوار صخرة كبيرة قريبة من الشجرة التي كان علي بابا مختبئاً بين أغصانها. راح علي بابا يعد الرجال الذين توقفوا بالقرب من مخبئه فكان عددهم أربعين رجلاً.

السر الكامن في الصخرة

أحاط الرجال جميعاً بتلك الصخرة الهائلة التي كانت تَنتصب أمامهم، وصاح أحدهم قائلاً: “افتح يا سمسم!” وسرعان ما رأى علي بابا في الصخرة باباً ينفتح، ثم رأى الرجل الذي أطلق الصيحة يدخل منه وخلفه بقية الرجال. وما كاد آخر رجل منهم يدخل حتى انسد الباب المفتوح وعادت الصخرة كما كانت.

وهمس علي بابا في سره: “كم أود العودة الآن إلى بيتي، ولكن أخشى أن يخرجوا في هذه اللحظة ويشاهدوني. فلأترقّب قليلاً.” وهكذا آثر الانتظار في مخبئه بين الأغصان وراح يسائل نفسه: “كيف لم ألاحظ الباب من قبل؟ ومَن الذي فتحه؟ وهل كان الباب مدخلاً إلى مغارة؟ ولماذا حمل الرجال تلك الأكياس إلى الداخل؟ لقد كانت أكياساً في غاية الضخامة، فما عسى أن يكون فيها؟ أتراها كانت ممتلئة بالنقود؟ وهل كان الرجال جماعة من اللصوص؟ إذا كانوا كذلك فإن من الخطر أن أهبط الآن من الشجرة. ولكنهم قد أطالوا المكوث في الداخل، فمتى تراهم يخرجون؟”

وبينما كان علي بابا غارقاً في هذه الهواجس بدأ الرجال يخرجون. لم يكن معهم أي كيس من تلك الأكياس. وحين أصبحوا جميعاً خارج المغارة صاح رئيسهم: “أغلق يا سمسم!” فإذا بباب الصخرة يغلق على الفور. حينئذ توجه الرجال إلى جيادهم، ووثبوا على ظهورها، وانطلقوا عائدين.

دخول علي بابا إلى المغارة

انحدر علي بابا من مخبئه على الشجرة بأقصى سرعة، ثم أسرع إلى الصخرة، وصاح كما صاح الرجل الأول: “افتح يا سمسم!” فانفتح الباب. ونظر إلى الداخل فرأى مغارة عميقة، وشاهد الأكياس التي تركها اللصوص مكدسة فيها. آه! لم تكن الأكياس وحدها في ذلك الكهف، كان هناك العديد من الأشياء الأخرى؛ الذهب، والفضة، والجواهر، والملابس الحريرية الثمينة.

قال علي بابا في نفسه: “ليس لدي وقت أضيعه. إذا ما عاد الرجال وأبصروني هنا فإنهم سيقتلونني بلا شك. فلأتم بجولة خاطفة في أرجاء المغارة لألقي نظرة فاحصة على كل ما حولي”. وطاف بالمكان، وتأمل الأكياس التي تركها الرجال. كانت كلها مملوءة بالنقود.

الخروج من المغارة

وسرعان ما سحب أكبر أكياس النقود نحو الباب وكان قد أغلق من ورائه بعد دخوله. لكنه عندما صاح: “افتح يا سمسم!” فتح في الحال، وأسرع خارجاً، ثم قال: “أغلق يا سمسم!” فأغلق الباب. ولم يبذل علي بابا جهداً كبيراً في العثور على حميره الثلاثة. كانت المسكينة تنتظره في مكان قريب بين الأشجار. وسرعان ما وضع الأكياس على ظهرها، وغطاها بشيء من الحطب. وبذلك أخفاها عن العيون كي لا يستطيع أحد أن يراها أو يشعر بأنها هناك، ثم اتخذ طريقه إلى البيت…

عودة علي بابا إلى المنزل

وصل علي بابا إلى البيت، ولم تدرِ زوجته ماذا تفعل وكيف تتصرف عندما شاهدت كل تلك النقود في الأكياس. جلس الحطاب إلى جانب امرأته وأخبرها أين وجد الكنز، وقص عليها القصة، ثم أوصاها ألا تبوح بالسر لأي إنسان. وسألت زوجها وهي ما تزال مدهوشة: “هذه التقود كثيرة جداً، فأين سنحتفظ بها؟”

أجابها علي بابا: “سأحفر حفرة عميقة، وأخفيها فيها”. رجته هي أن يتركها تعد ما لديهما من مال. اغترفت قبضة من النقود وتركته يتناثر من بين أصابعها وراحت تعد قطع الذهب المتناثرة أمامها: “واحدة، اثنتان، ثلاث، أربع، خمس، ست…”

فقال علي بابا: “كفى، سيستغرق ذلك وقتاً طويلاً جداً. لدينا كمية هائلة من هذه القطع.” طلبت المرأة من زوجها أن يحفر حفرة، وذهبت إلى بيت أخيه قاسم لتستعير صندوقاً تضعها فيه، وكانت متلهفة لمعرفة مقدار هذه النقود. همس علي بابا في أذنها وهي ذاهبة: “حذارِ أن يعرفوا لماذا تريدين الصندوق!”

التحقيق مع قاسم

لم يكن قاسم في البيت، بل كانت زوجته. سألت زوجة أخيه: “ولماذا تريدين الصندوق؟” فأجابت امرأة علي بابا: “لأضع فيه بعض الدقيق. ثم… هل أستطيع أن أستعير منك كَأساً أيضاً، لكي أستعين بها على كيل الدقيق وأعرف مقدار ما عندنا منه؟” قالت امرأة قاسم: “على الرحب والسعة. سأذهب في الحال لأحضر لك الكأس التي تطلبين. ولكن أرجو أن تعيديها إلينا بعد أن تقضي حاجتك منها.”

ذهبت المرأة لتحضر الكأس وهي تقول في نفسها: “من أين لامرأة علي بابا كل هذا الدقيق؟ إن نقودهم الضئيلة القليلة لا تسمح لهم بشراء أية كمية منه يجب أن أكشف ما في الأمر. إني أعرف جيداً ما سأعمل.” أخذت الكأس وألصقت في أسفلها قليلاً من الشمع في نقطة لا يمكن أن تلاحظ بسهولة. عادت امرأة علي بابا إلى البيت بأقصى سرعتها حاملة معها الصندوق والكأس.

الكشف عن الكنز

قالت: “سأرى الآن كم من النقود تسع هذه الكأس إذا ما امتلأت، وعندئذ نستطيع أن نعرف كم كأساً يسع الصندوق حتى يمتلئ. وبهذه الطريقة يمكننا أن نحسب المال الذي بين أيدينا.” وبدأ الكيل، فوجدت أن الصندوق يتسع لأربعين كأساً من النقود، وأن الكيس الواحد يملأ ثلاثة صناديق، وهنالك ثلاثة أكياس ممتلئة. يا له من كنز ثمين! كله من الذهب. بالسعادة!

هنا قالت امرأة علي بابا: “الآن، علي أن أعيد الكأس إلى أصحابها.” توجهت إلى بيت قاسم وهي لا تعلم بوجود قطعة الذهب في أسفل الكأس. عندما أخذت امرأة قاسم الكأس قلبتها بين يديها فوجدت قطعة الذهب الملتصقة في قاعدتها. وحين عاد زوجها من الحانوت سألته إن كان لديه شيء من المال. أجابها قاسم: “كلا، إنني لم أبع كثيراً هذا اليوم.” فقالت المرأة ساخرة: “عند علي بابا الكثير من المال.” قال قاسم: “ماذا تقولين يا امرأة؟ أنت تعلمين أن علي بابا رجل فقير لا يملك شيئاً.”

ثروة علي بابا

فأجابت الزوجة ضاحكة: “صدقني، إنه أغنى منك. إنه احتاج إلى صندوق كبير لكي يضع فيه الذهب الذي يملكه.” قصت عليه كيف عرفت ذلك. فلم يكن قاسم سعيداً بهذا النبأ على الإطلاق، وأخذ طريقه إلى بيت علي بابا لكي يسأله من أين حصل على الذهب. فوجئ علي بابا بسؤال أخيه قاسم، فقال له: “كيف علمت أن لدي مالاً؟”

عندما أخبره قاسم كيف كشفت زوجته السر، قال علي بابا: “حسناً، سأخبرك الحقيقة”. كان قاسم رجلاً جشعاً لا يرضى أن يكون أقل مالاً من علي بابا بأي حال من الأحوال، ولذلك قال لأخيه: “عليك أن تدلني على المكان الذي وجدت فيه الذهب، وإذا لم تفعل، فسأذهب إلى الشرطة وأقول لهم: إنك واحد من اللصوص.” عندئذٍ قال علي بابا: “سأدلك على طريق المغارة. عندما تصل إليها، ستجد هناك شجرة تقبع إلى جوارها صخرة هائلة. تقدم من الصخرة واهتف: “افتح يا سمسم”، وسيُفتح الباب أمامك في الحال. وعندما تخرج من المغارة، اهتف: “أغلق يا سمسم”، فيغلق الباب. هذا كل ما ينبغي عليك أن تفعله.”

قاسم ورحلته إلى المغارة

ما كادت الشمس تشرق في اليوم التالي حتى ركب قاسم حصانه، وانطلق إلى المكان الذي دله عليه علي بابا واقتاد معه ثمانية من الجياد القوية ليحمل عليها كل ما يستطيع أن يستولي عليه من الذهب. سرعان ما وجد الصخرة والباب في المكان المحدد بالضبط، وهتف قائلاً: “افتح يا سمسم!” ففتح الباب على الفور، ودخل مسرعاً، ثم أغلق الباب وراءه.

دهش قاسم عندما رأى أكياس الذهب والجواهر، وتفحصها كلها، وتساءل بينه وبين نفسه: “ماذا سأخذ منها؟” اختار عدداً من أضخم الأكياس وسحبها حتى الباب، قائلاً: “ما أظن أنني أستطيع أن آخذ أكثر من ذلك في هذه المرة”. كانت لديه ثمانية أكياس، وأضاف بصوت خفيض: “والآن، علي أن أغادر هذا المكان بأقصى ما أستطيع من سرعة، فما أحب أن يجدني أولئك اللصوص هنا”. كان تفكيره كله ينصب في كيفية إخراج الأكياس، حتى إنه نسي كيف يفتح الباب. فقال: “افتح يا قمحا!” بدلاً من: “افتح يا سمسم!”. ولذلك بقي الباب مغلقاً.

ثم نادى: “افتح يا شعيرا!”، ولم تكن الكلمة صحيحة أيضاً. فقال: “افتح يا شوفانا!” ولم يحدث شيء على الإطلاق. دفع الباب وجذبه بشدة فلم يتزحزح، وكرر المحاولة فلم ينجح، ولم يتذكر الكلمة التي تفتح بها الباب. كان قاسم ما يزال سجين المغارة عندما عاد إليها اللصوص ليضعوا فيها المزيد من أكياس الذهب. شاهدوا الجياد التي جاء بها في الخارج، فتهامسوا فيما بينهم: “لا بد أن يكون أحدهم قد كشف المكان؛ فلا تتركوه يفلت من أيدينا”.

القبض على قاسم

حينئذٍ هتف رئيسهم: “افتح يا سمسم!” وما كاد الباب يفتح حتى خرج قاسم هارباً، فألقوا عليه القبض وأشبعوه ضرباً وطعناً، ثم طرحوه في المغارة ظناً منهم أنه قد فارق الحياة.

في تلك الليلة، قلقت امرأة قاسم بشدة على غياب زوجها. فذهبت إلى علي بابا، وقالت له بتوسل: “قاسم لم يعد إلى البيت. أرجو أن تبحث عنه”. لبى علي بابا طلبها، واتجه توّاً إلى المغارة فوجد أخاه هناك وهو على حافة الموت؛ فحمله على ظهر حماره، وعاد به إلى البيت، وأوصى أهله أن يكتموا الأمر، ثم قال: “إذا سأل أحد عن قاسم فقولوا إنه مريض فقط. سنتردد أنا وزوجتي على بيتكم لنعنى به، ولكننا سنحتاج إلى من يساعدنا في معالجته”.

تدخلت مرجانة، الفتاة التي كانت تعمل عند امرأة قاسم قائلة: “أعرف شخصاً باستطاعته أن يساعدنا. إنه صانع أحذية عجوز، لديه خبرة في معالجة المرضى. سأمضي إليه، وبقليل من المال سأقنعه بالحضور”.

في صباح اليوم التالي، أسرعت مرجانة إلى حانوت العجوز قبل أن تبزغ الشمس وينطلق الناس إلى أعمالهم، فوجدته في حانوته. كان من عادته أن يبدأ عمله دائماً مع الفجر. بادرته الفتاة قائلة: “هل تتلطف فتمضي معي إلى دارنا؟ عندنا شخص مريض يشرف على الهلاك. سأعطيك هذه النقود كلها إذا مددت لنا يد العون”.

قال العجوز وقد أثرته لهجة مرجانة المؤثرة وصورة المريض المشرف على الهلاك: “أين تقع داركم يا بنيتي؟”

محاولة إنقاذ قاسم

قالت مرجانة: “لا أستطيع – مع الأسف – أن أقول لك أين تقع. لا ينبغي أن تعرف موضعها. ما عليك إلا أن تغمض عينيك، وتبقيهما مغمضتين طوال الطريق الذي سأقودك فيه حتى نصل”. وهكذا قادته إلى دار قاسم، وصعدت به إلى الغرفة التي يتمدد فيها، وقالت: “يمكنك الآن أن تفتح عينيك. انظر إلى هذا الرجل، هل تستطيع أن تفعل شيئاً لإنقاذ حياته؟”

ألقي العجوز الحكيم نظرة على قاسم، وهز رأسه قائلاً: “هذا الرجل في حالة سيئة جداً، لكن سأبذل ما في وسعي”. ثم عمد إلى جراح قاسم، فضمدها بعناية فائقة، وأعد له شراباً خاصاً، وراح يراقبه ويعنى به لساعات عديدة.

بعدئذٍ، قال الحداد العجوز: “ما أظن أنني أستطيع أن أفعل أكثر مما فعلت لإنقاذ هذا الرجل”. قالت مرجانة: “شكراً على كل ما فعلته يا عم. الآن سأعود بك إلى حانوتك، ولكن أرجو ألا يعلم أحد أنك جئت إلى هذا المكان”. أغمض الحداد العجوز عينيه، وقادته مرجانة إلى حانوته. لم يمض على ذلك يومان حتى توفي قاسم.

هرعت مرجانة إلى الشارع صارخة: “سيدي مات… سيدي مات!” خرجت النسوة من بيوتهن ليعرفن من الذي يصرخ، فشاهدن زوجة قاسم وقد أطلت من شباك البيت وهي تولول وتندب. في اليوم التالي، شُيّع جثمان قاسم إلى المقبرة خارج المدينة ودفن. بعدئذ، انتقل علي بابا وزوجته إلى دار قاسم ليواسيان زوجة أخيه. ومضي ابن علي بابا إلى حانوت عمه ليديره ويعمل فيه.

اختفاء قاسم وقلق اللصوص

ولم يمضِ يومان أو ثلاثة، حتى عاد اللصوص إلى المغارة. وعندما فتحوا الباب لم يجدوا أثراً لقاسم في الداخل. فقال بعضهم لبعض: “لا بد أن أحداً ما قد أخذه. يجب أن يذهب أحدنا للبحث عن ذلك الشخص الذي يعرف حتماً سر مغارتنا.” وانبرى أحد رجال العصابة قائلاً: “أنا سأقوم بهذه المهمة.” وانطلق الرجل في صباح اليوم التالي بحثاً وتنقيباً حتى بلغ حانوت الحداد.

اقترب الرجل من الحداد وسأله: “هل يقصدك العديد من الناس لتبيعهم أحذية، أيها الشيخ؟” أجاب الحداد متباهياً: “نعم يا بني، ويقصدوني من أجل أشياء أخرى أيضاً، غير الأحذية. البارحة بالذات، مثلاً، طُلب إليّ أن أحاول إنقاذ حياة رجل طعن بالخناجر حتى قارب الموت. ولكني جئت – فيما يبدو – بعد فوات الأوان، فلم أستطع أن أفعل له الكثير.”

قال اللص: “ماذا تقول؟ دلني على الدار التي ذهبت إليها وسأعطيك هذا الكيس من القطع الذهبية.” أجابه العجوز: “لا أعرف أين تقع تلك الدار. لقد فرض علي أن أبقى مغمض العينين طوال الطريق، وكانت تقودني فتاة.”

محاولات فاشلة لتحديد المنزل

قال اللص: “إذاً… حاول أن تغمض عينيك وتمشي، فربما استطعت أن تتذكر المكان. ينبغي عليك أن تتذكر، هل سرت يميناً أم شمالاً؟ وهل كانت طريقك طويلة أم قصيرة؟ هيا بنا، أعطني يدك وأغمض عينيك.” انطلقا على هذا الأساس، حتى توقفا أمام دار قاسم.

قال العجوز: “أعتقد أن هذا هو المكان الذي زرته.” عندئذٍ رسم اللص على باب المنزل علامة بيضاء، وعاد بالعجوز إلى حانوته وسلمه كيس الذهب، ثم مضى في سبيله.

حين خرجت مرجانة تريد شراء بعض الحاجات من السوق، شاهدت الباب مع العلامة البيضاء المرسومة عليه، فاستغربت وتساءلت: “من الذي وضع هذه العلامة هنا؟ هل هم أطفال الحارة؟ لا أظن ذلك. لماذا وضعت العلامة على بابنا وحده؟” وهكذا رسمت مرجانة عدداً من العلامات المماثلة على أبواب الدور الأخرى، ثم مضت في طريقها لشراء حاجاتها.

محاولات اللصوص

في هذه الأثناء، كان اللص قد عاد إلى المغارة وبادر رفاقه قائلاً: “لقد اكتشفت لكم بيت الرجل الذي نبحث عنه. تعالوا معي، وسأقودكم إليه.” ولما وصلوا إلى المكان، وجدوا العديد من البيوت التي تحمل العلامة البيضاء ذاتها على أبوابها، ولم يستطع أن يميز البيت المطلوب. استغرب اللصوص ولم يكن أمامهم سوى العودة إلى مغارتهم من حيث أتوا.

بعد أن استقر اللصوص في مغارتهم، قال واحد منهم: “دعوني أحاول مرة أخرى.” في اليوم التالي، رافقه الحداد العجوز كما فعل مع صاحبه الأول. وعندما وجدوا الدار، وضع اللص علامة حمراء على الباب وقال لنفسه: “كل الأبواب الأخرى تحمل علامات بيضاء، ما عدا هذا الباب. سيكون وحده الذي يحمل علامة حمراء.”

محاولة رئيس العصابة

حين عادت مرجانة من السوق وشاهدت العلامة الحمراء، رأت أن ترسم علامات حمراء على أبواب الدور الأخرى، كما فعلت في المرة الأولى بالضبط. عاد اللصوص ثانية، فإذا الأمر يلتبس عليهم من جديد، ولم يتمكنوا من معرفة البيت المطلوب. غضب رئيس العصابة أشد الغضب، وصاح برجاله قائلاً: “هذا لا يجدي. يجب أن أذهب أنا وأعرف البيت بنفسي.” مضى وحده إلى الحداد، فاصطحبه العجوز إلى الدار كما فعل مع اللصين. لم يرسم رئيس العصابة أية علامة على الباب، بل تفحصه بنظرة حادة ثم قفل راجعاً.

جمع رجاله عند عودته وقال لهم: “دعوني أفكر في ما يجب أن أفعله.” في اليوم التالي، صاح بهم: “وجدتها! عليكم أن تذهبوا الآن وتشتروا عدداً من الجرار الضخمة من النوع الذي يستخدم لحفظ الزيت. أريد الزيت في واحدة منها فقط، أما باقي الجرار فيجب أن تأتوا بها فارغة.”

دهش اللصوص مما سمعوا، وصاح أحدهم قائلاً: “لماذا؟” فأجابه الرئيس: “لأنكم ستختبئون في هذه الجرار التي ستحملها الجياد. سأقود الجياد بنفسي إلى دار علي بابا، وسأخبره أني قادم من سفر بعيد، وأني قطعت طريقاً طويلة وأطلب إليه أن يسمح لي بالمبيت في داره تلك الليلة.”

غمغم الرجال: “وماذا سنفعل نحن؟” قال: “ينبغي أن تبقوا في الداخل. إنها جرار ضخمة، وستجدون فيها مكاناً ملائماً لكل واحد منكم. عندما يحين الوقت المحدد سأبلغكم بما ستقومون به.”

مبيت رئيس العصابة عند علي بابا

وسارت الأمور كما خطط رئيس العصابة، وسمح له علي بابا بالمبيت في داره تلك الليلة، وساعده في إنزال الجرار من على ظهور الخيل، ثم قال له: “تفضل فادخل الآن لتناول طعام العشاء.” بعد أن تناول رئيس العصابة ما طاب له من الطعام والشراب، قال: “عليّ أن أذهب الآن وأسقي الجياد.” في الإسطبل، مر بكل جرة من الجرار على حدة وتحدث إلى الرجل الذي كان مختبئاً فيها قائلاً: “إذا سمعتموني أطلق صوتاً صغيراً كصفير العصافير، فاخرجوا من جراركم على الفور. سأهبط من حجرتي إليكم، وأخبركم ما ينبغي أن تفعلوا.”

ثم غادر الإصطبل في هدوء، عائداً إلى الدار.

دهاء مرجانة

حينما قامت مرجانة لتوقد النار في تلك الليلة، نفد زيت مصباحها، فانطفأ وأمست في العتمة لا ترى ما تفعل. قالت في نفسها: “عليّ أن أبتاع مزيداً من الزيت في صباح الغد، ولكن لا بأس أن أستعين بواحدة من تلك الجرار، فآخذ قليلاً من زيتها لليلة واحدة فقط.” توجهت إلى أول جرة، فعندما اقتربت منها، همهم الرجل الذي كان يختبئ في داخلها: “هل حان الوقت؟” ظناً منه أن القادم إليه هو رئيس العصابة.

قفزت مرجانة مرتعبة، لكنها تمالكت نفسها وقالت بصوت خفيض: “كلا، لم يحن بعد. انتظر قليلاً.” مضت إلى الجرة الثانية ثم الثالثة، وفي كل مرة كان الرجال المختبئون يهمهمون: “هل حان الوقت؟” فتجيبهم مرجانة: “كلا، لم يحن بعد. انتظروا قليلاً.” في الجرة الأخيرة، عثرت على الزيت وملأت منه مصباحها. خطرت لها فكرة، فأخذت مقداراً كافياً من الزيت، وأغلتْه على نار حامية، ثم مضت إلى الجرار، وصبّت في كل واحدة منها دفقة من الزيت شديد الحرارة. كانت تلك نهاية اللصوص.

هروب رئيس العصابة

عندما نزل رئيس العصابة من غرفته في ظلام الليل، فوجئ برجاله جميعاً وقد فارقوا الحياة. وثب على ظهر حصانه ولاذ بالفرار. في صباح اليوم التالي، أخبرت مرجانة علي بابا بكل ما حدث، ولم تنسَ أن تقص عليه قصة العلامات البيض والحمر. شكرها علي بابا على ما فعلت وأكد لها أنه لن ينسى أبداً صنيعها هذا. ثم طلب إلى عدد من رجاله أن يحفروا حفرة كبيرة في الغابة وفي تلك الليلة تم دفن اللصوص جميعاً في تلك الحفرة.

حيلة رئيس العصابة الجديدة

وجد رئيس العصابة نفسه وحيداً بعد ذلك فقال: “سأشتري حانوتاً كبيراً، وأضع فيه كل الحرائر والمجوهرات التي في المغارة، فإذا ما بعتها عشت في نعيم دائم.” اشترى الحانوت ونفذ فكرته، وكان كل من مر بالمكان يقول: “يا له من حانوت جميل!”

في يوم من الأيام، التقى ابن علي بابا برئيس العصابة، وقد كان حانوتاهما متجاورين. عندها دعاه ابن علي بابا إلى البيت لتناول العشاء. كان علي بابا قد نسي هيئة رئيس العصابة، فلم يتذكر أنه رآه من قبل. لكن مرجانة شكت في أمره عندما رأته يدخل الدار، وقالت لنفسها: “لقد رأينا هذا الرجل من قبل. يبدو أنه يريد بنا شراً. ينبغي أن أحول بينه وبين ما يريد.”

سارعت مرجانة إلى علي بابا قائلة: “عندما تفرغون من العشاء، هل تأذن لي بأن أقدم لكم بعض الرقصات؟” رحب علي بابا بالفكرة. فما كادوا يفرغون من طعامهم حتى دخلت مرجانة وشرعت ترقص رقصاتها البديعة.

نهاية رئيس العصابة

عندما انتهت من الرقص، طافت على الحاضرين وهي تحمل في يدها كوباً ليضعوا فيه بعض النقود. وضع علي بابا بعض الدراهم في الكوب، وكذلك فعل ابنه. فيما شاهدت مرجانة خنجراً مخبأً في طيات ثياب زعيم العصابة. في لحظةٍ سريعة، انقضت مرجانة على زعيم العصابة وانتزعت منه الخنجر وطعنته في صدره، فمات في الحال.

وثب علي بابا من مقعده صائحاً: “ماذا فعلتِ يا مرجانة؟”

أجابت: “لو لم أفعل ذلك لقتلكما. إنه رئيس اللصوص الذي جاء بجرار الزيت ونزل عندنا من قبل. هل تذكر يا سيدي؟”

رأى علي بابا أن ما فعلته مرجانة هو الصواب، فقال لها: “إنك فتاة رائعة. أشعر بالسعادة إذا وافقتِ أن يكون ابني زوجاً لك.”

نهاية سعيدة

هكذا تزوجت مرجانة من ابن علي بابا، وأصبح الكنز اللصوص ملكاً لعلي بابا وعائلته. حانوت رئيس العصابة، والذي أصبح ملكاً لعلي بابا، وزع معظم تلك الأموال على الفقراء والمحتاجين. عاش الجميع بعد ذلك بهناءٍ وسعادةٍ ورخاء.

معرض الصور (قصة علي بابا والأربعون لصا)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى