قصة المحارب الأخير

اكتشف "قصة المحارب الأخير"، مغامرة رائعة عن الشجاعة والصداقة وسط معارك الغابات والمخاطر. انضم إلى أنكاس وعين الصقر في رحلتهما البطولية.
عناصر القصة (جدول المحتويات)

تدور أحداث هذه القصة الشيقة في زمن بعيد، حين كانت الغابات الواسعة والأنهار العظيمة تغطي أمريكا الشمالية، وكانت الصراعات بين المستوطنين الأوروبيين والقبائل الهندية مشتعلة. في وسط هذا العالم البري، نتعرف على شخصيات شجاعة تنتمي إلى قبيلة الموهيكان الهندية التي أوشكت على الانقراض، وعلى رأسهم الشاب الشجاع أنكاس، آخر المحاربين من قبيلته.

بدأت القصة عندما كانت الأختان أليس وكورا مونرو، ابنتا الجنرال مونرو، في رحلة خطيرة للانتقال من حصن إدوارد إلى حصن وليم هنري. ولأن الطريق كان مليئاً بالمخاطر، أرسلهما والدهما مع دليل هندي يدعى ماغوا، الذي كان يخفي نواياه الحقيقية. ماغوا كان زعيمًا لقبيلة الهورن، ولديه ثأر قديم مع والد الفتاتين. وبينما كان يقودهما عبر الغابة، خطط لخيانتهما واختطافهما. لكن الضابط دنكن هيورد، الذي كان برفقتهما، شك في ماغوا، ومع مساعدة المحارب الموهيكاني الشجاع أنكاس وصديقه عين الصقر، تم إحباط مؤامرة ماغوا في اللحظة الأخيرة.

عندما هرب ماغوا، بدأت مطاردة شرسة عبر الغابات الكثيفة لإنقاذ الأختين. وخلال رحلتهم الصعبة، واجهوا معارك خطيرة مع قبائل الهند الحمر، واستخدموا الشجاعة والذكاء للتغلب على المخاطر. تمكن المحاربون الشجعان من إنقاذ أليس، ولكن ماغوا استطاع الهرب مجددًا مع كورا. بعد إنقاذ أليس، عرفوا أنهم بحاجة إلى دعم أقوى لإنقاذ كورا. لهذا، اتجهوا إلى قبيلة ديلاور، حيث كشف أنكاس عن وشم السلحفاة المقدس الذي يثبت نسبه إلى القبيلة، فقرر زعيم قبيلة ديلاور أن يساعدهم في مواجهة ماغوا ورجاله.

بينما كان المحاربون يستعدون لمعركتهم الكبيرة مع قبيلة الهورن، قاد أنكاس جزءًا من المحاربين إلى المعركة ضد ماغوا ورجاله، بينما ذهب عين الصقر لجلب مونرو وتشنغا. وفي معركة ضارية، تمكن أنكاس ورجاله من دحر مقاتلي الهورن، لكن ماغوا قرر أن ينهي الأمر بيده. اختطف كورا مجددًا وحاول الهرب بها إلى كهف بعيد، لكن أنكاس وهيورد تبعاه بشجاعة.

داخل الكهف، دار قتال مميت، حيث قُتلت كورا على يد أحد رجال ماغوا. وفي لحظة مأساوية، أصيب أنكاس بجروح قاتلة وهو يحاول الانتقام لمقتل كورا. ورغم جهوده الشجاعة، تمكن ماغوا من توجيه ضربته الأخيرة لأنكاس، ولكنه لم يتمكن من الهرب بعيدًا. فقد أسرع عين الصقر وأطلق رصاصة قاتلة على ماغوا، ليختتم حياة الشرير بسقوطه في الوادي السحيق.

ومع نهاية الصراع، تجمع المحاربون ليحزنوا على موت أصدقائهم وأحبائهم. كان جسدا كورا وأنكاس ممددين ومزينين بالأزهار والأوسمة، بينما بكى مونرو ابنته القتيلة بدموع لا تنتهي. أما تشنغا، والد أنكاس، فقد شعر بحزن عميق، لأنه فقد ابنه وآخر أبناء قبيلته الشجاعة. لكن عين الصقر، صديقه الوفي، وقف بجانبه وواسى قلبه الحزين، وتعاهدا على البقاء معًا.

عاد هيورد مع أليس إلى إنجلترا، بينما بقي عين الصقر قريبًا من تشنغا، ليظل الاثنان معاً في عالمهما الواسع الذي كان يوماً مليئاً بالشجاعة والولاء والصداقة العميقة. هكذا انتهت القصة، تاركة وراءها ذكرى للأبطال الذين عاشوا وماتوا بشرف وشجاعة.

قصة المحارب الأخير مكتوبة

منذ نحو مئتي عام، كان وادي نهر هدسن في أميركا الشمالية مسرحًا لقتال مرير وشديد بين المستوطنين الإنجليز والمستوطنين الفرنسيين. كانت قبيلة الموهيكان، إحدى قبائل الهنود الحمر، تعيش ذات يوم في ذلك الوادي بسلام واطمئنان. أما في تلك الآونة، فقد أصبحت الغابات الكثيفة التي تفصل بين الإنجليز والفرنسيين مسرحًا للقتال بين الطرفين. واشترك العديد من الهنود الحمر من قبائل مختلفة في القتال إلى جانب أحد الطرفين.

كان للإنجليز حامية في حصن إدورد. وفي العام 1757، كانت الأختان الشابتان، أليس وكورا مونرو، في ذلك الحصن في انتظار انتقالهما إلى حصن وليم هنري الذي كان بإمرة والدهما الجنرال مونرو. وكان حصن وليم هنري يقع على طرف بحيرة هوريكان، ويبعد مسافة خمسة عشر ميلاً عن حصن إدورد.

ذات صباح، وصل عداء هندي يدعى ماغوا إلى حصن إدورد يحمل رسالتين. الأولى تفيد بأن القائد الفرنسي مونت كالم يتقدم على رأس قوة كبيرة، والثانية تفيد بأن الجنرال مونرو محتاج إلى تعزيزات عاجلة.

الفصل الثاني: قرار السفر

تقرر إرسال ألف وخمسمائة رجل إلى حصن وليم هنري في صباح اليوم التالي، على أن يسلكوا الطريق العسكري المعتاد. ولأن هؤلاء الجنود كانوا معرضين للهجمات، فقد تقرر ألا تذهب الأختان أليس وكورا معهم، بل تذهبان عبر ممر سري في الغابة عسير الارتداء. وتقرر أن يصحبهما الضابط دنكن هيورد، وأن يكون الهندي الأحمر ماغوا دليلاً لهما.

في صباح اليوم التالي، انطلق الركب. كان الضابط والشابتان على ظهور الخيل، أما ماغوا فكان يسير على قدميه في المقدمة ليدل على الطريق. وبينما كانوا يعبرون ممرًا ضيقًا مظلمًا وسط جنبات كثيفة، قالت الأخت الصغرى، أليس، هامسة: “أنا لا أثق بماغوا”.

أجاب الضابط دنكن هيورد قائلاً: “الذهاب مع الجنود ممكن، لكن طريقهم معروفة ومكشوفة، أما طريقنا فلا تزال سرية.”

رأت كورا أن أختها تتخيل أشياء لا وجود لها، فقالت: “أنا أثق به”. لكن أليس كانت محقة في إحساسها بالخطر. فقد حدث ذات يوم أن ارتكب ماغوا خطأ، فأنزل به والد الشابتين عقابًا صارمًا. كان الضابط الشاب يعرف بأمر تلك الحادثة، لكنه لم يشأ أن يخبر الشابتين.

الفصل الثالث: الضياع في الغابة

بدا أن ماغوا يعرف خفايا الطريق ويتحرك بسهولة، فتبعه الثلاثة بثقة واطمئنان، دون أن يلاحظوا أنهم مراقبون. وبعد أن قطعوا أميالاً، أبطأ ماغوا سيره ثم توقف وقال: “ضيعت الطريق. لا أجد الممر التالي”.

نظرت الأختان إحداهما في وجه الأخرى، ثم التفتت كورا إلى الضابط وقالت له: “ما العمل؟”

تقدم الضابط قليلاً عله يكتشف شيئًا، لكن جنبات كثيفة كانت تملأ المكان، فلم ير حوله ممراً واضحًا. ثم بذلت الجماعة مجهودًا يائسًا، وتمكنت أخيرًا من الوصول إلى ممر حيث التقت عند صفحته ثلاثة رجال.

الفصل الرابع: لقاء مع رجال الموهيكان

كان أحد الثلاثة حارس حدود إنجليزيًا يُلقب بعين الصقر. أما الآخران، وهما أب وابنه، فكانا من قبيلة الموهيكان الهندية. الأب يُدعى تشنغا، والابن يُدعى أنكاس. وعندما رأى عين الصقر الضابط الشاب يقترب منه، تحفز ووضع إصبعه على زناد بندقيته. فأسرع الضابط برفع يده بالتحية، وسأل عن حصن وليم هنري.

ضحك عين الصقر وقال: “أنتم بعيدون جدًا عن طريق ذلك الحصن. ولعل من الخير لكم أن تسلكوا طريق هذا النهر الذي يوصلكم إلى حصن إدورد.”

قال هيورد: “نحن قادمون من حصن إدورد. غادرناه صباحًا بصحبة دليلنا الهندي.”

الفصل الخامس: التحذير من ماغوا

بدا عين الصقر غير مصدق ما يسمع، ثم قال: “هندي يضيع في الغابة؟ ذلك أمر غريب! من أي قبيلة هو؟”
أجابه الضابط: “من قبيلة هورن، ويدعى ماغوا.”

قال عين الصقر: “إن رجال قبيلة هورن مخادعون لا يوثق بهم. سألقي نظرة على دليلكم هذا.”
التفت عين الصقر ناحية ماغوا، الذي كان يستند إلى شجرة غير بعيدة، وقد ارتسمت على وجهه نظرات قاسية حاقدة.

قال عين الصقر: “إذا ذهبت إليه فسوف يتسرب الشك إلى نفسه ويهرب. سأرسل تشنغا وأنكاس لمباغتته والإمساك به…”
لكن في اللحظة التي أنهى فيها عين الصقر كلامه، استدار ماغوا فجأة واختفى بين الأشجار. أذهلت سرعة اختفائه الجميع. وفتشوا عنه كثيرًا، لكن لم يعثروا له على أثر.

الفصل السادس: ضياع الطريق والمساعدة الجديدة

أضحت جماعة هيورد ضائعة بلا دليل ولا حماية. صمت الضابط الشاب لحظات، ثم سأل عين الصقر وصاحبيه إن كانوا يقبلون أن يرافقوهم إلى حصن وليم هنري. وبعد شيء من التباحث في الموضوع، وافق عين الصقر وصاحباه على القيام بالمهمة.

وكان الليل قد بدأ يرخي سدوله، فأخرج عين الصقر من بين الأشجار المحاذية لضفة النهر قاربًا. ركب عين الصقر والضابط والشابتان القارب، أما الهنديان الأحمران فقد أخذا الجياد ليخفياها بين الأشجار في انتظار الصباح.

جذف أفراد الجماعة بالقارب بمحاذاة النهر إلى أن وصلوا إلى شلالات غلن، فتركوا القارب عند الصفة الصخرية. وسرعان ما التحق بهما هناك صاحبا عين الصقر الهنديان.

ثم توجه عين الصقر وصاحباه يبحثون عن كهف يقضون فيه ليلهم. وسرعان ما عادوا وقادوا الجماعة إلى كهف واسع يتردد فيه صوت شلالات هادرة. وكان الهنديان قد اصطادا طريدة، فأشعل عين الصقر نارًا، وتناولوا جميعًا طعام العشاء.

الفصل السابع: الليلة في الكهف والهجوم المفاجئ

كان أنكاس وأبوه تشنغا متشابهين، لكن أليس كانت معجبة بمشية الهندي الشاب وتصرفاته التي تدل على ترفع. وقد ذكرت لأختها كورا أنها تشعر بالأمان حين تكون في حماية ذلك الشاب المحارب.

بعد تناول العشاء، أُخفي مدخل الكهف ببعض أغصان الشجر. ثم ذهبت الأختان للنوم في زاوية من زوايا الكهف الواسع، بينما تناوب الرجال على الحراسة طوال الليل.

وقبيل بزوغ الصباح، أيقظ عين الصقر الضابط الشاب، وأخبره أنه ذاهب لإعادة القارب إلى المكان الذي سينطلقون منه، وأن الهنديين سيحرسان مدخل الكهف. قرر الضابط، بعد ذهاب عين الصقر، أن يوقظ الشابتين، ولكن قبل أن يتاح له ذلك، سمع صيحات وصخبًا وأصوات طلقات نارية.

ملا الجو ضجيج مرعب استمر نحو الدقيقة الواحدة. لقد عاد ماغوا ومعه عدد من أفراد قبيلته. قام تشنغا وأنكاس بإطلاق النار على المهاجمين واشتبكوا معهم اشتباكًا عنيفًا. ووقف هيورد قرب الفتاتين يحميهما وينتظر بلهفة عودة عين الصقر.

الفصل الثامن: معركة البقاء

وما هي إلا لحظات حتى عاد عين الصقر وبدأ بإطلاق النار. فصرعت رصاصته الأولى رجلًا من المهاجمين، فانسحب الآخرون، وعاد الهدوء يسود المكان.

قال عين الصقر: “هيا إلى الكهف، فرجال الهورن سيعودون إلى الهجوم قريبًا. إن حولنا منهم نحو أربعين رجلًا.”

أعاد الرجال عندئذ حشو مسدساتهم، خشية أن تكون رطوبة جو الشلالات قد بللت البارود. فجأة، برز أربعة من هنود الهورن من مكمن لهم واندفعوا صوب الكهف. أطلق تشنغا وأنكاس النار فسقط اثنان من المهاجمين صريعين. وانقض المهاجمان الآخران على عين الصقر وهيورد.

الفصل التاسع: معركة على حافة الجرف

تمكن عين الصقر من قتل خصمه، أما هيورد فقد اشتبك مع مهاجمه في قتال مرير، ووصل الرجلان في عراكهما إلى حافة جرف صخري عالٍ. كان السقوط من فوق ذلك الجرف يعني موتًا محققًا. وفي اللحظة التي أحس فيها هيورد أنه وخصمه سيقعان كلاهما في الهاوية، ارتفعت سكين أنكاس تلمع في الشمس، وسرعان ما تراخت يد الخصم وهوى من فوق الجرف.

نظر أنكاس وهيورد أحدهما إلى الآخر ثم تصافحا بقوة. وفي هذه اللحظة صاح عين الصقر: “احتموا وراء الصخور!” وما إن فعلوا حتى علا أزيز رصاصة أصابت صخرة قريبة من هيورد. أطلق الرصاصة هندي تسلق شجرة عالية في الضفة المقابلة للنهر. مضى وقت طويل قبل أن يكشف الهندي عن مكانه بإطلاق رصاصة أخرى. صوب عين الصقر بندقيته تصويبًا دقيقًا وأطلق النار، فسقط الهندي في ماء النهر المتدفق.

الفصل العاشر: فقدان القارب والبارود

أرسل عين الصقر صاحبه أنكاس ليأتي من القارب بالبارود للبنادق. لكن أنكاس وصل متأخرًا، فقد رأى عند وصوله أحد هنود الهورن يشد القارب ويبتعد به.

قال عين الصقر: “لا قيمة لبنادقنا بغير بارود. سنموت كلنا، لأن رجال الهورن سيكونون في انتظارنا عند كل ممر. لا مهرب إلا طريق النهر، حيث يمكن التحرك فيه سباحة مع مجرى التيار. لكننا لا نستطيع أن نترك الآنستين هنا.”

أسرعت كورا تقول: “بل عليكم أن تتركونا. ويمكن أن يبقى هيورد معنا، أما أنتم الثلاثة فتحاولون الوصول إلى حصن وليم هنري لتعودوا من عند أبي بالنجدة.”

الفصل الحادي عشر: الخطة الجديدة والوقوع في الأسر

وبعد كثير من الجدل وعرض الآراء، اتفقوا على أن الحل الذي اقترحته كورا هو أفضل الحلول. قفز عين الصقر وصاحباه في النهر الواحد بعد الآخر. وعادت الأختان إلى الكهف بصحبة هيورد. قالت أليس: “نحن هنا في أمان، فحتى لو عاد هنود الهورن فإن هذا الكهف خفي.”

لكن لم يمضِ وقت طويل حتى سمعوا أصوات هنود الهورن آتية من خارج الكهف. وبعد دقائق سمعوا همهماتهم تتردد في كهف مجاور. ثم، وبعد صمت قصير، اندفع الهورن فجأة إلى الكهف الذي كانوا فيه، وأسروا الجميع وجروهم إلى الخارج.

تطلع ماغوا إلى الجماعة ثم سأل: “أين ذهب الثلاثة الآخرون؟”

أجاب هيورد: “لم يموتوا، بل فروا ليأتوا بالنجدة.” اندفع رجال الهورن صوب النهر، ورأوا أن أعداءهم قد نجوا، فراحوا يصرخون مهتاجين. ثم رموا هيورد والآنستين بنظرات تتقد بشهوة الانتقام. لكن ماغوا استطاع السيطرة عليهم وأمر بنقل الأسرى الثلاثة إلى الضفة الأخرى من النهر.

الفصل الثاني عشر: عرض ماغوا لكورا

في الجانب الآخر من النهر، انقسم رجال الهورن إلى مجموعتين. وأبقى ماغوا معه خمسة رجال لحراسة الأسرى. ركبت كل من الأختين حصانًا، ومشى ماغوا في طليعة الجماعة. وبعد مسيرة طويلة، توقف الركب، وطلب ماغوا من هيورد أن يرسل كورا إليه.

لم تكن كورا تعلم سبب استدعاء ماغوا لها، فوقفت أمامه صامتة تنتظر أن يبدأ هو بالكلام. وبعد صمت قال ماغوا: “يا ابنة مونرو، لقد ربطني أبوك مرة إلى عمود، أنا زعيم الهورن، وأمر بجلدي. وتركت السياط على ظهري آثارًا تذكرني بعار الجلد.”

قالت كورا: “لم تخبرني بذلك؟”

أكمل ماغوا قائلاً: “أريدك أن تعيشي في خيمتي زوجة لي، فيعرف مونرو أن ابنته تحمل الماء إلى ماغوا، وتعد له طعامه وتنظف خيمته، وسيحزنه ذلك كثيرًا.”

أجابت كورا بحزم: “لن أفعل ذلك أبدًا!”

الفصل الثالث عشر: ماغوا يظهر من جديد

تطلع ماغوا إلى كورا ببرود، ثم التفت إلى رجاله وتحدث إليهم. بدا رجال الهورن مهتاجين، ثم اندفعوا ناحية هيورد وأليس وكورا، فأمسكوهم وجروهم إلى بعض الأشجار القريبة وربطوهم إليها، ثم ارتدوا قليلاً إلى الوراء.

وفجأة، رمى ماغوا فأسه وهو يصيح صيحة عالية. استقرت الفأس فوق رأس أليس مباشرة وقصت بعض خصل شعرها. في هذه اللحظة، تمكن هيورد من الإفلات فانقض على الهندي الثاني الذي كان يستعد لرمي فأسه. ووقع الرجلان أرضًا يتصارعان، وفي اللحظة التي استل فيها الهندي سكينه، علا أزيز رصاصة استقرت في جسده فوقع صريعًا.

الفصل الرابع عشر: نجاة الأختين وهروب ماغوا

أخذ ماغوا والهنود الأربعة المتبقون على حين غرة عندما انقض عليهم من وراء الأشجار عين الصقر وتشنغا وأنكاس. ونشب قتال قصير أسفر عن مقتل رجال الهورن الأربعة وسقوط زعيمهم ماغوا على الأرض بضربة من عقب بندقية عين الصقر. تعانقت الأختان بعد نجاتهما من موت محقق، وبكتا بكاء الانفراج.

ثم روى عين الصقر كيف أنه وصاحباه سمعوا صيحات رجال الهورن، فعادوا وراقبوا ما يحدث، وتبعوا الهنود من مسافة آمنة في انتظار اللحظة المناسبة للهجوم. وبينما كان عين الصقر يروي حكايته، انتصب ماغوا، الذي كان يتظاهر بفقدان الوعي، وأطلق ساقيه للريح، وسرعان ما اختفى عن الأنظار. أراد تشنغا وأنكاس أن يلحقا به، لكن عين الصقر أوقفهما.

الفصل الخامس عشر: ملجأ بين الأشجار

وسرعان ما انطلقت الجماعة ثانية في اتجاه حصن وليم هنري. مشى عين الصقر في الطليعة، وركبت كل من الأختين حصانًا. وعند هبوط الظلام، أخذهم عين الصقر إلى منزل متداعٍ مهجور بين الأشجار، وقال: “سترتاحون هنا.”

ما كادوا يستقرون في المنزل حتى دخل عليهم تشنغا، الذي كان عليه النوبة الأولى في الحراسة، وأخبرهم أنه يسمع أصواتًا قريبة. همس عين الصقر قائلاً: “أدخلوا الحصانين إلى المنزل والزموا جميعًا الصمت…”

الفصل السادس عشر: الهروب عبر الماء

كان في الجوار نحو عشرين من رجال الهورن. وقد أخذوا يقتربون من المنزل حتى بلغوا منه حدًا بات يُخشى معه أن يسمعوا صوت تنفس الحصانين. ثم أخذت أصواتهم تخبو وتضعف، فقد رأوا حول المنزل مدافن فابتعدوا عن المكان احترامًا للموتى.

أخيرًا خيم الهدوء، وتأكد أن الهنود قد ابتعدوا، فخرجت الجماعة من المنزل وزحف أفرادها في الظلام إلى ضفة الجدول القريب. وهنا عادت الأختان إلى ركوب الحصانين. قال عين الصقر: “الآن نمشي في الماء، فلا نترك أثرًا.”

مشوا في الماء نحو الساعة، وجدوا بعدها أن ضفة النهر صارت رملية كثيرة الأشجار، فخرجوا من الماء، وسار عين الصقر في الطليعة هذه المرة أيضًا، وقال: “إن الطريق من هنا إلى حصن وليم هنري طويلة وشاقة، لكني أعرفها معرفة تامة. سنتجه غربًا عبر الجبل، وعلينا أن نكون في يقظة دائمة لئلا نقع في أيدي جنود القائد الفرنسي مونتكالم.”

الفصل السابع عشر: الصعوبات في الطريق إلى الحصن

تابعوا مسيرتهم بصعوبة شديدة، وزادت الالتواءات الصخرية والمنحدرات الشديدة من الصعوبات التي واجهتهم. وعندما وصلوا إلى قمة منبسطة مكسوة بالطحلب، طلب عين الصقر من الأختين أن تترجلا عن الحصانين، قائلاً: “علينا أن نعتق الحصانين، فلا يستطيعان الاستمرار معنا بعد الآن.”

كانوا قادرين، من موقعهم المرتفع ذاك، على أن يروا الشاطئ الجنوبي لبحيرة هوريكان حيث يقع حصن وليم هنري. لكن الأنظار كلها اتجهت صوب مدفعية الجنرال الفرنسي مونتكالم الذي كان قد دفع بقواته إلى مكان قريب جدًا من الحصن.

الفصل الثامن عشر: الوصول إلى الحصن

قال عين الصقر للأختين مطمئنًا: “لا تخافا. فأنا وصاحباي سنوصلكما إلى أبيكما سالمتين. يبدو أن الضباب الكثيف مقبل علينا، وهذا يساعدنا كثيرًا.”

نزل أفراد الجماعة من سفح شديد الانحدار، وصلوا بعده إلى أرض منبسطة. وكان الضباب في ذلك الوقت يتحرك بسرعة، فانتظروا حتى غطى معسكر الفرنسيين. كانوا يسمعون في انتقالهم الحذر أصوات كلام بالفرنسية وبلغة الهورن، وأصوات طلقات نارية وقنابل مدفعية. وكان عين الصقر طوال ذلك الوقت يزداد اقترابًا بجماعته من الحصن.

فجأة سمع أفراد الجماعة صوتًا قريبًا منهم. كان صوت الجنرال مونرو، والد الشابتين! نادت أليس وكورا أباهما عبر الضباب، وما هي إلا لحظات حتى كان عدد من جنود الحصن قد خرجوا إلى أفراد الجماعة وعادوا بهم جميعًا بسرعة خاطفة.

الفصل التاسع عشر: الفرح المؤقت في الحصن

طغت الفرحة على الابنتين وأبيهما، ونسوا في الأيام القليلة التالية الأخطار التي كانت تحدق بهم. نسوا مونتكالم والجنود الفرنسيين والمحاربين الهنود الذين كانوا يحاصرون الحصن. كان الخطر على الحصن شديدًا، فهو محاصر وتنقصه وسائل الدفاع. وكان قائد الحصن الجنرال مونرو لا يزال ينتظر الإمدادات من قائد حامية حصن إدورد.

في اليوم الثالث، أرسل مونتكالم رسالة يقول فيها إنه يرغب في التفاوض، فقرر الجنرال مونرو إرسال الضابط هيورد دنكن مندوبًا عنه. خرج هيورد من الحصن يحمل راية الهدنة البيضاء، فقابله ضابط فرنسي قاده مباشرة إلى الجنرال مونتكالم.

الفصل العشرون: لقاء هيورد ومونتكالم

دخل هيورد خيمة القائد الفرنسي، ونظر حوله باهتمام. كان يحيط بالقائد كبار ضباطه وزعماء بعض القبائل الهندية، ومن بينهم ماغوا. كان القائد الفرنسي شديد التهذيب في حديثه، فقال: “قائدكم رجل شجاع، لكن حقنًا للدماء أعرض عليكم الاستسلام لي الآن. لا أقدر أن أبعد عنكم هؤلاء الهنود الغاضبين أكثر مما فعلت. ولو سمحت لهم بالانتقاص منكم فسيذبحونكم جميعًا. لنتحدث إذًا عن شروط الاستسلام.”

أجاب هيورد: “إن إمدادات قوية في طريقها إلينا…” ولم يفهم معنى الابتسامة التي ارتسمت على وجه مونتكالم.

الفصل الحادي والعشرون: الحقيقة القاسية

تباحث الرجلان طويلًا، لكن أيا منهما لم يقتنع بكلام الآخر، فقام هيورد استعدادًا للعودة. عندئذ أخرج مونتكالم رسالة انتزعها رجاله من رسول كان يحملها إلى الجنرال مونرو. وكان كاتب الرسالة هو قائد حامية حصن إدورد، المؤمل وصوله على رأس الإمدادات المطلوبة.

جاء في الرسالة أنه يستحيل على حصن إدورد إرسال أية إمدادات، وأنه ينصح الجنرال مونرو بالاستسلام الفوري. بدا الاكتئاب على وجه هيورد، لكن الجنرال مونتكالم كان كريمًا، فقال: “أسمح لكم بالخروج من الحصن خروجًا عسكريًا مشرفًا، فتنقلون معكم أسلحتكم كلها وتسيرون في ظل راياتكم. وبعد خروجكم جميعًا أدمر الحصن، فلا يتأذى منكم أحد.”

قبل الجنرال مونرو شروط القائد الفرنسي، ووقع وثيقة يوافق فيها على مغادرة الحصن في صباح اليوم التالي.

الفصل الثاني والعشرون: تهديد ماغوا واستعدادات الرحيل

لكن ماغوا، زعيم قبيلة الهورن، لم يكن راضيًا، فتمتم قائلاً: “يرحل الإنجليز الآن آمنين. لم يعد الفرنسيون يعتبرونهم أعداء، أما أنا فلا أزال أعتبرهم أعدائي، وسأنتقم منهم.”

في صباح اليوم التالي، خرج الجنود الإنجليز من حصنهم في صفوف عسكرية منتظمة، واتجهوا ناحية الخطوط الفرنسية للقيام بعملية الاستسلام الرسمية. وبعد مضي بعض الوقت، ترك الجرحى والنساء الحصن برعاية بضعة جنود.

وبعد أن مشت هذه الجماعة مسافة قصيرة، لاحظت كورا أن ماغوا ورجاله يراقبون من مكان قريب. وكان لا يزال بين الجماعة والفرنسيين، بقيادة مونتكالم، مسافة غير قصيرة.

الفصل الثالث والعشرون: مذبحة الهورن وخطف الأختين

فجأة، اندفع أحد رجال الهورن وقتل بفأسه امرأة وطفلها. في تلك الأثناء، أعطى ماغوا إشارة، فخرج من بين أشجار الغابة أكثر من ألفي رجل من مقاتلي الهورن. وانقض المقاتلون على أولئك العزل وأعملوا فيهم تقتيلاً.

أسرع ماغوا نفسه إلى أليس وكورا وأخذهما أسيرتين، وقال لكورا: “تعالي، فإن خيمتي لا تزال في انتظارك.” وقفت كورا صامتة وقد عقد لسانها منظر الدم على يديه وذراعيه. جر ماغوا الأختين إلى الأشجار القريبة ووضعهما كلتيهما على حصان واحد، وقادهما في ممر عبر الغابة. وكانت أليس قد أصيبت أثناء ذلك بالدوار. توقف ماغوا في قمة التلة التي كان عين الصقر قد وقف عندها قبل بضعة أيام. ومن فوق تلك التلة راحت الأختان المذعورتان تراقبان المذبحة في أسفل الوادي.

وبعد وقت طويل، أخذت أنات الجرحى، وصراخ المذعورين، وصيحات الحرب التي يطلقها المهاجمون، تخف رويدًا رويدًا إلى أن تلاشت وساد المكان صمت رهيب.

الفصل الرابع والعشرون: البحث عن الأختين

وبعد حين، وصل عين الصقر وتشنغا وأنكاس ومونرو وهيورد إلى مكان المذبحة، وراحوا يبحثون بين الجثث عن أليس وكورا. كانوا جميعًا يحاولون إخفاء مرارتهم وذعرهم وهم يتأملون في وجوه النساء، واحدة بعد الأخرى. ثم وجد أنكاس قطعة من منديل كورا الأخضر عالقة في جنبة قريبة.

هتف الجنرال بشيء من الأمل: “إنها حية!” فقال عين الصقر: “نعم، وإذا نحن تبعنا الأثر بحذر شديد فقد نتمكن من إنقاذها. لكن علينا أن نتحلى بالصبر.”

تفحص تشنغا المكان جيدًا، ثم قال: “ماغوا أخذها…”

كان البحث بطيئًا وشاقًا، لكنهم سرعان ما وجدوا قطعة من عقد، فبعث ذلك في قلوبهم أملاً جديدًا. عرف هيورد قطعة العقد على الفور فهي تخص أليس. واغرورقت عينا الأب بالدموع.

الفصل الخامس والعشرون: متابعة الأثر في الغابة

بعد هبوط الظلام، تناولوا عشاءهم من اللحم المجفف، وأخلدوا إلى الراحة في مكان غير بعيد عن الحصن المدمر. وفي الصباح التالي، أيقظ عين الصقر هيورد ومونرو وقال لهما: “علينا أن نكون شديدي الحذر، فالأعداء الآن من أمامنا ومن ورائنا.”

ذهب أنكاس وتشنغا إلى طرف البحيرة القريب من الحصن وعادا بقارب. ركب الرجال القارب وانطلقوا به في مياه بحيرة هوريكان الهادئة. وحرصًا منهم على التخفي، حافظوا على خط سيرهم بمحاذاة الشاطئ قريبًا من الجزر الصغيرة الكثيرة الأشجار. ووصلوا في أواخر النهار إلى الجانب الشمالي من البحيرة، فخرجوا من الماء وحملوا معهم القارب، ومشوا. وكانوا يبغون من وراء ذلك أن يتركوا أثرًا خادعًا. لذا فإنهم نزلوا في جدول ماء ومشوا فيه عائدين إلى البحيرة، حيث ركبوا القارب ثانية واتجهوا به إلى الشاطئ الغربي. وهنا خرجوا إلى البر وأخفوا القارب تحت كومة من الأغصان، وأقاموا ليلتهم في ذلك المكان.

الفصل السادس والعشرون: غابة شائكة ومطاردة ماغوا

في صباح اليوم التالي، قاد عين الصقر أصحابه إلى غابة شائكة غير مطروقة، كان وصاحباه الهنديان يعرفون طريقهم فيها. مشوا أميالاً في الغابة دون أن يعثروا للأختين على أثر. ثم أشار أنكاس إلى بعض العلامات، وقال: “لقد أخذوهما إلى جانب آخر من الغابة.”

تابعوا سيرهم ببطء، فماغوا ورجاله كانوا هم أيضًا قد تركوا بعض الآثار الخادعة. لكن لم يكن من السهل خداع عين الصقر وصاحبيه طويلاً. وعند الظهر، بلغ الثلاثة جدولاً كبيرًا فساروا فيه حتى حل المساء.

الفصل السابع والعشرون: خطة هيورد للتسلل إلى القرية

وصلوا عند هبوط الظلام إلى فرجة في الغابة تزدحم ببيوت الهنود، ويحوم في أرجائها بعض الرجال. زاد عين الصقر وأصحابه من حذرهم وأخذوا يتشاورون في الأمر. قرروا أن يذهب مونرو إلى محيا قريب يعرفونه ويذهب معه تشنغا لحمايته. ورأوا أن يذهب كل من عين الصقر وأنكاس في اتجاه للحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات عن تحركات الهورن وما ينوون فعله.

عرض هيورد عند ذلك أن يقوم بعمل بالغ الخطورة، وهو أن يطلي وجهه بحيث يبدو كأحد أولئك الرجال الجوالين الذين يتنقلون بين القرى للترفيه عن الناس. رأى أن معرفته باللغة الفرنسية ستقنع هنود الهورن بأنه صديق. فإذا تمكن من دخول القرية سهل عليه أمر البحث عن أليس وكورا. لم ترق الفكرة لأصدقائه، لكنه أصر عليها بعناد قائلاً: “إذا كانت الأختان في مكان ما من تلك القرية، فعلي أن أحاول إنقاذهما، أياً كانت المخاطر.”

قام تشنغا بطلاء وجه هيورد بمهارة فائقة، فبدا وكأنه وجه ممثل ترفيهي أصيل. وأطلع عين الصقر الضابط الشاب على إشارات وأصوات يتفاهمون بها في الغابة، كما عين له المكان الذي سيلتقون فيه. وبعد أن توضحت لكل منهم مهمته، تسلل أنكاس بين الأشجار وانطلق يبحث عن ماغوا، ومضى عين الصقر في اتجاه آخر.

الفصل الثامن والعشرون: دخول هيورد إلى قرية الهنود

ما إن دخل هيورد قرية الهنود حتى أحس بحقيقة الخطر الذي يتهدده. كان الظلام آنذاك قد انتشر. وعندما وصل إلى الخيام التقى بعض الأولاد، التفت إليه الأولاد، لكن لم يبدو أنهم ارتابوا به. في وسط القرية، كان بعض الشيوخ يجلسون حول نار، وبدا كأن أحدهم زعيم من زعمائهم. خاطب الزعيم هيورد بلغة الهورن، فرد عليه هيورد بالفرنسية. فسأل الزعيم بالفرنسية قائلاً: “لماذا دخلت المخيم ووجهك مطلي؟”

أجاب هيورد: “عندما يزور زعيم هندي أصدقاءه من البيض، فإنه يخلع عنه رداء جلد الثور ويلبس قميصًا يقدم له. ولقد قدم لي أصدقائي الهنود طلاء أطلي به وجهي عندما أزورهم.” سر الشيوخ سرورًا بالغًا بهذا الإطراء، ودعوا هيورد للجلوس معهم ومشاركتهم في الحديث.

الفصل التاسع والعشرون: وصول الأسرى إلى القرية

مضى من الوقت نصف ساعة، فأخذ شيء من القلق يتسرب إلى قلب هيورد. وبينما الأحاديث تدور، علا صياح في الغابة، ثم خرج من بين الأشجار صف من المحاربين الهنود يحملون فروات رؤوس بعض الذين قتلوهم، ويجرون معهم أسيرين. استل الرجال سكاكينهم، وحمل الأولاد والنساء العصي والفؤوس، وشكلوا جميعًا صفين مشى المحاربون بينهما. وكان الأسيران يتلقيان طوال الطريق إلى وسط القرية الإهانات والضربات، وفي وسط الساحة ربط كل منهما إلى عمود.

بدا المشهد وسط أضواء المشاعل المتراقصة مرعبًا. شق هيورد طريقه إلى الأسيرين، فالتفت إليه أحدهما ورمقه بنظرة ثاقبة، فإذا هو أنكاس!

الفصل الثلاثون: خطة لإنقاذ أنكاس

كان الأسير الآخر واحدًا من محاربي الهورن أنفسهم، اتهم بالجبن في مواجهة الأعداء. وقف القوم أمامه يوجهون إليه الشتائم والإهانات، ثم استل أحدهم سكينه وغرزها في قلبه. عندئذ، ضرب حملة المشاعل جميعهم مشاعلهم في الأرض، وغرقت القرية كلها في ظلام دامس. وفي لحظة الظلام تلك، سمع هيورد صاحبه أنكاس يهمس قائلاً: “عين الصقر طليق!”

ثم اقترب هندي من هيورد وقال له: “إن في زوجتي روحًا شريرة، هلا استعملت دواءك لطرد تلك الروح منها؟”

وكان هيورد يعرف شيئًا عن عادات الهنود، فرأى في الموافقة على اقتراح الرجل فرصة يستطيع من خلالها أن يتجول في القرية بحرية.

الفصل الحادي والثلاثون: خطة عين الصقر لإنقاذ الأسرى

مشى الهندي وهو يشير إلى أنكاس قائلاً: “في الصباح سيموت هندي الموهيكان هذا. ستشرق الشمس على عاره وستراقب النساء جسده يرتجف.”

تبع هيورد الهندي إلى خارج القرية، ورأى دباً فلم يخف، لأن الهنود اعتادوا الإبقاء على دببة أليفة حول قريتهم. لكن هذا الدب تبع الرجلين في ممرات الغابة.

وقف الهندي عند باب أحد الكهوف الصخرية. داخل ذلك الكهف كانت الهندية المريضة. تركها الهنود هناك ظنًا منهم أن الجدران الصخرية ستقلل من قدرة الروح الشريرة على تعذيبها. طلب هيورد من الهندي أن يتركه وحده ويبتعد عن باب الكهف. التفت بعد ذلك حوله يستطلع الكهف، وبدا له أن المرأة تغط في نوم عميق.

فجأة، دخل الدب الكهف ووقف على قدميه ونزع رأسه، فإذا به عين الصقر في جلد دب! وعندما صحا هيورد من الصدمة، أخبره عين الصقر كيف أنه رأى مشعوذا هنديا يستعد للدخول في جلد دب، فضربه وربطه إلى عمود وأخذ منه الجلد. ثم أضاف: “بعد سنوات من مراقبة الحيوانات والتعرف إلى طبيعتها، أعرف كيف أتحرك مثلها.”

سأل هيورد: “هل اكتشفت شيئًا؟”

أجاب عين الصقر: “الشقراء، أليس، في كهف مجاور، لكن اذهب أنت إليها، فأخشى أن يرعبها مشهد الدب. ويحسن قبل الذهاب إليها أن تمسح شيئًا من الطلاء عن وجهك.”

الفصل الثاني والثلاثون: إنقاذ أليس

مسح هيورد الطلاء عن وجهه وذهب إلى أليس. شعرت الفتاة براحة بالغة عندما رأت منقذها، لكنها كانت شديدة الشحوب ومشدودة الأعصاب. وقد طمأنها هيورد عن والدها، ثم سألها عن أختها كورا. فأجابت: “أخذها ماغوا.”

التقط هيورد بطانية وجدها في الكهف، وقال: “سألفك بهذه البطانية وأخرج بك. سيظن هنود الهورن أني أحمل المرأة المريضة.”

التقاه زوج المرأة فسأله قائلاً: “إلى أين تأخذها؟”

أجاب هيورد: “حجرت الروح الشريرة بين الصخور. سأعطي زوجتك الآن بعض النباتات المقوية، وأعيدها إلى خيمتك صباحًا معافاة.” واستأنف سيره بهدوء وثقة. وبعد أن اطمأن إلى أنه أصبح بعيدًا عن القرية، أنزل أليس. وسرعان ما لحق بهما عين الصقر ودلهما على الطريق التي يأخذانها، ثم قال لهيورد: “إذا التقيت هندياً من قبيلة ديلاور، فاطلب منه العون، فقبيلتا ديلاور وموهيكان تعودان إلى جد واحد، ويظنون أنهم جميعاً أحفاد السلحفاة! أنا ذاهب الآن لإنقاذ أنكاس.”

الفصل الثالث والثلاثون: إنقاذ أنكاس والهرب إلى قبيلة ديلاور

عاد عين الصقر إلى القرية، وهو لا يزال في جلد الدب. كان الخطر شديدًا رغم إخلاد هنود الهورن إلى النوم. ورأى عين الصقر قرب أنكاس محاربين هنديين. وانتظر طويلاً قبل أن يبتعد المحاربان ويسود المكان هدوء تام.

ظن أنكاس، في البداية، أن أعداءه أرسلوا له وحشًا ليعذبه، ثم أدرك أن الدب هو صاحبه عين الصقر. وفي لحظات كان أنكاس قد تحرر، فقال لصاحبه: “سنذهب إلى قبيلة ديلاور نطلب منها العون، فنحن وهم أبناء جد واحد.”

تسلل الرجلان من القرية، وانطلقا بحذر بين أشجار الغابة متجهين إلى قبيلة ديلاور. مشيا طوال الليل، والتقيا عند بزوغ الصباح بهيورد وأليس، فساروا جميعًا في اتجاه “أبناء السلحفاة”.

الفصل الرابع والثلاثون: لقاء أنكاس مع قبيلة ديلاور

مضى جانب من صباح ذلك اليوم، ووقف حكيم قبيلة ديلاور ينظر مندهشاً إلى وشم السلحفاة المنقوش على صدر أنكاس. لم يكن الحكيم قد قابل الهندي الشاب من قبل، فقال مشيرًا إلى الوشم الأزرق الجميل: “من أنت؟”

أجاب أنكاس: “أنا أنكاس ابن تشنغا، ابن السلحفاة العظيمة أوناميس. لقد جرى دم السلحفاة في الكثير من الزعماء، لكنهم ماتوا جميعًا، ولم يبق منهم إلا أنا وأبي.”

قال الحكيم الهندي: “إذاً أنت الموهيكاني الأخير؟”
رد أنكاس باعتزاز: “أنا الموهيكاني الأخير.”

سر الحكيم الهندي سرورًا بالغًا بلقاء أنكاس، حتى إنه قدم له خيرة محاربيه لملاحقة ماغوا وإنقاذ كورا. قال: “يقول كشافونا إن ماغوا وعددًا من رجال الهورن الذين يرافقونه ليسوا بعيدين عنا. ولقد احتجزوا أسيرتهم في كهف تحت الأرض.”

الفصل الخامس والثلاثون: خطة الهجوم على الهورن

ولما كان أنكاس الهندي الأخير في قبيلته، فقد تقرر أن يقوم هو على رأس قوة من محاربي ديلاور بمهاجمة قوة الهورن الرئيسية. وتقرر أن يصطحب عين الصقر معه عشرين محاربًا للإتيان بمونرو وتشنغا، على أن يلتقي الفريقان بعد ذلك قرب الكهف الذي تحتجز فيه كورا.

قاد عين الصقر جماعته القليلة العدد من المحاربين الأشداء، دون أن تواجههم في الطريق عقبات. وسرعان ما وصلوا إلى الموقع الذي لجأ إليه مونرو وتشنغا. وكانوا في ذلك الوقت قد بدأوا يسمعون صياح المعركة التي كانت تدور في مكان غير بعيد. اتجهوا جميعًا ببطء وحذر ناحية الجانب الكثيف من الغابة حيث كانوا يعلمون أن كورا محتجزة.

الفصل السادس والثلاثون: معركة إنقاذ كورا

اقترب عين الصقر وجماعته من الكهف، واستطاعوا من مكانهم ذاك أن يشرفوا على المعركة. ورأوا محاربي أنكاس يدحرون رجال الهورن. خاف هيورد عندئذ على حياة كورا من انتقام رجال الهورن المهزومين، فقفز متجاوزًا عين الصقر ومندفعًا ناحية كهف الأسيرة. وراح يدور داخل الكهف المعتم دورانا محمومًا.

وجد نفسه فجأة في زاوية معتمة إلى جوار أنكاس، الذي كان بدوره يفتش زوايا الكهف. ولمع الإثنان على بعد خطوات ثوب كورا الأبيض. كان ماغوا ومرافق له يجران الفتاة بوحشية. رمى أنكاس بندقيته وقفز نحو ماغوا. لكن في تلك اللحظة، استل الهندي الآخر سكينه وغرزه في قلب كورا.

التفت أنكاس لحظة إلى جسد كورا الهاوي، فاغتنم ماغوا تلك الفرصة وضربه بفأسه. استجمع أنكاس الجريح قواه وضرب قاتل كورا ضربة هائلة أوقعته قتيلاً. لكنه تهاوى بعد ذلك، فأسرع ماغوا يجهز عليه بثلاث طعنات.

الفصل السابع والثلاثون: نهاية ماغوا والموهيكاني الأخير

حدث ذلك كله بسرعة خاطفة. ولم تسعف العتمة هيورد على استعمال بندقيته. أسرع ماغوا يخرج من الكهف، وقد أدرك أنه في خطر شديد. وقفز قفزة بائسة فوق شق ضيق سحيق من الأرض، أملاً في الوصول إلى الجانب الآخر. لكنه لم ينجح، وإن تمكن من التعلق بجنبة راح يسعى جاهداً أن يرفع نفسه بواسطتها. أسرع عين الصقر فعاجله برصاصة، سقط ماغوا على إثرها في الوادي السحيق، فتهشم.

أشرقت شمس الصباح على كثيرين يبكون موتاهم. وكان جسدا كورا وأنكاس لا يزالان ممددين، وقد غطيا بالأزهار والحلي والأوسمة.

لم يبكِ تشنغا، كما بكى الآخرون، لأن ابنه مات ميتة الشجعان. لكنه كان يحس بحزن عميق، وقال لعين الصقر: “لقد مات كل بني قومي. أنا الآن وحيد.”

قال عين الصقر: “لا، لست وحيدًا.” ثم مد يده إليه، فالتقطها الهندي وتصافحا بقوة. وأحنى كل من الرجلين رأسه محاولاً أن يخفي دمعة حارقة، حسرة على المحارب الموهيكاني الأخير.

بكى مونرو ابنته القتيلة طويلاً. وعادت أليس إلى إنكلترا برفقة هيورد. أما عين الصقر فقد عاش طوال عمره قريبًا من صديقه تشنغا.

معرض الصور (قصة المحارب الأخير)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى