قصة طربوش الباشا

كل شيء مما يلبسه الباشا طبيعي وعادي، عباءته الواسعة، وبنطاله الفضفاض، وحذاؤه الجلدي، إلا أنه كان يلبس في رأسه طربوشاً طويلاً. فكان الباشا يتباهى بين الناس بأنه أطول طربوش في البلدة كلها.

دبت الغيرة في قلب جحا، فقد كان يرى الناس يلتفون حول الباشا ويعلنون عن إعجابهم بطربوشه الطويل. فقال جحا لنفسه: لم لا أصنع طربوشاً أطول من طربوش الباشا، وبذلك ألفت أنظار الناس وأنال إعجابهم؟

صناعة الطربوش الجديد

ذهب جحا إلى بائع الطرابيش، وقال له: أأنت صنعت طربوش الباشا؟ فقال له البائع: نعم، أنا صنعته له. فقال له جحا: أريد أن تصنع لي طربوشاً يناسب رأسي، ولكن على شرط أن يكون أطول من طربوش الباشا، وسأدفع لك ما تريد.

وبعد يومين أو ثلاثة، انتهى صنع الطربوش. فاستلمه جحا فرحاً به، ودفع ثمنه، ثم ثبته في رأسه، ونزل إلى السوق يمشي بين الناس بكل وقار، فكانوا ينظرون إلى طربوش جحا الطويل بإعجاب واستغراب.

غضب الباشا من طربوش جحا

ولكن أخبار طربوش جحا أصبحت على كل شفة ولسان، حتى تسربت إلى الباشا نفسه. فتلمس الباشا طربوشه، وصاح غاضباً: كيف يتجرأ جحا فيصنع طربوشاً أطول من طربوشي! لا بد من معاقبته.

وفي اليوم التالي أحضر جحا إلى مجلس الباشا، فأخذ الباشا يعنفه ويوبخه على هذه المخالفة الجريئة، ويقول له: من أنت يا جحا، ألا تعلم أنني أنا الباشا، ولا يحق لك أن تكون أفضل مني شأناً، ولا أعلى منزلة!

حكمة جحا وتغيير قناعات الباشا

ولكن جحا وقف ثابت القلب أمام الباشا، وقال له بكل هدوء واتزان: أيها الباشا، إن قيمة الإنسان ليست في الثوب ولا في الطربوش، بل قيمته فيما يقوم به من أعمال حميدة، وأفعال رشيدة.

وسرعان ما اقتنع الباشا بكلمات جحا المفيدة، وحكمته السديدة. وقرر الباشا، كما قرر جحا، أن يخلع كل منهما طربوشه، ويعود إلى قبعته المتواضعة السابقة. فالصداقة والوفاق، أفضل من الخلاف والشقاق.