قصة طيور لا تطير

جدول المحتويات

في إحدى الليالي الهادئة، كان نبيل ينتظر عودة والده فريد بفارغ الصبر. كان نبيل طفلاً فضولياً يحب الاستماع إلى القصص الشيقة التي يرويها والده، وكان والده بدوره أباً محباً يسعى دائماً لتعليم أبنائه وتزويدهم بالمعلومات. بعد أن أنهى نبيل فروضه المدرسية وتناول العشاء، عاد والده من الخارج، وسرعان ما طلب منه أن يروي له قصة جديدة. بعد تفقد فروض نبيل والإشادة باجتهاده، وافق الوالد وبدأ في سرد قصة عن النعامة وفراخها.

بدأ الأب يشرح لنبيه عن الطيور التي لها أجنحة لكنها لا تستطيع الطيران، مثل النعامة والدجاجة والإوز. ثم أوضح له أن النعامة، رغم حجمها الكبير وجناحيها، تستخدم سرعتها الفائقة في الجري للدفاع عن نفسها وللهروب من الأعداء. وذكر له أيضاً أن النعامة لديها سلوك غريب أحياناً؛ فهي تدفن رأسها في الرمال عند شعورها بالخطر، معتقدة أنها إذا لم ترَ العدو، فلن يراها العدو أيضاً، مما أضحك نبيل كثيراً.

بعد ذلك، تحول الحديث إلى طائر آخر لا يطير، وهو طائر البطريق. شرح الأب أن البطريق طائر يعيش في المناطق الباردة المغطاة بالثلوج، وأنه يسير على قدميه كالإنسان. أظهر الأب لنبيل صورة من كتاب لطائر البطريق، وهو يسير بشكل منتظم خلف قائده، مثل الجنود المدربة. سأل نبيل والده عما إذا كان البطريق يستطيع الجري بسرعة كالنعامة، فأجابه والده بأن البطريق لا يجيد الجري ولكنه ماهر في السباحة، ويستطيع الغوص تحت الماء هرباً من الدببة البيضاء أو الثعالب القطبية.

في نهاية القصة، حث الأب ابنه نبيل على الذهاب إلى الفراش مبكرًا ليستيقظ في وقت مبكر من الصباح. شكر نبيل والده على القصة المثيرة والمعلومات القيمة، ثم ذهب إلى فراشه وهو يفكر في مغامرات الطيور المثيرة وقدراتها المختلفة.

قصة طيور لا تطير مكتوبة

كان فريد أبًا مثاليًا يحب أبناءه ويحنو عليهم، كما أنه كان يحرص دائماً على تثقيفهم وتزويدهم بالمعلومات العامة حول كل شيء في الحياة. وكان ابنه نبيل يلقي عليه أسئلة كثيرة ليستفسر بها عن بعض الأمور. كان الوالد لا يضيق بأسئلة ابنه كما يفعل بعض الآباء، بل كان يجيب عليها جميعًا عن طيب خاطر، ويشجع ابنه على أن يطرح المزيد من الأسئلة عليه.

كان نبيل، بعد أن ينتهي من عمل فروضه المدرسية، ينتظر عودة والده بفارغ الصبر من الخارج ليستمع منه إلى بعض القصص المشوقة التي كان يحب كثيرًا الاستماع إليها. وفي إحدى الأمسيات، عاد الأب من الخارج، فأسرع إليه نبيل وعانقه، وقال له:

– أبي، لقد انتهيت من عمل فروضي المدرسية والحمد لله.

قال الأب:

– حسنًا يا نبيل، وهل تناولت طعام العشاء؟

قال نبيل:

– نعم يا والدي، وأنا في انتظارك لكي تسمعني إحدى قصصك الجميلة.

قال أبوه:

– سأخلع ملابسي، وألقي نظرة على فروضك، لأرى كيف أديتها، وبعد ذلك أقص عليك إحدى القصص.

قال نبيل فرحًا:

– شكرًا يا أبي.

تشجيع الأب لابنه

ارتدى فريد ملابسه المنزلية، ثم ألقى بعد ذلك نظرة على فروض نبيل، فوجده قد أحسن أداءها، فربت على كتفه بحنان وقال له:

– حسنًا، إني مسرور من اجتهادك في الدراسة يا نبيل، وإذا نجحت هذا العام بتفوق، فلك عندي هدية جميلة.

وصفق نبيل بيديه فرحًا، وسأل والده:

– وما هي هذه الهدية يا أبي؟

قال الأب:

– لن أخبرك بها، ولكنها ستكون مفاجأة لك، المهم أن تنجح بتفوق.

قال نبيل مؤكدًا:

– سأنجح بتفوق.. سأنجح بتفوق طبعًا.

قال أبوه:

– لا تقل ذلك يا نبيل، قل: سأنجح بتفوق إن شاء الله، فكل شيء يتم بمشيئة الله سبحانه وتعالى.

قال نبيل:

– نعم يا والدي، سأنجح بتفوق إن شاء الله… والآن، أريد أن أسمع منك القصة الجديدة.

قصة النعامة وفراخها

قال الأب:

إنها عن النعامة وفراخها الصغار. إنك تعرف أن لكل طائر جناحين ليطير بهما، فهل هناك طيور لها أجنحة ورغم ذلك لا يمكنها الطيران؟

فكر نبيل قليلاً ثم قال:

– نعم يا والدي…

وسأله فريد:

– مثل ماذا؟

قال نبيل:

– مثل الدجاجة يا والدي.

قال الأب:

– هذا صحيح، إن الدجاجة لها جناحان ولكنها لا تتمكن من الطيران أو الارتفاع عن الأرض إلا لمسافة قصيرة جدًا. هل هناك طير آخر له جناحان ولا يمكنه أن يطير؟

قال نبيل:

– نعم يا والدي، الأوزة.

قال الأب:

– إن الأوز المنزلي لا يمكنه الطيران فعلاً، ولكن هناك يا نبيل أنواعًا أخرى من الأوز تطير على ارتفاع كبير ولمسافات طويلة جدًا.

طيور الهجرة

– كيف ذلك يا أبي؟

قال الأب:

– هناك أنواع من الطيور يسمونها طيور الهجرة، ومن بين هذه الطيور أنواع من الأوز والبط، تطير لمسافات شاسعة، تبلغ آلاف الكيلومترات.

وسأل نبيل أباه:

– ولماذا يسمون هذه الطيور بطيور الهجرة يا أبي؟

قال فريد:

– لأنها تهاجر من موطنها الأصلي عندما يشتد البرد والصقيع، فلا تجد هذه الطيور الطعام الذي تقتات به، ولذلك فإنها تتجه في طيرانها إلى مناطق أخرى ليس فيها برد أو صقيع، وتعيش فيها حتى ينتهي فصل الشتاء في موطنها الأصلي فتعود إليه.

وفكر نبيل قليلاً ثم سأل والده:

– وكيف تهتدي هذه الطيور إلى المناطق التي ليس فيها برد أو صقيع وهي تبعد عن موطنها مسافات طويلة؟

قال الأب:

– إنه سؤال موفق منك يا نبيل، فطيور البجع مثلاً تطير من شمال أوروبا في الشتاء حتى تصل إلى أرض السودان والحبشة، وهي مسافة هائلة، وإذا ضلت طريقها ووصلت إلى الصحراء الكبرى مثلاً، فإنها بلا شك تهلك وتموت. ولكنها لا تضل أبدًا، والعلماء الذين بحثوا موضوع هجرة الطيور يقولون إنها تهتدي إلى وجهتها بفضل الغريزة، وهذه الغريزة أودعها الله تعالى في الطيور. هجرة الطيور، في رأيي، هي دليل من أدلة قدرة الله سبحانه وتعالى، والنظام الذي تهاجر به هذه الطيور يدعو الإنسان إلى التساؤل والإعجاب.

النظام في الطيور المهاجرة

وسأله نبيل:

– وهل تعرف هذه الطيور النظام؟

قال الأب:

– نعم، إن أسراب الطيور المهاجرة تمر كثيرًا بسماء الأقطار العربية، وتطير على ارتفاع شاهق لتنجو من بنادق الصيادين، وهي تطير في أسراب، يتخذ كل سرب منها شكل مثلث، ويكون قائد هذا السرب على رأس المثلث.

وتساءل نبيل:

– ألها قائد أيضًا؟

أجابه والده:

– نعم، وهذا القائد يكون في الغالب من أقوى الطيور، كما تكون له خبرة سابقة باتجاهات مسيرة الهجرة، أي أنه هاجر من قبل عدة مرات، لأن أي انحراف ولو كان بسيطًا في اتجاه سير السرب، يجعله يضل في سماء الدنيا الواسعة، ويكون في ضلاله هلاك محتّم لجميع طيور ذلك السرب.

قال نبيل:

– فعلاً يا والدي، إنها بلا شك قدرة من الله تعالى.

وتابع الأب قوله:

– أما الطيور التي لا يمكنها الطيران، فهي بطبيعة الحال لا يمكنها الهجرة.

تحديات الطيور غير القادرة على الطيران

وسأله نبيل:

– وماذا تفعل الطيور التي لا تطير إذا جاء فصل الشتاء ببرده وصقيعه ولم تجد الطعام الذي تأكله؟

قال الأب:

– إن الطيور التي لا تطير إما أن تكون طيورًا منزلية كالدجاج والأوز والبط، وإما أن تكون المناطق التي تعيش فيها يتوافر فيها طعامها خلال فصل الشتاء، كالنعامة مثلًا.

وسأل نبيل:

– أين تعيش النعامة؟

قال أبوه:

– إنها تعيش في سهول وصحاري المناطق الاستوائية الحارة، والنعامة تعتبر أضخم الطيور جميعًا.

وفكر نبيل قليلًا ثم قال:

– إذا كانت النعامة لا تطير يا أبي، فلماذا خلق الله لها جناحين؟

قال فريد:

– إنه سؤال ينم عن ذكاء أيضًا. إن جناحي النعامة يساعدانها مساعدة عظيمة وهي تجري، فالنعامة إذا طاردها وحش كاسر، انطلقت في جريها وهي تضرب الهواء بشدة بجناحيها، فتبدو من فرط سرعتها كأنها تطير فوق سطح الأرض، ومن المستحيل أن يدركها الأسد أو النمر أو الفهد أو أي حيوان مفترس آخر، لأنها في جريها قد تتجاوز سرعتها السبعين كيلومترًا في الساعة.

مميزات النعامة وسلوكها

قال نبيل متعجبًا:

– سبعون كيلومترًا في الساعة؟ إنها سرعة هائلة يا أبي!

قال الأب:

– نعم، إن العرب كانوا يقولون عن النعامة إنها ليست طائرًا وليست جملًا.

وسأله نبيل:

– ولماذا يقولون ذلك؟

قال فريد:

– إنها ليست طائرًا كما يقولون لأنها لا تقوى على الطيران، وليست جملًا لأنها تشبه شكل الجمل برقبتها الطويلة، وبظهرها المقوس، وبقدرتها على أن تجري بسرعة فوق الرمال، كما يفعل الجمل، ولكنها ليست جملًا بطبيعة الحال.

وسأله نبيل:

– إن كل الطيور تضع بيضًا، فهل النعامة تبيض أيضًا؟

أجابه الأب:

– نعم، إنها تبيض أربع أو خمس بيضات، وهي لا ترقد على البيض لأنها ثقيلة الوزن جدًا، ولو رقدت على بيضها كما تفعل الدجاجة أو الطيور الأخرى فإنها ستهشمه.

قال نبيل:

– إن النعامة تعرف إذن أنها ثقيلة الوزن ولذلك لا ترقد على بيضها!

وضحك فريد ثم قال:

– هذا أيضًا مما يثبت قدرة الله تعالى، لأن النعامة لا تعرف أنها ثقيلة الوزن، ولم يحدث أبدًا لأية نعامة أنها رقدت على بيضها فتعلمت ألا ترقد عليه مرة ثانية، ولكن الله تعالى يهدي كل مخلوق من مخلوقاته إلى الطريقة التي يتصرف بها في الحياة.

حجم بيضة النعامة وعناية الأم بها

وسأل نبيل أباه:

– وما حجم بيضة النعامة؟

قال الأب:

– في مثل حجم رأسك يا نبيل، أو أكبر قليلًا.

وضحك نبيل وهو يمسك رأسه بين يديه ثم قال:

– وماذا تفعل بهذا البيض الضخم بعد أن تضعه؟

قال فريد:

– إنها تنبش في الرمال حفرة صغيرة، تضع فيها بيضها، ثم تغطي البيض ببعض الحشائش الجافة والرمال، ولكنها لا تبتعد عنه، وتظل تراقبه لتحرسه.

وسأله نبيل:

– تحرسه من ماذا؟ إن الحيوانات المفترسة لا تأكل البيض على ما أظن.

قال الأب:

– نعم، إن الحيوانات المفترسة لا تأكل البيض كما تقول، ولكنها تخاف عليه من الثعابين.

ثعابين تهدد بيض النعامة

وعجب نبيل وسأل والده:

– تخاف عليه من الثعابين! بيضة النعامة في حجم رأسي يا والدي، أي ثعبان يمكنه أن يلتهمها؟!

قال الأب:

– توجد في المناطق الحارة أنواع ضخمة جداً من الثعابين كالنوع المسمى بثعبان “البوا”، وهذا الثعبان يمكنه أن يبتلع خروفاً أو غزالاً صغيراً، ولكن الحيوانات المفترسة تصبح بعد ذلك خطرة على أفراخ النعامة.

وسأله نبيل:

– إذا هاجم أي حيوان مفترس صغار النعامة فكيف يمكنها أن تدافع عن صغارها وتحميها؟

قال الأب:

– إن النعامة إذا رأت وحشاً من الوحوش الكاسرة يقترب من صغارها، وقفت بين الوحش وبين الصغار، وأولت الوحش ظهرها، ثم ترفس الوحش رفسة هائلة قوية بإحدى ساقيها فتجرحه جرحاً بليغاً، إذ إن عضلات ساقي النعامة في منتهى القوة، ولها ظلف كحد السيف، وإذا أصابت هذه الرفسة رأس الوحش فقد تقضي عليه وتقتله. ولكن هناك خطراً آخر يهدد دائماً حياة النعامة.

سلوك النعامة عند مواجهة الخطر

– ما هو هذا الخطر يا أبي؟

قال الأب:

– المعروف عن النعامة أنها تفكر أحياناً بطريقة ساذجة، فإذا رأت الخطر يقترب منها، دفنت رأسها في الرمال، وهي تحسب أنها ما دامت لا ترى عدوها فهو الآخر لا يراها.

وضحك نبيل ثم قال:

– إذا فعلت ذلك فإنها تكون غبية فعلاً.

قال الأب:

– إنها تفعل ذلك نادراً، وسلاحها الأول سرعة جريها، لأنها إذا رأت وحشاً مفترساً فإنها تطلق ساقيها للهرب فلا يدركها.

وسأله نبيل:

– إنها لا تهرب إذا كانت مع صغارها، أليس كذلك؟

قال أبوه:

– نعم، فالأم دائماً تدافع عن صغارها ولو ضحت في سبيل ذلك بحياتها.

قال نبيل:

– إذن، فالطيور التي لا تطير هي النعامة والدجاجة والإوز والبط المنزلي، أليس كذلك؟

طائر البطريق وصفاته

قال الأب:

– هناك أيضاً طائر آخر يسمونه طائر البطريق.

وسأله نبيل:

– طائر البطريق؟ ولماذا يسمونه كذلك؟

قال فريد:

– لأنه أبيض الصدر، أما رأسه وجناحاه وظهره فلونها جميعاً أسود فاحم، وهو بذلك يشبه زي البطريق – أحد رجال الدين – أما اسمه بالإنجليزية فهو “بنجوين”.

وسأل نبيل أباه:

– وأين يوجد طائر البطريق هذا؟

أجابه والده:

– يوجد في المناطق الشمالية التي تكثر فيها الثلوج، وهو يسير على قدميه منتصب القامة كما يسير الإنسان تماماً، وهو الطائر الوحيد في العالم الذي يمشي كالإنسان.

نظام طيور البطريق

وفهم فريد ما كان يدور في رأس ابنه فقال له:

– انتظر، لدي كتاب فيه صورة لطائر البطريق، وسترى كيف أنه يسير منتصب القامة على قدميه.

وأحضر الأب الكتاب من مكتبته وبدأ يشرح لابنه الصورة قائلاً:

– انظر، الطائر الذي في المقدمة هو رئيس كل الطيور، تسير من خلفه في نظام لا تخالفه أبداً، إنها تبدو كأنها جنود مدربة.

وسأل نبيل والده:

– وهل طائر البطريق يمكنه أن يجري بسرعة كالنعامة؟

قال الأب:

– كلا، ولكنه ماهر في السباحة، ويمكنه أن يغطس تحت الماء إذا هاجمه الدب الأبيض أو الثعلب القطبي، والآن يكفيك هذا القدر يا نبيل، واذهب إلى فراشك لتنام لكي تستيقظ غداً إن شاء الله في ساعة مبكرة.

وشكر نبيل والده ثم ذهب إلى فراشه لينام.

معرض الصور (قصة طيور لا تطير)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

المصدر
قصة طيور لا تطير - حكايات وأساطير للأولاد - منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر - بيروت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى