قصة أمير الألحان
ملخص قصة أمير الألحان
في بلدة صغيرة، عاش أمير الألحان، وهو موسيقي موهوب يعرف الكثير من الألحان الساحرة. في يوم من الأيام، طلب منه الحاكم أن يعزف له، لكن أمير الألحان طلب منه مبلغاً كبيراً مقابل ذلك، وهو ألف قطعة من الفضة. غضب الحاكم ورفض الطلب، قائلاً إنه لن يعطيه سوى خمسين قطعة. لكن أمير الألحان كان واثقاً من موهبته، وأجاب بخفة ظله: “كما تشاء.”
خرج أمير الألحان إلى الطريق، محمولاً بمزماره، وبدأ يعزف لحناً غريباً وفريداً. كانت النغمات بهيجة وضاحكة، وكأنها تحكي أجمل الحكايات. أذهلت الموسيقى الأطفال في البلدة، حيث تركوا ألعابهم ومدارسهم، وركضوا نحو الصوت الساحر. تجمع الأولاد حوله، تملؤهم البهجة والفضول، وشاهد الأهالي مشهد الفرح الذي عم أطفالهم.
بينما كان الأولاد يتبعون أمير الألحان، حاول بعضهم الاقتراب منه، لكن ولداً أعرج لم يستطع مواكبتهم. وبينما كانت الموسيقى تتعالى، استمرت الرحلة. وصل أمير الألحان إلى النهر، حيث عبر الجسر الخشبي، واطمأن الأهالي أنهم سيرون أطفالهم يعودون عندما يتعبون.
لكن الأطفال كانوا متمسكين بموسيقى أمير الألحان، وظلوا يتبعونه، حتى وصلوا إلى جدار صخري عالٍ. اعتقد الأهالي أن أمير الألحان لن يستطيع العبور، لكن فجأة انشق الجدار عن فتحة سرية. كان هناك نفق طويل وواسع، فدخل أمير الألحان والأطفال خلفه، ولا يزالون يرقصون بسعادة. ومع دخولهم، انغلقت فتحة النفق خلفهم، وكأنها لم تكن موجودة.
أما الولد الأعرج، فلم يستطع الدخول. عاد إلى بيته، حزيناً، ولم يستطع أن يفهم لماذا لم يتمكن من اللحاق برفاقه. أخبر الأهالي عن الموسيقى التي كانت تعدهم بمكان ساحر، وأنهم كانوا يتبعونها في فرح. ظل الأعرج يعود إلى نفس المكان الذي اختفى فيه أصدقاؤه، حيث كان صوت الموسيقى يأتيه أحياناً، لكنه لم يتمكن من العبور.
مع مرور الوقت، بدأت ضحكات الأطفال تختفي من البلدة، وأصبح المكان هادئاً. ظل الولد الأعرج يعيش في حزنه، لكنه كان يحن إلى العودة إلى تلك اللحظات السعيدة التي عاشها مع أصدقائه. الموسيقى التي كانت تبعث السعادة أصبحت ذكرى، وبدت كحلم بعيد.
في النهاية، عاشت البلدة في صمت، بينما ظل الولد الأعرج يتذكر مغامراته مع أمير الألحان. كانت الموسيقى تذكره بمكان ساحر، وبأيام مليئة بالفرح، لكنه أدرك أنه لن يعود إلى تلك الأوقات. وبذلك، تظل قصة أمير الألحان درسًا في قوة الموسيقى وأثرها العميق في قلوب الأطفال، حتى لو غابت ضحكاتهم.
قصة أمير الألحان مكتوبة
في قديم الزمان، وفي بلاد بعيدة جداً، كان سكان بلدة صغيرة يشكون من ضيق وقهر. وكانوا محقين في شكواهم، فقد غزت أعداد كبيرة من الجردان بلدتهم، واستقرت في حظائر مواشيهم، ودخلت بيوتهم وعششت في خزائنهم وفي مخازن مؤنهم. وكانت تزداد عدداً يوماً بعد يوم.
كانت جرذانا شرسة نهمة، تأكل حبوب القمح التي يخزنها الأهالي مؤونة للشتاء، وتأكل أقراص الجبنة، وتلتهم ثمار الفاكهة، وتشرب الحليب والعصير. سرعان ما وجد أهل البلدة أن ما بقي عندهم من طعام لم يعد يكفيهم. وكانت الحال تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
كان على الأم أن تحمي صغارها وتحرس الطفل في مهده. وكان عليها ألا تغفل عن وجبة الطعام أبداً. فلو أنها غفلت لحظة واحدة، لنقضت الجردان الشرسة النهمة والتهمت الطعام كله، من دون أن تترك للأسرة الجائعة شيئاً. لقد كانت الحال سيئة جداً.
وزاد الحال سوءاً أن الجردان كانت تطلق أصواتاً عالية حادة تضل بها البلدة كلها، ولم يكن الأهالي يجدون مفرّاً من تلك الأصوات العالية الحادة حتى ولا داخل فراشهم. كانوا نهاراً إذا تحدثوا يعجرون عن سماع ما يقولونه بعضهم لبعض، وكانوا ليلاً يحرمون طعم النوم.
لعلك تتساءل لم لم يطلق أهالي تلك البلدة التعيسة قططهم وكلابهم لمطاردة الجردان. لقد فعلوا ذلك. وكانت المعركة شرسة وعنيفة، لكنها انتهت بهزيمة القطط والكلاب وفرارها إلى الريف.
لم يعد الناس قادرين على الاحتمال، فتجمعوا وساروا إلى قصر الحاكم غاضبين. وعندما وصلوا القصر قرعوا بابه الخشبي العالي، وصاحوا يطلبون رؤية الحاكم.
أمير الألحان
أطل الحاكم على الناس، فرأى أنهم يهزون قبضات أيديهم غاضبين. وكانوا يصيحون: لم نعد نحتمل أن تشاركنا الجردان بيوتنا وطعامنا. عليك أن تجد حلاً لمشكلتنا، وإلا عزلناك ونصبنا علينا حاكماً سواك.
ثم استداروا ومشوا إلى بيوتهم يتمتمون غاضبين. رأى الحاكم أن عليه إما أن يجد حلاً لتلك المشكلة أو يجد وظيفة غير وظيفته. ولم يكن يريد أن يترك وظيفته، فقد كان يحسب نفسه أرفع مقاماً من أهل البلدة كلهم وأشد ذكاءً ودهاءً.
كان جشعاً خبيثاً، فأعلن أنه سيدفع ألف قطعة من الفضة لمن يخلص البلدة من الجردان. وكان ذلك شيئاً كثيراً في ذلك الزمان، وأكثر بكثير مما كان لدى الحاكم على كل حال.
أقبل المتخصصون في محاربة الجردان من كل مكان، وجربوا الوسائل التي يعرفونها كلها. رموا على الجردان الشباك، ونصبوا لها الفخاخ، ودسوا السم، وأشعلوا النار عند فتح مخابئها.
لكن وسائلهم كلها لم تنفع، وبدا أن الجردان تكثر يوماً بعد يوم، وأنها تزداد شراسة ونهماً. كانت تهر ذيلها وشواربها وتسرح في كل مكان وتمرح.
وفي أحد الأيام، وكان الحاكم قد أشرف على البأس، وصل البلدة رجل غريب. مشى الغريب في شوارع المدينة حتى وصل إلى قصر الحاكم. كان الغريب طويلاً نحيلاً، تلوح على وجهه ابتسامة ساخرة. وكانت عيناه براقتين حادتين كعيني صقر، تتحركان كلما قال شيئاً.
لكن أغرب شيء فيه كان ثيابه. فقد كان يلبس رداءً طويلاً مسنّاً ذا كمين فضفاضين طويلين يكادان يلمسان الأرض. وكان جانب من ردائه أصفر والجانب الآخر أحمر. كان يتمنطق بحزام جلدي يشك فيه مزماراً رفيعاً طويلاً نقش عليه رموز خفية غامضة، وكان لطاقيته الحمراء أذنان مديبتان تحمل كل منها جرساً يصلصل كلما تحرك الرجل.
لم يكن الحاكم أو رجال مجلسه قد رأوا من قبل رجلاً كذاك الرجل. ولم يتصور أي منهم الغاية التي جاء الغريب من أجلها. وكان الحاكم يتمنى لو يطرد الغريب، لكن شيئاً في الغريب أفزعه، فقال: ما تريد مني؟
أجاب الغريب: «أنا أمير الألحان، جئت أخلص مدينتك من الجردان وأنال الألف قطعة من الفضة». ثم انحنى احتراماً، وقد ارتسمت على شفتيه تلك الابتسامة الساخرة.
لحن الخلاص
قال الحاكم: «إذا خلصتنا من الجردان، نلت الألف قطعة من الفضة. هذا وعد مني. لكن ما الذي يجعلك تظن أنك ستنجح حيث فشل الآخرون؟»
ابتسم أمير الألحان وقال: «الموسيقى التي أعزفها لا تقاوم».
ثم استدار وخرج من القصر ومشى إلى الشارع الرئيسي. وهناك أمسك مزماره وراح يعزف عليه لحناً حاداً ترددت أصداؤه في أنحاء البلدة كلها. وحدثت مع انتشار اللحن أمور غريبة.
سمع أولاً هدير أشبه بهدير جيش زاحف. ثم شوهدت الجردان تتدافع خارجة من البيوت، مطلقة صريراً عالياً ترتج له البلدة كلها. كانت الجردان تخرج من الأبواب والشبابيك، وتندفع من الأقبية والخزائن والجحور.
تجمعت الجردان من كل حجم ولون: جردان كبيرة وأخرى صغيرة، جردان سوداء وأخرى شهباء. وملأت الجو أصوات حادة كثيرة، طويلة وقصيرة.
تجمعت الجردان كلها. ولم يبق في البيوت منها جرة واحدة. أحاطت بأمير الألحان، تنصت إلى عزفه الغريب. وعندما حل الظلام تحرك أمير الألحان في طريقه، وتحركت الجردان وراءه.
مشى أمير الألحان بالجردان إلى أن وصل إلى نهر عريض عميق، فتوقف عنده. ثم ركب زورقاً شراعياً، من دون أن يتوقف عن عزفه، وتحرك به إلى الجانب العميق من النهر.
لحقت الجردان بأمير الألحان، وراحت تسقط في النهر وتغرق. ولم يمض وقت طويل حتى غرقت كلها، ولم يبق منها جرذ واحد.
ملأت البهجة البلدة، رقص الناس في الشوارع وغنوا. ثم انشغلوا يصلحون ما خربته الجردان، حتى لم يبق أثر من آثارها. وسرعان ما بدا وكأن البلدة ما عرفت الجردان قط.
أعجب الحاكم بنفسه، وأعجب سكان البلدة به أيضاً. رأى الحاكم أنه يستحق رداءً جديداً وقلادة ذهبية جديدة. فلقد كان هو صاحب الرأي الذي خلص البلدة من الجردان. ولا بأس أن يكافئ نفسه مكافأة صغيرة.
عزم على أن يقيم مأدبة عشاء عامرة يدعو إليها أصدقاءه ووجوه بلدته. لكن بقي شخص ذو شأن من دون دعوة. أتعرف من هو؟ لقد نسي الحاكم في غمرة حماسته أن يدعو أمير الألحان. ونسي فوق ذلك أن عليه ديناً يدفعه لذلك الرجل.
بينما كان الحاكم وأصدقاؤه منهمكين في تناول طعام العشاء، سمع على الباب قرعاً شديداً. كان القادم أمير الألحان، وقد جاء يطلب مكافاته.
لكن المال المتوافر كان قد طار فقد أنفقه الحاكم على نفسه وعلى المأدبة التي أقامها لأصدقائه. وبدا الحاكم بردائه الجديد الفاخر وقلادته الذهبية الجديدة في أروع حلة.
قال الحاكم في نفسه: ما العمل؟ لا أملك المال الذي يطالبني به أمير الألحان، ولا حيلة لي في الأمر الآن. على كل حال، ألف قطعة من الفضة لقاء لحن! أكون مجنوناً لو دفعت مثل هذا المبلغ.
ثم نظر إلى أمير الألحان وقال له: عليك أن ترضى بخمسين قطعة من الفضة. والواقع لم يكن قد بقي مع الحاكم غيرها.
لم يكن أمير الألحان ممن يتحملون مثل ذلك الهراء
لم يكن أمير الألحان ممن يتحملون مثل ذلك الهراء، فقال: “وعدتني بألف قطعة من الفضة، وأنصحك أن تدفع المبلغ سريعا فإني أعرف ألحانا كثيرة، وقد يكلفك غاليا، يا صاحب السعادة، أن تكتشف ما تفعل تلك الألحان.”
غضب الحاكم غضبا شديدا وصاح: “أتجرؤ على تهديدي، أيها المتشرد؟ ليس لك عندي إلا خمسون قطعة من الفضة. خذها أو دعها، الجردان قد غرقت، فافعل ما تشاء.”
قال أمير الألحان، وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة ساخرة: “كما تشاء.”
خرج أمير الألحان إلى الطريق، وأمسك مزماره وراح يعزف لحنا غريبا فريدا. كان لحنا بهيجا ضاحكا. وبدا كأنما نعمه تروي أجمل الحكايات، فتشد المستمع إليها لئلا تفوته نعمة واحدة منها. وكان من يستمع إلى تلك النغمات المطربة الغريبة يشعر برغبة في الرقص وبقوة تدفعه إلى أن يتبعها أينما اتجهت.
عندما سمع أولاد البلدة تلك النغمات، تركوا ما كان يشغلهم واندفعوا نحوها. تركوا ملاعبهم ومدارسهم وبيوتهم وجاؤوا راكضين ضاحكين. لم يبق ولد في البلدة إلا وأسرع إلى تلك الموسيقى العجيبة.
وقف أهالي البلدة يراقبون أولادهم وهم يندفعون أفواجا ناحية أمير الألحان. ورأواهم يستمعون إلى ما ترويه لهم تلك الموسيقى العجيبة من حكايات، ورأوا عيونهم تتألق بهجة. أسرع الأولاد خلف أمير الألحان، وتبعوه عندما خرج من البلدة. وكان الواحد منهم يراحم رفاقه ليكون أقرب منهم إليه.
انتقال أمير الألحان إلى النهر
غير أن ولدا أعرج لم يستطع أن يجاري رفاقه في سرعتهم فتخلف عنهم. وكان الأهل ينادون أولادهم طالبين منهم العودة، لكن الأولاد لم يكونوا يسمعون إلا صوت الموسيقى المطربة العجيبة.
وصل أمير الألحان إلى النهر، فلم ينزل هذه المرة فيه، بل انتقل إلى الضفة الأخرى عبر الجسر الخشبي. فتنهد الأهالي تنهدة ارتياح وقالوا: “إن أولادهم سيعودون إليهم عندما يتعبون.”
لكن الأولاد ظلوا يتبعون أمير الألحان. وبدا لهم كأن الموسيقى تنبعث من بين الأشجار التي تحيط بهم، وكانوا يرقصون مرحين. وصل أمير الألحان أخيرا إلى جدار صخري عال، فقال الأهالي: “لن يتابع الآن سيره، فإنه لن يقوى على أن يعبر بالأولاد هذا الجدار الصخري.”
لكن فجأة، انشق الجدار الصخري عن فتحة. وكان وراء الفتحة نفق طويل واسع يوصل إلى باطن الجبل. دخل أمير الألحان النفق ودخل الأولاد وراءه، وهم لا يزالون يرقصون مرحين. وعندما صار الأولاد في باطن الصخر، انغلق فتحة النفق خلفهم، كما ينغلق باب خشبي ضخم. ولم يبق من أثر يدل عليها، فكأنها ما كانت قط.
عودة الأعرج إلى منزله
لكن ولدا واحدا لم يدخل النفق، إنه الصبي الأعرج، لم يستطع أن يجاري رفاقه في سرعتهم فتخلف عنهم. ولقد حاول كثيرا أن يدخل وراءهم لكنه لم يستطع أن يجد النفق الصخري. أخيرا عاد إلى بيته حزينا بائسا. والتف الأهالي حوله يريدون أن يفهموا منه شيئا. فأخبرهم أن الموسيقى كانت تعد أن تأخذ الأولاد إلى مكان ساحر، وأنهم كانوا يتبعونها فرحين.
ظل الصبي الأعرج يعود، بين حين وآخر، إلى البقعة التي رأى رفاقه يختفون فيها. وكان صوت الموسيقى العجيبة يأتيه هناك أحيانا، يأتيه ضعيفا وراء الصخور، وكأنه آت من مكان بعيد. وكانت الموسيقى من العذوبة والسحر بحيث كان الفتى يحن إلى العبور إليها، لكن لم يكن يجد إلى ذلك سبيلا. لم تعد ضحكات الأولاد السعيدة تتردد في البلدة. وظلت البلدة على حالها تلك سنوات طويلة.
معرض الصور (قصة أمير الألحان)
لا تنسي فك الضغط عن الملف للحصول علي الصور
استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟
– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث