قصة ابتسامتي أنقذتني
ملخص قصة ابتسامتي أنقذتني
تدور قصة شفيق حول طفل صغير يعيش في أسرة فقيرة، ولكنه سعيد بحياته رغم قلة المال. كان شفيق يتمنى أن يساعد الفقراء ويهدي أصدقاءه، لكن الفقر حال بينه وبين ذلك. في يوم من الأيام، نصحته أمه بأن هناك طرقاً أخرى للعطاء، مثل الابتسامة والتعامل الحسن مع الآخرين. قرر شفيق أن يتبع نصيحة والدته، وابتسم لرجل عجوز يدعى العم بلال، الذي كان يعيش وحيداً وحزيناً. أثرت تلك الابتسامة في العم بلال، فأحس بالسعادة وقرر أن يعتني بنفسه ويشتري ملابس جديدة.
ذهب العم بلال إلى الخياط، وطلب منه صنع بدلتين ومعطف. هذا الأمر أسعد الخياط، الذي استطاع بفضل العمل الجديد إرسال هدية عيد ميلاد لابن أخيه زاهر. كان زاهر يحتاج إلى المال لدفع ثمن رخصة كلبه “إقدام”، فساعدته هدية عمه على تحقيق ذلك. لاحقاً، كان زاهر يسير مع كلبه بجانب النهر حينما وقع شفيق في الماء، فسارع الكلب لإنقاذه.
عندما اجتمع الجميع عند الخياط، أدرك شفيق أن ابتسامته للعم بلال كانت السبب في سلسلة من الأحداث السعيدة التي انتهت بإنقاذ حياته. تعلم شفيق أن الابتسامة واللطف لا تضيع، وأن المعروف يعود دائماً بالخير.
قصة ابتسامتي أنقذتني مكتوبة
كان شفيق ابناً صغيراً عمره عشر سنين، يعيش مع أسرته الفقيرة. ولفقر أسرته (عائلته) لم يستطع أبوه أن يشترى له معطفاً (بالطو) يحفظه من برد الشتاء. ولم تستطع أمه أن تعطيه قرشاً كل يوم لينفقه على نفسه، ويشترى به ما يحب من الحلوى. وقد حدث في يوم من الأيام أن أعطته أمه قرشاً وفرته من مصروف البيت، ففرح في ذلك اليوم فرحاً كثيراً، ولم ينس ذلك اليوم الذي تسلم فيه القرش من أمه؛ فهو أول يوم أخذ فيه نقوداً لنفسه.
ومع أنه من أسرة فقيرة لا تجد كل ما تحتاج إليه كان شفيق سعيداً في حياته، سعيد بقناعته، سعيداً بحب أمه وأبيه وأقاربه. اعتاد شفيق أن يطيع أمه، ويساعدها في شراء كل ما تحتاج إليه من الخارج، من البقال، أو غيره. ولم يخالف أمه أبداً في أي أمر من الأمور، في أي يوم من الأيام.
وذات يوم ذهب إلى أمه، وقال لها: أمي العزيزة، أنت تعلمين أني راضي بالمعيشة التي أعيشها، ولست بحزين لأني من أسرة فقيرة، ولا يحزنني الفقر إلا في شيء واحد، وهو أن لا أستطيع أن أحسن إلى فقير أو مسكين، ولا يمكنني أن أعطي الرجل الأعمى الجالس عند الجسر (الكوبري) نصف قرش حينما أمر به. ولا أستطيع أن أشتري هدية أهديها إلى أشرف ابن جارنا في عيد ميلاده.
تألمت الأم في نفسها، وقالت: يؤلمني أن تقول هذا يا شفيق. لماذا تتألم؟ ولماذا تحزن؟ ماذا يحدث إذا لم تستطع أن تعطي المسكين أو الفقير أو الأعمى قرشاً؟ ماذا يحدث إذا لم تستطع أن تهدى إلى غيرك شيئاً من الهدايا؟ إن في استطاعتك أن تعطى الناس أشياء أخرى غير النقود والهدايا، فسألها شفيق: وماذا أستطيع أن أعطيهم يا أمي وأنا فقير، وليس عندي شيء من النقود مطلقاً؟
الابتسامة أبسط الأشياء
فأجابته أمه: إنك تستطيع أن تبتسم إليهم ابتسامة لطيفة حينما تراهم. ويمكنك أن تساعد كبير السن منهم أو الضعيف في حمل ما بيديه. أو يمكنك أن تساعد الأعمى بالسير معه حتى يعبر الطريق من جهة إلى أخرى. ويمكنك أن تسلم على من يقابلك، وتقول له: السلام عليك، أو نهارك سعيد، أو ليلتك سعيد. وإذا قابلت بلال المسكين الكبير السن، الذي يعيش في شارعنا يمكنك أن تبتسم له، وتسلم عليه، وتتكلم معه بأدب؛ لأنه يعيش وحده، ولا يجد من يتحدث معه، أو يعطف عليه بكلمة، وهو حزين مسكين يحس بالحزن والوحدة، وليس له صديق يتكلم معه، أو يسأل عنه، أو يفكر فيه في هذا العالم.
فكر شفيق فيما قالته أمه، وأعجب بكلامها؛ لأنه كلام حق، وكله صحيح. واعتقد أنه إذا لم يستطع أن يعطي أحداً من الفقراء والمساكين نقوداً، ولم يمكنه شراء هدايا لأصدقائه وأقاربه لفقره، وعدم وجود نقود معه – يمكنه أن يبتسم لهم، ويعطف عليهم، ويسلم عليهم، ويساعدهم بعمله ولسانه، ويسأل عنهم إذا مرضوا. وقد عزم في نفسه عزماً أكيداً أن يبدأ بتنفيذ نصيحة أمه الغالية في اليوم نفسه.
وفي صباح ذلك اليوم خرج شفيق كعادته ليشتري لأمه بعض ما تحتاج إليه من العدس والبصل، وأخذ معه سلة ليضع فيها ما يشتريه. وحينما كان ماشياً في الطريق أخذ يبحث عن العم بلال المسكين ليسلم عليه، ويدخل السرور في نفسه. وبعد قليل رآه شفيق، فخاف منه بعض الخوف، لأنه عابس الوجه، يظهر عليه الحزن، ولم يتكلم معه من قبل. ولما وصل إليه شفيق وقرب منه ابتسم في وجهه ابتسامة عذبة، وحياه تحية كلها ادب واحترام، وقال له: السلام عليك يا عمى. صباح الخير. سلم عليه شفيق وهو مبتسم ضاحك الوجه، وحينما يبتسم إليك، وتنظر إلى وجهه الضاحك تحس بالسرور والسعادة حقا.
ابتسامة لعم بلال
عجب بلال الكبير السن كل العجب حينما ابتسم إليه شفيق ابتسامته العذبة، وحياه تحيته الحارة، حتى نسيس أن يرد السلام على شفيق، ويبتسم في وجهه، ونظر إليه نظرة حادة، كأنه لم يستطع أن يصدق أذنيه وعينيه؛ فهو لم يسمع هذه التحية من قبل. ولم يتعود هذا العطف من أحد.
استمر شفيق في طريقه، وهو فرح مسرور؛ لأنه سلم على الرجل الحزين الوحيد البائس، وابتسم في وجهه، ولكنه تألم في نفسه لأن بلال لم يسلم عليه، ولم يرد التحية، ولم يبتسم إليه. وقال في نفسه: لقد ضاعت هذه الابتسامة، وليس لها نتيجة.
والحق أنها لم تضع. ومن المستحيل أن تضيع ابتسامة العطف والشفقة، أو تذهب بدون نتيجة. من المستحيل أن يضيع المعروف. واسمع يا بنى ما حدت بعد هذه الابتسامة العذبة التي ابتسمها شفيق إلى العم بلال، الرجل الوحيد المسكين. وسترى كيف كان أثرها العجيب.
ذهب العم بلال إلى حاله، واستمر يفكر في ابتسامة شفيق الغلام الصغير. وقد أثرت هذه الابتسامة في قلبه الحزين تأثيراً حسناً، وجعلته يحس بالسرور والسعادة. وحينما وصل إلى منزله ذهب ونظر إلى نفسه في المرآة، فرأى فيها صورته، وهي صورة رجل كبير السن، قذر الملابس، عابس الوجه، طويل الشعر، غير منظم في مظهره وهيئته. وقال لنفسه: ما أقبح هذه الصورة! وما أقبح هذا المنظر! وأخذ يحدث نفسه بهذا الحديث: لو لم يكن في شيء جميل مستحسن ما سلم على هذا الغلام الصغير، وما حياني هذه التحية الجميلة، وما ابتسم إلى هذه الابتسامة العذبة. وقد كنت أظن دائماً أني قبيح المنظر، عابس الوجه، رديء الخلق، أكره الأطفال، وليس لي صديق في العالم. وإني أعجب كثيرا. فهل كنت مخطئا في ظني؟
أثر الابتسامة في عم بلال
نظر بلال إلى نفسه ثانية في المرأة، ثم فكر وقال: إني لا أعتقد أني قبيح الصورة بالدرجة التي أراها في المرآة. أعتقد أني لو كنت نظيف الملابس، منظماً في مظهري واشتريت حلة (بدلة) جديدة، وحلقت شعري، ونظفته ورتبته، وغسلت وجهي، ونظفت نفسي، ولبست حلتي الجميلة لحسن منظري، واختلف مظهري، وزال هذا القبح الذي أراه في المرآة. ولو كنت قبيحاً كل القبح ما ابتسم إلى هذا الغلام الصغير هذه الابتسامة العذبة.
ذهب السيد بلال في ذلك اليوم إلى بيته، وخلع جميع ملابسه، وأخذ حماماً ساخناً. ثم جفف جسمه، ولبس أحسن ما عنده من الملابس، وسرح شعره بالمشط، ثم نظر إلى نفسه في المرآة، فوجد شعره طويلا يحتاج إلى الحلاق، وملابسه قديمة لا يمكن تنظيفها، ولهذا خرج، وذهب إلى الحلاق ليحلق له شعره. وبعد أن حلق رأسه حلاقة جميلة ذهب إلى الخياط ليعمل له حلة جديدة، ومعطفاً (بالطو) جديداً. فسر الخياط كثيراً؛ لأنه كان في أزمة شديدة؛ ويتمنى أن يجد عملا كافيا يعمله، وبدأ يريه ما عنده من المنسوجات الصوفية ليختار منها البدلة والبالطو. واستمر الخياط يتكلم بسرور ولطف مع العم بلال حتى اختار قماش البدلة والبالطو، ثم قاس الخياط الأطوال التي يحتاج إليها، وعين له موعداً لتجربتها عليه.
أحس بلال بذوق الخياط، وحسن معاملته وعطفه، فسر كل السرور، وقال لنفسه: ما أجمل شراء بدلة جديدة يصنعها خياط ماهر مؤدب لطيف كهذا. وبعد أن كان يريد بدلة واحدة زرقاء مع المعطف قال له: أرجو يا عزيزي أن تعمل لي بدلة أخرى لونها بنى من هذا الصوف، وعينه له.
فرح الخياط فرحاً كثيراً؛ لأنه كان في أزمة مالية، وستزول هذه الأزمة، وسيكون قادراً على أن يرسل إلى زاهر ابن أخيه هدية جميلة في عيد ميلاده. وهذا ما كان يفكر فيه، ويشغل باله. وقد ترك بلال دكان الخياط وهو فرح مسرور. وجلس الخياط، وبدأ يعمل ويقطع الصوف ليصنع بدلتين ومعطفاً لبلال.
سعادة وسرور من الخياط
ابتسم الخياط، وزال حزنه، وأخذ يفكر ويسأل نفسه: ماذا أرسل لابن أخي في عيد ميلاده؟ هل أرسل له قطاراً؟ لا، إن عنده قطاراً جميلاً. هل أرسل إليه مجموعة من كتب وقصص الأطفال من مكتبة الطفل؟ لا، فقد تكون عنده هذه المجموعة الجميلة.
وقد استمر يفكر ويسأل نفسه أسئلة مختلفة وهو يقطع كمي المعطف. وأخيراً استحسن أن تكون الهدية نقوداً ليشتري بها ما يحب وأخذ يسأل نفسه: هل أرسل إليه خمسة وعشرين قرشاً أو أربعين قرشاً؟ إنه غلام كله ذوق وأدب، وإحساس وذكاء، وإني أحبه كثيراً، وأعجب بحسن خلقه، وسأكسب كثيراً من المعطف والبدلتين. ويجب أن أرسل إليه خمسين قرشاً هدية له في عيد ميلاده.
مكث الخياط مدة طويلة وهو يعمل، ثم ترك العمل، وتناول غذاءه، ثم ذهب إلى مكتب البريد، واشترى (حوالة) بنصف جنيه، ووضع (الحوالة) في ظرف، مع الخطاب الآتي:
عزيزي زاهر… تحية وسلاما، وبعد فأهنئك تهنئة صادقة، بعيد ميلادك السعيد، ولم أعرف ما تحتاج إليه حقيقة. وقد خفت أن أشترى لك شيئاً يكون عندك. ولهذا أرسل إليك هذه الهدية الصغيرة من النقود لتشتري بها ما تحت، وأرجو لك حياة طيبة، وعيدا سعيدا. وأحب أن أراك قريبا. وأرجو تبليغ تحياتي وسلامي لوالدتك ووالدك وإخوتك. وتقبل هدية عمك المحب لك. المعجب بك… عمك عادل
وقد كتب العنوان على الظرف، ثم أرسل الخطاب مع قريب له إلى ابن أخيه الصغير. وقد حدث كل هذا بسبب ابتسامة شفيق، فقد ابتسم إلى العم بلال، فأحس بكثير من السرور والسعادة، واشترى معطفاً وبدلتين من الخياط. وكانت هذه الابتسامة سبباً في أن يحس الخياط بكثير من الفرح والسرور، ويتمكن من أن يدخل السرور على ابن أخيه، ويرسل إليه هدية في عيد ميلاده، ويقوم بالواجب نحوه.
زاهر ورخصة الكلب
لم ينتظر زاهر من عمه الخياط هدية في عيد ميلاده؛ لأنه يعلم أن عمه فقير جدا، وفي أزمة شديدة، ويحتاج إلى المساعدة، والحق أن زاهر ما كان ينتظر مطلقاً أي هدية في عيد ميلاده، وكان يفكر في أمر هام في أيامه الأخيرة؛ لأن له كلباً اسمه إقدام، وهو الآن كبير، وسنه أكثر من ستة شهور. وكل كلب بلغ هذه السن يجب أن يستخرج له صاحبه رخصة، ثمنها خمسون قرشا.
ولم يكن عند زاهر المسكين نقود مطلقاً. وأبوه فقير لا يمكنه أن يدفع له ثمن الرخصة. لهذا كله كان زاهر في أيامه الأخيرة مشغول البال، قلق الفكر، لأنه يحب كلبه إقدام حباً كثيراً، وليس معه ثمن الرخصة. وقد أمسك بكلبه الصغير، ووضع يديه حوله، وقال له بصوت حزين: آه يا إقدام! إذا لم أقدر أن أستخرج لك رخصة فإن الشرطي سيأتي، وسيأخذك منى، فكل كلب يجب أن يكون له رخصة، وليس عندك رخصة. ولا أعرف لماذا كبرت بسرعة. ولا يمكنني أن أفارقك بأي حال من الأحوال.
أسف الكلب أسفاً شديداً، وحزن لحزن صاحبه زاهر. وقد تألم كل الألم حينما رأى صاحبه يبكي. ولم يعرف سبب بكائه.
والآن يمكنك أن تتخيل مقدار ما أحس به زاهر من الفرح والسرور حينما تسلم رسالة عمه، وفيها حوالة بريد بخمسين قرشاً، هدية في عيد ميلاده. وهي في نظره أثمن من أي هدية؛ لأنها مقدار ما كان يحتاج إليه لاستخراج رخصة لكلبه إقدام الشجاع.
قرأ زاهر الرسالة، وتسلم الحوالة، وطار فرحاً بها، وجرى إلى المطبخ وهو مسرور بالهدية، ليرى أمه ما أرسل عمه إليه. وقد شاركه الكلب فرحه، وسر كثيراً لسرور صاحبه، وذهاب الحزن عنه. وفي الساعة الرابعة بعد الظهر ذهب مع أبيه إلى مكتب البريد، والكلب معهما، وقد أمضى أبوه على الحوالة، وسلمها للوكيل بمكتب البريد، فأعطاه خمسين قرشاً بدلاً منها. وبها استطاع زاهر أن يدفع رسم الرخصة لكلبه إقدام، ويستخرجها وهو فرح مسرور.
إنقاذ على الشاطئ
استأذن زاهر من أبيه، وأخذ كلبه. وسار به على شاطئ النهر؛ ليذهب إلى دكان عمه، ويشكر له إحساسه النبيل، وهديته الجميلة.
وفي الوقت نفسه كان شفيق الغلام الفقير يجرى على شاطي النهر ليشتري لأمه بعض الأشياء كعادته، من دكان من الدكاكين القريبة، فصدمت رجله في جذع شجرة، فوقع على الأرض، وتدحرج على الشاطئ، ووقع في النهر، وغمرته المياه حتى وصلت إلى فوق رأسه، فرفع رأسه، وأخذ يصرخ ويستغيث ويقول: ألحقوني، أنقذوني من الغرق.
جرى زاهر إلى الماء، وقد كان ماشياً على الشاطئ في الوقت نفسه. ولكن كان هناك شيء آخر أسرع من زاهر، وهو كلبه إقدام. فقد رأى الكلب شفيقاً وهو يقع في النهر، والكلب يحب صاحبه زاهر، ويحب أن يساعد الأولاد الصغار حباً لسيده. ذهب الكلب بسرعة لينقذ شفيقاً من الغرق، وأخذ يسبح في النهر حتى وصل إلى شفيق، فأمسك ملابسه، وشده من الملابس بأسنانه القوية، ورجع به حتى وصل وهو معه إلى الشاطئ، سليماً قبل أن يغرق. فصفق له الواقفون على الشاطئ، وأعجب به الحاضرون جميعا، وسروا سروراً كثيراً لنجاة شفيق من الغرق.
أخذ زاهر شفيقاً على الحشيش الذي فوق الشاطئ، وهو فخور جداً بكلبه الماهر، وقال له: أيها الكلب الشجاع، إنك تستحق من غير شك الرخصة التي استخرجتها لك اليوم. نعم إنك تستحقها بكل إخلاص.
فقال شفيق، وقد أخذ يربت عليه بيده: إنه أحسن كلب في العالم؛ فقد نجاني من الغرق المحقق. أنظر إلى ملابسي المبتلة.
قال زاهر: تعال معي إلى بيت عمى، لتنشف ملابسك. إنه يقيم بالقرب من هنا. وهو رجل كثير العطف، وسيكون مسروراً حينما يراك معي.
لهذا ذهب شفيق مع زاهر إلى بيت عمه الخياط، وبعد دقائق كان شفيق في بيت الخياط، ووقف شفيق أمام النار ليدفئ نفسه. وقد لفه الخياط بفوطة كبيرة، وأخذ ينشف له ملابسه على خشبة في المطبخ.
ابتسامتي انقذتني
وحينما كانوا جميعا يتكلمون دخل بلال الكبير السن؛ ليرى ماذا تم في الملابس التي اشتراها من الخياط. وقد عجب كل العجب حينما رأى شفيقاً واقفاً بجانب النار، وقد لف جسمه وكفيه بفوطة كبيرة.
أخذ العم بلال يتكلم مع شفيق، ويقول له: إنك الغلام اللطيف الصغير الذي سلم على، وابتسم لي ابتسامة عذبة. هل تعرف ما تركته ابتسامتك في نفسي، وما تركته من أثر حسن في قلبي؟ لقد جعلتني سعيداً، أحس بالسعادة، فأتيت إلى هنا، وطلبت من السيد عادل الخياط أن يصنع لي بدلتين جديدتين، ومعطفاً. أليس كذلك يا سيدي؟
أجاب الخياط: لقد فعلت ذلك بكل تأكيد، وجعلتني سعيداً جداً؛ فقد مكنتني من أن أرسل إلى ابن أخي الصغير – وهو زاهر هذا – بعض النقود في عيد ميلاده.
هل تسلمتها يا زاهر؟
فصاح زاهر، وقبل عمه، وقال: نعم تسلمت هدية النقود يا عمى. وقد نسيت أن أشكر لك عطفك، فإن ما حدث لشفيق من الوقوع في النهر أنساني كل شيء.
سأله عمه: في أي شيء ستنفقها؟
أجاب زاهر: لقد دفعت منها رسم الرخصة لكلبي إقدام. وقد كنا آتيين على شاطئ النهر لشكرك، في الوقت الذي وقع فيه شفيق في النهر، فقفر الكلب في الماء، ونجاه من الغرق.
الخير لا يضيع
سكت الجميع، وأخذوا يفكرون، وكان شفيق أكثرهم تفكيراً. ثم قال: إن ابتسامتي هي التي أنقذتني. ولو لم أبتسم للعم بلال أمس ما أحس بالسرور، وما ذهب ليشتري ملابسه الجديدة. ولو لم يذهب لشرائها ما استطاع عم زاهر أن يرسل النقود إلى ابن أخيه. وإذا لم يتسلم زاهر النقود ما أمكنه أن يذهب ليحصل على الرخصة لكلبه الشجاع، ولو لم يمش بكلبه على شاطئ النهر حينما وقعت فيه ما استطاع الكلب أن ينجيني من الغرق. لقد حدث هذا كله بسبب ابتسامتي. فقد نصحت لي أمي أن أبتسم للناس تحية لهم؛ لأن لا أملك نقوداً أحسن بها إلى الفقير والمسكين. فتحيتي لغيري هي ابتسامتي. وهي كل ما أملك في الحياة.
فقال العم بلال: إن هذا شيء عجيب جداً. فمن يصدق أن ابتسامة واحدة كان لها كل هذا التأثير؟
قال شفيق: لقد ظننت أنها ابتسامة ضائعة، ولا نتيجة لها، ولكنها لم تضع، فقد نجتني من الغرق، وقد صدقت أمي في نصيحتها لي حينما قالت: إن الابتسامة لن تضيع، والمعروف لن يضيع، والأدب في الكلام لن يذهب بغير فائدة.
ولا تعجب يا بنى، فقد كان لابتسامة شفيق أثر آخر؛ فبسببها كان زاهر وشفيق والكلب الشجاع أصدقاء مخلصين طول الحياة.
وقد صنع الخياط ملابس جميلة للعم بلال، وصار رجلا معروفاً، مختلفا عما كان، فقد اشتغل بالتجارة، ونجح في تجارته، وصار كريماً كثير العطف والشفقة، يحب كل إنسان، ويعطف على كل فقير، ويحسن إلى المسكين، ويبتسم لكل طفل، ولا يعبس في وجه أحد، فأحبه الأطفال، وأحبهم. كل ذلك كان نتيجة لابتسامة واحدة عذبة من طفل فقير لرجل وحيد حزين.
معرض الصور (قصة ابتسامتي أنقذتني)
لا تنسي فك الضغط عن الملف للحصول علي الصور
استمتع بخيالك! هذه القصة لا تحتوي على صور، مما يتيح لك تخيل الشخصيات والأحداث بنفسك، لماذا لا تجرب أحد هذه الأفكار الممتعة؟
– ارسم مغامرتك: استخدم ألوانك وأقلامك الرصاص لتجسيد شخصيات القصة ومشاهدها المفضلة.
– اكتب فصلًا جديدًا: هل تعرف ما الذي قد يحدث بعد نهاية القصة؟ اكتب فصلًا جديدًا وقم بتطوير الأحداث