قصة الرابح الكبير
ملخص قصة الرابح الكبير
في مدينة بعيدة، عاش رجلان تعيسان حاصرهما الفقر وسوء الحظ. قررا الرحيل إلى مدينة “خزنة” المشهورة بواليها العطوف، أملاً في الحصول على مساعدة. وفي طريقهما، التقيا برجل ثالث مبتسم، يعتمد على الله وحده، وكان يسعى للرزق بعمله كحائك. اتفق الثلاثة على متابعة الرحلة معاً.
عندما وصلوا إلى “خزنة”، باتوا في بناء مهدم لعدم توفر مكان آخر. وفي الليل، خرج الوالي متنكرًا بين الناس ليتعرف على أحوالهم، وصادف الرجال الثلاثة. استمع إلى مشكلاتهم؛ الأول طلب عشرة آلاف دينار ليعود إلى بلده، والثاني أراد نفس المبلغ ليتزوج ويرعى أولاده. أما الرجل الثالث، فقال إنه لا يحتاج شيئًا إلا رحمة الله.
أعجب الوالي بالرجل الثالث، لكنه شعر بالإهانة من قوله إنه لا يحتاج إلى أحد. في اليوم التالي، أرسل الوالي جنوده ليعتقلوا هذا الرجل، لكن خطأهم جعلهم يعتقلون الرجلين الآخرين. في النهاية، قُبض على الرجل الصحيح، لكنه ظل متمسكًا بإيمانه بأن من يعتمد على الله لن يخسر.
أمام الوالي، طلب الرجل الثالث أن يُطلق سراح رفيقيه وتُعاد لهما الأموال التي منحها الوالي. تأثر الوالي بكلمات الرجل، وقرر تلبية رغباته. أعاد الأموال للرجلين، وأمر للرجل الثاني بالزواج من سيدة فاضلة.
وأخيراً، طلب الوالي من الرجل الثالث أن يأتي إلى قصره يوميًا ليقضيا الوقت معًا في التأمل والتعبد. تعلم الوالي درسًا عن الإيمان الحقيقي والاعتماد على الله، بينما حصل الجميع على ما تمنوه.
قصة الرابح الكبير مكتوبة
عاش في مدينة رجلان تعيسان، كانا إذا عملا لتحسين مستوى معيشتهما تتدهور أحوالهما، فضاقت بهما الحياة. اقترح أحدهما على رفيقه أن يغادرا المدينة إلى بلد آخر للبحث عن رزقهما، فوافق الثاني دون تردد.
بدأ الاثنان في استعراض البلدان التي يمكنهما التوجه إليها. قال الأول: “لنذهب إلى “خزنة“، فواليها قد اشتهر بالعطف والحنان على الناس.”
بناءً على ذلك، انطلق الرجلان التعيسان إلى خزنة، وفي طريقهما التقيا برجل ثالث لا تفارق الابتسامة وجهه. بادرهما بالتحية وسألهما إلى أين يتجهان وما الغاية من رحلتهما.
أجابه الأول: “إنها قصة طويلة، تبدأ بنحس رافقنا منذ أن وعينا الحياة وما زال يلازمنا حتى الآن. وقد سمعنا أن والي خزنة محسن ويساعد المحتاجين، فجئنا إليه لكي يساعدنا.”
قال لهما الرجل مبتسمًا: “ليوفقكما الله في مسعاكما.” ثم التفت إليه أحد الرجلين وسأله: “سألتنا فأخبرناك، والآن أخبرنا أنت عن هدف زيارتك ومن أنت؟”
أجاب: “أنا أطلب رزقي بطرق شريفة. أنا صاحب مهنة، ومهنتي الحياكة، إلا أن أعمالي قد تأخرت في بلدي، فجئت لأرى ما يمكنني أن أفعله هنا.”
لقاء مع الحائك
سأله الرجلان: “ألن تطلب شيئًا من والي خزنة؟”
رد عليهما قائلاً: “أنا لا أطلب شيئًا من أحد. هناك آلاف الناس حول الوالي، وكل واحد ينتظر أن يمده بالمال. أما أنا فأبحث عن طريقة أبدأ بها مهنتي لأوفر بعض المال لعائلتي.”
تابع الثلاثة طريقهم إلى المدينة، وحين وصلوا إلى خزنة بحثوا عن مكان يبيتون فيه، فلم يجدوا غير بناء مهدم فآووا إليه. ظل الثلاثة يلوذون بهذا المأوى ريثما يجدون حلاً لمشكلاتهم.
في إحدى الليالي، بينما كان الرجال الثلاثة جالسين معًا في البيت المهدم يتحدثون عما واجهوه في يومهم، خرج والي المدينة مع مرافقين له متنكرين كي لا يتعرف عليهم الناس. وصلوا إلى المكان الذي كان الرجال الثلاثة يجلسون فيه.
حديث مع الوالي المتنكر
سألهم الوالي المتنكر عن سبب مجيئهم إلى المدينة. فأجابه أحدهم: “لقد لازمنا الفقر وسوء الحظ وقادنا القدر إلى هنا. نأمل أن نتخلص من هذه المحنة.”
سأل الوالي: “وما هي رغباتكما؟ وماذا تريدان؟”
قال أحد الصديقين التعيسين: “رغباتنا ليست كثيرة، ولكن ما الفائدة من ذكرها؟ هل يمكن لأحد أن يساعدنا في تحقيقها؟”
علق الوالي المتنكر قائلاً: “من واجب الإنسان أن يساعد أخاه الإنسان. أذكرا لي ما تريدان، فربما كان بوسعي أن أخدمكما أو أساعدكما.”
عرض الرغبات
بدأ الرجل الأول يحكي قصته قائلاً: “كنت غنياً، فأدار لي الحظ ظهره، وأصبحت فقيراً. تركت بلدي ورحت أبحث عن رزقي، ولو كان معي عشرة آلاف دينار لرفعت رأسي عالياً وعدت إلى بلدي مرتاح البال.”
ثم أبدى الرجل الثاني رغبته، وكانت مشابهة لرغبة رفيقه. فقد قال: “أريد عشرة آلاف دينار لأن زوجتي ماتت وتركت لي أطفالاً يتامى، وأرغب في الزواج مجدداً لأحضر لهم أماً ترعاهم.”
عندما انتهى الرجلان من عرض مشاكلهما، قالا: “هذه هي مطالبنا ورغباتنا. إن تحققت، عدنا إلى بلدنا شاكرين وعادت إلينا سعادتنا. نأمل أن نتمكن من مقابلة مولانا الوالي لنطرح عليه تمنياتنا هذه.”
الحديث مع الرجل الثالث
التفت الوالي المتنكر إلى الرجل الثالث الذي لم تفارق الابتسامة وجهه، وقال: “وأنت، ما رغبتك؟”
أجاب الرجل: “أنا لا أطلب من أحد إلا الله. لا أريد ذهباً ولا شيئاً غير رحمة ربي. إن كل رغباتنا معروفة لدى الله سبحانه وتعالى، وهو يمنحنا ما نستحق. وكل ما أطلبه منك يا سيدي، هو إذا أعطاك الله ما تريد وحقق رغباتك، أن تصلي له من أجلي ليبقيني في طريق الصواب، حتى لا أقوم بأي عمل ضد إرادة الله.”
سأله الوالي: “وماذا تطلب من الوالي؟”
فكر الرجل قليلاً، ثم قال: “الوالي؟ لا أطلب منه شيئاً. كل ما أطلبه هو أن يهديه الله إلى سواء السبيل.”
سأله الوالي مجدداً بإلحاح: “ألا تحتاج من الوالي شيئاً؟”
أجاب الرجل باقتضاب: “من يعتمد على الله يا سيدي، لا يحتاج إلى أحد.”
لقاء الوالي
غادر الوالي مع مرافقيه دون أن يدع الرجال الثلاثة يعرفون من هو، لكنه خرج غاضباً وهو يفكر في هذا الرجل الذي يعتمد على الله ولا يحتاج إلى أحد. تساءل في نفسه: “أيجرؤ رجل في هذه المدينة أن يقول إنه لا يحتاج إلى أحد؟”
وقرر الوالي أن يلقن هذا الرجل درساً لن ينساه. وفي اليوم التالي، أرسل رجالاً ليقتادوا الثلاثة إلى قصره. وعندما شاهدوا الوالي، ارتبكوا، حيث اعتقد الرجلان اليائسان أن الوالي قد أحضرهما ليقتص منهما. لكنه طلب من كل واحد من الرجال الثلاثة أن يتقدم ويكرر رغباته كما ذكرها في الليلة السابقة.
تحقيق الرغبات
عندما أبدى الرجلان اليائسان رغباتهما، جاء الدور للرجل الثالث الذي لا يتكل إلا على الله. طلب منه الوالي أن يقول ما يريد، فأجاب: “طلب المساعدة من غير الله صعب ومرير على النفوس الأبية. لقد منحك الله الصحة، وهي نعمة عظيمة. أما المال، فهو وسيلة للحياة، بعض الناس يسيء استعمالها، والبعض الآخر يحسنها. أما أنا، فلا أريد غير نعمة الله، فقد منحني القدرة على السعي لكسب الرزق، وأنا لست محتاجاً لطلب المساعدة من أحد غيره عز وجل.”
استاء الوالي من كلام هذا الرجل العنيد، وراح يفكر كيف يجرؤ على التصريح بمثل هذا الكلام أمامه. قرر في النهاية أن يتصرف على الفور. فأعطى الرجل الأول عشرة آلاف دينار، وأعطى الرجل الثاني خمسة آلاف دينار، وأمر له بالزواج من سيدة فاضلة لتهتم بأولاده. أما الرجل الثالث، فأمره بالعودة خالي الوفاض مع رفيقيه بأسرع وقت.
الخروج من المدينة
خرج الثلاثة من المدينة معاً. كان الرجل الأول يحمل كيساً به عشرة آلاف دينار ويصعب حمله، والثاني يحمل كيساً بخمسة آلاف دينار وتسير بجانبه عروسه، أما الرجل الثالث الذي يعتمد على الله، فكان يسير بينهم دون أن يحمل شيئاً.
بداية الانتقام
تأكد الوالي من أن الثلاثة قد رحلوا، فأرسل بعض رجاله قائلاً: “ذاك الرجل الثالث قد أهانني وأحقرني، وسأنتقم منه. أحضروه لي حالاً، إنه الرجل الذي لا يحمل شيئاً.”
في هذه الأثناء، شعر الرجل الذي يحمل كيس العشرة آلاف دينار بالتعب من ثقل ما يحمله. فطلب من الرجل المعتمد على الله أن يحمل عنه الكيس ليستريح قليلاً. فحمل الرجل الطيب الكيس، وفي نفس الوقت وصل جند الوالي واعتقلوا الرجل الذي كان يحمل الكيس، ظانين أنه الشخص الذي لا يحمل شيئاً، واقتادوه إلى الوالي.
عندما رأى الوالي أن رجاله قد أخطأوا في الرجل، ثار غضباً وقال لهم: “اذهبوا حالاً وأتوني بالرجل الذي لا يحمل شيئاً بيديه.”
تبادل الأحمال والخطأ الثاني
في تلك الأثناء، كان الرجل الذي يحمل كيس الخمسة آلاف دينار قد تعب هو الآخر من حمله. فطلب من الرجل الطيب أن يحمل له الكيس ليرتاح قليلاً. فحمل الرجل الطيب الكيسين معاً دون أن يشكو أو يتذمر، بينما مشى الرجل الآخر قرب عروسه دون أن يحمل شيئاً.
وفي تلك اللحظة، وصل رجال الوالي مرة أخرى وألقوا القبض على الرجل الذي لا يحمل شيئاً، واقتادوه إلى الوالي.
وعندما رآه الوالي، ازداد غضبه وأمر بإحضار الرجل الثالث فوراً. وعندما وصل الرجل الأخير، قال: “أمر مولاي الوالي.”
مواجهة الوالي
سأل الوالي: “كيف نجوت مع أنني أوفدت من يعتقلك مرتين؟”
أجاب الرجل: “لست أدري يا مولاي إن كنت قد أوفدت لاعتقالي أم لا، ولكن الذي نجاني هو من أعتمد عليه يا مولاي. إن من يعتمد على الله لا يخسر، بل هو الرابح دائماً.”
عندها طلب الوالي من الرجل أن يطلب منه رغبتين، فقال الرجل: “إن أصررت يا مولاي، فإنني أطلب أولاً أن يُطلق سراح الرجلين وتُعاد لهما المنح التي أعطيتهما إياها. وثانياً، أن تسمح لي بالبقاء هنا لأباشر عملي عندكم كخياط.”
خاتمة القصة
عندها تكلم الوالي وقال: “تحققت رغباتك أيها المعتمد على الله. أما أنا فلي عندك رغبتان: الأولى أن تنسى كل إساءة أصابتك بسببي، والرغبة الثانية هي أن تأتي إلى قصري كل يوم لنقضي أوقاتنا في التأمل والتعبد.”
معرض الصور (قصة الرابح الكبير)
لا تنسي فك الضغط عن الملف للحصول علي الصور
استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟
– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث