قصة علاء الدين والمصباح العجيب

قصة علاء الدين والمصباح العجيب تعلم الأطفال قيم الشجاعة والذكاء في مواجهة التحديات، وتحكي عن مغامرات علاء الدين مع الساحر والمصباح السحري.
عناصر القصة (جدول المحتويات)

في مدينة بغرب الصين، كان يعيش صبي صغير يُدعى علاء الدين، يعاني من الفقر ويعيش مع أمه بعد وفاة والده الخياط. علاء الدين كان محبًا للعب واللهو، مما جعل والدته تكافح لكسب لقمة العيش بغزل القطن.

في يوم من الأيام، وبينما كان علاء الدين يلعب مع أصدقائه في أحد الأزقة، مرّ بهم رجل غريب قدم نفسه كعم لعلاء الدين. هذا الرجل كان في الواقع ساحرًا شريرًا جاء من مشارق الصين بحثًا عن مصباح سحري لا يمكن الحصول عليه إلا من خلال علاء الدين. بدأ الساحر ببذل الجهد لإقناع علاء الدين وأمه بصدق قصته، وأغراهم بالدنانير الذهبية.

أخذ الساحر علاء الدين في رحلة خارج المدينة إلى كهف مخفي، وأمره بالنزول إلى داخله لجلب المصباح السحري. داخل الكهف، وجد علاء الدين المصباح وتمكن من الحصول عليه، لكنه احتجز في الكهف بعد أن أغلق الساحر المدخل عليه. بفضل خاتم سحري كان قد أعطاه الساحر، استدعى علاء الدين جنيًا ساعده في الهروب والعودة إلى المنزل.

عندما اكتشفت أم علاء الدين قدرات المصباح، ظهر جني المصباح وقدم لهم الطعام والثراء. بمرور الوقت، أصبح علاء الدين قادرًا على استخدام الجني لتلبية احتياجاتهم وتحسين حياتهم. وذات يوم، رأى علاء الدين ابنة السلطان في السوق وأعجب بها بشدة، فطلب من أمه أن تذهب إلى السلطان لخطبتها له.

استقبل السلطان أم علاء الدين وأُعجب بالهدايا القيمة التي قدمتها. لكنه وضع شروطًا تعجيزية ليقبل بزواج ابنته، مثل تقديم أربعين طاسًا مليئة بالجواهر وبناء قصر بجوار قصره. بمساعدة جني المصباح، تمكن علاء الدين من تلبية جميع هذه الشروط وأصبح زوجًا للأميرة، وعاشوا حياة مليئة بالسعادة والرخاء.

لكن الساحر لم يستسلم، فعاد إلى المدينة وأقام حيلة لاستبدال المصباح القديم بمصباح جديد. وقع علاء الدين في الفخ عندما قامت الأميرة بتسليم المصباح للساحر دون معرفة حقيقته. باستخدام المصباح، نقل الساحر القصر والأميرة إلى بلده البعيد.

لم يفقد علاء الدين الأمل، واستدعى جني الخاتم الذي ساعده على الوصول إلى مكان الساحر. بالتعاون مع الأميرة، نجحا في تسميم الساحر واستعادة المصباح. باستخدام جني المصباح، عاد علاء الدين والأميرة وقصرهما إلى مكانهم الأصلي بجوار قصر السلطان. استُقبلوا بفرح كبير وعاشوا جميعًا في سعادة وأمان، مع الحرص على حفظ المصباح في مكان آمن لا يعرفه أحد.

وهكذا، انتهت قصة علاء الدين والمصباح العجيب بانتصار الخير على الشر، وتعلم علاء الدين قيمة الشجاعة والحب الحقيقي.

قصة علاء الدين والمصباح العجيب مكتوبة

الصين من البلاد العريقة في الشرق الأقصى، وهي شاسعة المدى – تمتد من شواطئ المحيط الهادي غربًا حتى الشرق الأوسط. وكان التجار العرب منذ آلاف السنين يعبرون جبال الصين الغربية الشاهقة ويعودون بالبضائع الثمينة من الحرير والبهارات والخزفيات إلى بلاد العالم العربي حول البحر المتوسط. وكانوا يحملون معهم أيضًا العديد من القصص والأساطير مما سمعوه أو شاهدوه في أسفارهم.

بداية الحكاية

والحكاية التالية هي من جملة ما حملوه عن صبي اسمه علاء الدين، كان والده مصطفى خياطًا فقيرًا يكدح بترقيع الملابس وإصلاحها من أجل رزق عياله، في مدينة بغربي الصين. وكان علاء الدين جريئًا متوثب الحيوية والنشاط، لكنه كان مهملاً لا يبالي بغير اللعب والشيطنة، رغم حق والده المتكرر له على الاجتهاد في الكتاب أو المساعدة في الدكان وتعلم أصول الخياطة. وزاد المرض على هموم الوالد فمات تاركًا أرملته وولده علاء الدين يجابهان شظف العيش. واضطرت أم علاء الدين إلى بيع الدكان حين رأت انصرافه عن مهنة الخياطة، وراحت تكد في غزل القطن لتكسب لها ولولدها ما يسد الرمق، أما علاء الدين فلم يزده غياب الوالد وتأنيبه إلا تمردًا وطيشًا فصار يقضي معظم أوقاته متسكعًا في أزقة المدينة مع رفاقه.

لقاء علاء الدين بالغريب

وذات يوم بينما علاء الدين ورفاقه يلعبون في أحد أزقة المدينة، مر بهم غريب فراح يسألهم عن أسمائهم. ثم تقدم من أحد الصبية وناوله قطعة من الحلوى، ثم أشار إلى علاء الدين بإصبع عجيب مستفسرًا عن اسمه، فأخبره الصبي به. وبعد قليل اقترب الغريب من علاء الدين وفاجأه قائلاً:

– “لقد عرفتك من ملامحك يا علاء الدين! إنك شديد الشبه بمصطفى الخياط – أخي. أنا عمك يا حبيبي! هيا خذني إلى أبيك فورًا”.

فأجابه علاء الدين:

– “ولكن أبي قد مات! لقد مات منذ ثلاثة أشهر، ألم تدر؟”

فشعر الغريب بأسى، وراح يبكي بحرارة نادبًا:

– “يا لأخي المسكين! واأسفاه، لقد ولت فرحة العودة. لكن لا بد لي من القيام بواجب الرحم نحوكم”.

ثم ناوله بضعة دنانير ذهبية وقال له:

– “اذهب بهذه إلى والدتك، وأخبرها أني أنوي زيارتكم هذا المساء”.

وانطلق علاء الدين إلى أمه؛ والغريب يترصده لمعرفة موقع البيت وهو يقول في نفسه:

– “أخيرًا وجدته. هذا هو الصبي الذي ينفك على يديه الرصد”.

ولم يكن الغريب عم علاء الدين، بل ساحر خبيث من مشارق الصين يسعى للحصول على ما يجعله الأقوى والأوسع ثراء في العالم كله. لقد عرف هذا الغريب بطلاسمه ودهائه سر مصباح عجيب في كهف مرصود بغربي الصين، لا ينفك رصده إلا على يد صبي اسمه علاء الدين، فجاء من مشرق الصين إلى مغربها يقصده.

عودة علاء الدين إلى أمه

حمل علاء الدين الدنانير إلى أمه مستبشرًا بالعم الغني. لكن أمه ردت مستغربة:

– “إن أباك لم يخبرني أبدًا أن له أخا، لا في مشرق البلاد ولا في مغربها. لكن الرجل قدم لنا هذا الذهب، وينبغي أن نعد له عشاء ونعرف منه سر هذه الأخوة التي كتمها أبوك عني”.

وفي المساء قدم الغريب إلى بيت مصطفى الخياط يحدوه أمل كبير بنجاح مخططه. وما إن أشرف العم الدعي على باب البيت حتى اكتسى بمظاهر الأسى والكآبة. وفي البيت انفجر بالبكاء والنحيب نادبًا:

– “هنا كان يسكن حبيبي مصطفى! وهنا كان يجلس أخي العزيز”.

وقبل أن يهدأ روعه، راح يحدث عن رحيله إلى الغرب منذ أربعين عامًا حيث عمل في التجارة. وأنه كان دوما في أسى على فراق الأهل وبيت العائلة، فما إن تجمعت لديه ثروة طائلة حتى اعتمر العودة – لكن للأسف، ليجد بعد مشاق السفر أن مصطفى غادر هذه الفانية.

وبعد أن مسح دموعه نظر إلى علاء الدين مبتسمًا وقال:

– “لكن أخي ترك لي غلامًا – ما أشبهه به حين كان في سنه”.

ثم تابع موجهًا الكلام إلى علاء الدين:

– “وفي أي المهن تتدرب يا عزيزي؟ هل تحذو حذو والدك في مهنة الخياطة؟”.

إقناع العم الدعي

فتدخلت أم علاء الدين قائلة بحدة:

– “علاء الدين لعوب مهمل، لا يجيد سوى اللهو واللعب مع الرفاق”.

وطيب العم الدعي خاطرها قائلاً:

– “اتركي الأمر لي، سأتدبر له مستقبلاً في ميدان النجارة”.

وفي صباح اليوم التالي أخذ الغريب علاء الدين إلى السوق، فاشترى له فاخر الثياب، وعاد به إلى البيت يرفل بها زاهيًا. وقدم العم الدعي علاء الدين إلى والدته قائلاً:

– “انظري، ها هو يبدو من الآن كأحسن التجار! قريبًا سأشتري له حانوتًا وأدربه على فنون التجارة”.

وفي بضعة الأيام التالية دار الغريب مع علاء الدين يتفقد المدينة وحوانيتها الجميلة وقصور التجار الفخمة فيها – واعدًا علاء الدين أنه قريبًا سيكون له مثلها. وبالطبع، طاب ذلك على مسمع علاء الدين، فتاق إلى تحقيقه.

الرحلة خارج أسوار المدينة

وذات يوم عرض الغريب أن يرافقه علاء الدين في جولة بظاهر المدينة وخارج أسوارها لاستطلاع المنطقة وجوارها، وهكذا كان. وسار علاء الدين والعم الدعي طويلاً في البراري والتلال الصخرية حتى حل الظلام، وقد أنهكهما التعب. وبدت أنوار المدينة بعيدة جدًا، فقال علاء الدين:

– “ألا نعود يا عماه! ما عدت قادرًا على متابعة المسير”.

لكن الغريب تجاهله، ثم توقف وقال بحزم:

– “سنقضي الليلة هنا. هيا اجمع لنا بعض الحطب!”.

وأشعلا نارًا، وجلسا يستدفئان بقربها. وما لبث الغريب أن أخذ يتمتم بتعاويذ وطلاسم غريبة، وراح يرسم علامات مبهمة على الرمل. ودهش علاء الدين لما سمع ورأى، وأخذت تساوره الشكوك حول شخصية هذا العم المزعوم!

كشف السر

وفجأة دوت سحابة رعدية فوق التلال والهضاب، وارتجفت الأرض تحت أقدام علاء الدين والساحر، وقد غمرهما دخان كثيف خانق. وهبت ريح عاتية سفت الرمال عن كتلة صخرية مسطحة كأنها تغطي شيئًا تحتها. وأشار الساحر إلى الصخرة وعيناه تلمعان اهتياجًا وجشعًا، وقال مخاطبًا علاء الدين بحدة:

– “اسمع جيدًا يا علاء الدين! تحت هذه الصخرة كهف ينتهي قبوه إلى حديقة فيها مدرج. ومن أعلى المدرج يتدلى مصباح نحاسي فيه قوة وثراء لا يوصفان. والمصباح مرصود باسمك، فلا يستطيع إحضاره سواك. عرف بنفسك وأنت تدخل الحديقة فلا يمسك سوء. لا تلمس شيئًا مما حواليك وأنت ذاهب، لكن يمكنك وأنت عائد بالمصباح قطف ما يجلو لك من ثمار أشجار الحديقة. مفهوم؟ خذ خاتمي الذهبي هذا في إصبعك، فإن لك فيه حماية وعونًا”.

الدخول إلى الكهف

وعقدت الرهبة لسان علاء الدين فلم يحر جوابًا. فلبس الخاتم وراح يساعد الساحر في رفع الكتلة الصخرية. وتدلى علاء الدين إلى عمق الكهف، وقاده القبو إلى درج يؤدي إلى قاعة معتمة نفاذة الرائحة. فتردد رهبة، ثم تابع سيره مستنيرًا ببصيص نور منسرب عبر عدة مداخل. وكان كلما اجتاز مدخلاً ازداد القبو نورًا، فيرى على ضوئه ما حواليه من صناديق معبأة بالذهب والجواهر؛ لكنه عملاً بالتوجيهات الصارمة لم يمسها. وأخيرًا وصل الحديقة وكانت تتلألأ كما بنور الشمس ولم يغفل علاء الدين عن تكرار القول:

– “أنا علاء الدين، اسمي علاء الدين!”.

وعبر علاء الدين الحديقة إلى المدرج، فصعد درجاته؛ وكان المصباح يتدلى من فوقها – تمامًا كما وصف الساحر.

تناول علاء الدين المصباح فدسه في قميصه وقفل عائدًا من حيث أتى. وتبدت له حينئذ فقط الثمار المتوهجة المدلاة من أشجار الحديقة متألقة حمرة وخضرة وزرقة كماء ينابيع الجبل، أو فضية مصفرة رائقة كنور القمر. فاقتطف منها علاء الدين ما عبأ به جيوبه وطيات ثيابه رغبة في جمالها لا لقيمتها. فأنى لصبي فقير مثله دراية أن هذه جواهر ثمينة، وأنها من الحجم والبهاء بحيث لا تقدر بثمن! وبهذا الحمل عاد علاء الدين أدراجه إلى حيث كان الساحر بانتظاره.

مواجهة الساحر

ونادى علاء الدين العم الدعي طالبًا انتشاله من القبو. وبدل أن يمد له الساحر يد العون، راح يسأله بلهفة:

– “هل أحضرت المصباح؟ أعطنيه ليسهل عليك الصعود”.

فأجاب علاء الدين صارخًا وسط عبق الدخان الذي كان يلف الكهف:

– “المصباح معي! لكن لا أستطيع تناوله والثمار تغطيه، أخرجني، أرجوك!”.

لكن الساحر أصر بقحة وتهديد على أن يناوله علاء الدين المصباح قبل أن ينتشله. فزادت وساوس علاء الدين حول شخصية العم المزيف، فرد هو أيضًا بإصرار:

– “لن أعطيك المصباح إلا وأنا خارج الكهف”.

وثار غضب الساحر وغيظه. فقد كان ينتوي تناول المصباح من علاء الدين في أسفل القبو، ثم إعادة الصخرة إلى مكانها. ولكي يخيف علاء الدين قام فعلاً بذلك!

خروج علاء الدين من الكهف

وللتو، هدأت العاصفة خارج الكهف واختفت الصخرة أمام ناظري الساحر بين الرمال – فلم يبق لها أثر. عبثًا حاول الساحر بطلاسمه وشعوذاته أن يعيدها، وحين فشلت محاولاته المتكررة لم يجد بدًا من العودة إلى مشارق الصين، والأسى يعصر قلبه على الكنز الضائع. جلس علاء الدين تحت الصخرة في ظلمة القبو يندب حظه ويرتعش هلعًا. لقد تأكدت وساوسه عن العم المزيف، وها هو حبيس هذا الكهف ولا أمل له في رفع الصخرة بمفرده. ولا أحد يدري مكانه فيغيثه سوى الساحر الخبيث. فراح من حيرته يفرك يديه حسرة وأسى على مصيره المحتوم. وطال الفرك الخاتم الذي كان الساحر أعطاه إياه؛ وإذ بدوي هائل يهز الكهف – فيرى علاء الدين جنيا ضخمًا مائلاً أمامه.

ظهور الجني

ودمدم الجني راعدًا:

– “أنا في خدمتك، مولاي! مرني أطعك!”.

فصاح علاء الدين:

– “أخرجني من هنا، أرجوك”.

وفي لمح البصر وجد علاء الدين نفسه على سفح التل حيث أشعل النار مع الساحر. كان الوقت فجرًا، ولا أثر للساحر في الجوار. فراح علاء الدين يجر نفسه عائدًا إلى المدينة؛ وما وصل البيت إلا وقد أنهكه التعب.

عودة علاء الدين إلى المنزل

وهتفت أم علاء الدين:

– “حمدًا لله على سلامتك يا بني! لقد تأخرت كثيرًا، وأمرضني القلق عليك. أين كنت؟”.

فأخبرها علاء الدين بما كان من أمر الساحر الشرير والمصباح، وما جرى له في الكهف، ثم غط في نوم عميق. وحين أفاق من نومه كانت أمه تقف بجواره حانية عليه، فقالت:

– “إنك جائع ولا شك، سأذهب إلى السوق فأبيع بعض هذا الغزل وآتي لك بما تأكله”.

فقال علاء الدين:

– “لا يا أماه، لا تبيعي قطنك، بل بيعي هذا المصباح، فلا حاجة لنا به؛ لقد أزعجني بما فيه الكفاية”.

وراح ينبش جيوبه، فأخرج المصباح وناوله إلى أمه.

اكتشاف الجني

وافقت الأم قائلة:

– “حسنا، لكن هذا المصباح يبدو عتيقًا، فلعلي إن جلوته نحصل فيه على سعر أفضل”.

وتناولت قطعة قماش وهمت تمسح بها المصباح ولم تكد تنه الفركة الأولى حتى لمع البيت بوميض ودخان – انقشع عن جني هائل يخرج من المصباح ويحيط بهما!

وصاح الجني:

– “أنا خادم من يملك هذا المصباح. تأمرين فأطيع”.

فتراجعت أم علاء الدين مذعورة، فتدخل علاء الدين يجيب عنها:

– “أحضر لنا ما نأكله!”.

تحقيق الأمنيات

واختفى الجني لحظات عاد بعدها يحمل مائدة عامرة بأطايب الطعام في أوانٍ من الفضة الخالصة. ثم انساب عائدًا إلى داخل المصباح. وأقبل علاء الدين وأمه على الطعام بصمت ودهشة، وهما لا يكادان يصدقان ما يجري. وعندما انتهيا من الأكل رتبت الأم الأطباق بعناية، فباعها علاء الدين في السوق بمال وفير – سد نفقات البيت شهرين أو أكثر قليلاً.

وهكذا كانا كلما استنفدا المال فرك علاء الدين المصباح، فيحضر لهما خادمه مزيدًا من الطعام في أطباق من الفضة.

ومع تكرار التعامل بأطباق الفضة أخذ علاء الدين يتعرف قيمتها أكثر فأكثر. فقد كان الصاغة يتنافسون فيما بينهم ويزايدون له السعر للحصول على هذه الفضة التي لم يسبق لهم أن رأوا فضة بنقاوتها. كذلك اجتابت نظر علاء الدين الجواهر المعروضة عند الصاغة للبيع بأثمان باهظة وهي لا تقاس بهاء وحجمًا بالثمار المتألقة التي حملها معه من الكهف. فأدرك علاء الدين أن لديه فيها ثروة طائلة، لكنه قرر الاحتفاظ بأمرها سرًا لم يحن الوقت بعد للكشف عنه.

لقاء علاء الدين بالأميرة

ومرت السنون هانئة هادئة، حتى كان يوم رأى فيه علاء الدين، وهو في السوق، بنت السلطان الوحيدة تتسوق مع وصيفاتها وحراسها، فأغرم بها من النظرة الأولى. عاد علاء الدين إلى البيت حيران ذاهلاً، فسألته أمه قلقة:

– “ما بك يا ولدي؟”.

فأجاب علاء الدين بما يجول بخاطره:

– “أريد الزواج من بنت السلطان، يا أماه. اخطبيها لي!”.

فضحكت الأم وهي تقول:

– “ويحك يا بني! إن بك مسًّا ولا شك. ما أنت وماذا لديك حتى تخطب الأميرة؟”.

فلم يجب علاء الدين، بل دخل غرفته ثم عاد بالقميص الذي كان يرتديه في الكهف، وأفرغ ما في جيوبه أمام حيرة أمه ودهشتها، ثم أردف:

– “أرجوك يا أماه، اذهبي إلى السلطان غدًا واخطب لي ابنته! إنه سيلقاك باللطف حين تقدمين له هذه الجواهر هدية مني”.

وهكذا قصدت أم علاء الدين قصر السلطان في اليوم التالي، ومعها جواهر علاء الدين في طاس مضرور وكان من عادة السلطان استقبال أصحاب الحاجات في مجلسه معظم أيام الأسبوع. فجلست أم علاء الدين تنتظر دورها.

طلب يد الأميرة

وحين استدعاها الحاجب للمثول أمام السلطان، وقفت ترتجف من البعد وهي تقول:

– “إن لي مطلبًا غريبًا يا صاحب الجلالة، ألتمس المعذرة عنه سلفًا. ولكن ولدي يلح علي في هذا المطلب قائلاً إنه سيجن إن لم أفعل”.

فطمأنها السلطان مشجعًا:

– “قولي ما عندك يا سيدة، ولا تخشي عقابًا”.

فتابعت الأم متهيبة:

– “إن ولدي يا مولاي، يريدني أن أخطب له ابنة جلالتكم!”.

طلب السلطان

ضحك السلطان من سذاجة المرأة؛ ولكي يغير مجرى الحديث سألها مبتسمًا:

– “وماذا لديك في هذه الصرة؟”.

ففكت أم علاء الدين الصرة، وقدمت الطاس بما فيه إلى السلطان قائلة:

– “ولدي يتشرف بتقديم هذا إليكم!”.

وبهت السلطان لمشهد الجواهر الكبيرة الرائعة التألق من الطاس – مما لم يسبق له مثله. فاستدار يهمس إلى وزيره الواقف جانبًا:

– “يبدو لي أيها الوزير أن شابًا بمقدوره تقديم مثل هذه الجواهر المدهشة جدير بطلب يد ابنتنا – ما رأيك؟”.

مطلب تعجيزي

وفكر الوزير مليًا، وكان يطمع في زواج ابنه هو من الأميرة، ثم أسر بجوابه إلى السلطان. والتفت السلطان إلى أم علاء الدين مجيبًا:

– وزيري على حق! إن من يتطلع إلى مصاهرتنا ينبغي أن يثبت جدارته بأكثر من هذا، فيقدم لها مثلاً أربعين طاسًا مثل الذي تحملين. فإن كان ذلك باستطاعة ولدك، فإني سأكون راغبًا حقًا في تزويجه من ابنتي”.

وهنا تقدم الوزير الحسود، فأسر المزيد في أذن السلطان – الذي تابع حديثه، قائلاً:

– “أي، أي، وينبغي أن يبني لها مسكنًا في فخامة قصرنا، وعلى مقربة منه قبل مساء الغد”.

واعتبرت أم علاء الدين هذا المطلب التعجيزي بمثابة الرفض، فعادت إلى البيت مهمومة حزينة. وكم كانت دهشتها حين تقبل علاء الدين جواب السلطان بأسارير البهجة، لا بأمارات الخيبة! وهم علاء الدين إلى مصباحه ففركه – وفي ومضة ظهر جني المصباح هاتفًا كعادته:

– “لبّيك مولاي!”.

طلبات علاء الدين

فقال علاء الدين:

– “يا خادم المصباح، اسمعني جيدًا! أريد أربعين طاسًا مليئة بالجواهر، وأربعين من الخدم يحملونها. وهيئ لي أفخر الثياب الأميرية، وحصانًا من الخيول، وحاشية من مئة فارس وألف راجل، وجهز والدتي بأجمل الحلي والثياب وعشرين من الوصيفات، وزودنا بأربعين ألف دينار ذهبًا للمستجدات”.

فأجاب خادم المصباح:

– “سمعًا وطاعة!”.

لكن قبل أن يختفي الجني ناداه علاء الدين:

– “انتظر، كذلك أريد قصرًا بجانب قصر السلطان يفوق ما عرفه الناس من قصور فخامة وبهاء. وأريد كل هذا قبل صباح الغد!”.

تنفيذ الطلبات

وحين أطل السلطان صباح اليوم التالي من نافذة قصره أدهشه أن يرى ما لم يكن هناك بالأمس – قصرًا ولا كالقصور، رائع الفخامة والبهاء. وبعد سويعات سمع السلطان هرجًا ومرجًا وجلبة جمهور حاشد تقترب. فأطل ليرى ثلة من الجند تلمع خوذهم وسيوفهم في شمس الضحى، وخدمًا مشدودي القامة طوالًا يحملون طاسات مليئة بالجواهر المتألقة، ولاحظ شابًا وسيما فاخر اللباس فوق جواد مطهم يتقدم المسيرة وينثر الدنانير الذهبية على جمهرة الناس حواليه. ولا حاجة لمزيد من التفاصيل، فقد كان السلطان بالغ البهجة بقبول علاء الدين عريسًا لابنته. وخلال أيام أعد حفل زواج رائع للعروسين شارك فيه البعيد والقريب من أرجاء السلطنة. وعاش علاء الدين وعروسه هانئين متحابين في قصرهما البهي الرحيب. وظل علاء الدين على سخائه يعطي الفقير ويهدي الغني، فكسب محبة الجميع. ثم نظم جيش السلطان وقاده في معارك حاسمة النصر ضد أعدائه – فرأى فيه السلطان قائدًا فدائيًا ومستشارًا حكيمًا وصهرًا صديقًا موثوقًا.

عودة الساحر

وبالعودة إلى الساحر الماكر، فإنه كان يقبع في كنه بمشرق البلاد غارقًا في طلاسمه وكتبه، تظل تخطر بباله ذكريات رحلته الفاشلة إلى غرب البلاد والمصباح الذي كاد يحظى به. وفي حسبانه أن المصباح لا يزال في الكهف مع رفات علاء الدين. وحين وصلت أنباء الأمير العظيم في المغرب إلى مشارق الصين، وأن اسمه علاء الدين، جن جنون الساحر واشتد غيظه. فقرر العودة غربًا، وألا يرجع دون المصباح هذه المرة – مهما تطلب ذلك!

واستغرقت رحلة العودة أشهرًا حتى بلغ الساحر عاصمة السلطنة – غير بعيد عن المكان الذي التقى فيه علاء الدين أول مرة. ولم يكن من العسير تقصي أنباء علاء الدين – فقلما تحدث الناس في المدينة بغير أخباره – وأنه الأكرم والأشجع والأرحم والأرجح حكمة بين علية القوم، فلا غرو إن أكسبه ذلك مصاهرة السلطان وثقته. وكان سماع ذلك يزيد من حقد الساحر وغيظه. وكان الساحر خلال رحلته الطويلة يقلب الخطط لاسترجاع المصباح، وقرر على حيلة بسيطة خبيثة. فذهب إلى السوق واشترى كمية كبيرة من المصابيح النحاسية الجديدة الصقيلة.

حيلة الساحر

وفي صباح اليوم التالي حمل الساحر مصابيحه إلى شارع القصور، وكان يعلم أن علاء الدين متغيب في رحلة صيد، فراح ينادي على مقربة من قصر علاء الدين:

– “انتهزوا الفرصة النادرة! استبدلوا بمصابيحكم العتيقة الصدئة مصابيح جديدة جميلة؛ هيا، هيا، هاتوا المصابيح العتيقة وخذوا جديدًا بدلاً منها!”.

وتجمهر الناس يتدافعون حول البائع المغفل، وكأنهم لا يصدقون، يستبدلون مصابيحهم العتيقة عنده. وبلغت الجلبة مسامع الأميرة، فأنبأتها وصيفتها بما يجري، وكأنه نكتة الموسم.

فقالت الأميرة:

– “الأمر لا يُصدق، هاتي نجربه! إن علاء الدين يحتفظ بمصباح عتيق في غرفته – لا أدري لماذا! ولعلي أفاجئه بمصباح جديد يليق بالمقام. خذي المصباح وحاولي استبداله من البائع الغريب”.

استبدال المصباح

وما إن رأى الساحر المصباح في يد الوصيفة تلوح به من بعيد، حتى تعرفه. فاندفع يخطفه منها ويدفع إليها بمصباح جديد. ثم انسل مخترقًا طريقه عبر الزحام، ونشوة الفرح تعمر كيانه، إلى الخان الذي كان ينزل فيه. وفي حجرته فرك المصباح، فارتجت الحجرة بدوي كالرعد، ظهر في إثره جني المصباح!

وصاح الجني:

– “أنا هنا بإمرة مولاي – صاحب المصباح. أمر مولاي مطاع!”.

الخطة الشريرة

فقال الساحر:

– “حسنًا، آمرك أن تنقلني وقصر علاء الدين بما فيه بعيدًا إلى بلدي!”.

وهكذا كان!

وكم كانت الصدمة قاسية على علاء الدين حين عاد من رحلة الصيد فلم يجد – لا بيته ولا أميرته الحبيبة! فراح يفرك يديه حسرة وأسى. وفجأة انتصب أمامه جني الخاتم، وكان علاء الدين قد نسيه أو كاد، فتوسله علاء الدين متلهفًا:

– “عجل، خذني إلى حيث أميرتي – أينما تكن!”.

لقاء الأميرة مجددًا

وإن هي إلا لحظات حتى كان علاء الدين يجلس بجوار أميرته، وكانت فرحة اللقاء عارمة مثيرة – بكت الأميرة بعدها قائلة:

– “أنقذني من حيرتي يا علاء! إنني لا أدري ما يحدث”.

وحين سألها علاء الدين عن المصباح، راحت تروي له قصة بائع المصابيح الذي يستبدل العتيق بجديد، وكيف أنه ما غابت الوصيفة بالمصباح القديم فترة حتى رأت نفسها في هذا المكان البغيض مع ذاك المخلوق الكريه الذي يظل يضايقها بإلحاحه في طلب الزواج منها. وتابعت تسأله:

– “ترى من هو هذا الشخص يا علاء الدين؟ ولماذا ذاك المصباح معلق من سلسلة في رقبته؟ إنه يخيفني! أنظر، لقد أعددت حقنة من السم كنت سأبتلعها لو اقترب هذا البغيض مني!”.

فقال علاء الدين:

– “إنه ساحر شرير، لا بد لنا من التخلص منه. وإليك الخطة، فنفذي دورك فيها!”.

التخلص من الساحر

حين جاء الساحر عصر ذاك اليوم لزيارة الأميرة استقبلته باسمة – وقد أخفت نفورها المعتاد منه. وقالت وكأنها تعتذر عما سلف منها:

– “اجلس قربي، لقد كنت جافية حقًا، وسية الأدب نحوك. أما وإنه لا أمل بعودتي إلى المشرق، فالأولى أن نكون أصدقاء. دعنا نجلس ونتسامر”.

وسر الساحر بهذا التغير، فراح يسمع الأميرة ما يحفظه من الشعر والغزل. ونادت الأميرة وصيفتها طالبة إعداد شراب لهما. وكانت قد دبرت الخطة معها. وجاءت الوصيفة بالشراب، فلم يتردد الساحر من نشوة النصر في شرب كأسه دفعة واحدة، فكأن سحر الأميرة فاق سحره!

وما هي إلا لحظات حتى سقط الساحر أرضًا بالسم الذي كادت الأميرة أن تنتحر به يأسًا وأسى.

عودة علاء الدين وأميرته

وقفز علاء الدين من مخبئه خلف الصوان، وانتزع المصباح من عنق الساحر وألقى به خارج النافذة. ثم فرك علاء الدين المصباح، فاهتزت الغرفة وظهر خادم المصباح يعرض خدماته. فقال له علاء الدين:

– “أعدنا إلى الوطن – أميرتي والقصر وأنا”.

وهكذا كان! وشامخ قصر علاء الدين مجددًا إلى جوار قصر السلطان، والتم الشمل بفرح يفوق الوصف، حين هرع السلطان وأم علاء الدين للقاء السعيد. وعاشوا جميعًا في سعادة وهناء. ولم يغب عن بال علاء الدين وأميرته حفظ المصباح في مكان أمين لا يعرفه غيرهما أحد!

مناقشة القصة

  • كيف تصف الصبي علاء الدين؟
  • بمن التقى علاء الدين في المدينة؟
  • كيف أقنع الغريب علاء الدين وأمه بما يدعيه؟
  • إلى أين اصطحب الغريب علاء الدين؟
  • ماذا طلب الغريب من علاء الدين؟
  • هل تعتقد أن علاء الدين تصرف بذكاء؟ لماذا؟
  • ما سر الخاتم الذهبي؟ وكيف ساعد علاء الدين؟
  • ما سر المصباح العجيب؟ ولأي هدف استخدمه علاء الدين؟
  • ماذا طلب علاء الدين من أمه؟
  • ما الذي جعل السلطان يهتم بمسعى والدة علاء الدين؟
  • ما كانت شروط السلطان ليقبل بعلاء الدين زوجًا لابنته؟
  • كيف تصف علاء الدين بعد زواجه من الأميرة؟
  • ما الحيلة التي لجأ إليها الساحر للاستيلاء على المصباح العجيب؟
  • ما الغلطة التي اقترفتها الأميرة؟ وما كانت نتيجتها؟
  • ما الحيلة التي لجأ إليها علاء الدين وأميرته ليتخلصا من الساحر؟
  • كيف عاد علاء الدين وأميرته إلى الوطن؟
  • اروِ باختصار قصة تعرفها من التراث القديم.

معرض الصور (قصة علاء الدين والمصباح العجيب)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى