قصة النار فاكهة الشتاء

جدول المحتويات

في ليلة هادئة، جلس ماجد مع أطفاله سامح، منير، وسميرة، كعادته ليقص عليهم حكاية مشوقة. بدأ الأب بسؤال أولاده عن قصة النار، التي لم يعرفوها. ثم بدأ ماجد يروي عن رجل قديم اسمه “كابد” كان يعيش في كهف مع عائلته، حيث لم يعرف الناس في ذلك الزمان كيف يشعلون النار، وكانوا يأكلون الطعام نيئًا.

اكتشف أحد أصدقاء كابد كيفية إشعال النار بضرب حجرين معًا، مما أحدث تغييرًا هائلًا في حياة البشر، إذ لم تعد النار تستخدم فقط للتدفئة، بل للإضاءة، وطهي الطعام. وفي موقف مثير، استخدم جاره غصنًا مشتعلًا ليخيف أسدًا هاجمه، وهكذا اكتشفوا أن النار ترهب الحيوانات المفترسة.

ذات يوم، سقطت قطعة لحم في النار، واكتشفوا أن طعم اللحم المشوي ألذ من النيء. منذ ذلك الوقت، بدأت عائلة كابد تشوي اللحوم وتطور طهي الطعام.

ثم اكتشف البشر كيفية تشكيل المعادن باستخدام النار، وصنعوا أسلحة للدفاع عن أنفسهم. استمر تقدم الإنسان حتى اخترع “توماس إديسون” المصباح الكهربائي الذي غيّر حياة البشرية مرة أخرى. أصبح الضوء لا يعتمد على النار أو الزيت، بل على الكهرباء، وأصبح لا غنى للإنسان عنها.

من خلال هذه القصة، تعلم الأطفال أهمية النار في تطور الحضارة، وكيف كانت اكتشافات بسيطة مثل النار والكهرباء سببًا في تطور حياة الإنسان.

قصة النار فاكهة الشتاء مكتوبة

كان ماجد يجلس مع طفليه سامح ومنير وطفلته سميرة. وكان من عادة ماجد أن يقص على أولاده كل ليلة قصة لطيفة يستمعون إليها بانتباه وتشوق شديدين.

وفي هذه الليلة، أمسك ماجد بعلبة الثقاب وأخرج منها عودًا حكه في جانب العلبة فاشتعل العود. لبث ماجد ممسكًا بالعود يتأمل شعلته، ثم سأل أولاده:
“أتعرفون قصة هذه النار؟”

قالوا:
“لا، قصها علينا…”

قال الأب:
“كان يوجد في العصر القديم رجل اسمه (كابد) وكان يعيش في كهف صخري هو وزوجته وأولاده.”

وسأله ابنه سامح:
“ولماذا كانوا يعيشون في كهف صخري؟ هل كانوا فقراء لا يملكون بيتًا؟”

قال الأب:
“كان كل الناس في ذلك العصر لا يعيشون إلا في الكهوف لأنهم لم يكونوا يعرفون كيف يبنون البيوت، ولا يعرفون كيف يشعلون النار.”

اختراع النار وأهميتها

سأله ابنه منير:
“ألم يكن عندهم ثقاب؟”

قال الأب:
“كلا.. إن الإنسان لم يكن قد اخترع الثقاب في ذلك العصر.”

وسألته ابنته سميرة:
“وكيف كانوا يطهون طعامهم؟”

قال الأب:
“كانوا يأكلون الطعام نيئًا، سواء كان ذلك اللحم أم الخضروات.”

قالت سميرة:
“لا بد أنهم كانوا يمرضون حين يأكلون كل شيء نيئًا، يا أبي.”

قال أبوها:
“كلا يا سميرة، إن الخضروات وهي نيئة تكون أكثر فائدة لجسم الإنسان منها بعد أن تطهى بالنار، لأن النار تفقدها الكثير من قيمتها الغذائية. وكذلك الفواكه، فنحن نأكلها نيئة ولا نضعها على النار.”

قال سامح:
“وهناك أشياء أخرى تأكلها نيئة يا والدي، مثل الخس والخيار والقثاء والفجل.”

قال أبوه:
“نعم يا سامح، إن النار ضرورية لطهي الطعام، ولكن توجد أشياء كثيرة لا تحتاج إلى النار. الإنسان وحده من بين سائر المخلوقات الحية هو الذي يستعمل النار لإعداد بعض أنواع الطعام التي يتناولها. أما الطيور وكل أنواع الحيوانات الأخرى فهي لا تحتاج إلى النار، لا لإعداد طعامها ولا للتدفئة.”

فراء الحيوانات بين الشتاء والصيف

قالت سميرة:
“كيف ذلك يا أبي؟ إن قطتنا (بوسي) في أيام الشتاء الباردة تقترب من المدفأة وتظل قريبة منها ولا تريد أبدًا أن تبتعد عنها.”

قال أبوها:
“هذا صحيح، فالحيوانات المستأنسة التي تعيش مع الإنسان تحتاج دائمًا إلى الدفء. ولكن الحيوانات التي تعيش في الغابات لها فراؤها الذي يدفئها ويحميها من برد الشتاء، فلا تحتاج إلى النار.”

سأل سامح والده:
“ولكن هذه الفراء يا والدي تضايق الحيوانات كثيرًا إذا جاء فصل الصيف بحرارته الشديدة. ماذا تفعل حينئذ هذه الحيوانات المسكينة؟”

قالت سميرة:
“حقًا، ماذا تفعل هذه الحيوانات يا والدي؟ إنها لا تستطيع أن تخلع عنها فراءها بطبيعة الحال.”

قال الوالد وهو يضحك:
“نعم، إنها لا تستطيع أن تخلع عنها فراءها، ولكن بعض الحيوانات تحف فراءها كثيرًا في أثناء فصل الصيف، والبعض الآخر يسقط فراؤه بعد انتهاء فصل الربيع، وما تبقى منه يزيله الحيوان بأن يذهب إلى شجرة كبيرة ويحك بشدة فراءه في جذع هذه الشجرة حتى تسقط كلها. وقبيل الشتاء، تكون فراء جديدة قد نمت لهذا الحيوان كي تدفئه إذا ما جاء البرد.”

طرق التدفئة القديمة

قالت سميرة:
“إن قطتنا (بوسي) لا تحف فراءها ولا تحكه لكي تزيله لأنها لا تعيش في الغابة.”

قال أبوها:
“نعم، وكذلك الكلاب.”

سأل سامح والده:
“وماذا كان الناس يفعلون في الشتاء يا أبي؟ إن البرد يكون شديدًا جدًا في مثل هذا الكهف الذي كانوا يعيشون فيه.”

قال الأب:
“كانوا يغلقون باب الكهف بقطع كبيرة من الأحجار ويغطون أنفسهم بفراء الحيوانات التي كانوا يصطادونها كالخراف والماعز الجبلية. وفي ليلة من الليالي، امتلأت السماء بالغيوم ثم سمعوا صوت الرعد، وكان البرق يضيء الغابة القريبة، ثم سقطت صاعقة أحرقت إحدى الأشجار فاشتعلت النار في الغابة. أسرع (كابد) نحو الغابة وأخذ غصنًا تشتعل فيه النار، وعاد به إلى كهفه، ثم ألقى عليه بعض الأغصان الجافة فاشتعلت فيها النيران. جلس هو وزوجته وأولاده حول النار لكي يستدفئوا بها.”

استمرار قصة اكتشاف النار

قال سامح متعجبًا:
“معنى ذلك يا أبي أن (كابد) هذا لا بد أن يجعل النار مشتعلة دائمًا لأنها لو خمدت لما تمكن من إشعالها ثانية.”

قال الأب:
“هذا ما كان يحدث فعلًا، ولكن أحد أصدقاء (كابد) اكتشف كيف يشعل النار بضرب حجرين صلبين أحدهما بالآخر، فتتولد شرارة يشعل بها بعض القش الجاف.”

كان (كابد) يستعمل النار فقط للتدفئة، فلما وجدها تضيء الكهف المظلم أثناء الليل، صار يستعملها أيضًا في الإضاءة.

وسكت الأب قليلًا ثم قال:
“وجاء أحد جيران (كابد) لكي يأخذ منه غصنًا مشتعلاً. أخذ الجار الغصن المشتعل وخرج من الكهف. وبينما كان يسير في طريقه، سمع زئير أسد. خرج (كابد) ليطمئن على جاره، فرأى الأسد يهجم عليه. رفع جاره العود المشتعل بالنار في وجه الأسد، فإذا بالأسد يفر هاربًا وقد خاف من النار.”

الحيوانات والنار

سأل منير:
“وهل يخاف الأسد من النار؟”

قال أبوه:
“نعم، إن كل الحيوانات تخاف خوفًا شديدًا من النار. لذلك صار (كابد) يشعل النار أمام باب كهفه كل ليلة، فتخاف منها الوحوش ولا تقترب من الكهف. وبينما كان أحد أبنائه يأكل قطعة من اللحم النيء وهو يستدفئ إلى جوار النار، سقطت قطعة اللحم من يده في النار. حاول إخراجها بغصن صغير، فلما أخرجها كانت لها رائحة الشواء اللذيذ، وأصبح طعمها أطيب بكثير من طعم اللحم النيء.”

ومنذ ذلك الوقت، صاروا يشوون اللحوم، وابتدأت المرأة تتفنن في طهي مختلف أنواع الطعام.

تطور الطهي وصنع الأسلحة

قالت سميرة وهي تبتسم:
“إنها قصة لطيفة جدًا يا أبي.. وماذا حدث بعد ذلك؟”

قال الأب:
“اكتشف الناس بعد ذلك أن قطع المعادن الصلبة تؤثر فيها النار فتصبح لينة، وبذلك يمكن للإنسان أن يجعلها في الشكل الذي يريده. تمكن الناس من صنع مختلف أنواع الأسلحة التي كانت تستعمل لكي يدافع الإنسان عن نفسه ضد الوحوش المفترسة، ويستعملها كذلك في الصيد أو في تقطيع اللحم الذي يحصل عليه من صيده.”

وأنهى الأب قصته قائلًا:
“وهكذا كان نجاح الإنسان في إشعال النار أول خطوة خطاها في طريق المدنية. وقد اكتشف الإنسان فيما بعد أن الزيت مثلًا قابل للاشتعال، فاخترع مصباح الزيت وهو الذي يسمونه بالقنديل.”

القنديل واختراع البخار

سألت سميرة أباها:
“وما هو القنديل يا والدي؟”

قال أبوها:
“يوضع الزيت في إناء مغلق تخرج منه فتيلة، وهي قطعة من قماش تمتص بعض الزيت. فإذا أشعل طرف الفتيلة، احترق الزيت ونتج عن احتراقه ضوء ينير المكان. وكلما احترقت كمية من الزيت، امتصت الفتيلة كمية غيرها من الإناء.”

وسكت الأب ثم قال:
“وبفضل النار دخل الإنسان ما يسمونه بعصر البخار.”

سأله سامح:
“وما هو عصر البخار يا والدي؟”

قال أبوه:
“هو العصر الذي اكتشف فيه الإنسان أن لبخار الماء قوة ضغط هائلة. لم يكتشف ذلك إلا بعد اكتشافه طريقة إشعال النار، لأن الماء إذا وضع على النار ترتفع درجة حرارته حتى يصل إلى الغليان، فيتصاعد منه البخار. فإذا كان الإناء الذي فيه الماء مغلقًا بغطاء، فإن بخار الماء يدفع هذا الغطاء إلى أعلى بقوة ضغط البخار.”

اختراع القاطرة البخارية

سألته سميرة:
“وإذا كان الغطاء ثقيلًا، ماذا يحدث؟”

قال الأب:
“مهما كان الغطاء ثقيلًا، فإن قوة ضغط البخار تدفعه إلى أعلى. ولذلك اخترعوا القاطرة البخارية، فقوة ضغط البخار تحرك هذه القاطرة الثقيلة التي تجر من ورائها عربات كثيرة محملة بالناس ومحملة كذلك بالبضائع.”

قوة ضغط البخار

قال سامح متعجبًا:
“ألهذا الحد تبلغ قوة ضغط البخار؟”

قال أبوه:
“نعم، وتستخدم قوة ضغط البخار في إدارة عدد كبير من المصانع. وبعد عصر البخار هذا، دخل الإنسان عصر الكهرباء.”

سألت سميرة:
“وما هو عصر الكهرباء؟”

قال الأب:
“اكتشف الإنسان كيف يولد الكهرباء. لقد كان يرى شرارة البرق الهائلة في السماء أثناء العواصف الرعدية ويتعجب منها. كان الناس في العصور القديمة، بسبب الجهل، يعتقدون أن البرق تسببه شياطين الغضب، فكانوا يختبئون في كهوفهم وهم يرتجفون خوفًا من البرق.”

اكتشاف الكهرباء

أضاف الأب بعد ذلك:
“وبعد أن اكتشف الإنسان الكهرباء، تمكن مخترع اسمه (توماس ألفا إديسون) من اختراع المصباح الكهربائي.”

حين سمع الناس بوجود مصباح لا تطفئه الريح إذا هبت، ولا يحتاج إلى زيت كي يشتعل، لم يصدقوا ما سمعوه في البداية. ثم أصبحت الكهرباء للإنسان ضرورة لا غنى له عنها.

معرض الصور (قصة النار فاكهة الشتاء)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

المصدر
قصة النار فاكهة الشتاء - حكايات وأساطير للأولاد - منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر - بيروت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى