قصة عازف العود
ملخص قصة عازف العود
في قديم الزمان، تولى الملك الشاب جونياس حكم مملكة قوية ولكنه كان طائشاً وقليل الخبرة في شؤون الحكم. كانت زوجته لونيا امرأة فاتنة ذات صوت شجي وعزف رائع على العود، وكانت تقضي وقتها مع الملك الذي كان يحب الاستماع إلى غنائها وعزفها. بمرور الوقت، ضعف حال المملكة وبدأت الدول المجاورة تهاجم حدودها، فقرر الملك الشاب ترك القصر والذهاب بنفسه لحماية المملكة، ولكنه كان عليه اختيار وزير ينوب عنه أثناء غيابه.
في إحدى الليالي، رأى الملك في حلمه أحد مستشاريه يستولي على الحكم ويجبر لونيا على الزواج به، مما أثار رعبه. سعى الملك للحصول على نصيحة حكيمة من شيخ عجوز كان يعرفه والده، الذي نصحه باختبار مستشاريه. قرر الملك دعوة مستشاريه الأربعة لقضاء بعض الوقت في قصر جزيرة الحوت للتشاور معهم.
بينما كانوا في الطريق، هبت عاصفة قوية وغرقت سفينتهم، ولكن صياد شاب أنقذهم ودعاهم لتناول العشاء في كوخه. وعد المستشارون الحضور، ولكنهم نسوا الدعوة عندما دعوا إلى حفل ملكي. في يوم الحفل، اختفى أحد المستشارين الأربعة، زورطاب، ليذهب إلى دعوة الصياد، مما أثار غضب الملك. عندما عرف الملك سبب غيابه وعلمه بإخلاصه، قرر تعيينه وزيراً له.
انطلق الملك جونياس إلى الحرب، لكنه وقع في كمين وأُسر. بينما كان في الأسر، أرسلت لونيا، التي تنكرت في ثياب غلام وانضمت إلى جماعة مغنين جوالين للبحث عنه، أغنية حزينة في قصر الملك فانيمار الذي أسر زوجها، مما جعل الملك يأمر بإطلاق سراحه. هربت لونيا مع زوجها جونياس إلى مملكتهم.
عند عودتهم، اكتشف الملك خيانة مستشاريه الباقين وأمر بسجنهم، وأدار شؤون المملكة بحكمة وسعى إلى السلام مع الملك فانيمار. شعر الناس بإعجاب كبير بزوجة الملك، لونيا، لما أبدته من شجاعة وتضحية في سبيل إنقاذ زوجها، وأصبحوا يعترفون بمواهبها وإخلاصها، مما جعلهم لا يعترضون على قضاء الملك وقته معها.
كانت هذه نهاية قصة الملك جونياس وزوجته لونيا، التي أظهرت كيف يمكن للحب والشجاعة أن يتغلبا على كل الصعاب.
قصة عازف العود مكتوبة
في قديم الزمان تولى ملك شاب اسمه جونياس حكم مملكة قوية منيعة. كان الملك الشاب شجاعًا كريمًا، لكنه كان طائشًا قليل الخبرة في شؤون الحكم، فترك أمر المملكة إلى مستشاريه، وراح هو يمضي وقته في صحبة زوجته لونيا.
كانت لونيا امرأة فاتنة، ذات صوت شجي رنان، وعزف عجيب على العود يسحر السامعين. وكان يحلو للملك الشاب أن يستمع إلى عزف لونيا وغنائها ولا يمل ذلك أبدًا.
التوتر على حدود المملكة
سرعان ما ضعفت هيبة المملكة، فانتهر جيرانها الفرصة وأخذوا يشنون على حدودها الغارات. وأحس الملك جونياس أن وقت الجد قد حان، فعزم على أن يترك القصر ويذهب بنفسه إلى أطراف البلاد المضطربة.
لكن كان عليه قبل ذلك أن يختار من رجاله وزيرًا ينوب عنه في أثناء غيابه. ولم يكن ذلك أمرًا سهلاً، فقد كان واحد من مستشاريه الأربعة متهورًا والثاني مترددًا والثالث عجوزًا. وأما الرابع فكان، مثله مثل ملكه، شابًا لا خبرة له، ورث مكانه بين المستشارين عن أبيه.
رؤية الملك وتحذيره
حار الملك الشاب في الاختيار، فهو يعلم أن مصير المملكة كلها سيكون في يد الوزير الذي يختاره. في إحدى الليالي، نام الملك نومًا مضطربًا، ورأى في نومه أن واحدًا من مستشاريه قد استولى على الحكم، ونصب نفسه ملكًا، وأجبر لونيا على أن تقبل به زوجًا.
استيقظ الملك من نومه مدعورًا، وأراد أن يستدعي ذلك المستشار في الحال. فوجئ أنه لم يعد يذكر الوجه الذي رآه في نومه. فأقام ساهرًا حينا، ثم هدأ ونام.
الشكوك في القصر
في الصباح عادت المخاوف إلى قلبه. فقد رأى حول معصمي زوجته احمرارًا كأنما من أثر قيد. فعزم على أن يتخلص من مستشاريه جميعًا، ومشى في حديقته وحيدًا يفكر في طريقة يتخلص بها منهم. أيقتلهم كلهم؟ أم يرميهم في السجن؟ أم ينفيهم من البلاد؟
بينما هو يفكر في ذلك رأى فجأة عجوزًا ذا لحية بيضاء يتكئ على جذع شجرة. فعجب من أمره، وقال له: “من أنت؟”
أجاب العجوز: “كنت صديقًا من أصدقاء أبيك. وكان أبوك يستشيرني إذا اشتدت عليه الأمور. وقد جئت اليوم لعلك ترغب في أن تسمع رأيي!”
أحس الملك باطمئنان شديد إلى ذلك الشيخ، ووجد نفسه يروي له ما رأى في نومه، ويحدثه عن رغبته في التخلص من مستشاريه كلهم.
قال الشيخ: “لا يحاسب الناس على حلم رآه الملك! اختبر مستشاريك فتعرف من تختار من بينهم وزيرًا!”
أطرق الملك لحظة يفكر في ما سمع ثم رفع رأسه فلم يجد الشيخ أمامه ولا وجده في أي مكان آخر. عاد إلى قاعة البلاط حائرًا، يفكر في حاله، ثم قال: “كنت أظن أنه ليس على الملك إلا أن يكون ملكًا!”
اختبار المستشارين الأربعة
أقام الملك أيامًا يفكر في طريقة يختبر فيها مستشاريه الأربعة، ثم استدعاهم وقال لهم: “أدعوكم لقضاء أيام معي في قصر جزيرة الحوت. فإني أريد أن أتشاور معكم في أمور المملكة.”
كان للملك جونياس قصر بديع في جزيرة الحوت القريبة. وكان يحلو له أن يصطحب زوجته الفاتنة لونيا لقضاء أيام هناك بعيدًا عن الزوار والأصحاب وكلمات الإعجاب. لكن الملك هذه المرة لم يكن ذاهبًا للهو والتسلية، بل أراد أن يكون قريبًا من مستشاريه ليعيش معهم ويختبرهم.
ركب مركبه الملكي الفخم، وتوجه إلى الجزيرة. بينما هو يقف على ظهر مركبه يراقب البحر رأى إلى جانبه الشيخ ذا اللحية البيضاء.
لقاء الملك مع الشيخ
عجب الملك من ذلك الشيخ يظهر على غير انتظار ويختفي دون إنذار. وأراد أن يمارس عليه أوامره الملكية، لكنه وجد نفسه يقف أمام الشيخ المهيب وقفة احترام وترحيب. وضع الشيخ يده على كتف الملك الشاب، وتحدث إليه طويلاً بصوت خفيض. وكان جونياس في أثناء ذلك يهز رأسه موافقاً، وقد أشعت عيناه ببريق عجيب.
كان مستشارو الملك قد استقلوا هم أيضاً مركباً من المراكب الملكية وتوجهوا إلى جزيرة الحوت. وبينما هم في البحر هبت عليهم عاصفة قوية مفاجئة، راحت تتقاذف مركبهم وتضربه ضرباً شديداً، وعجب ربان المركب من تلك العاصفة، فإنه لم يكن في الجو ما يشير إلى هبوبها. تحطم المركب، وتعلق الرجال بما بقي منه عائماً، وقد أيقنوا أنهم هالكون. ثم حدث أمر غريب، فقد هدأت العاصفة فجأة مثلما هبت فجأة.
التفت رجال المركب حولهم فرأوا قارب صيد صغيراً يجول في البحر، فعجبوا من ذلك القارب كيف لا يزال صامداً. اقترب الصياد الشاب من الرجال وساعدهم على ركوب قاربه. ثم حملهم معه إلى جزيرة الحوت القريبة، وأنزلهم كوخه، وأشعل ناراً لتجفيف ثيابهم، وأطعمهم، وأكرمهم خير إكرام.
اللقاء مع الصياد الشاب
كان الصياد الشاب ذا شاربين طويلين معقوفين، وكان يغطي رأسه وجانبا من وجهه بطاقية كبيرة. بدا وجهه مألوفاً. أقبل المستشارون على الصياد الذي أنقذهم من البحر يريدون أن يكافئوه، وعرضوا أن يدفعوا له ما شاء من مال، لكنه أبى أن يأخذ شيئاً. فعجبوا من رجل يأبى أن يكافأ بمال.
وكأنما لاحظ الصياد عجبهم، فقال: “أنا صياد فقير، لكني لم أخلصكم من البحر طمعاً بمال. إذا شئتم إكرامي فأرجو أن تشرفوني بتناول العشاء معي في هذا الكوخ. وليكن ذلك في مطلع الأسبوع الآتي!”
دعوة الملك لمستشاريه
أسرع المستشارون يقبلون الدعوة، ووعدوا ألا يتخلفوا عنها أياً كانت الأسباب. ثم ودعوا الصياد وخرجوا يقصدون قصر الملك في تلك الجزيرة. لم يلتفتوا لشيخ ذي لحية بيضاء كان يقف خارج الكوخ ويتابعهم بعينين باسمتين.
استقبل الملك مستشاريه وهو جالس على ديوانه جلسة مهابة، وقال لهم: “أيها المستشارون، دعوتكم لأختار من بينكم وزيراً يتولى شؤون الحكم في أثناء غيابي. سأعلن لكم عن قراري في حفل عظيم أقيمه في هذا القصر. وليكن ذلك في مطلع الأسبوع الآتي!”
بدا الطمع في عيون المستشارين وراحوا يبالغون في إبداء محبتهم للملك وولائهم. قال واحد منهم: “يا مولاي، نحن ندعو لك بالتوفيق، ولا نطمع إلا في أن نلبي أوامرك!” وقال آخر: “اهزم أعداءك يا مولاي، وعد إلينا عاجلاً، فلا يصلح السلطان إلا بصاحبه!”
بدا أن المستشارين نسوا وعدهم للصياد الشاب الذي أنقذ حياتهم. في يوم الاحتفال الملكي، وهو عينه اليوم الذي وعدوا أن يتناولوا فيه العشاء في كوخ الصياد الشاب. لعلهم نسوا الصياد نفسه.
حفل الإعلان الملكي
ظلوا طوال ذلك الأسبوع يحيطون بالملك، يلبون أوامره، ويجيبون عن أسئلته، ويتنافسون في إبداء محبتهم له. إلى أن جاء يوم الحفل.
في ذلك اليوم خرج الملك جونياس على الناس في حلة من حرير مطرزة بخيوط الذهب والفضة، وقد تدلى إلى جانبه سيفه الملكي المنقوش بالجواهر. أطل إطلالة جلال ومهابة، واصطف أهل القصر خلفه، فإذا مشى مشوا وإذا توقف توقفوا.
كان الملك قد أمر بأن يزين القصر أعظم زينة، وأن يضاء بالشموع الملونة وآنية الذهب والفضة، وأن تفرش أرضه ببسط الحرير ويضُمَّخ جوه بالعطر والبخور، وأمر أن تعد ألوان من المآكل تعرف الناس بكرم الملوك.
غياب مستشار الملك
جلس جونياس على ديوانه الملكي يحيط به زوجته لونيا وأهل البلاط وعدد من حراس الملك. ثم أشار إلى مستشاريه فأسرعوا إليه ينحنون وينحنون بإنحناء عظيم. لاحظ الملك أن مستشاره الشاب زورطاب ليس بينهم، فسأل عنه. فقيل له إنه غادر القصر في ذلك اليوم ولم يعد.
غضب الملك غضبًا شديدًا، وأمر أن يُؤتى به أينما كان. وعرف رجال الملك أن زورطاب كان قد توجه إلى الطرف الآخر من الجزيرة حيث يعيش صيادو الأسماك، فأرسلوا إليه جنودًا يجلبونه.
حضور زورطاب
سرعان ما عاد الجنود بزورطاب ووقف المستشار الشاب أمام ملكه وقفة احترام. صاح الملك:
– “كيف تجرؤ يا زورطاب على التخلف عن الحفل الملكي؟”
صمت زورطاب لحظة، ثم قال:
– “ذهبت، يا مولاي، ألبي واجبًا دعاني!”
ثم روى للملك حكاية الصياد الشاب الذي دعاهم إلى تناول العشاء معه في كوخه.
حكمة زورطاب
قال الملك بغضب:
– “وهل تترك حفل الملك لتلبي دعوة صياد فقير؟”
قال زورطاب:
– “يا مولاي، دعوتك يلبيها الناس كلهم، أما الفقير فيتخلف عن دعوته حتى أولئك الذين أنقذ حياتهم.”
أشعت عينا الملك ببريق عجيب، والتفت إلى لونيا فناولته صرة مطرزة. فتح جونياس الصرة فإذا فيها طاقية الصياد وشارباه الطويلان المعقوفان. ووسط ذهول المستشارين، تنكر الملك بالطاقية والشاربين، فإذا هو الصياد الشاب نفسه.
صمت الملك لحظة، ثم قال:
– “اخترت زورطاب وزيرًا ينوب عني في أثناء غيابي، فالحكم لمن يضع واجبه فوق كل اعتبار!”
جونياس في الأسر
اطمأن الملك جونياس إلى أمور الحكم، فودع زوجته لونيا وصحبه وتوجه لملاقاة أعدائه. كان جونياس شابًا شجاعًا جدًا، لكن كانت تنقصه الحنكة. وبينما كان يومًا متوجهًا إلى أحد الحصون النائية، اعترضه كمين للأعداء ووقع في أيديهم أسيرًا. أحس جونياس في الأسر بقهر شديد، فإنه لم يكن يعلم أن الملوك يؤسرون. ولما طال عليه الأسر أرسل إلى زورطاب يأمره أن يفتديه بالمال.
لكن الرسالة لم تصل إلى زورطاب، فقد وقعت بين أيدي المستشارين فأخفوها عنه. أرادوا أن ينتقموا من الملك، وأن يوقعوا بينه وبين وزيره. وكانوا في الواقع يدبرون مؤامرة للتخلص من الوزير، ويرغبون في أن يطول أسر الملك ليتمكنوا من تنفيذ مؤامرتهم. بل كانوا يطمعون في أن يتخلصوا يومًا من الملك نفسه إذا خرج من الأسر حيًا. واتفقوا على أن من يفوز منهم بكرسي الملك يفوز أيضًا بزوجة الملك.
خطة لونيا لإنقاذ زوجها
باتت لونيا بعد حين تخشى ألا يخرج زوجها من الأسر أبدًا. فعزمت على أن تحاول إنقاذه بنفسها. استدعت زورطاب وأعلمته بما عزمت عليه. بدا الذعر على وجه الوزير، وقال:
– “يا مولاتي، جيش المملكة كله عاجز عن إنقاذ الملك، فكيف تنقذينه وحدك؟”
لكن لونيا قالت:
– “لن أعيش أيامًا هانئة في القصر، وزوجي مكبلاً في الأسر!”
وطلبت من الوزير أن يخفي سفرها عن الناس.
تنكرت لونيا في ثياب غلام، وحملت عودها، وخرجت من القصر سرًا. وسرعان ما التحقت بجماعة من المغنين الجوالين، وراحت تتنقل معهم من بلد إلى بلد لتتقصى أخبار زوجها الأسير. وكان المغنون يحسبونها غلامًا، ويحيطونها بالرعاية كما يحيطون بأولادهم. وقد سحرت لونيا الناس كلهم بصوتها وعزفها، وكانت حيثما حلت تلاقي الترحاب والإعجاب.
وصولها إلى بلد الملك فانيمار
وصلت جماعة المغنين في تنقلها إلى بلد الملك فانيمار، حيث كان الملك جونياس أسيرًا. بلغت شهرة لونيا الملك فانيمار فاستدعى جماعة المغنين إلى قصره، وطلب أن يسمع عزف الغلام وغناءه. أمسكت لونيا العود، وعزفت لحنًا راقصًا بهيجًا عجيبًا، لم يسمع أحد مثله من قبل. أحس السامعون كلهم بفرح عظيم، وبرغبة في القفز والرقص. وكان الملك فانيمار رجلاً عبوسًا لا يعرف الابتسام، لكنه في ذلك اليوم ضحك مع اللحن المرح، وهز كتفيه ويديه ورجليه.
ثم توقفت لونيا عن عزف لحنها المرح، وأخذت تعزف لحنًا حالماً عجيبًا، فهدأ الناس في مجلسهم، وغالبهم نعاس لطيف، وسرحوا في أحلام هادئة. وعلى صور تلك الأحلام ناموا كلهم نومًا هانئًا. فحملت لونيا عودها وتركت البلاط.
كان الملك فانيمار أول من استيقظ من نومه الحالم. التفت حوله فرأى أهل بلاطه وجماعة المغنين نائمين، لكنه لم ير لونيا. انتفض غاضبًا، وزعق بصوت عظيم، فاستيقظ الناس مذعورين، وأمر أن يؤتى بالغلام عازف العود.
عاد رجال الملك بعد حين يصطحبون لونيا وعودها. فرح فانيمار كثيرًا عندما رآها، لكنه تظاهر بالغضب الشديد، وصاح:
– “يا غلام، كيف تترك قصر الملك دون استئذان؟ سآمر بقطع رأسك! هل لك من طلب قبل أن تموت؟”
انحنت لونيا، وقالت:
– “نعم، يا مولاي، أرجو أن تسمح لي بأن أغني لك أغنيتي الأخيرة!”
الأغنية الأخيرة للحرية
أشعت عينا فانيمار، وبدا راغبًا من جواب لونيا، وسمح لها بالغناء. أمسكت لونيا عودها وبدأت تعزف لحنًا حزينًا عجيبًا، وتغني بصوت شجي قائلة:
– “إن في السجن أسيرًا، سيدي ذاك الأسير، هو في ثوب حديد، وأنا ثوبي حرير.”
بدا كأن اللحن الحزين العجيب قد سحر القلوب. وسرعان ما أخذت دموع الملك ودموع الحاضرين تسيل، وراحوا كلهم يبكون ويتأوهون. عندما توقفت لونيا عن الغناء أسرع الملك فانيمار يمسح دموعه، ثم التفت إلى لونيا، وقال لها:
– “يا غلام، إني أهب سيدك الحرية!”
ثم كتب إلى السجان كلمة يأمره فيها أن يطلق سراح الأسير الذي يختاره الغلام عازف العود.
إنقاذ الملك جونياس
حملت لونيا أمر الملك وأسرعت إلى السجن وأخرجت زوجها منه. وكانت قد أعدت جوادين سريعين فانطلقت هي وزوجها جونياس عليهما انطلاق الريح.
في اليوم التالي عرف الملك فانيمار أن الأسير الذي غادر السجن هو خصمه الملك جونياس، فغضب غضبًا شديدًا وأدرك أن الغلام عازف العود قد احتال عليه. وقف عندئذ واحد من رجال البلاط، وقال:
– “يا مولاي، لعل الغلام عازف العود هو لونيا زوجة الملك جونياس متنكرة. فلقد ذاع بين الناس أن لها صوتًا ساحرًا وعزفًا عجيبًا. إذا شئت لحقنا بها وبزوجها وقتلناهما!”
صمت الملك لحظة ثم قال:
– “بل اتركوها! الملوك لا يعاقبون امرأة خاطرت بحياتها لتنقذ رجلها!”
استقبال الملك جونياس
شاع بين الناس أن الملك جونياس عائد، فاصطفوا في الشوارع، واحتشدوا على الشرفات وفوق سطوح المنازل مرحبين. خرج زورطاب يستقبل ملكه وعلى وجهه سحابة من حزن. فإنه كان يخشى أن يخبر الملك أن زوجته لونيا قد تركت القصر قبل عام، ولم تعد. لكنه فجأة رأى لونيا تركب جوادها إلى جوار زوجها، فاطمأن قلبه وفرح فرحًا عظيمًا.
ظل الملك جونياس وقتًا طويلاً يرد على هتاف الناس ملوحًا بيديه. لكنه كان طوال الوقت يبحث بين المستقبلين عن مستشاريه فلا يجدهم. أخيرًا سأل عنهم وزيره، فقال زورطاب:
– “رميت بهم في السجن، يا مولاي! لقد عصوا أوامرك وحاولوا خلعي. لو أنا نفسي عصيت أوامرك لرميت نفسي في السجن!”
ابتسم الملك، وقال في نفسه:
– “ما أسهل أن يتعلم الرجال مخاطبة الملوك!”
إدارة شؤون المملكة
أدار الملك شؤون المملكة بحكمة ودراية، وسعى إلى السلام مع خصمه الملك فانيمار. وقد التقى في حديقته يومًا الشيخ ذا اللحية البيضاء فركض إليه يعانقه، ورجاه أن يبقى معه في القصر. لكن الشيخ ابتسم، وقال:
– “يا بني، أنت الآن ملك محنك، وإن ملوكًا شبابًا كثيرين يحتاجون إلى مساعدتي، ولو كانوا لا يعلمون!”
مكانة الملكة لونيا
كذلك أدرك الناس أن لونيا لا شبيه لها بين نساء ذلك الزمان في فتنتها وإخلاصها ومواهبها. ولم يعودوا يعتبون على الملك الشاب إذا رأوه يقضي في صحبتها بعضًا من وقته.
معرض الصور (قصة عازف العود)
لا تنسي فك الضغط عن الملف للحصول علي الصور
استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟
– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث