قصة الملك والشحاذ

جدول المحتويات

في زمن بعيد، تعرضت إنجلترا لغزوات شرسة من قبائل تدعى الدانيين، وهم محاربون قساة لا يرحمون. كان الإنجليز يعيشون في خوف دائم من هذه الهجمات، لكن الملك ألفرد، الذي أحب بلاده وشعبه حبًا كبيرًا، لم يقف مكتوف الأيدي. بدأ بتقوية جيشه، خاصة فرسانه السريعين الذين كانوا يتنقلون لمواجهة الغزاة.

رغم شجاعة الفرسان الإنجليز، كانت قوة الدانيين عظيمة. في معركة شرسة، تمكن الدانيون من هزيمة الفرسان الإنجليز، ولم ينجُ منهم سوى فارسين عادا ليخبرا الملك ألفرد. استوعب الملك الصدمة، لكنه لم ييأس، وجمع مستشاريه ليضع خطة جديدة لمواجهة الغزاة.

اقترح الملك أن يقاتلوا الأعداء ليس فقط من البر، بل أيضًا من البحر. كانت خطته تعتمد على جزيرة مهجورة قريبة من الشاطئ الصخري، حيث قرر أن يهاجم الأعداء منها مفاجئًا إياهم. لكن قبل أن يبدأ الهجوم، هبت عاصفة قوية فرقت السفن وغرقت بعضها. وجد الملك نفسه على شاطئ الجزيرة مع ضابط واحد فقط، وحيدين في مواجهة مصير مجهول.

في الكوخ الصغير الذي احتميا به، اقتسما رغيفي خبز يابسين. وعندما طرق رجل فقير باب الكوخ يطلب الطعام، أمر الملك بإعطائه نصيبه من الخبز والنبيذ، رغم قلتهما. وفي الليل، رأى الملك رؤيا عجيبة، ظهر له فيها الفقير مشرقًا بنور، وأعطاه نفيرًا سحريًا. قال له: “انفخ في هذا النفير ثلاث مرات، وستعود قواتك، وستدب الهزيمة في قلوب الأعداء.”

عند الفجر، نفخ الملك في النفير، وسمع صدى قويًا يتردد في الأرجاء. وحقًا، تجمع جنوده وهبوا لمواجهة الدانيين. وبعد سبعة أيام من القتال الشجاع، انتصر الملك ألفرد وجيشه على الدانيين، ولم يعودوا يهددون إنجلترا مرة أخرى.

بشجاعة الملك ألفرد وحكمته، استطاع إنقاذ بلاده من خطر عظيم، وعاش شعبه في سلام دائم.

قصة الملك والشحاذ مكتوبة

إنها إحدى القصص الكثيرة التي يرويها الإنجليز عن العهد الذي تعرضت فيه بلادهم لغزوات عديدة من جماعات كان يطلق عليهم اسم “الدانيين”. وكان الذي خلص إنجلترا من هؤلاء الغزاة هو الملك ألفرد، الذي كان ملكًا عادلاً محبوباً، وهو بطل هذه القصة.

في أحد العصور، تعرضت بلاد الإنجليز لغزوات عديدة من الدانيين، الذين كانوا محاربين أشداء وقساة. لم يكن الإنجليز يعرفون من أين يأتي هؤلاء الغزاة، حيث كانوا يملكون العديد من السفن ويهاجمون من اتجاهات مختلفة، سواء من بحر المانش أو من الشواطئ الشمالية. بمجرد أن يهبطوا على الشاطئ، كانوا يهاجمون الأهالي وينهبون كل شيء، ما أدى إلى نشر الذعر بين الناس.

في كثير من الأحيان، كانت فصائل الجيش الإنجليزي تصل بعد فوات الأوان، حيث يكون الغزاة قد انتهوا من نهبهم وعادوا إلى سفنهم. عندما تولى الملك ألفرد عرش إنجلترا، كان هدفه الأكبر هو التصدي لهؤلاء الغزاة.

الملك ألفرد وإعداد الجيش

كان ألفرد ملكًا حازمًا ويحب بلاده وشعبه، ولهذا بذل جهده لتقوية الجيش. قام بتزويد الجيش بفصيلة من الفرسان السريعة الحركة، ما مكنهم من الانتقال بسرعة لمواجهة الغزاة في أماكن هبوطهم. في ذلك الوقت، كانت الجياد هي الوسيلة الأسرع للتنقل، حيث لم تكن الطائرات أو السيارات قد اخترعت بعد.

كانت أسلحة الجيش الإنجليزي تعتمد على السيوف والرماح والسهام، مع ارتداء الجنود لخوذات من الحديد ودروع لحماية أنفسهم. ورغم هذه الجهود، فإن الغزاة الدانيين كانوا يطورون من خططهم وأسلحتهم. استخدموا السهام المشتعلة لإخافة جياد الفرسان، مما جعل الخيول تجنح ويصعب السيطرة عليها، وهو ما أضعف الجيش الإنجليزي في بعض المعارك.

من جهة أخرى، توقف الدانيون عن القيام بالغزوات الصغيرة. بدأوا في التجمع في جيوش كبيرة لشن هجمات منظمة على الإنجليز.

غزو غير متوقع وتحديات جديدة

في أحد الأيام، فوجئ الإنجليز بظهور عدد كبير من سفن الدانيين التي اقتربت من أحد الشواطئ الصخرية، وهو شاطئ لم يكن الإنجليز يتوقعون هبوط الغزاة فيه لوعورته. لكن بفضل مهارة الدانيين وخبرتهم في الإبحار، تمكنوا من الرسو على الشاطئ والتوغل إلى مدينة قريبة.

هاجم الدانيون المدينة وعاثوا فيها فسادًا قبل أن يعسكروا فيها ليرسموا خططهم المستقبلية. على عكس غزواتهم السابقة، لم يكتفوا هذه المرة بالنهب والسلب ثم العودة إلى سفنهم. لقد قرروا البقاء في إنجلترا واحتلالها بالكامل، وأيضًا القبض على الملك ألفرد وإبعاده عن العرش.

أخبار كاذبة للملك ألفرد

وصلت أخبار هذا الغزو إلى الملك ألفرد، لكن المرسلين لم ينقلوا له الحقيقة كاملة. بدلاً من ذلك، أخبروه أن الأمر يتعلق بغزوة صغيرة مشابهة للغزوات السابقة، ربما لتخفيف وطأة الأخبار عليه، أو لأنهم كانوا غير صادقين فيما نقلوه.

المواجهة الأولى مع الدانيين

أرسل الملك ألفرد بعض فصائل الفرسان لمواجهة الغزاة الدانيين، لكن عددهم كان قليلاً جدًا مقارنة بعدد الغزاة. فوجئ الفرسان بضخامة جيش الدانيين، ومع ذلك قاتلوا ببسالة وشجاعة لأنهم كانوا يدافعون عن وطنهم. رغم أن الفرسان الإنجليز تمكنوا من قتل عدد كبير من الدانيين، إلا أن الكثرة تغلب الشجاعة، فتمكن الدانيون من القضاء على جميع الفرسان، ولم ينج منهم سوى فارسين، عادا إلى الملك ليخبراه بما حدث.

تلقى الملك ألفرد هذه الأخبار المؤلمة بهدوء رغم أنها كانت من أسوأ المفاجآت التي واجهها في حياته. تمكن من السيطرة على أعصابه واستدعى مستشاريه، لأن حكمته كانت تدفعه دائمًا إلى مشاورة الآخرين. بعد نقاش طويل، قال الملك لمستشاريه: “فاجأنا الأعداء برسوهم على شاطئ صخري لم نكن نتوقعه، كما أنهم حشدوا جيشًا كبيرًا هذه المرة.”

الملك ألفرد واستراتيجية المواجهة

أضاف الملك أن المعلومات التي وصلت كانت غير دقيقة، مما جعل الجيش الإنجليزي غير مستعد بالكامل. قال الملك: “لابد أن نحارب هؤلاء الأعداء بشجاعة، وإلا فإنهم سيحتلون البلاد ويفسدون فيها، وسنفقد شرف وطننا.” ثم أعلن الملك أنه سيتولى بنفسه قيادة الجيش في المعركة مهما كانت التضحيات، وفضل الموت في سبيل الدفاع عن وطنه على أن يعيش شعبه تحت سلطة الغزاة.

صفق الحاضرون للملك الشجاع، لكنه طلب منهم التوقف عن التصفيق مؤكدًا أن الوقت الآن للعمل وليس للإشادة. وأمر بتجنيد كل شخص قادر على حمل السلاح وألا يخفي الشعب حقيقة الخطر القادم. وأكد أن الشعب سيضحي بالغالي والنفيس عندما يعرف حجم التحدي.

خطة الملك ألفرد

بدأ الملك في وضع خطة لمهاجمة العدو ليس فقط من البر، بل أيضًا من البحر، وهو ما لم يكن الدانيون يتوقعونه. كان هناك جزيرة صغيرة مهجورة تبعد بضعة أميال عن الشاطئ الصخري، وقرر الملك أن يقسم جيشه إلى قسمين: قسم يهاجم من البر، والآخر بقيادة الملك يهاجم من البحر ليلاً.

رست السفن الإنجليزية على الجزيرة تحت جنح الظلام، وفي الفجر ألقى الملك خطابًا حماسيًا لجنوده قبل أن يقود بنفسه الهجوم البحري على الشاطئ الصخري.

عاصفة البحر

لكن قبل أن يبدأ الهجوم، هبت عاصفة شديدة ضربت السفن الإنجليزية بعنف. تفرقت السفن في البحر وغرق بعضها، بينما فقدت سفينة الملك السيطرة ودفعتها الأمواج نحو الشاطئ الصخري للجزيرة المهجورة. أدرك الملك أن السفينة على وشك الغرق، فاضطر هو وجنوده إلى القفز في البحر ومحاولة الوصول إلى الشاطئ سباحة.

وصول الملك ألفرد إلى شاطئ الجزيرة

تعلق الملك بقطعة خشب طافية بعد غرق سفينته ونجح في الوصول إلى شاطئ الجزيرة. تلفت حوله باحثًا عن جنوده، ولكنه لم يجد أحدًا. وبينما كان يسير على الشاطئ، سمع صوتًا يناديه: “يا صاحب الجلالة… يا صاحب الجلالة…”. التفت الملك ورأى أحد ضباط جيشه، وكان هذا الضابط معه في سفينة القيادة وملابسه مبللة بالمياه مثل ملابس الملك.

توجها معًا إلى كوخ صغير لأحد الصيادين، وطرق الضابط على الباب، ولكن لم يكن هناك أي جواب، فدفع الباب ودخل مع الملك ليستريحا على مقعدين خشبيين داخل الكوخ. وجدوا مائدة صغيرة عليها رغيفان من الخبز وزجاجة من النبيذ وكوب واحد. ملأ الملك الكوب ببعض النبيذ ليشعر بالدفء، قائلاً: “أرجو أن يسامحني صاحب هذه الزجاجة، فأنا بحاجة ماسة إلى شيء من الدفء.”

رد عليه الضابط: “إن كل فرد من شعبك يا صاحب الجلالة على استعداد لتقديم روحه في سبيلك.” ورغم استمرار العاصفة طوال اليوم وزيادة كثافة الضباب، ظل تفكير الملك مشغولًا بمصير جيشه.

الملك ومشاركة الخبز

في صباح اليوم التالي، شعر الملك والضابط بجوع شديد. لم يكن لديهما سوى رغيفي الخبز اليابسين. وبينما هما على وشك الأكل، سمعا طرقًا على باب الكوخ. فتح الضابط الباب ليجد رجلاً مسنًا يرتعد من البرد ويطلب كسرة من الخبز. أمر الملك بإعطائه رغيفًا وكوبًا من النبيذ، رغم اعتراض الضابط بأن هذه هي المؤن الوحيدة المتبقية. لكن الملك قال: “أعطه مما رزقنا الله.”

أخذ الفقير الرغيف وكوب النبيذ وشكر الملك قبل أن ينصرف. وبعدها، توجه الملك إلى فراش خشن في أحد أركان الكوخ ونام عليه. ولكن حدث أمر غريب في الليل.

الرؤية الغريبة للملك ألفرد

بينما كان الليل يسدل ستاره، رأى الملك نورًا باهرًا يشبه نور الشمس، وظهر رجل في وسط النور. اقترب الرجل من الملك وقال: “يا ولدي ألفرد، ألا تعرفني؟” كان هذا الرجل هو نفسه الشحاذ الذي أعطاه الملك الرغيف وكوب النبيذ. كان الملك في حيرة، لا يعلم إذا كان ما يراه حقيقة أم حلم.

قال له الرجل: “يا بني، كن شجاعًا ولا تيأس. الله معك، وكن قويًا واملأ قلبك بالأمل. استيقظ في الفجر، وخذ هذا النفير وانفخ فيه ثلاث مرات بكل قوتك. سيسمع جنودك الصوت ويعلمون أنك على قيد الحياة، وسيدب الذعر في قلوب أعدائك. وأبشرك أنك ستنتصر، لكن الحرب ستستمر سبعة أيام.”

فجأة اختفى الضوء واختفى الرجل. استيقظ الملك مذهولًا وتفحص المكان، ليجد الضابط نائمًا على أحد المقاعد، وكان المصباح الصغير يرسل ضوءه الأصفر في أرجاء الكوخ. أيقظ الملك الضابط ليخبره بما حدث، فأجابه الضابط: “إنه مجرد حلم، يا صاحب الجلالة.” ولكن المفاجأة كانت كبيرة عندما رأيا النفير موضوعًا على المائدة.

النفير والنصر

أمسك الملك بالنفير وقال: “هناك أمور كثيرة يجب أن تصدقها رغم غرابتها، لكن المؤكد أن الله لا يتخلى عن عباده الصالحين. عند الفجر، سأنفخ في النفير كما قال لي الرجل، وسنرى ما يحدث.”

عند الفجر، هدأت العاصفة وانقشع الضباب، وأشرقت الشمس. ذهب الملك مع الضابط إلى شاطئ الجزيرة ومعه النفير. نفخ فيه بكل قوته، وسمعا صدى ضخمًا للنفير. كرر الملك النفخ مرتين أخريين، وكل مرة كان الصدى يتردد بقوة في الأرجاء.

وبعد سبعة أيام، تحقق النصر على الدانيين، ولم تقوم لهم قائمة بعد تلك الهزيمة.

معرض الصور (قصة الملك والشحاذ)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

المصدر
قصة الملك والشحاذ - حكايات وأساطير للأولاد - منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر - بيروت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى