قصة النملة والصرصور

جدول المحتويات

في إحدى أمسيات الصيف الهادئة، خرجت رجاء مع جدتها للتنزه في الغابة. فجأة، سمعت رجاء صوتًا غريبًا أفزعها. عندما سألت جدتها عن الصوت، أخبرتها بأنه صوت الصرصور. شعرت رجاء بالخوف وطلبت العودة إلى المنزل، لكن الجدة هدأت من روعها وشرحت لها أن الصرصور حشرة صغيرة وغير مؤذية. بعد أن لاحظت قلق رجاء، جلست الجدة معها وقررت أن تروي لها قصة تعلمها درسًا مهمًا.

بدأت الجدة تحكي عن النملة والصرصور. في فصل الصيف، كانت النملة تعمل بجد، تجمع الطعام وتخزنه استعدادًا للشتاء. في المقابل، كان الصرصور يقضي أيامه بالغناء والمرح دون التفكير في المستقبل. عندما جاء الشتاء ببرودته وأمطاره، وجد الصرصور نفسه بلا مأوى ولا طعام. شعر بالجوع والبرد، ولم يجد ملجأً سوى جاره النملة.

توجه الصرصور إلى بيت النملة، طالبًا المساعدة. استقبلته النملة بكرم وضيافة، على الرغم من تحفظات صغارها الذين لم يفهموا لماذا يجب عليهم مساعدة جارهما الكسول. لكن الأم النملة أوضحت لهم أن حسن الجوار والإحسان من القيم التي يجب أن يتحلوا بها، وأن الكرم هو جزء من طبيعتهم، حتى مع أولئك الذين لم يجتهدوا مثلهم.

بعد تناول العشاء والشعور بالدفء، شعر الصرصور بالخجل من نفسه. أدرك أنه قضى الصيف في اللهو بينما كانت النملة تعمل بجد. وعد نفسه بأنه في الصيف القادم سيعمل بجد ولن يعتمد على الآخرين بعد الآن. شكر النملة وعاد إلى منزله وهو عازم على تغيير حياته.

وفي الختام، أوصت الأم النملة صغارها بأن العمل الجاد هو مفتاح النجاح والسعادة، وحثتهم على تجنب الكسل والتراخي، لأن الاعتماد على الآخرين قد يجعل الإنسان في موقف ضعيف ومحرج. وهكذا تعلم الجميع درسًا قيمًا عن الاجتهاد والكرم.

قصة النملة والصرصور مكتوبة

ذات أمسية من فصل الصيف الجميل خرجت رجاء تتنزه في الغابة مع جدتها. فجأة، سمعت صوتًا غريبًا أفزعها؛ إذ كانت تلك هي المرة الأولى التي تسمع فيها مثل هذا الصوت. فسألت جدتها: “أتسمعين هذا الصوت يا جدتي؟!”

ضحكت الجدة وقالت: “نعم بنيتي! إنه صوت الصرصور.”

نظرت رجاء إلى جدتها باستغراب وخوف، وقالت وهي تتشبث بثوبها: “هيا نعد إلى البيت، أنا خائفة منه يا جدتي!”

ضحكت الجدة مرة أخرى وقالت، وهي تضم رجاء إلى صدرها: “لا تخافي يا عزيزتي! الصرصور حشرة صغيرة، لا يتعدى طولها بضعة سنتيمترات، وليست من الحشرات المؤذية.”

ورغم محاولات الجدة لطمأنة حفيدتها، بقي القلق ظاهرًا على وجه رجاء. لاحظت الجدة ذلك، فدعتها للجلوس. جلست الجدة وأجلست رجاء في حجرها، بينما لم ينقطع صوت الصرصور.

بداية الحكاية

قالت الجدة مبتسمة: “إن هذا المكان مناسب لأقص عليك حكاية قصتها عليّ جدتي وأنا في مثل سنك.” ابتسمت رجاء ابتسامة عريضة واعتدلت في جلستها وهي تتابع كلام جدتها بانتباه.

أشارت الجدة بإصبعها إلى مجموعة من النمل قائلة: “انظري يا بنيتي إلى هذا الوكر، إنه قرية النمل. وهذه الحشرة الصغيرة تسمى النملة، وهي رمز النشاط والعمل الدؤوب. يضرب بها المثل في الاجتهاد والصبر، فهي تعمل وتسعى، لا تكل ولا تمل، ولا تثنيها المصاعب.”

أضافت الجدة: “تعيش النملة في مجموعات كبيرة كما تشاهدين، وتتعاون مع بعضها البعض في مجتمع حير العلماء والمهندسين بنظامه ونمط معيشته.”

تابعت الجدة قائلة: “أما هذه الحشرة المصرصرة، أي الصرصور، فيضرب بها المثل في الكسل والتراخي.” ثم توقفت قليلاً لتستحضر القصة قبل أن تقول: “سأقص عليك قصة النملة والصرصور.”

موسم الخريف

بدأت الجدة سرد الحكاية قائلة: “انتهى فصل الصيف الجميل الذي تنضج فيه الفواكه والخضروات، وفيه يطول النهار ويقصر الليل. ثم جاء فصل الخريف، حيث قصر النهار وطال الليل. جنى الفلاح الثمار، وفرغت الحقول من الحبوب والفواكه. واصفرت أوراق الأشجار، فعبثت بها الرياح ونثرتها هنا وهناك.”

واصلت الجدة: “مع انخفاض درجات الحرارة، هجرت الطيور أوكارها، وصارت الحقول خالية موحشة. وبدأت زخات المطر تتساقط، فوجد الصرصور نفسه في العراء، لا مأوى له ولا غذاء. شعر بالوحشة وراح يبحث عن مكان يحتمي فيه من الرياح والمطر، فلم يجد سوى بعض الشقوق في تجاويف الشجر، فالتجأ إليها.”

قدوم الشتاء

وما إن حل فصل الشتاء حتى ازداد الجو برودة وازداد المطر غزارة، واشتدت معاناة الصرصور. قبع الصرصور في مأواه، وهو يرتعش من البرد القارس، بينما الجوع يعصر أحشاءه. نفد صبره ولم يعد يحتمل الوضع أكثر من ذلك.

وفجأة، تذكر الصرصور أن له جارة كريمة، ميسورة الحال، تسكن قريبًا منه. فخرج من مسكنه متجهًا نحو بيت جارته النملة.

زيارة الصرصور لجارته

كانت النملة جالسة في بيتها، وأطفالها يلعبون ويمرحون. وفي أثناء لهوهم، سمعوا طرقًا على الباب: “طق… طق.”

سألت النملة: “من يدق على الباب؟”

أجاب الصرصور بصوت فاتر ومتقطع: “أنا… ج… ج… جارك.”

فتحت النملة الباب بحذر، واشتدت دهشتها عندما رأت جارها المرح الطروب يقف أمام بابها حزينًا، مطأطئ الرأس، مبللاً، ويرتعد من البرد. أذنت النملة للصرصور بالدخول، فدخل.

قالت النملة: “أهلًا وسهلًا بجاري المرح الطروب، تفضل.”

رد الصرصور بتلعثم: “ي… ي… يزيد ف… ف… فضلك… يا جارتي.”

دخول الصرصور إلى بيت النملة

دخل الصرصور البيت وهو في حالة يرثى لها، أجلست النملة الصرصور في مكان مريح ودافئ وسألته: “ما بك يا جاري؟ يبدو أنك تحمل همًا كبيرًا، أم أنك متعب من جراء هذه الأمطار! لا بأس عليك، استرح.”

رد الصرصور بصوت ضعيف وحزين: “أ.. أنا جوعان! أحشائي تتمزق جوعًا، هل لك… طعام؟”

استغربت النملة وقالت: “جوعان!؟ جاري الصرصور جوعان!؟ سأحضر لك حالًا مشروبًا ساخنًا وطعامًا لذيذًا.”

اتجهت النملة نحو المطبخ لتعد المشروب والغذاء للصرصور. لحقتها صغارها يسألون: “لم جاء هذا الغريب يا أمي؟ وماذا يريد؟”

ردت الأم: “إنه جارنا الصرصور!”

قال الصغار: “ذاك الذي كنا نسمعه يغني طيلة فصل الصيف؟”

أجابت الأم: “نعم إنه هو.”

حوار النملة وصغارها

قال الصغار: “لماذا قصدنا نحن بالذات يا أمي؟ أطرديه حالًا.”

ردت الأم بحكمة: “مهلًا يا أحبائي! من شيمنا ألا نرد جارًا ولا ننهر سائلًا، وإن فعلنا هذا فإنه يلحق بنا عيبًا وعارًا عظيمًا! أيطيب لكم أن تبيتوا شباعى مستدفئين وجارنا يتضور جوعًا ويرتعد من البرد؟!”

رد الصغار بلهجة جافة: “لا يهمنا أمره! إنه ليس منا وغريب عنا! ولا نرضى أن يشاطرنا في الغذاء، ولا يخفى عنك يا أمنا أننا في بداية فصل الشتاء.”

أجابت الأم بحزم: “لا تكونوا بخلاء! فالطيب يؤثر ويفضل غيره على نفسه ولو كانت به خصاصة.”

سأل الصغار: “إنك يا أمي تلتمسين له العذر، فما هو السر؟”

ضحكت الأم وقالت: “تسألونني عن السر! ببساطة، السر هو حسن الجوار، وسأخبركم لاحقًا عن أشياء أخرى. الآن، عودوا إلى لعبكم يا أعزائي، سأعود بعدما أقدم له الطعام.”

موقف الصغار من الصرصور

بينما كانت الأم تقدم الطعام للصرصور، بقي الصغار ينظرون إليه بشفقة تارة، وتتهامسون فيما بينهم تارة أخرى: “مسكين الصرصور! ليس له بيت! وليس له غذاء! إنه متشرد. انظروا إليه كم هو بائس وحزين! منظره يثير الشفقة!”

بينهم أيضًا من قال: “يا له من متطفل! وقح، حشر نفسه بيننا كأنه منا، يشاطرنا فيما ادخرته أمنا بعد تعب ومشقة.”

انتبه الصرصور لنظرات الصغار التي لم تفارقه، وللغمز والهمز المتبادل بينهم، فشعر بالحرج. لكنه لم يكن يملك حيلة.

حسن ضيافة النملة

عادت النملة وفي يدها صينية عليها مأكولات لذيذة وحساء حار. أكل الصرصور حتى شبع، فعادت له عافيته. بدأ الصرصور يقلب نظره في أرجاء البيت ويتمتم: “يا له من بيت منظم ومرتب! غرف كثيرة! ومدخرات الغذاء وفيرة! الكل مرتاح؛ الصغار ينعمون بالدفء، الكبار مرتاحون، غير مبالين بهبوب الرياح ولا بنزول المطر، ولا بوميض البرق.”

عاد المرح إلى الصرصور، فغنى للصغار أغاني جميلة ومؤثرة وهادفة. وعندما هم بالمغادرة، قالت النملة: “لا… لا يا جاري، لا يمكنك الخروج في مثل هذا الوقت وأنت متعب. فالسماء ممطرة والجو بارد. ابقَ معنا الليلة، نتناول العشاء معًا. لقد أعددت أطباقًا شهية إكرامًا لك.”

رد الصرصور ممتنًا: “نعمت الجارة! أنت طيبة وكريمة.”

تأمل الصرصور في حياته

قضى الصرصور أمسية سعيدة وهو يتابع كل الحركات ويلاحظ جميع تصرفات سكان مستعمرة النمل. أدهشه حسن النظام والتدبير المحكم والتسيير المتقن. شعر بذنب عظيم وقال في نفسه: “لماذا لا أكون مثل جارتي النملة؟ أليس عارًا علي أن أزاحمها فيما ادخرته لأطفالها بتعب ومشقة؟ لقد رأيتها في فصل الصيف تروح وتجيء وهي تجر كل ما وجدته في طريقها من طعام يصلح للادخار. كم من مرة شاهدتها تجر شيئًا أكبر منها، فينال منها التعب، ومع ذلك لم تيأس، ولم تقل ‘أف’ أبدًا.”

تابع حديثه إلى نفسه: “في ذلك الوقت، كنت بين الأشجار أغني وأغني، ليل نهار، دون ملل. قال المثل الشعبي فيما يشبه موقفي هذا أمام النملة: (عندما كنت أطمر، كنت أنت تزمر). ما أقبح وما أبشع وجودي بين هؤلاء الذين أكرموني، وأنا بينهم متسول ذليل.”

وجبة العشاء

عندما حان وقت العشاء، اجتمع الكل حول المائدة. وضعت النملة أطباقًا شهية ومتنوعة من اللحوم الجافة والبقول وبذور الفواكه وفتات الخبز وغيرها. أكلت النملة وصغارها، وأكل معهم الصرصور.

وعندما استعد للرجوع إلى بيته، زودته النملة ببعض الزاد، وهي تنصحه وترشده. أخذ الصرصور الزاد وشكر جارته النملة جزيل الشكر على طيبتها وحسن ضيافتها وكرمها. وعدها، إن أطال الله عمره، أن يرد لها الجميل، وأكد أنه لن ينسى معروفها ما دام حيًا.

عودة الصرصور وتأملاته

ودع الصرصور العائلة الكريمة وعاد إلى بيته وهو يلوم نفسه ويندم أشد الندم على ما ضيع من وقته. عزم على العمل في الصيف القادم إن شاء الله، ليرد للنملة بعض جميلها وحتى لا يعرض نفسه للشفقة والإحسان مرة أخرى.

حديث الأم مع صغارها

قال الصغار: “لقد ذهب الصرصور يا أمي، أخبرينا لماذا جاء يطلب الأكل؟”

ردت الأم: “انتبهوا يا صغار اليوم ويا كبار الغد! هل رأيتم ما آل إليه جارنا الصرصور؟ أتتذكرون تلك الأيام التي كنا نطمر فيها الغذاء وهو كان يزمر ليل نهار دون ملل؟ لم يفكر في اليوم الذي يقل فيه الغذاء.”

ثم أضافت: “المثل الشعبي يقول: (القاعد معطتم كسر)، إنه لعار كبير أن يمد أحد يده يطلب القوت وهو في كامل قواه الصحية والعقلية والبدنية. أوصيكم يا أحبائي بالصفات الحميدة، وعلى رأسها الكرم والإحسان إلى الفقراء والجيران. كما أوصيكم بالنشاط والعمل، وبنبذ التراخي والكسل؛ إذ بالعمل الدؤوب المتواصل تعيشون أعزاء سعداء.”

درس من مجتمع النمل

أكملت الأم حديثها: “نحن معشر النمل لا نرضى بمثل حال الصرصور، ولا نمد أكفنا للسؤال. نحن نداوم على تحصيل قوتنا، ولا نطمع في أكل رزق غيرنا. شعارنا هو العمل.”

واستشهدت الأم ببيت من الشعر:

“ونحن في عين الوجود أمة *** ذات اشتهار بعلو الهمة.”

معرض الصور (قصة النملة والصرصور)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

المصدر
قصة النملة والصرصور - سلسلة حكت لي جدتي - المكتبة الخضراء للطباعة والنشر والتوزيع - الجزائر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى