قصة زمردة في المخا

تعلم مع قصة زمردة في المخا كيف تم اكتشاف القهوة والبخور قديما في اليمن. حكاية ممتعة عن أصل المشروبات والعادات.
عناصر القصة (جدول المحتويات)

كانت زمردة تتساءل بفضول عن سبب حب الكبار للقهوة والبخور، فشرحت لها أمها أن لكل منهما قصة قديمة تبدأ من اليمن السعيدة. وحكت الأم عن راعٍ بسيط عاش في بلدة المخا، لاحظ أن عنزاته أصبحت مليئة بالنشاط والحيوية ولا تنام كثيراً، وهو كذلك أصبح يشعر بالأرق. راقب الراعي عنزاته فاكتشف أنها تأكل من ثمار غريبة في مرعى محروق. دفعه الفضول لتجربة هذه الحبيبات بنفسه، ورغم طعمها المر في البداية، حاول الراعي طحنها وغليها. عندما تذوق المشروب الساخن، شعر بنشاط لم يعرفه من قبل، وأدرك أن هذه الحبيبات هي السر! هكذا اكتشف الراعي القهوة، وبدأت رحلتها من المخا لتصبح المشروب المحبوب عالمياً.

قصة زمردة في المخا مكتوبة

تساءلت زمردة وهي تساعد أمها في تنظيف البيت في صباح أحد أيام عطلة الأسبوع: «يا ترى لماذا يحب الكبار القهوة، فهي مرة ولا أجد فيها ما يدعو إلى ضرورة التحلق حولها في فترة الصباح لقضاء ساعتين كاملتين!»

ثم اقتربت زمردة من أمها وسألتها: «أمي لقد انتهيت من ترتيب الغرفة وتنظيفها. هل تريدين وضع البخور كالعادة؟»

«نعم يا حبيبتي» أجابتها والدتها، « ولكني سأتولى أنا هذا الأمر. إذا أردت أحضري لي عيدان البخور من غرفتي لأشعلها.»

تساءلت زمردة: «ترى ما هو البخور؟ ومن أين يأتي؟ إن رائحته زكية وأريد أن أسأل أمي عنه.»

سارعت زمردة في إحضار البخور وسألت والدتها: «أمي من أين يأتي البخور؟ ولماذا يحبه الناس في بلادنا؟»

أجابت والدتها: «إن للبخور قصة قديمة جدا. ولقد كان الناس يتداولونه منذ زمن بعيد، وكانت هناك طريق تدعى طريق البخور، وهي تمر في اليمن. وكذلك القهوة، فلقد اكتشفت حبيبات البن الأولى في مدينة «المخا» اليمنية. اسمعي، سأروي لك قصتها.»

قصة اكتشاف البن في اليمن

جلست زمردة لتستمع باهتمام.

«منذ عصور طويلة كان هناك راع يصحب عنزاته كل صباح قبل طلوع الفجر لكي ترعى في الجبال الخصبة في بلدته التي تدعى «المخا» في جنوب اليمن. ولقد كانت اليمن أرضا خصبة جدا، كان الرومان يسمونها Arabia Felix أي «العربية السعيدة» لجمالها وخصوبتها.»

«وقد دأب الراعي على أخذ عنزاته إلى مكان اعتاد الذهاب إليه. وكان ينتظرها إلى أن تأكل وتشبع ليعود عند مغيب الشمس فينام باكرا ليستيقظ قبل الفجر كالمعتاد، فكان يطبق المثل الشعبي «نم باكرا واستيقظ باكرا وانظر إلى صحتك كم تتحسن».»

«لاحظ الراعي أنه في الفترة الأخيرة كان ينام قليلا جدا. فكان يستيقظ في منتصف الليل ويمضي ساعات من الأرق قبل أن يبزغ الفجر. لماذا كل هذا النشاط يا ترى؟ وهو لم يغير عاداته على الإطلاق. يأكل بانتظام وينام بانتظام. قال في نفسه: لا حول ولا قوة إلا بالله. لا أعرف ماذا دهاني!»

حيرة الراعي وتأثير المرعى على العنزات

ذهب إلى المرعى كالمعتاد. وقال في نفسه إن عنزاتي تأكل من أفضل العشب وأنا أحلبها كل مساء لأتغذى من حليبها الطازج، والحليب يشعر الإنسان بالنعاس قبل النوم، فماذا حصل لي يا ترى ولا شيء يعكر صفو حياتي؟ فأنا إنسان مقتنع بما أعطتني الحياة. عندي عنزاتي وأصدقائي وعلاقتي جيدة مع الجميع.

لاحظ الراعي وهو يتساءل أن عنزاته في هذا الصباح كانت قبل وصولها إلى المرعى تتوقف في مرج قد تعرض للاحتراق قبل عشرة أيام، وفي هذا المرج ثمار صغيرة تعرضت هي أيضا للنار فأصبحت هشة. وكانت عنزاته في الفترة الأخيرة قد أحبت تلك الثمار وبدأت بأكلها.

يا ترى ما هي تلك الثمار؟ ولماذا أحبتها العنزات؟

تجربة الراعي للثمار واكتشاف البن

تقدم الراعي وأخذ بعض الحبيبات وتساءل في نفسه: يا ترى ما هو طعمها؟ أكل واحدة فبدت قاسية، مرة الطعم. فقال في نفسه: لا بد وأن أجربها وآكل منها. ولكن قبل ذلك سأطحنها.

أخذ معه كمية من تلك الحبيبات إلى البيت. وفي المساء قبل أن يخلد إلى النوم طحنها ثم أضاف إليها الماء والسكر ليحلو طعمها ووضعها على النار ليشرب محلولها. لم يعرف الراعي بأنه قد شرب أول قهوة صنعها بنفسه. ولاحظ في اليوم التالي أنه أصبح نشيطا أكثر من المعتاد. فعرف السر.

كانت عنزاته تأكل من تلك الحبيبات المحمصة، وهي حبيبات البن. وكان هو يحلبها آخر الليل ويشرب من حليبها. وكما نعلم، فإن ما تأكله العنزات يتحول في حليبها إلى مواد تنتقل إلى الإنسان عند شربه.

كان البن منشطا، وأحب الراعي طعمه، وقرر أن يجمعه بنفسه ويطحنه في بيته لكي يشرب منه كل صباح قبل أن يبدأ عمله. ومنذ ذلك الحين اكتشف البن. والبلدة الأولى التي خرج منها هذا النبات النفيس هي «المخا».

انتشار القهوة والبخور وتنوع استخداماتهما

ثم انتقلت النبتة إلى مناطق أخرى في العالم تميزت هي أيضا بإنتاج البن. حتى أنه في القرن السادس عشر فتحت دكاكين في تركيا لتقدم فيها القهوة. كل ذلك قبل أن تنتقل إلى أوروبا فيما بعد. وهناك اليوم أنواع عديدة منه تصنع بطرق متنوعة.

ففي البلاد العربية يخلط البن مع الماء والسكر. وتطحن حبيبات البن بشكل أدق وأنعم. أما في بلاد أخرى فيفصل الماء عن البن ويتم تقطيره. ويضاف السكر أو يشرب مرا أو يضاف إليه الحليب أو مواد أخرى كثيرة كحبوب الهال مثلا.

ولقد كانت الطريق التجارية التي تحمل البن والبخور من اليمن شهيرة إذ أن البخور أيضا كان يستخرج من أشجار موجودة في هذا البلد. وأشهر أنواع البخور هو العود، والعود المعطر، ويصدر إلى مختلف أنحاء العالم. والبخور زكي الرائحة، حتى يقال أن المصريين القدماء كانوا يستخدمونه في طقوسهم وفي تحضيرهم للمومياء. ولذلك قصة أخرى سأرويها لك في مناسبة أخرى.»

دعوة الضيوف وتحضير القهوة

انتهت والدة زمردة من قصتها على صوت قرع الباب، فقالت لابنتها: «هيا يا ابنتي لقد جاءت جاراتي وعليك أن تحضري لنا اليوم القهوة بنفسك.»

قالت زمردة: «بالطبع يا أمي ولكن علي أن أفتح النوافذ لأن رائحة البخور قد ملأت الغرفة وسأحضر أنا القهوة بنفسي. ولكني لن أشربها فما زلت صغيرة.»

ضحكت والدة زمردة وبدأت باستقبال صديقاتها.

معرض الصور (قصة زمردة في المخا)

تحميل الحكاية

شارك برأيك

ما أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى