قصة اليتيمات الثلاثة

في قصة اليتيمات الثلاثة، تتغلب ثلاث أخوات على الفقر بذكاء وقلب طيب، ويتغير مصيرهن بفضل خاتم سحري يكافئهن بحياة مليئة بالرخاء.
عناصر القصة (جدول المحتويات)

في مدينة دمشق القديمة، عاش رجل طيب يُدعى الحاج حسن، كان خياطًا ماهرًا وكريمًا يحب مساعدة الفقراء. لم يكن يدخر مالًا لنفسه، بل كان ينفق كل ما يكسبه في سبيل الله. مع ذلك، عاش حياة سعيدة مع زوجته الحنونة وبناته الثلاث: رباح، صباح، ونجاح. لكن عندما توفي الحاج حسن، تبعته زوجته بعد فترة قصيرة، وتركوا البنات الثلاث يتيمات، بلا مال أو قريب يساندهن.

بذكاء الأخت الصغرى نجاح، قررت الفتيات البدء في غزل الصوف وبيعه لكسب الرزق. ذهبن إلى السوق واشترين ثلاثة أنوال وكمية من الصوف، وبفضل مهارة نجاح، تعلمت رباح وصباح فن الغزل. بعد أن نجحن في بيع الصوف، تمكنّ من ادخار المال وبدأن في توسيع تجارتهن.

ذات يوم، قررت نجاح أن تذهب إلى السوق، وهناك شاهدت غلامًا يُدعى حسن يتعرض للضرب من قبل تاجر الرقيق. رقت له قلبها واشترته من النخاس، ووعدته بحياة جديدة مليئة بالحب والكرامة. أصبح حسن جزءًا من الأسرة، وساعد الفتيات في أعمالهن.

بينما كان حسن ينظف السمك ذات يوم، وجد خاتمًا ذهبيًا في جوف سمكة. عندما فركت نجاح الخاتم لتنظيفه، انبعث منه دخان كثيف وظهر رجل مهيب المنظر، أعلن أنه عبد للخاتم ويستطيع تحقيق أي أمنية. طلبت نجاح قصرًا فخمًا وخدمًا وأموالًا تكفيهن للتصدق على الفقراء. تحقق كل ما طلبته، وأصبحت الفتيات الثلاث أميرات بعد أن تزوجن بأبناء السلطان.

بفضل ذكاء نجاح وطيبة قلوبهن، عشن حياة سعيدة، ورافقهن حسن الذي أصبح فردًا من العائلة، يعيش هو الآخر حياة مليئة بالسعادة والكرامة. كانت تلك النهاية السعيدة مكافأة من الله على تمسكهن بالفضيلة والرحمة.

قصة اليتيمات الثلاثة مكتوبة

كان يعيش في مدينة دمشق منذ قرون رجل طيب القلب يُدعى حسن، وكان الناس يسمونه الحاج حسنًا، لأنه أدّى فريضة الحج إلى بيت الله الحرام ثلاث مرات.

كان الحاج حسن خياطًا ماهرًا وصادقًا في جميع معاملاته. إذا وعد أحداً من عملائه بالانتهاء من إعداد ثوبه في يوم معين، وفّى بوعده. بالإضافة إلى ذلك، كان الحاج حسن كريمًا وعطوفًا على الفقراء والمساكين، لا يرد سائلًا، بل يسعى بنفسه إلى بيوت بعض الأسر التي أثقلها الدهر ويمد يد العون لهم.

حرص الحاج حسن على أن تكون مساعداته في الخفاء، كما يقولون “كانت يده اليمنى لا تعلم شيئًا عمّا تنفقه يده اليسرى”. حتى زوجته لم تكن تعلم شيئًا عن صدقاته ومساعداته للفقراء. كان يقوم بذلك ابتغاء مرضاة الله، نابعًا من إيمانه العميق.

زوجته كانت سيدة عاقلة طيبة القلب، وقد أدت معه فريضة الحج، فأطلق عليها أهل الحي لقب الحاجة. كانت الحاجة تتصدق بدورها على الفقراء، وكان لهما ثلاث بنات. حرص الوالدان على تعليم بناتهما مبادئ الدين الإسلامي التي تدعو إلى التمسك بالشرف والصدق والأمانة، بعيدًا عن مظاهر الدنيا الزائلة.

حياة البنات الثلاث

كانت البنات الثلاث تُدعى الكبرى رباح، والوسطى صباح، والصغرى نجاح. كانت نجاح، أصغرهن، فتاة عاقلة بعيدة النظر، فبدلاً من أن تنفق كل ما تأخذ من والدها من مصروف يومي، كانت تدخر جزءًا منه وتضعه في صندوق خشبي صغير. أما الحاج حسن، فكان مثل كل الكرماء، ينفق كل ما يربحه ولم يدخر شيئًا للمستقبل.

ثم مرض الحاج حسن، واشتد عليه المرض حتى أحس بأن نهايته قد اقتربت. استدعى زوجته وبناته وهو على فراش المرض وقال بصوت واهن وضعيف:

“أشعر بأن حياتي على وشك الانتهاء، لا تجزعن، فهذه الدنيا فانية، والموت حق على كل إنسان. أعرف أنني سأموت دون أن أترك لكم ثروة، ولكن ثروتي عند الله سبحانه وتعالى. إن الله يعلم كيف كنت أنفق المال، لذلك سأموت مرتاح البال، واثقًا بأن الله سيحفظكن، وحفظ الله أثمن من أي ثروة”.

وفاة الحاج حسن وزوجته

انفجرت زوجته بالبكاء وقالت: “لا تقل ذلك، لا تتحدث عن الموت، إنك إذا مت فلن أعيش من بعدك”. أجابها الحاج حسن: “لا تقولي ذلك، البنات بحاجة إليك وإلى رعايتك. يجب أن تتحلي بالصبر”.

وبالفعل، مات الحاج حسن وحزنت عليه زوجته حزنًا شديدًا. كانت تبكي طوال الوقت، وفقدت شهيتها للأكل، مما أدى إلى ضعف جسدها ومرضها. لم تكن لديها إرادة للحياة، كما أخبرت زوجها سابقًا بأنها لا تستطيع العيش بدونه. وبعد فترة من الزمن، ماتت الأم أيضًا، وأصبحت البنات الثلاث يتيمات من الأم والأب.

التحديات التي واجهتها البنات بعد وفاة الأبوين

لم يكن لديهن قريب يلجأن إليه ليمد يد المساعدة أو يتكفل بهن. ولكن الله سبحانه وتعالى كان يرعاهن برحمته، فقد ترك لهن أبوهن ثروة كبيرة برضاء الله عنه.

جلست البنات وحيدات في منزلهن، وكانت رباح، الأخت الكبرى، أشدهن حزنًا. قالت وهي تبكي: “ماذا نفعل الآن؟ إن أبانا لم يترك لنا شيئًا! كانت أمنا بعده تغزل الصوف في المصنع القريب وتنفق علينا ما تأخذه من أرباح. ماذا نفعل يا إلهي!”

فكرة نجاح لإنقاذ العائلة

قالت نجاح، الأخت الصغرى:
– لقد ادخرت بعض المال؛ وكنت أصحب أمي رحمها الله إلى مصنع الغزل أحيانًا؛ وراقبتها وهي تغزل الصوف على النول. طلبت منها أن تعلمني الغزل، وتعلمته بالفعل، لكني بحاجة إلى المزيد من التدريب. ما رأيكما أن نذهب إلى السوق ونشتري بما ادخرته ثلاثة أنوال وكمية من الصوف الخام، نغزله ثم نبيعه؟

سألتها أختها الوسطى، صباح:
– وهل يكفي ما ادخرته لشراء ثلاثة أنوال وكمية من الصوف الخام؟

قالت نجاح:
– أعتقد أنه يكفي.

ذهبن إلى السوق واشترين الأنوال الثلاثة وكمية من الصوف الخام. وبدأت نجاح بتعليم أختيها الكبرى والوسطى كيفية الغزل على النول. نجحن في غزل كمية الصوف الخام التي اشتروها، ثم ذهبن بها إلى السوق لبيعها، ولاقت بضائعهن إقبالًا كبيرًا من المشترين وحققن ربحًا مجزيًا.

عادت اليتيمات الثلاث إلى منزلهن فرحات مستبشرات، فقد أصبح لديهن ما يكفي من المال لمدة أسبوع. إلا أن الأخت الصغرى، نجاح، قالت:
– يجب ألا ننفق إلا نصف ما ربحنا، ونشتري بالنصف الآخر كمية أخرى من الصوف الخام لنغزلها ونبيعها، لأن الإقبال كان رائعًا.

استثمار الأرباح وتوسيع النشاط

وافقت أختاها على خطة نجاح، واشترت كمية من الصوف تساوي ثلاثة أضعاف الكمية السابقة، مما يعني أنهن سيحققن ربحًا أكبر. مع مرور الأيام، تمكنت الشقيقات الثلاث من ادخار بعض المال. اقترحت نجاح أن يقسمن المبلغ المدخر بالتساوي، بحيث تكون لكل واحدة منهن الحرية في التصرف بمبلغها. وافقت رباح وصباح على الاقتراح.

ذهبت الأخت الكبرى، رباح، إلى السوق واشترت ثلاثة أسرة أنيقة لها ولأختيها بالمبلغ الذي كان معها. كانت تلك مفاجأة سارة لأختيها، وشكرتاها على هديتها. صممت كل من صباح ونجاح على رد الهدية لها.

ذهبت صباح إلى السوق واشترت خزانة كبيرة لحفظ الثياب مقسمة إلى ثلاثة أقسام، فشكرتها رباح ونجاح على ذلك.

مفاجأة نجاح

جاء دور الأخت الصغرى، نجاح، وذهبت إلى السوق. لكنها رغم البحث الطويل، لم تجد شيئًا تشتريه يكون ذا فائدة لها ولأختيها. قررت تأجيل الشراء ليوم آخر، لعلها تجد شيئًا يناسبها. وبينما كانت في طريق العودة إلى البيت، مرت بسوق العبيد، حيث رأت غلامًا في العاشرة من عمره يصرخ باكيًا بينما كان النخاس يضربه بسوطه بلا رحمة.

اقتربت نجاح من النخاس وسألته:
– لماذا تضربه هكذا؟ ألا يوجد في قلبك رحمة؟

قال النخاس:
– مثله لا يستحق الرحمة! بعته ثلاث مرات وكل مرة يعيده من اشتراه لأنه غبي ولا يطيع سيده!

رفع النخاس يده ليضرب الغلام من جديد، فأمسكت نجاح بذراعه وقالت:
– كفى! لا تضربه! سأشتريه أنا، ولن أرجعه مهما كان غبيًا، كم ثمنه؟

قال الرجل غاضبًا:
– إذا تعهدت بعدم إرجاعه سأبيعه لك بثمن حمار أعرج!

إنقاذ الغلام وتغيير حياته

شعرت نجاح بسعادة كبيرة لأن المبلغ الذي كان معها يزيد عن الثمن الذي طلبه النخاس. دفعت له النقود وأخذت بيد الغلام وسارت به بعيدًا عن سوق العبيد. كان الغلام يبكي من أثر الضرب، فربّتت نجاح على كتفه بحنان وهي تجفف دموعه بمنديلها قائلة:
– لا تبكِ.. لن يضربك أحد بعد الآن.

قال الغلام:
– سيدتي، لا تصدقي ما قاله عني.

أجابته نجاح:
– لا تنادني سيدتي. أنا أختك الكبرى، لا يوجد سيد ومسود في هذه الدنيا. لدينا سيد واحد فقط، هو الله. ليس لدي إخوة ذكور، ومن الآن أنت أخي الأصغر.

لم يصدق الغلام ما سمعه، فقد نسي أن هناك في الدنيا من يعامل الآخرين بالرحمة والحنان. أمسك بيد نجاح وقبلها بشدة، ودموع التأثر تنهمر من عينيه.

جذبت نجاح يدها وقالت له:
– لا تفعل ذلك مرة أخرى، دعني أنا الأخرى أقبل يدك حتى لا أكون مدينة لك!

إنقاذ الغلام حسن

قبلت نجاح يد الغلام، الذي قال لها متأثرًا:

– أنا مستعد لأن أضحي بحياتي من أجلك، ولو أخبرتكِ بما كان يفعله أسيادي معي، لما صدقتيني! أنا لست غبيًا كما قال النخاس، ولا أعصي أوامر سيدي، ولكنني لست أقوى من حمار الطاحون.

سألته نجاح باستغراب:

– ماذا تعني؟

أجابها:

– لقد اشتراني رجل يملك طاحونًا، وكان عنده حمار يحرك حجر الطاحون. عندما مات الحمار، ربطني بدلاً منه وبدأ يضربني بالسوط كي أحرك الحجر الضخم، وهو ما كان مستحيلًا وفوق قدرتي. لذلك أعادني إلى النخاس واسترد ماله.

ربتت نجاح على ظهر الغلام بحنان وقالت له:

– لا تفكر في الماضي، فهؤلاء الناس لهم عقابهم من الله. ما اسمك؟

أجابها الغلام:

– اسمي حسن.

تفاجأت نجاح وقالت:

– حسن! هذا غريب، لأن والدي الراحل كان اسمه حسن أيضًا.

ثم سألها الغلام:

– ما العمل الذي ستكلفينني به؟

قالت له مبتسمة:

– لن أكلفك بأي عمل. أنا أعيش مع شقيقتي، ونغزل الصوف. إذا أردت تعلم غزل الصوف، سأشتري لك نولًا، وستربح الكثير من هذا العمل.

بداية جديدة لحسن

تفاجأ حسن وسألها:

– أربح؟ أنا أربح؟

ردت عليه نجاح:

– ولم لا؟ كل من يعمل يربح.

عندما عادت نجاح مع حسن إلى المنزل، قصت على شقيقتيها ما حدث. شعرن بالشفقة تجاهه، وبدأن في تعليمه الغزل على النول. كان حسن ذكيًا وتعلم بسرعة، وأصبح ماهرًا في العمل في وقت قصير.

بفضل حسن المعاملة، أصبح حسن يعاون الشقيقات في جميع الأعمال المنزلية بإخلاص، وكان يذهب إلى السوق ليشتري ما يحتجن إليه من طعام وغيره.

خاتم في جوف السمكة

في أحد الأيام، اشتهت نجاح أن تأكل سمكًا، فأعطت حسن النقود وأرسلته إلى سوق السمك. عاد حسن بالسمك بسرعة، وطلبت منه نجاح أن ينظف السمك، فقال مبتسمًا:

– أمرك يا أختي.

بينما كان حسن في المطبخ ينظف السمك، سمعته الشقيقات ينادي بصوت مرتفع:

– أختي رباح، أختي صباح، أختي نجاح! أنظرن، لقد وجدت هذا الخاتم في جوف السمكة!

كان حسن يحمل في يده خاتمًا عجيبًا من الذهب، مزينًا بحجر نقشت عليه رسومات بارزة. أخذت نجاح الخاتم وتأملت الحجر المتسخ، فبدأت تفركه لتنظيفه. فجأة، انبعث عمود من الدخان الأسود من الأرض، وظهر رجل مهيب المنظر أمامهم.

تحقيق الأمنيات

انحنى الرجل باحترام شديد أمام نجاح وقال:

– شبيك لبيك، أنا عبد بين يديك، أي شيء تطلبينه أحضره لك.

ارتبكت الشقيقات، لكن نجاح تمالكت أعصابها وسألت الرجل:

– أي شيء نطلبه تحضره لنا؟

أجابها:

– نعم، أي شيء.

فكرت نجاح سريعًا وقالت:

– نريد قصرًا فخمًا أمام قصر السلطان، وبه خدم وحشم، وفي خزائننا ما يكفينا مدى الحياة، وما يجعلنا نتصدق بسخاء على الفقراء والمساكين كما كان يفعل أبي وأمي رحمهما الله.

بسرعة، تحققت أمنية نجاح، وأصبح لهن القصر الذي طلبته.

السعادة والمكافأة

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد. أُحضرت أشهر المعلمين لتعليم الغلام حسن، الذي استفاد كثيرًا من الفرصة التي أتيحت له. أما الشقيقات الثلاث، فقد شاء الله أن يتزوجن بأبناء السلطان الثلاثة، وكانوا من خير الأمراء وأفضلهم خلقًا.

لم يتركهن أخوهن حسن، الذي استمتع أيضًا بحياة سعيدة إلى جانبهن. وهكذا، أنعم الله تعالى على اليتيمات الثلاث، جزاءً لتمسكهن بالشرف والفضيلة، ورحمتهن بالغلام حسن، وبما كان عليه أبواهن من صلاح وتقوى.

معرض الصور (قصة اليتيمات الثلاثة)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

المصدر
قصة اليتيمات الثلاثة - حكايات وأساطير للأولاد - منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر - بيروت

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى