حكايات جحا القاضي

ملخص حكايات جحا القاضي
حكايات جحا القاضي مكتوبة
تخيل معي شخصية فريدة، لا تشبه أي قاضٍ آخر قد تعرفه، يجمع بين الذكاء الفطري، وخفة الظل، والقدرة على حل المشاكل بأكثر الطرق غرابة وإثارة للدهشة. إنه جحا القاضي!
في هذه المجموعة من الحكايات، ستكتشف عالماً من المواقف المضحكة والمدهشة التي تعكس عبقرية جحا في فهم الحياة والناس. استعد لتشاهد كيف يقلب الموازين، وكيف يحل النزاعات بأجوبة مفاجئة وغير متوقعة. هيا بنا نبدأ هذه المغامرة المليئة بالحكمة والضحك!
قصة القاضي جحا
تولى جحا القضاء في أحد البلاد، فجاءه ذات يوم رجل يصيح بصوت عال: يا سيدي القاضي لقد سرقت طنبورتي (آلة موسيقية) ووجدتها في السوق مع فلان فخذها لي منه.
فهداه جحا، وأمر المحضر أن يذهب إلى السوق ويأتي بالرجل، ولما حضر سأله جحا عن الطنبورة، فقال: هي ملكي وقد اشتريتها من بلد آخر.
فسأله جحا هل عندك شهود؟ فقال: نعم وأحضر في الحال شاهدين، فشهدا أن الطنبورة له.
فأراد جحا أن يحكم للمدعى عليه، فاعترضه المدعي قائلا: أريد تزكية الشاهدين قبل الحكم، وإني أجرح شهادتهما بكون أحدهما بائع خمر والثاني خليعا.
فتأمل جحا قليلا ثم قال: وهل يحتاج مثل هذين الشاهدين إلى تزكية أعظم مما تقول، وأي شاهدين أحسن منهما لدعوى طنبورة؟
قصة أشكلت المسألة
تولى جحا منصب القضاء كثيرا، فهل كان عادلا في أحكامه دائما؟ الحقيقة أنه في الغالب كان عادلا، وكان بذكائه ينجي المظلوم من الظالم. ولكن يا ترى ماذا فعل عندما كان هو نفسه خصما في القضية؟
فقد جاءه رجل يوما وهو آنذاك قاضي المدينة، فقال له: يا سيدي إن الثور الأحمر – وأظنه ثوركم – قد نطح بقرتنا في بطنها فقتلها، فما ترى في هذا الأمر، وكيف نعوض تلك الخسارة؟!
فقال جحا في ثقة: وما دخل صاحب الثور في الأمر، هذه دعوى دم، ولا يطالب بها حيوان.
فقال الرجل على الفور: عفوا يا سيدي، فقد أخطأت في الشكوى، فإن بقرتنا هي التي بقرت (شقت) بطن ثوركم.
فتمالك جحا أعصابه، وقال سريعا: لقد أشكلت المسألة، فهات هذا الكتاب ذا الجلد الأسود الذي على الرف لأنظر فيه.
قصة جحا والقاضي
جاء الشرطي برجلين إلى مجلس القضاء، وجحا عند القاضي يحدثه في بعض شؤونه، فعرض الشرطي قضية الرجلين، وقال إنه وجد في الطريق بين بيتيهما أقذارا ممنوعة وادعى كل منهما أن جاره مطالب بإزالتها، لأنه الذي وضعها في عرض الطريق.
وأراد القاضي أن يسخر من جحا ويفضحه، لأن جحا يدعي العلم ويتصدى للإفتاء، فأحال القاضي عليه القضية، وسأله أن يقضي فيها بالحق بين الرجلين. فقبل جحا مقترح القاضي، وسأل الشرطي: هل كانت الأقذار أقرب إلى دار هذا أو دار ذاك؟
قال الشرطي: إنها كانت في الوسط بينهما.
قال جحا: يزيلها إذن مولانا القاضي، لأنها في الطريق العام، ومولانا القاضي هو المسؤول عن المدينة!
قصة جحا يضرب القاضي
كان جحا مارا في السوق يوما، فجاءه رجل من خلفه وصفعه صفعة شديدة فالتفت إليه وقال ما هذا؟
فاعتذر الصافع بقوله: عفوا يا سيدي الشيخ، ظننتك أحد أصدقائي الذي لا تكليف بيني وبينهم.
فلم يتركه جحا وساقه إلى المحكمة حيث رفع الأمر للقاضي، واتفق أن الرجل كان من أصدقاء القاضي، فلما رآه مع جحا وسمع دعواهما حكم بأن يدفع الرجل لجحا عشرة جنيهات، وقال للرجل اذهب وأحضر الجنيهات لجحا.
وهكذا فتح القاضي المجال لفرار الرجل، فانتظر جحا عدة ساعات، ثم أدرك عند ذلك أن القاضي خدعه وصرف الرجل، فنظر إلى القاضي فرآه منشغلا في أوراقه فتقدم إليه وصفعه صفعة دوت لها المكان وقال: يا مولاي القاضي، أنا مشغول جدا وليس عندي وقت للانتظار، فأرجو أن تأخذ الدراهم متى جاء الرجل.
ثم خرج جحا مسرعا.
قصة جحا وأوامر السلطان
جيء بفارس من عساكر تيمورلنك، وكان جحا حاضرا فأمر تيمور بضرب الفارس ثمانين عصا، فتبسم جحا.
غضب تيمور وقال: اضربوه خمسمائة عصا.
فأخذ جحا يضحك قهقهة، فغضب تيمور غضبا شديدا وتطاير الشرر من عينيه وقال: اضربوه ثمانمائة عصا.
فتراخت أعضاء جحا خوفا واشتد في الضحك، فنهض تيمور وقال: يا خائن الشرع أنت تستخف بالحد الشرعي الذي أقيمه، وعمامتك بقدر حجر الطاحونة، مع أنك أمام جبار ترتجف له الأرض.
فأجابه جحا: تقول صوابا وأنا أعلم أهمية المسألة، ولكني حائر في فكرة، فإما أنك لا تعلم الأرقام أو أنك لست مثلنا من المخلوقات، فأين الثمانون عصا من الثمانمائة؟ الأمر باللسان هين، ولكن تنفيذ الأمر هو الصعب. فمن يتحمل الثمانمائة عصا؟
قصة الحكم عن خبرة
تولى جحا القضاء، فجاءه يوما رجل يدعي على آخر أنه عضه في أذنه، فدافع المدعى عليه قائلا بأنه هو الذي عض أذن نفسه.
فقال جحا: اصبرا قليلا حتى أعود إليكما فأحكم بينكما.
ثم دخل إلى داره وأخذ يجرب أن يعض أذن نفسه ويقرب أذنه من فمه، وبينما هو يشد أذنه وقع على الأرض، فشج رأسه، فربط موضع الشجة وخرج إلى المحكمة.
فتقدم إليه المدعي وقال له: أنصفنا يا مولاي هل ترى في الإمكان أن يعض الإنسان أذن نفسه؟
قال جحا: لا يا ولدي، فإنه إذا حاول الإنسان أن يعض أذن نفسه سيقع على الأرض فيشج رأسه.
وحكم بأن تقطع أذن المدعى عليه.
قصة عمامة جحا
ورد على أحد العامة من أهل أذربيجان كتاب بالفارسية فصادف جحا في طريقه، وقال له: اقرأ لي هذا المكتوب وأفهمني معناه.
فأخذ جحا الكتاب بيده، ولما رآه باللغة الفارسية، قال له: فليقرأه لك غيري. وأراد أن يعيده إليه، فأصر الرجل أن يقرأه جحا، فلما رأى جحا ذلك قال له: إن أفكاري مضطربة لكوني تشاجرت مع امرأتي لا سيما وأن هذه الكتابة لو كانت تركية لما كنت أقدر على قراءتها بهذا الخط.
فعجب الرجل، وقال: أيها الشيخ إذا كنت لا تعرف الفارسية ولا القراءة فلماذا تضع على رأسك هذا القاووق (العمامة) وتتعمم بهذه العمامة التي توازي حجر الطاحون وتجعل نفسك في ميدان الشيوخ؟
فغضب جحا، ورماه بقاووقه وجبته وقال له: إذا كانت القراءة منحصرة بالقاووق والجبة فالبسها أنت واقرأ لي أنت سطرين من هذا الكتاب لأرى.
قصة العمامة الكبيرة
كان جحا ذات يوم من الأيام ضيفا عند أحد الناس، فأعطاه قبل النوم قاووقا كبيرا ليلبسه في نومه، فأخذه جحا وربطه من نصفه ولبسه قائلا: غدا أحل الرباط فيعود إلى حاله.
ونام وفي نومه وقبل أن يستيقظ جاء صاحب الدار فقال له مازحا: يا جحا ألم تزل نائما حتى الآن كأنك صرت من أهل الكهف؟
ودخل الغرفة فلما رأى جحا فوجئ بشكله العجيب رابطا القاووق من وسطه، فقال له: لقد خنقت القاووق.
فأجابه جحا: يا ولدي لو لم أخنقه لكان هو خنقني.
(القاووق: هو العمامة).
قصة العمامة تلعب
ذهب جحا في يوم عيد إلى الميدان خارج البلدة ليرى الأولاد وكيف يلعبون، ولما اختلط بهم وهو ينظر إلى ألاعيبهم تقدم أحدهم منه وخطف عمامته عن رأسه ورماها في الساحة، فأخذ الأولاد يتلاعبون بها ويجرون هنا وهناك، وحاول جحا كثيرا أن يأخذها منهم فلم يمكنه ذلك، ولم ينل سوى قهقهة الأولاد ولعبهم وضجيجهم.
انتظر جحا هنيهة فلما لم يستفد شيئا ركب حماره وعاد مكشوف الرأس.
فلقيه في الطريق صديق له فقال: كيف تذهب يا سيدي وأنت مكشوف الرأس، وأين عمامتك؟
فأجابه جحا: اختلطت مع الأولاد في ميدان اللعب حيث خطر في بالها عهد الطفولة فهي تلعب معهم.
قصة اسم المولود
ولد لجحا غلام، فقالت له النساء: اختر له اسما.
فبعد أن أذن في أذنيه قال له: يا عاتكة بن نصر الدين.
فتقدمت إليه امرأة مسنة وقالت له: إن أمرك عجيب أفلا تترك المزاح دقيقة؟ لقد قلنا لك أن تضع لهذا المولود اسما.
فقال لها: لقد سميته.
فقالت المرأة: أتسمى الذكر باسم الأنثى؟ ألم نقل لك أنه ذكر؟
فقال لها: أنا أعلم أنه غير أنثى، ولكن هل يؤثر اسم الأنثى في ذكورة الغلام؟ وإن أردت الحقيقة فإني جعلت ذلك تذكارا لزوجتي، حتى إذا ماتت فكلما ناديت الغلام: يا عاتكة، تذكرت اسم زوجتي التي أحبها.
قصة تفسير الرؤيا
رأى تيمورلنك في منامه رجلا أزعجه فقتله، وسمع جحا بخبر الرؤيا، فأسرع إلى أشيائه فجمعها وفر إلى قرية أخرى.
فسألوا جحا: لم تركت هذا الرجل (تيمورلنك)، وهو لا يغضب منك، وذهابك يضر البلدة؟
فأجابهم جحا: كنت في اليقظة أدبر كل مسألة بعناية الله تعالى حسب ما يلزم، وأحتاط وأحترز ما أمكن، فتدخلي الآن في أحلامه – إذا لم يوافق تعبيري لها مرامه – خطر عظيم والعاقبة أليمة فدعوني من تعبير رؤياه.
قصة الحمد لله
سرق لجحا ذات يوم ألف قرش، فذهب إلى الجامع وظل يتضرع ويدعو الله أن يعيد دراهمه إليه حتى أصبح الصباح.
واتفق أن أحد تجار البلدة كان مسافرا في البحر، فهبت العواصف فنذر لجحا ألف قرش إذا سلم من هذه النازلة، فنجا وأتى يبحث عن جحا حتى وجده، فدفع إليه النذر، وقص عليه القصة، وقال: إني قد نجوت ببركة دعائك.
وبعد أن فكر جحا طويلا قال: سبحان الله! لو أقرضت هذه الدراهم لإنسان لأعادها إلي بدون أن أفكر بمثل هذه الأهوال فالعقل البشري لا يدرك سر حكمة الحق جل وعلا، كيف ضاعت قروشي الألف، وكيف حصلت عليها؟!
قصة جحا والضيف
جاء لجحا في أحد الأيام ضيف فاحتفى به ولما صار وقت الغداء تهيأ لإطعامه فقدم الخبز أولا، وذهب ليأتي بالطعام، وما حضر لم يجد الخبز فعاد ليأتي بالخبز، فحضر فرأى أن الطعام لم يبق منه شيء، فذهب ليملأ الأطباق طعاما وعاد فلم يجد أثرا للخبز، وعندما نفد الطعام من القدور والخبز من الزنبيل ولم يتمكن من جمعهما معا سأل الضيف: أين تقصد يا سيدي؟
فقال له: إني ابتليت بقلة الشهوة للطعام، وفي عزمي أن أذهب إلى مدينة «بروسة» لأرى طبيبا يداويني وسأعود بعد شهرين إن شاء الله، وأمكث لديك شهرا لأستفيد من هواء بلدتكم ومائها العذب.
فقال له جحا: إني آسف إني سأذهب غدا إلى إحدى القرى وأمكث فيها مدة طويلة، فلا أظن أنه يتيسر لنا أن نتقابل، من الآن أقول لك سلفا مع السلامة.
قصة إبداع الخالق
ركب جحا حماره في يوم صائف متوجها إلى إحدى القرى، ونزل في أثناء الطريق تحت شجرة جوز، وربط حماره بأحد أغصانها، وجلس يستريح ويمسح عرقه المتصبب.
وكان هناك غصن قرع فأخذ يتأمل في ثماره الضخمة وفي شجرة الجوز العظيمة وثمارها الصغيرة، ثم قال: سبحانك ربي كيف خلقت الجوز من هذه الشجرة العظيمة التي أخذت مساحة كبيرة من الأرض؟ أما كان أحسن لو خلقت القرع على شجرة الجوز وخلقت الجوز على شجرة القرع؟
وأثناء ذلك، جاء طائر، ونقر جوزة فوقعت على رأس جحا تماما وكادت تشجه فقدحت عيناه الشرر، وانخلعت عمامته وأمسك رأسه بيده وقد اعتراه خوف من الله تعالى، وقال: التوبة يا رب أنا لا أتدخل فيما تفعل؛ إذ أن كل شيء هو لحكمة يدركها من يعرف أن ليس في الإمكان أبدع مما كان، فلو كانت القرعة مكان الجوزة لحطمت رأسي وذهبت حياتي.
قصة خروف جحا
اشترى جحا خروفا ليربيه إلى أيام الشتاء ويذبحه، وكان مولعا به فأراد أصحابه أن يسلبوه منه فما استطاعوا، فاتفقوا على أن يجعلوه يكرهه.
فذهبوا إليه الواحد تلو الآخر قائلين: ماذا ينفعك الخروف غدا ستقوم القيامة، هاته لنذبحه.
فتضايق منهم وقال لهم: غدا سنذهب إلى نزهة ونذبحه ونأكله.
وبالفعل، ذهب جحا ورفاقه إلى النزهة، وذبحوا الخروف، ثم تركوا جحا وحده يشعل النيران ويشويه، وتركوا بجانبه ثيابهم يحرسها، وذهبوا يلعبون ويتنزهون.
فغضب جحا منهم؛ لأنهم لم يساعدوه، فأخذ ثيابهم وألقاها في النار فالتهمتها.
ولما عادوا إليه ووجدوا ثيابهم رمادا فزعوا من عمله واجتمعوا عليه يريدون ضربه، فالتفت إليهم وقال: ما الفائدة من الثياب إذا كانت غدا ستقوم القيامة؟
قصة الثري السمين
ذات يوم، جاء رجل ثري منتفخ البطن، يمشي متثاقلا لزيارة جحا وقال له: يا جحا أريد أن تصف لي وصفة للتخفيف من وزني.
فنظر جحا إليه من قمة رأسه إلى أخمص قدميه وبعد برهة من التفكير وصف وصفة ثم ناوله إياها، نظر الثري في الوصفة فإذا مكتوب فيها: ستموت خلال خمسة عشر يوما.
فحزن الرجل حزنا شديدا، وخارت قواه، وعاد إلى البيت متجهما، ورمى ببدنه الثقيل على السرير، ولمدة خمسة عشر يوما كان الرجل الثري قلقا، حتى فقد شهيته، فلم يأكل أثناءها إلا القليل.
وفي اليوم الخامس عشر أحس الثري بنشاط، فجاء إلى جحا مغتاظا، وصاح: يا جحا، قلت أني سأموت خلال خمسة عشر يوما، ولكني أقف أمامك حيا.
فضحك جحا فاغتاظ الثري وجلس على الأرض عابسا، فقال جحا له: لا تكن غبيا، ألم تشفك وصفتي من مرضك، أعطني أجرة العلاج.
ففهم الرجل أن ذلك كان على سبيل المزاح لعلاجه وشفائه فابتسم وأعطاه مكافأة.
قصة جحا والغربال
ذات يوم، كان جحا يفتش عن شيء في مخزن الطعام، وإذا بغربال كان مملوء بصلا قد وقع على رأسه فأضاع صوابه لشدة اللطمة، واسودت الدنيا في عينيه، فضرب به الأرض، فاتفق وقوع الغربال على جانبه فارتد إليه وأصاب ركبته.
فغضب جحا، وقام ورفع الغربال فوق رأسه، وألقاه على الأرض بشدة، فارتد الغربال وجرح جبينه.
فأسرع جحا ودخل وأتى بسكين كبيرة، ثم وقف أمام مخزن الطعام، وقال: لتخرج كل الغرابيل إلى الآن.
قصة جحا ووالده
كان جحا وهو طفل يعمل عكس ما يقوله والده، فعلم والده طبعه فصار إذا أراد أن يطلب منه شيئا يعكس الموضوع ليعمل الصحيح.
وذات يوم كانا عائدين من الطاحون، وكان الحمار لا يقدر على المرور على الجسر.
فقال له أبوه: يا ولدي أنا سأعبر الجسر، وأنت خذ الحمار واعبر به النهر في المركب.
فأخذ جحا الدابة إلى الجسر.
وبينما هو يعبر مال جولق الدقيق إلى جانب فصرخ أبوه وهو في المركب قائلا له: لم يمل الجولق إلى جهتي ولن يقع في النهر فلا تقومه.
فالتفت جحا إلى أبيه وقال له: يا أبي لقد عملت عكس ما أردت كثيرا، فالآن سأقوم بما تأمر به حرفيا.
وما مس الجولق حتى وقع في النهر وذهب مع الماء.
قصة تضحية الأب
كان لجحا ابنة جميلة، فكبرت وبلغت سن الزواج، فتقدم شاب ثري إلى جحا يطلب منه الزواج من ابنته فوافق جحا ولكنه طلب من الشاب أن يمهله حتى يرى رأي ابنته، فوافق الشاب على ذلك.
وذهب جحا إلى البيت، وقال لابنته: لقد تقدم فلان يطلب يدك، وقد وافقت على تزويجك منه.
فقالت الابنة: أنا موافقة يا أبي، ولكني لا أريد أن أفارق أمي.
فقال جحا: إنني أقدر شعورك نحو أمك، ولن أقف في طريق سعادتك، خذي أمك معك.
قصة الدينار الناقص
كان جحا جالسا مع جماعة في مجلس أصدقاء له، فتقدم إليه رجل من معارفه قائلا: أرجو يا سيدي أن تصرف لي هذا الدينار إلى دراهم.
وكان جحا محافظا على وقاره مع الجماعة، فأجابه: أهذا وقت ذلك؟ وأراد الخلاص منه، فألح عليه متعللا باحتياجه لدراهم الدينار.
فأراد جحا عمل حيلة، فقال له: هات الذهب لنراه.
فناوله إياه فتأمل فيه مليا ووزنه، وقال: لا يمكن صرف هذا الدينار لأنه ناقص.
فأجابه: اصرفه لي واقطع المقدار الناقص فإني راض.
فقال له: إن هذا الدينار ناقص نقصا عظيما، فأين أصرفه؟
فأخذ الرجل بيد جحا قائلا له: أعطني بضعة دراهم أعيدها إليك وتعيد الدينار إلي وتكون أحسنت إلي كثيرا.
فتصبب جحا عرقا، وخجل لخلو جيبه مما يطلب منه، ثم أخذ يقلب الدينار في الهواء على كفيه مدة وقال للرجل: ضع فوق هذا الدينار سنة دراهم ونصفا فيكون دينارا تماما، وأصرفه لك.
قصة الورقة الخالية
أقام بعض جيران جحا وليمة عرس كبيرة، وبينما هم على الطعام جاء جحا وبيده ظرف ودق الباب فقالوا: من هذا؟
فأجابهم جحا: معي مكتوب لصاحب البيت.
فأدخله الخادم، وبعد أن سلم قدم المكتوب إلى صاحب البيت، وجلس مسرعا أمام المائدة، وأخذ يأكل الطعام بشره.
فلما نظر صاحب البيت إلى الورقة قال له: هذه ورقة بيضاء لا كتابة فيها!
فقال جحا: أجل إن الورقة لا كتابة فيها لأني جئت مستعجلا قبل أن أتمكن من كتابتها فأرجو عفوك.
قصة الدقيق والسمن
كان جماعة من أصدقاء جحا يتذكرون الحلوى يوما.
فقال جحا: لقد عنت الحلوى في بالي لا سيما اللوزية ولكني لم أوفق إلى عملها وأكلها.
فقالوا: ليست بالأمر الصعب، فلماذا لم توفق؟
فأجابهم: إذا وجدت الدقيق لا أجد السمن، وإن وجدت السمن لا أجد الدقيق.
فقالوا: أولا يمكنك جمع ذلك معا؟
فقال: ربما يساعد القدر ويأتي يوم يجتمعان فيه، ولكن قد لا أكون موجودا.
قصة صوت الدراهم
ادعى بعضهم على آخر أمام جحا، وكان قاضيا أنه رأى في منامه أن ذلك الشخص المدعى عليه أخذ منه دراهم عدها له وكان لها رنين ثم قال: والآن أطلبها فلا يعطيني إياها.
ففكر جحا قليلا في هذه القضية ثم أمر المدعى عليه بإحضار مقدار من الدراهم إلى المحكمة، فأحضرها بعد تردد واعتراض.
ونادى الخصمين، فلما وقفا بين يديه ابتدأ يعد الدراهم ويفحص رنينها حسب المعتاد، ثم التفت إلى المدعي وقال له: خذ هذا الرنين. وقال للمدعى عليه: خذ أنت دراهمك، ولا تتجاوزا حقوقكما.
قصة حيوانات كبيرة
كان جحا مارا في أحد أزقة قونية فرأى دارا مرتفعة عظيمة فأخذ يطيل النظر إليها ويحار في عظمة بنائها ورونقها.
فقال له الخادم الواقف أمامها: لماذا تنظر إلى الدار بكل هذا الاهتمام؟!
فأجابه جحا: أتفكر في هذا البناء الجسيم، وما هو يا ترى؟
فعندما رأى الخادم جحا بثيابه البالية وحالته السيئة قال له مازحا: هذه طاحون.
فأجابه جحا: هل حيوانات هذه الطاحون كبيرة بنسبتها؟
قصة أنا لا أتكلم
سلم أحد الناس إلى جحا يوما علبة مغلقة وقال له: أرجو أن تحفظها إلى أن أعود.
ومضت بضعة أيام ولم يحضر الرجل، فقال جحا: عجبا! ماذا تحوي هذه العلبة؟
ثم فتح الغطاء فوجد فيها عسلا مصفى من أجود ما يكون فسال لعابه وغمس أصبعه ولحس. فأعجبه وصار كلما دخل وخرج لعق لعقة ويختلق أسبابا ليدخل إلى المكان الموجود فيه العلبة إلى أن لم يبق فيها شيء، فأخذ حفنة ذرة ورشها في أسفل العلبة.
وبعد مدة حضر صاحب العلبة وطلبها، فناوله إياها بكل فتور، فوجدها خفيفة ففتحها فلم يجد فيها شيئا من العسل.
فقال له: أين العسل؟
فأجابه جحا: لا تسألني وأنا لا أتكلم.
قصة عادل وظالم
كان تيمورلنك السفاح عندما استولى على بلاد الأناضول يحضر علماء البلدة وفضلاءها يسألهم: أنا عادل أم ظالم؟ فإن أجابوه عادل ذبحهم، وإن قالوا: ظالم قتلهم.
فضاقت ذرعهم، فجاءوا يقصدون جحا لما اشتهر به من الأجوبة السديدة الحاضرة وقالوا له: لا ينقذنا من شر هذا الظالم غيرك فافعل ما أنت فاعل أنقذ عباد الله من سيف نقمته.
فأجابهم: إن التخلص من هذا الرجل ليس بالأمر الهين كما تعلمون ولكن أرجو أن أوفق إلى ما تطلبونه.
وبكل حيطة جاء إلى مقر تيمورلنك. فأعلموه أنه حضر من يقدر أن يجيب على سؤالك. فأحضروه أمامه وأورد عليه ذلك السؤال، فأجابه جحا: أنت لست ملكا عادلا ولا باغيا ظالما فالظالمون نحن وأنتم سيف العدل الذي سلطه الواحد القهار ذو الجلال على الظالمين.
فأعجب تيمورلنك بهذا الجواب وسر من جحا واتخذه جليسا له.
قصة أجرة عشرة أيام
استأجر جحا في أحد الأيام جمالا لينقل له حملا، وبينما هما في الطريق فر الجمال بما معه. ففتش عليه جحا، فلم يجده.
وبعد عشرة أيام صادفه، وكان مع جحا بعض أصدقائه، فقالوا له: هذا هو الجمال الذي تفتش عليه.
فسر جحا لذلك، ولكنه ابتعد عنه ولم يكلمه. فقالوا له: لماذا لم تمسكه وقد تعبت كثيرا في البحث عنه؟
فأجابهم جحا: كيف لا أفر منه وقد مضى عليه عشرة أيام ضائعا، فإذا قبضت عليه أخشى أن يقول أعطني يومية عشرة أيام التي حملت بها حملك. فماذا أصنع؟
قصة الملعقة الكبيرة
نزل جحا ضيفا عند أحد أصحابه في يوم شديد الحر، فجاءوا بكأس فيه منقوع المشمش وأخذ صاحب البيت ملعقة معدنية كبيرة وناول جحا ملعقة ذهبية صغيرة، وراحا يتناولان بملعقتهما، وصاحب الدار كلما أخذ جرعة يقول: أوخ أكاد أموت بلذته.
وكان جحا يضرب بالملعقة الصغيرة إلى أسفل الكأس فلا يخرج له إلا القليل بما يلحسه باللسان فقط، وصاحب الدار يتناول كما كبيرا بالملعقة الكبيرة.
فنظر إليه جحا ثم قال في نفسه: هذا مما لا يحتمل. والتفت إلى صاحب الدار قائلا: أرجو أن تناولني الملعقة الكبيرة ودعني أموت أنا أيضا.
قصة الجانب الأيمن
هناك أشياء لا يراها الإنسان في الظلام، ولا يمكن له أن يعرفها، مثل: لون شيء ما أو مكانه. ولكن هناك أشياء لا تحتاج إلى الضوء لمعرفتها.
ولكن جحا أصر أن يجعل الظلام حائلا بينه وبين المعرفة في كل الأشياء، فذات يوم، جاء ضيف إلى جحا ونام عنده، فلما كان منتصف الليل، استيقظ الضيف، ونادى جحا قائلا: ناولني الشمعة الموضوعة على يمينك.
فتعجب جحا، وقال للضيف: هل أنت مجنون؟ كيف أعرف جانبي الأيمن من الأيسر في هذا الظلام الدائم، ثم نم يا رجل حتى الصباح.
قصة مكافأة الضفادع
كان جحا عائدا من مكان بعيد، فوصل إلى بحيرة، وكان حماره قد عطش عطشا شديدا، فركض نحو البحيرة يريد إرواء ظمئه، ولكن الجهة التي داسها الحمار كانت مستنقعة زلقت فيها رجلاه ويداه وكاد يرمي صاحبه في البحيرة.
وبينما كان الحمار في هذا الموقف الخطير إذا بالضفادع تنق نقيقا شديدا فرجع الحمار إلى الوراء خائفا وكانت هذه المصادفة الغريبة سببا لنجاة الحمار وصاحبه، فسر جحا سرورا لا يوصف، وخطر على باله أن يكافئها، فمد يده إلى جيبه وأخرج قبضة من الدراهم ورماها في البحيرة قائلا يخاطب الضفادع: إليكن هذه الدراهم فاشترين بها ما تشتهين وكلن هنيئا مريئا.
شارك برأيك
ما أكثر شيء أعجبك في هذه القصة؟ نود سماع رأيك!