قصة أمير في عش طائر

تدور أحداث قصة أمير في عش طائر عن أهمية شكر النعمة مهما كانت فلا أحد يعلم أين الخير في أسلوب قصة وحكاية تربوية من خلال الملك وابنه الأمير.
عناصر القصة (جدول المحتويات)

في بلاد الفرس القديمة، عاش البطل “سان” وزوجته اللذان تمنيا طويلاً أن يرزقهما الله بطفل. بعد سنوات من الدعاء، استجاب الله ورزقهما بولد جميل، لكن شعره كان أبيض كالثلج. خافت الأم من أن يصدم الأب، وظن الأب أن المولود بنت، فغضب بشدة وقرر التخلص من الطفل، فأمر خدمه بأخذه إلى الجبل وتركه هناك ليموت.

لكن الله برحمته أرسل طائراً عظيماً التقط الطفل وحمله إلى عشه في الجبل، حيث اعتنى به هو وزوجته الطائرة. نما الطفل بين الطيور، تعلم منها القوة والصحة، وأحب الطبيعة التي عاش فيها. عندما كبر الصبي، أدرك الطائر أنه سيحتاج يوماً ما للعيش بين البشر، فبدأ يعلمه لغة الناس ليستعد لهذا اليوم.

في هذه الأثناء، حلم “سان” أن ابنه لا يزال حياً. شعر بالندم الشديد وقرر البحث عنه. جمع الرجال وسافر إلى الجبال حيث عثر على الشاب الذي كان يعيش مع الطيور. احتضن الأب ابنه وطلب المغفرة من الله. عاد “سان” مع ابنه إلى القصر، واحتفلت العائلة بعودته.

أصبح الابن، الذي سمي “زال”، شاباً قوياً ونبيلاً، وتعلم الفروسية وأعمال البطولة. لم ينس الطيور التي ربته وظل يزورها دائماً. عاش “زال” سعيداً، محققاً أعمالاً عظيمة في حياته، وترك بصمة كبطل من أعظم أبطال الفرس.

قصة أمير في عش طائر مكتوبة

كان في بلاد الفرس القديمة – وهي إيران الحالية – بطل عظيم اسمه (سان) – تزوج، ومكث سنوات كثيرة. لم يولد له فيها ولد، فدعا الله أن يرزقه ابنا يدخل الحياة والسرور والفرح في بيته. وتمنت زوجته ما تمناه زوجها، وشاركته في دعائه صباحا ومساء.

مضت الأيام والسنون، وانقطع الأمل والرجاء في تحقيق رغبتهما التي تمنياها من الله. ولكن الله عظمت قدرته، أجاب دعاءهما في النهاية. وحقق ما تمناه (سان) وزوجته، ورزقهما ابناً جميل الصورة، ليس فيه إلا عيب واحد، هو أن شعره أبيض كشعر الرجل الكبير السن. فخافت الأم أن ترى الأب ابنه الذي كثيرا ما تمناه، ودعا أن يعطيه الله إياه.

حاول الأب أن يرى طفله الصغيرة ولكن الأم لم تسمح لزوجها برؤيته. وكلما طلب منها أن يراه، أجابته بقولها: أرجو أن تنتظر قليلا من الأيام.

فاعتقد زوجها أنه لا بد أن يكون في الأمر شيء، والزوجة تحاول أن تخفيه عنه. وقال لنفسه إن الطفل بنت، وليس بابن. وقد أخبرتني أنه ابن، وهي خائفة أن تذكر لي الحقيقة، أو تريني المولود.

ومن المؤلم أن الآباء من الفرس في الزمن القديم، كانوا لا يحبون ولادة البنات. ولا يهدون إليهن شيئا من الهدايا عند ولادتهن؛ لاعتقادهم أن البنت لا تستحق هدايا. وهذا تفكير كله خطأ؛ فقد تكون البنت خيرا من الابن، وهناك عظيمات من النساء في كل أمة من الأمم. والبنت لا تنقص عن الابن شيئا إذا أعطيت فرصة التربية والتهذيب والتعلم.

نكران النعمة

فكر (سان) في الأمر كثيرا، وأخذ يسأل نفسه: لماذا تمنعني زوجتي من رؤية المولود؟ واعتقد تمام الاعتقاد أنه قد ولد له بنت، ولم يولد له ابن. وأن هذا هو السبب في أن زوجته لم تسمح له برؤية الطفل الذي ولد. وهو لا يريد بنتاً، ولا يفكر في بنت. فرغبته لم تتحقق، ورجاؤه لم يجب. فغضب الأب، واشتد غضبه. وما كان يحسن أن يغضب، وكره الطفل الصغير كراهة شديدة؛ لأنه كان ينتظر أن يكون ابناً لا بنتاً. وكان من الواجب أن يشكر لله ما أعطاه، ويسجد له شاكرا، ولكنه نسى نعمة الله عليه، وإحسانه إليه.

وقد فكر الأب كثيرا في الأمر، وأخد يقول لنفسه: إنني في شدة الخجل، فقد ولدت لي بنت، ولم يولد لي ابن. ومن المحزن أن نقول إنه صمم في النهاية على إلا يعيش هذا المولود، وعزم على أن يتخلص منه بأي وسيلة. وهذه جريمة لا تغتفر.

وفي صباح يوم من الأيام أمر الأب ثلاثة من خدمه، أن يأخذوا المولود الجديد، ويحملوه بعيدا إلى الجبل. ويتركوه في مكان منقطع، لا يمر به أحد من الناس؛ حتى يموت من الجوع، أو يأكله حيوان من الحيوانات المتوحشة. وكان الأب في ذلك قاسيا، يريد أن يقتل نفسا بريئة من غير ذنب. وبكل أسف أطاع الخدم أمر سيدهم، وأخذوا الطفل المسكين، وذهبوا به إلى الجبل. ووضعوه في زاوية مهجورة بين الصخور في جانب الجبل، وهم متألمون كل الألم وتركوه وهم في حزن عليه. معتقدين أنه سيموت من الحر، أو البرد، أو الجوع، أو سيأكله حيوان من الحيوانات المفترسة. ورجعوا إلى قصر سيدهم الظالم.

الأب الطائر

ولكن الله عظمت رحمته، أراد أن يحفظه بعنايته، ويحرسه بقدرته، فأرسل إليه طائرا من الطيور القوية الكبيرة. وكان الطائر يطير فوق المكان الذي ترك فيه الطفل الوحيد، فسمع الطفل يبكي. ورآه مرميا بين الصخور، وليس معه أحد، فتألم لحاله، وعطف عليه كما تعطف الأم على ابنها. ونزل والتقط الطفل بين مخلبيه، وحمله، وطار به، وأخذه إلى عشه بعيداً، فوق رأس الجبل. ووضعه بكل رفق وعناية بين طيوره، وفرحت به زوجته الطائرة، وأخذت تطعمه مع صغارها. وتعطيه من الطعام ضعف ما تعطى فراخها، وتسقيه ماء كما تسقيها، حتى نما الطفل الوليد، وكبر جسمه. واستطاع فيما بعد أن يزحف، ويقعد ويمشي كالطفل الصغير، بعناية هذا الطائر وزوجته، وعطفهما ورعايتهما. وإن من حفظه الله لا يستطيع أحد أن يمسه بسوء. ((فالله خير حافظا، وهو أرحم الراحمين))

كانت الطيور الصغيرة رفقاء لهذا الطفل في لعبه، يلعب معها، وتلعب معه. وأحبته الطيور حباً كثيراً كما تحب أخاً لها، وأحبها كما يحب الإنسان إخوته. وقد اعتادت الطيور أن تعطيه على الدوام ألذ ما عندها من الطعام. لهذا نما الطفل، بين أحضان الطبيعة، في جو صحي، يتمتع بالهواء الطلق، والشمس المشرقة الصافية، والمناظر الجميلة. فكبر جسمه، وصار غلاما طويلا، معتدل القامة كشجرة السروة، قوي البنية، سليم الجسم.

وكثيرا ما كان يترك مكان العش ويسير أحيانا في الغابة، ويمشي بعيداً فوق الجبل. فأحب الطبيعة وجمالها، وأحب الأشجار وطولها، والأزهار وأنواعها. وأحب الشمس وطلوعها، والسماء وصفاءها، والجبال ومناظرها، عرف هذه البيئة التي يعيش فيها معرفة جيدة. ولكنه لم يعرف شيئا عن الأنسان، وحياة الإنسان؛ فقد حرمه أبوه – بعد ولادته – أن يرى إنسانا صغيرا أو كبيرا. فلا عجب إذا لم يعرف عنه شيئا.

ربي الطائر الشفيق الطفل في الجبل تربية جسمية صحية، وعلم علم اليقين، أنه من النوع الإنساني الذي رآه كثيراً يعيش في بيوت فوق الأرض، وعرف الطائر أن الطفل لا يمكنه أن يغرد كما تعرد الطيور، أو يغنى كما تغنى.

غلام شاب

لهذا فكر الطائر في أنه سيأتي يوم يضطر فيه إلى الاختلاط بالناس، والمعيشة بينهم، والتحدث إليهم، والتكلم معهم، وفهم لغتهم، ورأى أن من الواجب أن يعلمه اللغة التي يحتاج إليها، حتى يتعلم الكلام، ويتكلم كما يتعلم يتكلم الأنسان ولكي يتمكن الطائر الذكي من تعليم الصبي الكلام، كان الطائر يطير كل يوم إلى الجهات التي يكثر فيها الناس، ويقف فوق شجرة بالقرب منهم؛ ليتعلم التكلم كما يتكلمون، ويعلم الصبي ما تعلمه من الكلام؛ كي يكون قادرا على التكلم حينما يدعى ليأخذ مكانه بين عالم الإنسان. وبهذه الوسيلة تعلم الغلام لغة الناس القريبين من الجبل. ولكن ماذا فعل (سان) أبو ذلك الغلام، في تلك السنوات الطويلة الماضية؟ لقد مرت الأعوام، وانقضت السنون، ولم يفكر الأب إلا قليلاً في الطفل الذي أرسله مع الخدم إلى الجبل ليموت هناك أي ميتة. ولم يحس أن القتل جريمة من أكبر الجرائم.

وما زال يعتقد أن الطفل بنت، وليس ابناً. ولم يخبر زوجته بما حدث منه للطفل. وقد كانت تظن أنه أرسله إلى مرضعة من المرضعات؛ لترضعه وتربيه حتى يكبر. ولم تعلم بأن ابنها ترك بين الصخور في الجبل إلا بعد مدة، فحزنت كل الحزن، وخافت أن تخبر زوجها أنه كان ابناً، وليس بنتاً، لئلا يغضب عليها أو يقتلها.

حلم غريب

تعلم الغلام الكلام، وصار شاباً من أحسن الشبان. وفي ليلة من الليالي حلم أبوه (سان) حلماً عجيبا، فقد رأى في حلمه فارساً يركب حصانا عربيا أصيلا، عبر الصحراء الحارة المحرقة، وأتى إليه ليقول له إن طفله لا يزال حيا، يعيش فوق الصور بين الجبال، وأنه كان ابناً، وليس بنتاً. وقد ربي تربية حسنة، وصار شابا من أقوى الشبان، جميلا، بل هو أجمل من أي شاب رآه على وجه الأرض.

استيقظ الأب في الصباح مضطربا، يفكر في هذا الحلم الغريب. وطلب من خدمه أن يحضروا له جميع الحكماء والعلماء من بلاد الفرس في الحال؛ ليقص عليهم هذا الحلم، ويستشيرهم في الأمر، فحضروا إليه، وذكر لهم ما رأى في حلمه، وأخذ يسألهم: هل يمكن أن يكون هذا الحلم حقيقة أيها الحكماء؟ وهل يمكن أن يتحقق؟ وهل من الممكن أن يعيش طفلي في الجبل بين الصخور، في برد الشتاء، وحر الصيف، وليس هناك إنسان يقوم بتغذيته، والعناية به، وتربيته؟ إني أعتقد أن هذا من المستحيل أيها العلماء.

جلس الحكماء والعلماء وحدهم في ناحية من الحجرة، وأخذوا يتكلمون ويتشاورون فيما بينهم، ويتناقشون في الأمر، واتفقوا على الإجابة، وتركوا لأكبرهم أن يجيب. فقال له كبيرهم: (سان)، أيها البطل، منذ سنوات مضت أرسل الله إليك نعمة عظيمة، وهدية نفيسة، هي ابن من الأبناء، تحقيقا لرغبنك، وإجابة لدعوتك، فأنكرت نعمة الله، ورفضت الهدية، ورميتها بعيدا، ولم تشكر الله على ما أعطاك. وارتكبت جريمة من أفظع الجرائم، لا يرتكبها أب في قلبه ذرة من الرحمة والعطف. واعلم أن من يحرسه الله لن يستطيع أحد أن يمسه بسوء، ولن يؤثر فيه حر ولا برد. استغفر الله، واطلب منه المغفرة، ثم اذهب وابحث بين الجبال، عن ابنك الذي أهداه الله إليك، فأمرت برميه بعيدا في الجبل؛ لتأكله الوحوش، أو يموت جوعا. اذهب وستجد ابنك في انتظارك هناك.

وجع وندم

أحس (سان) بما ارتكبه من ذنب، وندم على ما فعل، وطلب من الله المغفرة والرحمة، ودعاه أن يرد إليه ابنه وهديته. وجمع عددا كبيرا من الرجال، واستعد للسفر في الصحراء للبحث عن ابنه بين الصخور في الجبال. وقد مكث (سان) ومن معه من الرجال مسافرين مدة طويلة، وساروا أميالا كثيرة بالجمال في الصحراء، حيث لا أشجار يستظلون بظلها، ولا ماء يشربونه. وقاسوا كثيراً من آلام الجوع والعطش، وحرقتهم حرارة الشمس، حتى وصلت إلى عظامهم، وأخيرا وصلوا إلى الجبال، وأخذوا يسيرون فيها، ويبحثون هنا وهناك، بين الصخور المرتفعة، والطرق الملتوية، عن ذلك الابن الوحيد الطريد.

واستمروا مسافرين بالجمال حتى وصلوا إلى صخور وعرة صلبة من المحال أن تستطيع الجمال السير فوقها. فتركوا الجمال، مع أحد الرجال، وأخذوا يتسلقون الصخور، ويصعدون في مرتفعاتها الصخرية المنحدرة، حتى قربوا من الهلاك.

وفي النهاية رأوا على بعد صخرة كبيرة، مرتفعة كل الارتفاع، ترى كأنها رأس جبل، ويخيل للرائي أن الصخرة لشدة ارتفاعها قريبة من السماء. وفوق تلك الصخرة العالية فوق الجبل استطاع (سان) أن يرى عشا كبيراً، كأنه سرير معلق، قد صنع من عصي الأبنوس، وأخشاب الصندل. وقف (سان) – وهو قوي الملاحظة وقد عجب كل العجب، وأخذ يسأل نفسه: ما الطائر الذي يحتاج إلى عش كبير، حجمه كحجم السرير؟

وفي الوقت الذي كان ينظر فيه متعجبا من رؤية ذلك المنظر الغريب، رأى شابا من الشبان، طويل القامة، معتدل الجسم، يمشي حول هذا العش، أو السرير الكبير. فاعتقد أنه صنعه لنفسه لينام عليه، وأن السرير سريره.

لقاء منتظر

سأل الأب: هل يمكن أن يكون هذا الشاب ابني؟ وكيف أصل إليه؟ وأخذ يدعو الله ويقول: رب، إنك غفور رحيم. لقد أخطأت فيما ارتكبت من ذنب. أخطأت في الأمر برمي طفل صغير برئ بين الصخور، في الجبال، بلا رأفة ولا رحمة؛ ليقتل ظلما، أو يموت جوعا، وهو لم يرتكب ذنباً. في وقت كان يجب أن أشكر لك نعمتك التي أنعمت بها على، وأعتنى به، وأحافظ عليه، وأربيه، سواء أكان بنتاً أم ابناً. رب إني أذنبت، وندمت على ما فعلت، رب ارحمني، واغفر لي ذنبي، رب دلني على المكان الذي به ابني، رب ساعدني حتى أتمكن من الوصول إليه. فأنت وحدك القادر على كل شيء. وأنت وحدك الرحمن الرحيم.

استجاب الله دعاءه، وغفر له ذنبه، وأرسل إليه سحابة حملته، ورفعته إلى الصخرة التي يقيم فيها ابنه الشاب.

لاحظ الطائر وزوجته كل هذا، ورأيا (سان) بالقرب من عشهما، وعش الشاب. فذهبت الطائرة إلى الشاب، وهي حزينة كل الحزن، لفراقه بعد هذه العشرة الطويلة، وقالت له: “إن أباك قد أتى من أجلك. وقاسى كثيرا من التعب والعذاب حتى وصل إلينا. وأعتقد أن من الواجب أن أعطيه إياك. وإني آسفة كل الأسف، متألمة كل الألم لفراقك، أيها الابن العزيز”.

وداع وحياة جديدة

أسف الشاب كثيرا حينما سمع هذا الخبر؛ فقد كان سعيداً في حياته الطبيعية فوق الجبال، محبا لأسرة الطيور، مقدراً للطائرة التي ربته كما تربي الأم صغارها، وعنيت به كل العناية، وأشفقت عليه كل الشفقة، حتى صار شابا قويا، يمثل الرجولة والشجاعة، ويحب الاعتماد على نفسه. وأحبها كما يحب الإنسان أمه.

ثم أخذ يسألها: هل تضايقت مني يا أمي العزيزة؟ هل مللت وجودي هنا؟ هل تريدين أن تتخلصي من هذا الحمل، وهذه التبعة؟ إن عشى الذي تربيت فيه بين الصخور عزيز على، ويؤلمني أن أتركه، وأعيش بعيداً عنه. إنه بيتي الذي أواني وحماني، في وقت كنت فيه وحيداً، وليس هناك من يعولني. إن هذا العش كالوطن العزيز بالنسبة إلى، وأنى أحبه محبة الإنسان لوطنه، وهو عندي أحسن من أعظم قصر من قصور الأغنياء. إني لا أريد – يا أمي – أن أفارقك بعد هذه الحياة السعيدة الطويلة. إنني لا أريد أن أترك هذا المكان الذي قضيت فيه أيام طفولتي بين جمال الطبيعة، ومناظرها الساحرة.

فأجابته أمه من الطيور: يعز علينا أن تفارقنا لحظة واحدة؛ فقد صرت كابن من أبنائي. وما كنت أريد أن تتركنا. ولكن هكذا نظام الحياة. وقد قدر الله أن تعيش مع بني الإنسان من أهلك وأقاربك. وحينما ترى قصر أبيك، وتتنعم بما فيه من الخيرات، ووسائل الراحة سيكون هذا العش الصغير حقيراً في نظرك إذا وضعته يجانب القصر. وتأكد أنى أحمل لك من الحب ما أحمله لصغاري من الطيور. وأنى أنصح لك بالذهاب مع أبيك، وأثق بأنك ستذكرني، ولن تنساني طول حياتك. وتأكد أن قلبي حزين كل الحزن لفراقك، وبعدك عنا.

وحينما أتمت الطائرة نصيحها أخذته إلى أبيه، فنظر إليه أبوه (سان)، فرأه جميلا حقاً، يشبهه كل الشبه. وكل شيء فيه جميل، إلا أن شعره أبيض كالثلج، أو كشعر رجل كبير السن. قبله أبوه، وأخذ يبكي من شدة الفرح، للقاء ابنه بعد تلك السنوات الطويلة. وأحس الابن بميل قلبي إلى أبيه، فقبل يده، واقترب منه.

عودة الأمير

حمل الطائر (سان) فوق جناحيه، وحملت الطائرة ابنها الشاب فوق جناحيها، وطارا بهما من أعلى الجبل، واستمرا طائرين بهما؛ حتى أنزلاهما عند باب قصر (سان). وودع الطائران الأب وابنه، ثم رجعا إلى عشهما، فوق الجبل، وهما حزينان، لفراق ابنهما الشاب الذي تبنياه، وربياه بين الطيور.

سار الأب أمام ابنه، ودخلا القصر معا، وقابل الابن أمه، فقبلته وأخذت تبكي من شدة فرحها برؤيته، بعد غياب طويل، وفراق مؤلم، وقبل الشاب يد أمه، وأحس بحب كثير لها، وقد أحضر له أبوه أغلى الملابس ليلبسها، وفرحت الأسرة كلها برجوع ابن (سان) البطل الفارسي سليم الصحة، قوي الجسم. وشارك الأهل والأقارب والأصدقاء الأسرة في الفرح والسرور برجوع ابنها إليها.

وهنأ الجميع (سان) بابنه، وسمى الأب ابنه (زال) وأهدى إليه خيلاً أصيلة يركبها، وأعطاه ثروة مالية كبيرة، وبنى له قصرا خاصا به. وحاول أن يعوض عليه ما فقده وهو طفل، ويعوض العطف الذي حرمه في طفولته، ويكفر عن قسوته وخطيئته. وكثيرا ما خرج الأب مع ابنه، وكل منهما راكب حصانا عربيا للرياضة والتنزه في جهات مختلفة من البلاد.

أعجب الأب بابنه إعجابا كبيرا، وافتخر الابن بأبيه، وأحبه حبا كثيرا، وتعلم الابن الفروسية، وعرف بالمهارة والشجاعة والإقدام والنبل، وقد كان الأب (سان) بطلا مشهورا، وصار (زال) ابن أعظم من أبيه بطولة، وقام بكثير من الأعمال التي تدل على المروءة والعظمة؛ حتى عرف في جميع بلاد الفرس في القرن العاشر الميلادي بأنه أعظم بطل فارسي في عصره، ولم ينس (زال) مطلقا الطائر الذي رباه، والطائرة التي عنيت به، وطيورهما الصغيرة، طول حياته. وكثيراً ما ذهب لزيارة أسرة الطيور. وعاش (زال) سعيدا في حياته، عظيما في أعماله، نبيلا في تصرفاته.

معرض الصور (قصة أمير في عش طائر)

استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟

– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث

شارك برأيك

ما هو أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!

زر الذهاب إلى الأعلى