قصة أندرو كلاس والأسد

جدول المحتويات

كان هناك عبدٌ يدعى أندرو كلاس، يعيش في روما القديمة تحت ظلم سيد قاسٍ لا يرحم. كان سيده يعذبه باستمرار، حتى وصل الأمر إلى ضربه بالسوط وتركه يعاني من الجوع والبرد. لم يكن أندرو كلاس يجد من يحنو عليه أو يساعده، فكان الألم رفيقه الدائم.

في لحظة يأس، قرر أندرو كلاس أن يهرب رغم علمه بأن الهاربين يُحكم عليهم بالإعدام بطرق وحشية. هرب في إحدى الليالي المظلمة، وسار بلا هدف حتى وصل إلى غابة مظلمة. هناك، وجد كهفًا ضيقًا، فقرر أن يختبئ فيه. كان يشعر بالخوف، ولكنه أيضًا تذوق لأول مرة طعم الحرية، حتى لو كان ذلك لليلة واحدة.

استيقظ أندرو كلاس في اليوم التالي على صوت زئير مخيف. وعندما نظر إلى فوهة الكهف، رأى أسدًا ضخمًا يقف عند الباب. ارتعد أندرو خوفًا، لكن الغريب أن الأسد لم يكن يريد إيذاءه. اقترب الأسد منه وهو يعرج على قدمه الأمامية، واكتشف أندرو أن مخلب الأسد كان مصابًا بشوكة كبيرة تسبب له ألمًا شديدًا. بشجاعة وحنان، قام أندرو بإزالة الشوكة من قدم الأسد، ليشعر الأسد بالراحة الكبيرة. منذ تلك اللحظة، أصبح الأسد صديقًا وفيًا لأندرو، يحميه ويجلب له الطعام.

مرت الأيام وأصبح الاثنان يعيشان في انسجام، لكن ذات يوم اختفى الأسد. خرج أندرو كلاس للبحث عنه، لكنه وقع في أيدي الجنود الرومانيين الذين قبضوا عليه وحكموا عليه بالإعدام.

عندما أُدخل إلى الساحة لتفترسه الأسود، حدثت مفاجأة غير متوقعة. انطلق الأسد نحو أندرو بسرعة، لكن بدلاً من افتراسه، تعرف عليه وبدأ يلعق يديه بمحبة. كان هذا هو الأسد الذي أنقذه أندرو! اندهش الجميع وصرخوا مطالبين بمنح أندرو الحرية.

وهكذا عاش أندرو كلاس حرًا، ومعه صديقه الأسد، ليكونا مثالًا رائعًا على الوفاء والاعتراف بالجميل.

قصة أندرو كلاس والأسد مكتوبة

هذه القصة من أشهر القصص الرومانية، وقد عالجها أكثر من مؤلف قصصي، كان منهم الفيلسوف الإيرلندي الراحل جورج برنارد شو، كما أنها أُخرجت في أكثر من فيلم سينمائي. تهدف القصة في مغزاها إلى توضيح أن الحيوان قد يكون أكثر اعترافًا بالجميل من الإنسان الأناني. وتثبت أن العمل الطيب له جزاؤه الطيب مهما طال الزمن، إذ تؤكد غالبية المؤلفين أن هذه القصة واقعية حدثت فعلاً، وليست مجرد خيال.

كان الرق في الإمبراطورية الرومانية أمرًا عاديًا لا يستنكره الرومانيون. الرق هو تحويل أسرى الحروب إلى عبيد يباعون في الأسواق كما تباع الماشية. وكان الرجل الروماني إذا اشترى عبدًا، أصبح مالكًا له يتصرف فيه كما يشاء، فإذا ضربه ضربًا مبرحًا أو قتله، لا يُسأل عن ذلك، فالعبد لم يكن يختلف عن الحيوان في شيء.

معاناة أندرو كلاس

كان في مدينة روما عبدٌ اسمه أندرو كلاس، شاء سوء حظه أن يشتريه رجل روماني بالغ القسوة. كان هذا الرجل يجلده بالسوط لأتفه الأسباب، ويقيّد يديه وقدميه بالحبال، ويتركه عاريًا في زمهرير البرد دون طعام أو شراب. وإذا تأوه أندرو كلاس من شدة ما يعانيه من آلام، وضع الروماني سيخًا من الحديد في النار حتى احمرّ، ثم يكوي به جسد أندرو كلاس غير مكترثٍ لصيحات المسكين أو توسلاته واستعطافه.

تحمل أندرو كلاس الكثير من الآلام وكان يفكر في الهرب، لكنه كان يعرف المصير الرهيب الذي ينتظره إذا قُبض عليه، إذ كان العبيد الهاربون يُحكم عليهم بالإعدام. وكان هذا الإعدام يتم بطريقة وحشية، حيث يُحضر العبد إلى ساحة متسعة تحيط بها مقاعد مرتفعة تتسع لمئات من الرومانيين، ثم يفتح باب جانبي ليخرج منه أسد جائع. فيندفع الأسد نحو العبد المسكين ليفترسه، بينما يستمتع الرومانيون بمشهد الفتك الوحشي.

قرار الهروب

كان أندرو كلاس كلما فكر في الهرب، يتذكر ذلك المصير المفجع فيعدل عن الفكرة ويستسلم للعذاب. لكن عندما اشتد به العذاب، قرر أن الموت أفضل من حياة الذل، فقرر الهروب من بيت سيده. وفي إحدى الليالي، نجح أندرو كلاس في الفرار. سار في شوارع روما خائفًا، يتلفت يمينًا ويسارًا خشية أن يلمحه أحد. ولكنه كان يتساءل: أين يذهب؟

ظل هائمًا على وجهه طوال الليل، شعر بالجوع والعطش، لكنه تناسى جوعه وعطشه لأن الحرية كانت أثمن بالنسبة له من الطعام والشراب. انتهى به السير إلى أطراف روما، ووجد نفسه على مشارف غابة كثيفة قريبة من المدينة.

الغابة والخطر

كان منظر الغابة في الليل موحشًا ومرعبًا، وسمع أندرو كلاس عواء الذئاب وزئير الأسود المفترسة. لكنه لم يفكر في العودة إلى روما، فقد كان يقول لنفسه: “خير لي أن أعيش بضع ساعات حرًا ثم أموت، من أن أعيش سنوات طويلة عبدًا أذوق فيها العذاب والمذلة.”

اتجه نحو الغابة بخطوات ثابتة، وكان القمر بدراً، لكنه كان محجوبًا بالسحب الداكنة. بدأ أندرو كلاس يتحسس طريقه بين الأشجار بحثًا عن كهف أو مغارة ليأوي إليها خوفًا من أن يصبح فريسة سهلة لأي وحش.

أخيرًا، بعد أن أضاء القمر الغابة عبر فرجة من السحب، رأى من بعيد بقعة صخرية تتخللها فتحات داكنة اللون، فأسرع نحوها. اكتشف أن تلك الفتحات كانت كهوفًا، فدخل أحدها.

لقاء أندرو كلاس مع الأسد

كان الكهف ضيقًا، ولكنه بدا في عيني أندرو كلاس أكثر رحابة من قصر سيده القاسي. ما إن دخل الكهف حتى شعر براحة عميقة، فتنهد بارتياح وشعر بتخاذل عضلاته وحاجته الكبيرة إلى النوم بعد المجهود الشاق الذي بذله في هروبه. فكر في الخروج للبحث عن طعام أو ماء، لكنه كان أكثر احتياجًا للنوم والراحة.

أخيرًا، استلقى أندرو كلاس على الأرض وأغمض عينيه، قائلاً لنفسه: “هذه أول ليلة منذ استعبادي أنام فيها دون أن أخشى الاستيقاظ على ضربات السوط.” لم تمضِ لحظات حتى غرق في نوم عميق.

مرت ساعات الليل دون أن يشعر بطولها أو قصرها، فقد كان غارقًا في نوم هادئ لم يذق مثله منذ سنوات. وعندما استيقظ في الفجر، سمع صوتًا مزعجًا جعله يفتح عينيه بدهشة وخوف. تلفت حوله، وكانت فوهة الكهف مضيئة قليلًا بنور الفجر. وعندما نظر نحو الباب، تجمد الدم في عروقه وسرت في جسده قشعريرة شديدة؛ فقد رأى أسدًا ضخمًا يرفع رأسه الكبير ويكشر عن أنيابه، مطلقًا زئيرًا مخيفًا تردد صداه في الكهف.

مواجهة مع الموت

أيقن أندرو كلاس أن نهايته قد اقتربت، وأن الأسد سيفترسه بلا شك. حاول السيطرة على أعصابه المتوترة، وقال لنفسه إن الموت -مهما كانت وسيلته- أرحم بكثير من حياة العذاب التي كان يعيشها.

بعد لحظات من الترقب، دخل الأسد إلى الكهف، واستمر في زئيره المخيف. ولكن لاحظ أندرو كلاس أن الأسد كان يرفع قدمه اليسرى الأمامية عن الأرض ولا يستطيع وضعها عليها. أدرك أن الأسد يعاني من ألم شديد في تلك القدم، ومع ذلك لم يخف هذا من رعبه. عينا أندرو كلاس بقيتا متحجرتين على الأسد وهو يقترب، وكان يسمع دقات قلبه وكأنها دقات الطبول.

الرحمة المتبادلة

مع اقتراب الأسد من أندرو كلاس، وقف أمامه وأحس أندرو بأنفاس الأسد الحارة تلفح وجهه. في لحظات من الرهبة، حملق أندرو في وجه الأسد وكأنه يسأله: “لماذا لا تفترسني؟”. وفجأة، قدم الأسد رأسه نحو أندرو وبدأ يلعق جبهته بلسانه الخشن. بعد ذلك، رفع الأسد قدمه اليسرى، وعرضها أمام عيني أندرو كلاس.

نظر أندرو كلاس إلى مخالب الأسد ووجد أحدها ملوثًا بالدم. رأى شوكة كبيرة غائرة بين المخلب واللحم، وأدرك أنها السبب في ألم الأسد وزئيره. أشفق أندرو كلاس على الأسد، إذ لا يشعر بالمعذبين إلا من ذاق الألم من قبل. أمسك بطرف الشوكة وبدأ في معالجتها، بينما كان الأسد يحك رأسه في الكهف. وأخيرًا، نجح أندرو في استخراج الشوكة، فشعر الأسد بالراحة.

صداقة أندرو كلاس مع الأسد

بدأ الأسد يجري داخل الكهف في مرح وسعادة، وكأنه جرو صغير. وكان كلما مر بجوار أندرو كلاس أحنى رأسه ليلعق يديه أو جبهته بلسانه، وكأنه يشكره على المساعدة التي قدمها له. شعر أندرو كلاس بالراحة تدريجيًا، واختفى الخوف تمامًا بعدما تأكد أن الأسد لا يرغب في إيذائه.

أحب الأسد أندرو كلاس حبًا شديدًا، وكان يرقد بجواره ويحضر له لحوم الغزلان التي يصطادها. كما كان يرافقه عندما يخرج من الكهف بحثًا عن الثمار أو ليشرب من الجدول القريب.

أحس أندرو كلاس لأول مرة في حياته بمتعة الصداقة المخلصة، وتمنى لو يقضي بقية حياته مع هذا الأسد الوفي.

اختفاء الأسد والقبض على أندرو كلاس

في أحد الأيام، شعر أندرو كلاس بوحشة غريبة عندما انتظر حضور الأسد إلى الكهف، لكنه لم يحضر. مرت عدة أيام دون أن يظهر الأسد، مما زاد من قلق أندرو كلاس وتساؤله حول مصير صديقه.

خرج أندرو كلاس من الكهف للبحث عن الأسد في أنحاء الغابة. وبينما كان يتجول، لمحته مجموعة من الجنود الرومانيين، وتعرفوا عليه على الفور باعتباره عبدًا هاربًا. طاردوه حتى تمكنوا من القبض عليه.

وصدر الحكم عليه بالإعدام.

مواجهة الموت مرة أخرى

في يوم تنفيذ الحكم، احتشد الجمهور لمشاهدة أندرو كلاس وهو يلقى حتفه بعدما يفترسه الأسد الجائع. كان الرومان قد اعتادوا على حبس الأسد لفترة وتجويعه، ثم إطلاقه على العبد المحكوم عليه بالإعدام.

أدخلوا أندرو كلاس إلى الساحة، وفتحوا بابًا جانبيًا ليخرج منه الأسد الجائع. اندفع الأسد نحو أندرو كلاس، زائرًا بصوت مخيف، وتوقع الجميع أن ينقض الأسد عليه ويمزقه.

لكن المفاجأة كانت أن الأسد عندما اقترب من أندرو كلاس توقف عن الزئير، ووضع رأسه عند قدميه، وصار يبصبص بذيله كأنه كلب أليف، ثم رقد بجانبه بهدوء.

اعتراف الأسد بالجميل

عرف أندرو كلاس أن هذا الأسد هو صديقه الذي كان يؤنسه في الكهف. كان الجنود الرومانيون قد نصبوا فخًا للأسد واستخدموه لافتراس العبيد الهاربين.

ركع أندرو كلاس بجانب الأسد، واحتضن عنقه بذراعه. أصيب الجمهور بذهول شديد من هذا المشهد، وبدأوا يهتفون بأن أندرو كلاس يستحق الحرية. تعالت الأصوات تطالب بإطلاق سراحه، مشيرين إلى أن ما حدث هو إرادة السماء.

الحرية لأندرو كلاس

وهكذا تم الإفراج عن أندرو كلاس. وعندما هم بمغادرة الساحة، أبى الأسد أن يفارقه. سار الأسد بجانب أندرو كلاس في طرقات روما، والناس يندهشون مما يرونه.

انهالت الهبات المالية على أندرو كلاس، فاتخذ له مسكنًا على مشارف الغابة، وكان الأسد يرقد أمام منزله كل ليلة، يحرسه كأنه شريكه الوفي.

من من الناس يتذكر الجميل ولا ينساه كما فعل ذلك الأسد؟

معرض الصور (قصة أندرو كلاس والأسد)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

المصدر
قصة اندرو كلاس والأسد - حكايات وأساطير للأولاد - منشورات المكتب العالمي للطباعة والنشر - بيروت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى