قصة الشجرة التي حولت ليلى إلى أميرة

ملخص قصة الشجرة التي حولت ليلى إلى أميرة
كان يا مكان في قديم الزمان، في قرية صغيرة عند مشارف الصحراء، يعيش رجل عجوز طيب القلب اسمه إبراهيم. وجد إبراهيم ذات ليلة مقمرة طفلة رضيعة عند بابه، كانت ملفوفة بقطعة قماش خضراء تشبه لون الجنة. أحبها إبراهيم من كل قلبه وسماها ليلى، وناداها “أميرتي”. كبرت ليلى وهي تملأ حياة إبراهيم سعادة وبهجة كأنها الماء والضوء، لكن أهل القرية الفقيرة والجافة كانوا ينظرون إليها بحذر ويتساءلون عن أصلها، بل ويصفون إبراهيم بـ”العجوز المجنون” لأنه يدعوها أميرة.
في يوم من الأيام، جاء ببغاء غريب إلى القرية وأخذ يصيح عن شجرة سحرية في الصحراء تحقق الأمنيات. طمع أهل القرية في تحقيق أمنياتهم ورغباتهم، فانطلقوا إلى الصحراء ليجدوا الشجرة العجيبة. طلب كل منهم أمنيته بصوت عالٍ، لكن الشجرة لم تستجب وبقيت صامتة. عادوا إلى القرية بخيبة أمل وغضب.
في تلك الليلة، همست الشجرة لليلى وسألتها ماذا تريد. أجابت ليلى ببساطة أنها لا تريد شيئاً، فهي تملك كل ما تحتاجه بفضل إبراهيم. في الصباح، اكتشف أهل القرية أن الشجرة تحدثت لليلى وغضبوا منها بشدة لأنها لم تطلب أمنياتهم. أجبروها وأخذوها عنوة إلى الصحراء ليطلبوا من الشجرة ما يريدون.
عندما ألقت ليلى عند جذع الشجرة، وسألتها الشجرة مجدداً عما تريد، طلبت ليلى بحرارة أن تحميها الشجرة من أهل القرية. انحنت الشجرة وابتلعتها لحمايتها. ازداد غضب الأهالي وبدأوا يضربون الشجرة بعنف. هنا، ردت الشجرة بأن أطلقت عليهم نسخاً مخيفة من أمنياتهم: فراشات هاجمت عائشة، أحصنة ركضت نحو حسن، ونهر من الماء كاد يغرق القرية ويجرف نخيل خالد. فر الأهالي مذعورين.
ظهرت ليلى مجدداً من الشجرة، ورأت الخطر يحدق بأهل قريتها، ولم تستطع أن ترى دموعهم والخوف في عيونهم. فطلبت من الشجرة أن تنقذهم وتعطيهم ما يريدون، مؤكدة أنهم ليسوا سيئين بل هم فقراء وتائهون. استجابت الشجرة لأمنية ليلى الحقيقية والمليئة بالحب؛ توقفت الفراشات والأحصنة والمياه الجارفة، وأعطت الشجرة الأهالي جزءاً من أمنياتهم بطريقة آمنة. احتضنت ليلى الشجرة شكراً لها، ولم تطلب لنفسها شيئاً.
عاد الأهالي إلى القرية ليجدوها قد تحولت إلى واحة خضراء جميلة. أدركوا أن ليلى هي من أنقذتهم وحولت قريتهم بقلبها الطيب. احتضنوا ليلى بفرح ونادوها جميعا “أميرتنا ليلى”، محبين إياها كالنماء والضوء. وهكذا، تحقق حلم إبراهيم السري بأن يحب الجميع أميرته الصغيرة.
قصة الشجرة التي حولت ليلى إلى أميرة مكتوبة
كانت ليلى فتاة صغيرة جدا، ولكنها مع ذلك، كانت عزيزة على قلب إبراهيم مثل الماء والضوء. لقد كانت مصدر سعادته وجنة قلبه.
كان إبراهيم قد أصبح رجلا عجوزا يكاد يقتله الحزن بعد مضي وقت طويل على موت زوجته، عندما وجد ليلى متروكة أمام باب بيته في إحدى الليالي المقمرة. كانت ممددة كالحمل الصغير وملفوفة بقطعة من قماش الكتان الأخضر.
كان اللون الأخضر بالنسبة لإبراهيم، ولجميع الذين يعيشون مثله في تلك البلدة الواقعة عند مشارف الصحراء، يمثل لون الجنة. فتأثر إبراهيم كثيرا بسحر تلك الليلة، وأخذ الطفلة بين ذراعيه. وعلى الفور فتحت ليلى جفنيها ونظرت إلى إبراهيم للمرة الأولى بعينيها اللوزيتين.
فتبين له أنهما كانتا خضراوين أيضا.
همس إبراهيم بصوت خافت يشبه نسيم الصحراء:
- أهلا وسهلا بك أيتها الفتاة الصغيرة. سوف أعتني بك وأفعل ما بوسعي لكي لا ينقصك أي شيء أبدا. وسوف أدعوك أميرتي ليلى.
إنقاذ إبراهيم والعجوز المجنون
في اليوم التالي، فتح إبراهيم باب منزله من جديد كي يقوم بما اعتاد أن يقوم به قبل موت زوجته، ألا وهو تقديم الشاي بالنعناع الذي يحرق الحنجرة، والحلويات التي تلتصق بالأسنان لكثرة السكر الموجود فيها. كان إبراهيم قد استعاد عافيته وشجاعته وفرحته.
فأخذ أهالي البلدة يتهافتون إلى منزله من جديد كما كانوا يفعلون في الماضي. وكان يسارع، وقد غمرته الفرحة، إلى تقديم أميرته لهم.
إلا أن هؤلاء القرويين استغربوا وجودها كثيرا. ورغبوا بشدة في أن يعرفوا من أين جاءت. ولم يكن واردا بالنسبة لهم أن ينادوا طفلة لا أصل لها بـ”الأميرة”.
فحسبوا أن إبراهيم قد أصيب بالجنون.
ومع ذلك، فقد اضطروا جميعهم أن يتقبلوا وجودها بينهم في البلدة، لأن إبراهيم قرر الاعتناء بها.
وهكذا، عاشت ليلى بين أواني حسن الفخارية، وعنزات طارق.
أما عائشة فقد كانت تؤمن لها، بشيء من التذمر، قطعة قماش ملونة لكي تخيط بها جلابية لها.
وكان خالد يصنع لها، بامت عاض، أحذية جديدة كلما كبرت قدماها. وفي كل مرة، كانت ليلى تسرع لمعانقة أهالي البلدة كي تعبر لهم عن شكرها. وكانت كلما صادفت أحدهم، تستقبله بابتسامتها المشرقة وكلامها العذب. إلا أن الأهالي ظلوا يتساءلون عن المكان الذي أتت منه ليلى.
غموض ليلى وببغاء الصحراء
ويواصلون حذرهم منها. لا بل كانوا ينعتون إبراهيم بـ”العجوز المجنون” كلما سمعوه يقول متعجبا من الصباح حتى المساء:
- إن عزيزتي ليلى هي حقا كالماء والضوء؛ إنها أميرة حقيقية.
والسبب هو أن الشمس كانت تسطع بقوة في الخارج، والماء يشح، وأن البلدة تحولت إلى قرية فقيرة وجافة على مشارف الصحراء.
كانت ليلى قد كبرت عندما دخل ببغاء إلى منزل إبراهيم بعد ظهر أحد الأيام، في ساعة يشتد فيها الحر بحيث يكاد المرء يعجز عن أخذ قيلولته.
بعد ذلك انتقل الببغاء إلى منزل خالد، ومنه إلى منزل عائشة. وبعده تباعا إلى جميع منازل القرية. وكان حيثما ذهب يصيح بالعبارات ذاتها:
أيها الأغبياء المساكين، كوكو! ما بالكم غافلون أيها الأغبياء! أما أنا كوكو فأعرف كل شيء! في الصحراء، أجل في الصحراء، يوجد شجرة، شجرة سحرية! تطلبون منها أمنية، فتحققها لكم! هذا صحيح، هذا صحيح! كوكو يعرف ذلك! أيها الأغبياء المساكين، كوكو يعرف! هذا صحيح، كوكو!
وبعد ذلك، يختفي الببغاء.
أمنيات أهل القرية وليلى
ولا يلبث الجميع أن يسرحوا بأفكارهم ويسبحوا في الخيال والحلم. كانت عائشة تحب أن يكون لديها قفص مليء بفراشات متعددة الألوان. وكان طارق يرغب في أن يكون لديه حصان أصيل يمتطيه في الصحراء. أما حسن فكان يتمنى أن يكون لديه حوض كبير مملوء بالماء المنعش العذب كي يغطس فيه ساقيه المتعبتين.
وبدوره كان خالد يريد نخلة كبيرة تظلل له الباحة أمام منزله.
فجأة، سألت عائشة إبراهيم:
- وأنت يا إبراهيم، ماذا تريد؟
وكان إبراهيم يملك الجواب في صميم قلبه.
فقد كان يرغب في أن تصبح ليلى أميرة على جميع أهالي القرية، وأن يحبها هؤلاء بقدر ما كان يحبها بنفسه.
لكن بما أنه لم يشأ أن يبدو مرة أخرى عجوزا غبيا، فقد قال:
- إني أريد ما تريده ليلى. ماذا تريدين يا ليلى؟
فضحكت ليلى وقالت:
- لا أريد شيئا على الإطلاق! فلدي كل ما أنا بحاجة إليه. لا أريد فراشات ولا حصانا أصيلا ولا حوضا من الماء المنعش ولا نخيلا.
فبفضل إبراهيم، لا ينقصني أي شيء على الإطلاق.
لم يكن أهالي البلدة يحبون أن يخاطروا بأنفسهم بالذهاب إلى الصحراء. لكن مع مرور الأيام، كان تفكير كل واحد منهم بأمنيته يزداد بشدة، حتى أصبحوا في النهاية متلهفين جدا لكي تتحقق أمنياتهم، لدرجة أنهم انطلقوا جميعا معا ذات صباح في الطريق المؤدية إلى الصحراء، باستثناء إبراهيم وليلى.
سار الأهالي مسافات طويلة جدا إلى أن وقعوا فجأة على شجرة. لم يكن الببغاء يكذب. فقد كانت الشجرة موجودة بالفعل، بأغصانها التي تشبه الأذرع الطويلة، وجذعها الذي يوجد في وسطه ثقب كأنه فم، وأوراقها التي تشبه خصل شعر الملائكة. لم تكن تلك الشجرة شجرة لوز أو أرز أو ليمون.
كانت شجرة لم ير أحد لها مثيل من قبل. وتلك كانت علامة جيدة توحي بأن الشجرة قد تكون سحرية بالفعل.
رحلة الأهالي وأمنياتهم أمام الشجرة
جلس الأهالي عند كعب الشجرة. وراح حسن يدندن قائلا وهو يقوم بحركات هائلة بواسطة ذراعيه:
- أيتها الشجرة السحرية.. أريد… حصانا أصيلا… من فضلك.
وأخذت عائشة تمدح الشجرة قائلة:
- أنت يا أجمل شجرة على الأرض أنت أيتها الأقوى والأغلى، أريد منك فراشات في قفص.
أما طارق فتلوى بخجل وتلعثم في كلامه وهو يقول:
- تعلمين جيدا، أيتها الشجرة، أن الحر شديد، لذا، أريد… حوضا من الماء المنعش. فالماء المنعش يمنح شعورا بالراحة.
وبدوره أخذ خالد يعد الشجرة بأنه سيصنع أحذية جميلة لأغصانها لقاء حصوله على نخلة أحلامه.
انتظر الجميع إلا أن الشجرة لم تحرك ساكنا ولم تنبس بكلمة واحدة.
اختفاء الأمنيات وكشف ليلى لسر الشجرة
كما أنه لم تأت أي علامة من السماء الزرقاء الحارقة، ولا حتى من الرمل الذهبي. فعاد أهالي البلدة أخيرا إلى منازلهم. وفيما كانوا في طريقهم، أخذوا يسرعون في مشيهم ويقول كل واحد منهم في نفسه أنه قد يتفاجأ بوجود الفراشات أو الحصان الأصيل أو الحوض أو النخلة أمام منزله.
لكنهم عندما وصلوا… لم يجدوا شيئا!
في تلك الليلة، استيقظت ليلى على صوت هاتف يهمس لها قائلا:
- ليلى، ماذا تريدين يا ليلى؟ أنا شجرة الصحراء، الشجرة السحرية، وسأحقق لك أمنيتك.
شعرت ليلى بأوراق الشجرة الناعمة تلامس وجهها وتداعب وجنتها كأنها خصل من شعر الملائكة. فارتسمت في الظلمة ابتسامة على وجهها وقالت في نفسها:
- لم أكن أعلم أنه يمكن لشجرة أن تكون بمثل هذه النعومة واللطف؛ ولكني أشكرك فعلا، فأنا لست بحاجة إلى أي شيء.
وعادت ليلى إلى النوم حتى حلول الصباح.
لم يهدأ الليل من تأجيج غضب أهالي البلدة. فقال حسن:
- ليست هذه الشجرة سحرية على الإطلاق. إنها شجرة لا نفع منها!
فصرخت ليلى:
- على العكس! إنها سحرية! فقد أتت أوراقها إلي في الليل وسمعت صوتها. وقد سألتني عما أريد.
فاستغرب أهالي البلدة قول ليلى وسألوها:
- ماذا؟ أتقولين إن الشجرة سألتك عما تريدين؟ وبماذا أجبتها؟
فشرحت ليلى قائلة:
- أجبتها بالحقيقة. قلت لها إنني لست بحاجة إلى أي شيء.
إجبار ليلى والتحاقها بالشجرة
أثارت الفتاة الصغيرة حفيظة الأهالي، فصرخت عائشة:
- أيتها الحمقاء البائسة أيتها الغبية كان بإمكانك أن تطلبي منها فراشاتي!
وأردف طارق:
- أو حصاني الأصيل!
وأضاف حسن بغضب:
- أيتها الشمطاء البائسة. لماذا لم تفكري بطلب حوضي المليء بالماء؟
وأمسك خالد ليلى بقبضتيه وقال:
- سوف تأتين معنا وتطلبين من الشجرة كل ما نريده. هيا بنا!
حاولت ليلى أن تقاومه. وتدخل العجوز إبراهيم لمنعهم، لكن جميع أهالي البلدة تصدوا له، وأخذوا يشدون ليلى بذراعيها ورجليها وشعرها وأذنيها، واقتادوها بالقوة إلى الصحراء.
ولم يستطع العجوز إبراهيم أن يمنعهم، فأخذ يجري وراءهم.
ألقى أهالي القرية ليلى على الأرض عند كعب الشجرة. وعلى الفور بدأت أوراق الشجرة تداعب وجنة الفتاة الصغيرة.
ثم سألتها الشجرة بصوت خافت:
- ماذا تريدين أيتها الفتاة الصغيرة؟
فأجابتها ليلى وهي ترتجف:
- أرجوك أن تحميني من أهالي القرية.
وسرعان ما انحنت الشجرة وحملت ليلى بين أغصانها… ثم ابتلعتها داخل الفجوة التي تشبه الفم في وسط جذعها.
اشتد غضب الأهالي كثيرا وقالوا:
- كلا. لن تفلت هذه الشجرة منا بهذه السهولة! فإذا كانت سحرية حقا، فسوف ينتهي بها الأمر بإطاعتنا، وإلا فسوف نقتلعها من مكانها!
وراحوا يضربون الشجرة بأيديهم وأقدامهم.
عندما وصل إبراهيم إلى المكان وقد أنهكه التعب، أخذ يتوسل إليهم قائلا:
- دعوا هذه الشجرة وشأنها.
لكن أهالي البلدة لم يصغوا إليه، وظلوا يهزون الشجرة بكل ما أوتوا من قوة وهم يوجهون لها الأوامر:
- أريد فراشاتي!
- أريد حصاني الأصيل!
- أريد حوضي!
- أريد نخلتي!
رد فعل الشجرة على عنف الأهالي
فجأة، بدأت أغصان الشجرة تهتز قليلا، ثم بشكل أقوى حتى اشتد الاهتزاز بشكل مرعب؛ وما لبثت أن خرجت منها فراشة، ثم اثنتان، فالعشرات، والمئات، وانقضت جميعها على عائشة.
بعد ذلك، أخذت الشجرة تهدر قليلا، ثم بشكل أقوى حتى اشتد الهدير بشكل مرعب؛ وما لبثت أن انطلق منها حصان أصيل، ثم اثنان فالعشرات، والمئات، وانقضوا جميعهم على حسن.
فما كان من الأهالي إلا أن لاذوا بالفرار بأسرع ما يمكنهم، وعادوا إلى البلدة لكي يحتموا في منازلهم.
إلا أن التربة أصبحت رطبة تحت أقدامهم؛ وأخذت المياه التي تمناها طارق تنبع من بين الرمال. وتحول النبع إلى جدول، والجدول إلى سيل، وتحول السيل إلى نهر. ثم اقتلع النهر نخلة، ثم اثنتين، ثم العشرات والمئات من النخل، حتى بات الأهالي في خطر شديد.
عودة ليلى وأمنيتها لإنقاذ أهل القرية
بقي إبراهيم مستندا إلى جذع الشجرة. وعندما أخرجت ليلى رأسها، أخذها بين ذراعيه.
لم يكن هناك من شيء تخشى ليلى أن يصيبها أو يصيب إبراهيم. إلا أن الدموع سالت من عينيها عندما شعرت بأن أهالي البلدة كانوا في خطر.
وفجأة، سألتها الشجرة:
- ماذا تريدين يا صغيرتي؟
فأجابت ليلى:
- أرجوك أن تنقذيهم! فهم ليسوا سيئين إلى هذا الحد. كل ما في الأمر أن الشمس تسطع بقوة هنا، والماء قليل. وهذه البلدة ليست سوى قرية فقيرة وجافة.
ثم أطلقت ليلى تنهيدة كبيرة. فسألتها الشجرة مجددا:
- إذا، ماذا تريدين، يا صغيرتي؟
فأجابت ليلى:
- أريد أن تعطي أهالي البلدة ما يريدونه، وستكتشفين أنهم ليسوا سيئين إلى هذا الحد.
وعلى الفور، اختفى الماء تحت الرمل، لكن ليس كله. وعلى الفور، انتشرت الأحصنة في الصحراء، لكن ليس كلها. وكذلك سريعاً، تحول النخيل إلى رمل، لكن ليس كله. كما توارت الفراشات في الفضاء الأزرق، لكن ليس كلها.
تحول القرية وفرحة الأهالي بعودة الأميرة
عندئذ، ارتمت ليلى على جذع الشجرة وفتحت ذراعيها وعانقتها. فما لبثت الشجرة أن سألتها:
- ما الذي تريدينه إذا يا صغيرتي؟
- لا أريد أي شيء، أي شيء على الإطلاق. أريد فقط أن أشكرك على هذا القدر الكبير من الفرح والبهجة!
بقيت ليلى تضم الشجرة إلى صدرها وقتا طويلا، كما لو أنها تدرك ما الذي ينتظر.
عندما عاد الأهالي إلى بيوتهم، لم يتعرفوا إلى بلدتهم! فقد تحولت بلدتهم إلى روضة غناء. شعر حسن وطارق وعائشة وخالد بأنهم عاجزون عن الكلام، لا يقومون بأي حركة، كما لو أنهم أمام أعجوبة.
وهكذا، فعندما هب النسيم الخفيف الذي يشبه نسيم الصحراء، أخذت الشجرة تداعبهم بأوراقها التي تشبه شعر الملائكة، وقالت لهم:
- لقد حققت أمنيات ليلى. فهي التي أرادت إنقاذكم. وهي التي أرادت أن تحصلوا على كل رغباتكم.
كان الليل قد أرخى سدوله عندما عاد إبراهيم وليلى بهدوء إلى القرية. فاستقبلهم الأهالي بصيحات الضحك ودموع الفرح.
لم تكن ليلى سوى فتاة صغيرة، ولكنها أصبحت عزيزة على الجميع مثل الماء والضوء. فقد حولت قلوبهم القاسية إلى قلوب مفعمة بالحب والحنان. وراح الجميع يهتفون لها وينادونها بـ”الأميرة”.
في اللحظة التي أدرك فيها إبراهيم أن أمنيته السرية قد تحققت، أخذت إحدى النجوم ترتفع في السماء. وأخذ ضوؤها يعمر أكثر الليالي صفاء التي شهدتها مداخل الصحراء: ليلة تعلو سماؤها الصافية واحة خضراء تشبه الجنة.
فيما كانت إحدى الشجرات تبتسم في البعيد…
شارك برأيك
ما أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!