قصة عرق الجبين
ملخص قصة عرق الجبين
صالح، شاب لم يرث عن والده الصياد سوى المال، لكنه لم يأخذ من صفاته الحميدة شيئاً. كان والده أبو صالح رجلاً مجتهداً يكسب رزقه من البحر بعرق جبينه، لكن صالح كان يحب اللهو ولا يهتم بالعمل. بعد وفاة والده، بدأ صالح يبدد المال الذي ورثه، حتى نفد كل شيء. لجأ إلى الحيل للحصول على المال، فاستغل كلباً صغيراً ظن أنه يتكلم ويرقص، وبدأ في تنظيم عروض كاذبة لكسب المال.
لكن الكلب لم يفعل شيئاً سوى العواء، مما جعل الناس يسخرون من صالح ويطالبونه باسترجاع أموالهم. في لحظة من التأمل، سمع صالح صوتاً يوبخه على جشعه ويذكره بتعب والده. شعر صالح بالندم وقرر تغيير سلوكه. عاد إلى المرفأ، وقرر أن يعمل بجد كما كان يفعل والده، متعهداً بأن لا يأكل إلا من عمل يده، محافظاً على سمعة أبيه الطيبة.
قصة عرق الجبين مكتوبة
غصت دار أبي صالح بالمعزين، يتوافدون من كل مكان…
– “رحمه الله… لقد كان أبو صالح مثالاً للرجل النشيط والصادق…”
– “نعم… إن الصداقة التي جمعتني به لما يزيد عن نصف قرن، قد جعلتني أعرفه حق المعرفة… رجل حليم، وديع، تقي وكبير النفس…”
– “خسارة كبيرة لنا، نحن الصيادين، أن نفقده…”
ارتفع صراخ النسوة ونحيبهن من الغرفة المجاورة، فعم الصمت وسالت الدموع حزناً على الفقيد.
– “شكراً لكم جميعاً… كلامكم هذا يؤكد صداقتكم لوالدي، رحمه الله… شكراً لكم…”
– “نرجو يا صالح أن تستمر صداقتنا معك، كما كانت مع أبيك المرحوم…”
– “نعم، وهذا ما أرجوه أيضاً، وفاءً لذكرى والدي…”
رفض صالح لمهنة أبيه
كان أبو صالح صياداً ماهراً، يعيش مما يصطاده من البحر، ويبيع الباقي في سوق السمك. أمضى حياته الهادئة مع زوجته المحبة التي أنجبت له طفلاً ملأ حياته بالسعادة.
كبر الطفل بسرعة وبدأ يرافق والده إلى الشاطئ لإعداد الشباك ورميها في البحر. لكن سرعان ما أظهر صالح عدم اكتراثه بالصيد وطرقه. ولم تمض مدة طويلة حتى أعلن بصراحة لوالديه رغبته في تعلم مهنة أخرى. أصاب هذا والده بالحزن العميق.
– “سمعتي في سوق السمك نظيفة… سأتركها لك نظيفة بعد مماتي. ألن تهتم بها؟”
– “سمعتك كبائع أسماك؟ كم هو أمر مشرف!”
– “وما بها مهنة بائع الأسماك؟”
– “ما بها؟ يكفي ما تعبق به من روائح!”
على هذا الكلام، تلقى صالح صفعة من والده.
– “إن كنت قادراً على الكلام وإنفاق المال، فالفضل يعود للبحر والأسماك! أفهمت؟”
ضياع ثروة العائلة
لكن الكلام لم ينفع. الحقيقة أن صالح لم يكن يرغب في أي مهنة أخرى. كان شاباً لاهياً لا يحب العمل، بل يستمتع بإنفاق المال الذي يحصل عليه دون جهد.
مات أبو صالح وفي قلبه غصة وحزن، مخلفاً لزوجته وابنه مبلغاً من المال، لكن صالح لم يتوان عن تبذيره في فترة قصيرة جداً، رغم توسلات والدته له.
– “احرص على عدم إنفاق المال بلا جدوى يا بني… الحياة صعبة كما…”
– “أعلم هذا جيداً… حفظته عن ظهر قلب!”
لكن المال تبخر بسرعة بين يدي صالح، وطرق الجوع بابه، لا بل حطمه شر تحطيم…
– “ماذا سأفعل الآن؟ ماذا…؟ نعم! وجدتها!”
اللجوء إلى صديق والده
خرج صالح من منزله وقصد منزل أبي نعيم، صديق والده…
– “مرحباً سيدي!”
– “من؟ صالح؟ أهلاً بك يا بني، تفضل!”
– “شكراً سيدي… لا أود إزعاجك!”
– “أنت تزعجني؟ أبداً… أهلاً وسهلاً… كيف حال والدتك؟”
– “ما زالت تعيش في حزن شديد!”
– “أفهمها… المسكينة… ولكن البركة كلها فيك يا بني!”
– “شكراً يا سيدي… لقد كان والدي – رحمه الله – يحدثنا عنك…”
– “رحمه الله، كان الصديق الأقرب إلي…”
– “ولأنه كان كذلك، فقد جئت إليك اليوم طالباً خدمة صغيرة، عسى ألا تعيدني خالي الوفاض!”
– “لا والله، لن يحصل هذا! قل لي ماذا تحتاج مني بالتحديد؟”
– “مبلغاً من المال، أحتاجه على أن أرده إليك بعد مدة! اعتبره ديناً إذا شئت!”
– “ما هذا الكلام يا صالح؟! أنت بمثابة ابني!”
– “هذا شرف كبير يا سيدي، لكني أخشى ألا أستحقه!”
استغلال صالح لصداقة أبيه
استغل صالح صداقة أبيه لبعض الأشخاص، فصار يحصل منهم على كميات كبيرة من المال، التي كان ينفقها بلا وعي على اللهو وأصدقاء السوء. ومع مرور الوقت، انكشف أمره وظهرت حقيقته كشخص لم يرث من صفات والده الحميدة شيئاً!
– “والآن، ماذا أفعل؟”
– “صفق، فأرقص وأغنِّ!”
فاجأ الصوت صالحاً، فنظر حوله لكنه لم يجد أحداً.
– “من المتكلم؟”
– “أنا! ألا تراني؟”
– “لا أرى أمامي سوى كلب صغير!”
– “هذا صحيح! أنت تراني إذاً.”
– “يا إلهي! كلب يتكلم؟”
– “ويرقص ويغنِّي أيضاً!”
أصيب صالح بالدهشة الشديدة ولم يصدق ما كان يراه ويسمعه. بات واقفاً، شارد الذهن، غارقاً في بحر من التساؤلات.
البداية في جني الأرباح
– “إنها فرصتك الذهبية يا صالح… استغلها ولا تدعها تفلت من بين يديك! كلب يتكلم ويرقص ويغني؟ هذا الحيوان يساوي ثروة تفوق ما في خزانة المملكة من مال!”
كان صالح يحدث نفسه بصوت مرتفع، فلفت أنظار المارة الذين ألقوا عليه التحية دون أن يجيب. قرر أخيراً استغلال الفرصة وبدأ يجني الأرباح عبر جعل الكلب العجيب يرقص ويغني أمام الناس في الشوارع، مقابل رسوم يدفعونها.
– “اقتربوا أيها الناس… شاهدوا الكلب العجيب الذي يرقص ويغني… اقتربوا… العرض سيبدأ قريباً.”
بدأ صالح يجمع المال من الحاضرين، ويضعه في جيبه فرحاً.
– “هيا… بعد لحظات يبدأ العرض… تصفيق!”
أحضر صالح الكلب وطلب من أحد الأشخاص أن يغني، لكن الكلب بدأ… بالعواء!
الفشل وسخرية الناس
– “اخرس بسرعة! صوتك أخاف الكلب!”
ضحك الجمهور، وظنوا أن الأمر مجرد كذبة جديدة لجأ إليها صالح لجمع المال. ولكن أحداً لم يتحرك، فيما كان العرق يتصبب من صالح.
– “استعدوا، العرض سيتواصل… أيها الكلب… تكلم… هيا، لا تخف… حسناً… سأصفق لك… أرقص… هيا…”
– “يبدو أنك تجهل لغة الكلاب يا صالح.”
– “كلبك هذا أطرش…”
– “على الأقل يعرف كيف يعوي…”
– انهالت الكلمات الساخرة على صالح الذي كان همه الوحيد الاحتفاظ بالمال.
الهروب من الفضيحة
– “يبدو أن مزاج كلبي ليس على ما يرام اليوم… يمكنكم العودة غداً لحضور العرض!”
– “والمال الذي دفعناه؟”
– “سأحتفظ به!”
– “هذا كثير… نريد مالنا!”
– “ولكن…”
– “نريد مالنا في الحال!”
– “أتظننا أغبياء لنصدق زعمك؟”
– “أعد إلينا مالنا أيها الكاذب!”
كانت الجماهير غاضبة ومستعدة لتلقين صالح درساً لا يُنسى. اضطُر صالح في النهاية إلى إرجاع المال لأصحابه، الذين تفرقوا وهم نادمون على تصديق أكذوبته.
أما صالح، فقد حمل كلبه وذهب إلى مكان مقفر.
المواجهة مع الكلب
– “سوف أرى كيف أجعلك ترقص وتغني وتتكلم…”
لكن الكلب لم يفعل شيئاً سوى العواء. غضب صالح وقال:
– “لكنني بالأمس، سمعتك تتكلم!”
– “لقد سمعت بالأمس صوتاً، هذا صحيح، لكنه لم يكن صوت الكلب. إذ لا يعقل أن تتكلم الكلاب!”
بداية الخوف والدهشة
خاف صالح عند سماعه هذا الكلام، ونظر حوله فلم ير أحداً.
– “سوف أجن! إذا كان الكلب لا يتكلم، فمن يكون المتكلم إذاً؟!”
– “جشعك وطمعك جعلاك تظن أن صوتهما هو صوت الكلب!”
– “ماذا؟”
– “نعم… أنت تبحث عن الوسائل التي تؤمن لك المال، سواء كانت شريفة أم ملتوية. وعندما رأيت الكلب، ظننت أنه يتكلم، ففرحت لأنك وجدت فيه وسيلة لكسب المال بدون تعب. ولكن لا لذة لإنسان في إنفاق مال جمعه بدون تعب!”
شعور صالح بالندم
أعاد هذا الكلام صالح إلى الوراء، فتذكر كيف كان أبوه يتعب في صيد الأسماك ليحصل على المال. شعر بالندم لرفضه النصائح التي كانت تردد على مسامعه.
– “سامحني يا أبي! اليوم فقط، أدركت كم كنت عظيماً!”
– أراد صالح أن يعود إلى بيته، لكنه لم يجد الكلب الصغير.
– “لقد ذهب… كنت أرغب في الاعتناء به إظهاراً لشكري له على دوره في تغيير سلوكي وتفكيري…”
العودة إلى الحياة الشريفة
انطلق صالح عائداً إلى بيت والده ومنه إلى المرفأ، حيث رأى المركب راسياً ينتظر من يستعمله والشباك جاهزة.
– “نم قرير العين يا أبا صالح، لأن صالح لن يرضى بعد اليوم بأن يأكل خبزاً بغير عرق الجبين أو بأن تمس سمعة والده النظيفة!”
ونظر صالح إلى البحر، فبدا له أن أمواجه المزبدة، التي تستقبلها الصخور بالترحاب وتأخذها في الأحضان، تقول له بلسان والده: “حياك الله يا بني!”
معرض الصور (قصة عرق الجبين)
لا تنسي فك الضغط عن الملف للحصول علي الصور
استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟
– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث